تنبؤات الصحافة واتجاهاتها لعام 2022

بواسطة إنارا جانجي
Feb 11, 2022 في الابتكارات الإعلامية
شخص يحمل بلورة تحت أشعة الشمس

من المهم أن يحلّل الناشرون والصحفيون اتجاهات الصحافة من أجل الاستعداد بشكل فعّال لمستقبلٍ قد يختلف كثيرًا عن الحاضر.

وفي ويبينار أقامه مؤخرًا المركز الدولي للصحفيين (ICFJ) ضمن منتدى تغطية الأزمات العالمية، تحدث كلٌ من سام جوزيك من معهد المستقبل اليوم ونيك نيومان من معهد رويترز لدراسة الصحافة، مشاركين أفكارهما حول ما يشكّل صناعة الأخبار اليوم، وكيف يؤثر ذلك على مستقبل غرف الأخبار والجمهور.

في هذا الصدد، قال جوزيك إنّ "خياراتنا ستحدّد ما إذا كان مستقبل الصحافة مفعمًا بالأمل أم مظلمًا"، مضيفًا أنّ "المستقبل ليس مقدرًا، وإذا استطعنا تحديد التهديدات القادمة، يمكننا أن نحوّلها إلى فرص، ولكن لن يحدث ذلك إلا إذا خططنا له اليوم".

 

الاتجاهات الحالية

يصدر نيومان تقريرًا بحثيًا سنويًا لمعهد رويترز يحلّل فيه ظهور أبرز الاتجاهات ويقدم تنبؤات بشأن وسائل الإعلام والتكنولوجيا. وفي نسخته الأخيرة، ناقش تقرير نيومان صعود البودكاست والتقارير الصوتية وزيادة إيرادات غرف الأخبار، لا سيما من خلال الاشتراكات؛ وكذلك عمليات الاستحواذ ودمج الشركات واستهداف الشباب من خلال المحتوى المرئي وغرف التحرير المختلطة ونجاح المنشورات والشركات الناشئة القائمة على النشرات الإخبارية، حيث يستثمر الناشرون في هذه الاتجاهات بشكل متزايد، على الرغم من انخفاض عدد قراء الأخبار بشكل عام.

وفي هذا الإطار، أوضح نيومان أنّ "بعض هذه الاتجاهات ظهرت بشكل دوري وسط هذا الظرف الاستثنائي الذي تشهده صناعة الأخبار، ولكنها تمثل أيضًا تحديًا أساسيًا للناشرين مع توجه المستهلكين إلى الإنترنت وفقدان بعض المجموعات اهتمامهم بالأخبار والسياسة".

كما أصبح الجمهور والناشرون قلقين بشكل متزايد إزاء عدم المساواة في المعلومات، وكذلك تغطية القضايا الهامة مثل تغيُّر المناخ بشكل أكثر فعالية. وأوضح نيومان أنّ هناك حاجة متزايدة إلى بناء مهارات الصحفيين وغرف الأخبار بما يتماشى مع احتياجات العمل الصحفي اليوم ومستقبلًا، لاسيما وأنّ المؤسسات الإعلامية بدأت بالفعل في التطوير بشكل متزايد، مثل دمج الذكاء الاصطناعي في أعمالها.

من جانبه، قال جوزيك إن "كون [الصحافة] أساسية لا يضمن مستقبلها، فصناعتنا أهم من أن نفترض أننا سنكون على ما يرام".

وأضاف نيومان أن كيفية الاستجابة واستخدام المعلومات المتعلقة بالاتجاهات في غاية الأهمية للعمل الصحفي، قائلًا: "إننا نحتاج إلى التفكير في المحافظة [على النتائج] والنمو، فالمؤسسات الصحفية تحاول التركيز على المميزات التي يمكن إضافتها اليوم والاهتمام بالقضايا الأساسية".

الاضطرابات

أوضح جوزيك أنّ تاريخ الصحافة حافل بالاضطرابات، وأنها ليست تطورًا جديدًا، مشيرًا إلى أنها تعود إلى وقت اختراع المطبعة في القرن الخامس عشر. أما خلال القرن الماضي، فقد أدى انتشار الإذاعة والتليفزيون والإنترنت إلى حدوث اضطرابات في سوق الإعلام. لذا من المهم النظر إلى الصحافة من الداخل، وكذلك إلى الاتجاهات خارج العمل الصحفي، من أجل الاستعداد بشكل أفضل للأزمنة المتغيرة.

وسلّط جوزيك ونيومان الضوء على اتجاهات جديدة ينبغي الانتباه إليها، كظهور التقنيات الإصطناعية مثل "ديب فيك" (deepfakes) وخوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تستطيع الترجمة والنسخ وغير ذلك، بالإضافة إلى الميتافيرس (metaverse). كل هذه الاتجاهات ستؤثر على كيفية استهلاك الجمهور للأخبار، وكذلك على كيفية جمع التقارير ونشرها.

وتنبأ نيومان بأن المعركة النهائية ستكون بين المنصات والناشرين، قائلًا: "التحدي هو فيما تستثمر وكيف تتميز عن غيرك. فقد أصبح من الصعب أن تصنع القيمة، ومن الأصعب أن [تحافظ على] نموذج الأعمال".

 

التخطيط للمستقبل

 

قال جوزيك إنّ تحليل التاريخ والاتجاهات الحالية والأبحاث يمكن أن يساعد رواد الإعلام في وضع التنبؤات لإعداد غرف الأخبار لمواجهة التطورات الجديدة بشكل أفضل.

وقد تنبأ الصحفي بأن الاتجاهات الناشئة، مثل البحث باللغة العامية ومختلف أنواع الذكاء الإصطناعي والأجهزة القابلة للارتداء وتطبيقات تجميع الأخبار، لن تؤثر على غرف الأخبار فحسب، بل أيضًا على كل جزء من سلسلة القيمة، بدءًا من كيفية البحث عن المعلومات ووصولًا إلى الإعلانات. وأضاف أن "مراقبة ما يجري ليست كافية، فأنا أعتقد أنه من الممكن استخدام هذا النوع من التحليلات لاتخاذ خيارات أفضل اليوم، ولكن لن يبدأ ذلك إلا برصد الاتجاهات والتصرف بشأنها".

من جهته، لفت نيومان إلى أن الاستجابة للتغيرات تتطلب استخدام الأدوات المتاحة وتطوير المهارات للمستقبل من أجل إعداد نماذج الأعمال والمنتجات بشكل أفضل للمستهلكين والناشرين على حد سواء. ومن خلال الوصول إلى الجماهير بطرق جديدة وأكثر تخصيصًا وتطوير صناعة المحتوى واستهلاكه واستخدام الأجهزة والمنصات الجديدة، سيتغير عالمنا بالكامل. وأشار جوزيك إلى أن هذه الأمور ستؤدي إلى خفض الحواجز، ولكنها ستمثل أيضًا مجالًا غير معروف.

وقال إن "الصناعات الأخرى تحدد ما سيتوقعه المستهلك، وهناك خطر حقيقي"، مضيفًا أن "مسؤوليتنا لا تقتصر على استخدام هذه التقنيات لنشر أعمالنا فحسب، بل من الضروري أيضًا أن نستخدم معرفتنا كصحفيين لتحدي هذه التقنيات والتفكير في تأثيرها على المجتمع".


الصورة الرئيسية من انسبلاش بواسطة آرثر أوجليزنيف.