زاد الإبداع والتعاون بشكل كبير بين صحفيي البيانات حول العالم، وقد أصبح التعلم عن بعد والأتمتة ومصادر البيانات الجديدة من الأمور الشعبية.
وقد تحدّث خبراء في صحافة البيانات عن آخر الإتجاهات في هذا المجال، وهم: سيمون روجرز من جوجل في الولايات المتحدة، رينالد شوا من رويترز في الولايات المتحدة، يودوفيان ألميدا كروز من بوستداتا كلوب في كوبا، كويك سير كونغ كينغ وهو مسؤول مسابقة جوائز صحافة البيانات في ماليزيا، شيرلي فيليبس من جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة الأميركية، جيانينا سينيني من جامعة كولومبيا.
وأجمع الخبراء على أنّ فرق البيانات حول العالم تفوقت على ما كانت عليه في العام الماضي. وفي هذا السياق قالت شوا: "كان هناك الكثير من العمل المثير للإهتمام، من وثائق الجنة السريّة إلى كامبريدج أناليتيكا، وصولاً إلى بعض الأعمال المصورة من الأقمار الصناعية حول ميانمار وما إلى هنالك".
صحافة البيانات تتطوّر
توازيًا، يقول سيمون روجرز، محرر البيانات في جوجل ومدير مسابقة جوائز صحافة البيانات "لقد قطعنا شوطا كبيرا بالتأكيد، وتجري الكثير من الأمور في العالم. أشعر أنّ هذا النوع من الصحافة أصبح منتشرًا بشكل كبير حول العالم".
والجدير ذكره أنّ أفضل ابتكارات العام 2018 تمثّلت باستخدام تقنيات التعلم الآلي، والتي أصبحت أكثر تواترًا في العديد من البلدان، كما ظهرت تقنيات أخرى مبتكرة لسرد القصص، إضافةً إلى فن استخدام الروبوتات لتسهيل إعداد المشاريع.
من جهتها، ترى سينيني أن الأتمتة ومصادر البيانات الجديدة أصبحت أكثر شعبية.
وفيما يلي مثال رائع من باريتشر روندفانك ودير شبيغل في ألمانيا:
أرسل صحفيو البيانات أكثر من 20 ألف طلب إلى ما يقرب من 7000 إعلان شقة في عملية تلقائية وقاموا بتقييم الردود المستلمة وذلك لإثبات وجود تمييز في سوق الإيجار الألماني. وقدمت النتيجة تقريرًا مثيرًا للإعجاب من الصحافة التي تعتمد على البيانات، يمكنك القراءة حول المشروع في هذا المقال.
زيادة مشاريع البيانات التعاونية
كما لاحظ الخبراء أنّ هناك المزيد من عمليات التعاون الصحفية، ليس فقط في الدول الغربية، ولكنها تشمل أيضًا فرقًا في آسيا وأميركا الجنوبية وأفريقيا.
كذلك يوجد مشروع Implant Filesمن المركز الدولي للصحفيين، الذي تمّ بالإشترك مع 250 صحفيًا في 36 دولة، والذي حقّق في الضرر الذي تسببه الأجهزة الطبية التي تم اختبارها بشكل غير كافٍ أو لم يتم اختبارها على الإطلاق.
وكان هناك تسريبات في غرب أفريقيا، وجرى التحقيق في كيفية إخفاء نخبة أفريقيا المليارات في الخارج.
ويواصل الصحفيون العاملون في مشروع لإعداد التقارير عن الجريمة المنظمة والفساد، القيام بعمل رائع يشمل أوروبا وأفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، وفي الولايات المتحدة، تنشر بروبابليكا بانتظام أعمالًا تعاونية عبر شبكتها.
كذلك في الولايات المتحدة، يهدف مشروع الأخبار المحلية، وهو جزء من مبادرة ستانفورد للصحافة والديمقراطية، إلى جمع ومعالجة وتبادل البيانات الحكومية التي يصعب الحصول عليها وتحليلها. وتعد هذه المبادرة مثالاً رائعًا للتعاون في مجال صحافة البيانات، وستتعاون مع غرف الأخبار المحلية والوطنية لاستخدام هذه البيانات لبحث مجموعة واسعة من القضايا بما في ذلك العدالة الجنائية، والإسكان، والصحة وتعليم صحافة المُساءلة.
وبالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يعتقدون أن صحافة البيانات هي نوع من الصحافة التي تخصّ الدول الغربية، فالأمور التالية ستُثبت أنّهم مخطئون، من بينها الأمثلة التي نشرها كويك سير كونغ كينغ حول صحفيين في تايوان استخدموا البيانات بشكل منهجي خلال الإنتخابات النصفية الأخيرة، وقد إستخدمت كل المواقع الإلكترونية تقريبًا هذه البيانات الخاصة بالإنتخابات والخرائط لتعزيز تقاريرها وتحليلاتها.
إضافةً الى ما تقدّم يجمع مقال "كيف تعمل وسائل الإعلام التايوانية في الانتخابات المحلية في 2018؟" التقارير المستندة إلى البيانات من وكالات أنباء مختلفة في تايوان، ويتزايد استخدام البيانات من جانب فرق الأخبار في كوبا.
وفي هذا الصدد، قال يوديان ألميدا كروز: "إن تحرير البيانات أمر مثير للاهتمام لأننا نعمل على وضع دستور جديد والعديد من وسائل الإعلام تستخدم نهجًا يعتمد على البيانات، وأصبح المتابعون أكثر اهتمامًا في هذا المجال، لا سيما مع تعزيز وجودهم على مواقع التواصل الإجتماعي."
وكان أيضًا موقع Postdata.club بمثابة قوة دافعة في انتشار صحافة البيانات في كوبا خلال العام الماضي، مع تغطيته حول الدستور الكوبي الجديد والزواج من نفس الجنس والمرأة في السلطة.
تحديات صحافة البيانات
تحدثت شبكة الصحفيين الدوليين مع الخبراء من أجل تحديد 3 تحديات أساسية يعتقدون أن صحافة البيانات ستواجهها خلال العام الجاري وجاءت النتائج كما يلي:
لا يزال تحويل المعلومات غير المنظمة إلى بيانات منظمة صعبًا
مع تزايد كمية البيانات المتاحة هذه الأيام، وإن لم تكن دائمًا صحيحة، يبذل الصحفيون جهودًا كبيرة لجمع مجموعات كبيرة من البيانات، وهنا يأتي مفهوم المعلومات المنظمة وغير المنظمة، وقد شرح براندون وولف الفرق بين المصطلحين، قائلاً: "يمكن البحث بسهولة عن البيانات المنظمة باستخدام الخوارزميات الأساسية. وتشمل الأمثلة جداول البيانات. أما البيانات غير المنظّمة هي أشبه باللغة البشرية، لا تتناسب بشكل جيد مع قواعد البيانات المرتبطة، والبحث عنها بناءً على الخوارزميات القديمة يمكن أن يكون صعبًا ومستحيلاً حتى".
من جانبها، تقول شيرلي فيليبس: "إنّ جمع وتحويل المعلومات غير المنظّمة إلى بيانات منظّمة يشكل تحديًا كبيرًا، وذلك لأن الأدوات ليست جاهزة في غرف الأخبار حتى الآن." فيما يعتقد كروز أنّ التعلم العميق سيكون له دور مهم في هذا التحدي. يمكن استخدامه للمساعدة في تحليل البيانات". وإذا كنت تبحث عن التعلم الآلي وعن أطر تعليمية عميقة لتنفذها، يمكنك مراجعة هذا المقال من قبل جاسمي لي، بعنوان "الأطر الخمسة العميقة التي على كل متعلم آلي أن يكون على دراية بها."
الوصول إلى البيانات الحكومية محدود
رأت فيليبس أنّ التحدي الثاني الذي حدده خبراؤنا هو العمل الكبير الذي يقوم به الصحفيون في العديد من البلدان، حتى تلك التي لديها قوانين سجلات مفتوحة، ولذلك فالوصول إلى البيانات الحكومية كان مشكلة في عام 2018، وسيبقى كذلك في العام 2019.
من جانبه، قال كويك سير كونغ كينغ: "يعيش صحفيون في بعض بلدان جنوب شرق آسيا أوقاتا صعبة خصوصا في الفيلبيبن وميانمار، فالوصول إلى المعلومات الحكومية وتقييم نزاهة المعلومات (المعلومات والبيانات المزيفة أو المضللة) يبقى تحديا هناك"، مضيفًا: "لكننا لازلنا نرى تقدمًا في ماليزيا حيث تقوم الحكومة الجديدة بصياغة قانون حول حرية الوصول إلى المعلومات وبمراجعة سياستها حول البيانات المفتوحة من أجل الأفضل، لذا هناك فرصة كبيرة لنمو صحافة البيانات هناك".
أمّا في الصين، فبدلاً من الحصول على بيانات من الحكومة، يتجه الصحفيون إلى شركات التكنولوجيا، ويقول كويك سير كونغ كينغ: "بعض شركات التكنولوجيا الكبرى مستعدة للمشاركة، على سبيل المثال، بدلاً من الحصول على بيانات حركة المرور من الحكومة، حصل الصحفيون على بيانات مماثلة من ديدي، وهي شركة مشابهة لـ"أوبر" في الصين".
صحافة البيانات لا تتطور بشكل متساوٍ في العالم
رأينا نمو مبادرة The Bureau Local في المملكة المتحدة، وهي شبكة استقصائية تعاونية أطلقها مكتب الصحافة الإستقصائية، تتألف من 833 عضوًا ونتج عنها 293 قصة حتى الآن.
وأوضح كويك سير كونغ كينغ أن صحافة البيانات المحلية موجودة في الصين، وقال: "الحصول على البيانات المحلية في الصين هو أمر سهل في بعض الأحيان، وفي بعض المدن الكبيرة ذات الطابع الحضري الكبير مثل شنغهاي، لدى السلطة المحلية رغبة أكبر في العمل مع الصحفيين حول مشاركة البيانات".
في أماكن أخرى مثل كوبا تبقى صحافة البيانات تحديًا، ويقول يودوفيان ألميدا كروز إن الصحفيين وجدوا صعوبة في تغطية أخبار محلية مبنية على البيانات، لأن الأمر الأكثر شيوعًا هو الحصول على بيانات وطنية أو متعلقة بالدولة، ومن الصعب الحصول على بيانات لأماكن محلية.
تقنيات يجب استخدامها!
وأخيرًا سألنا الخبراء حول الطرق الجديدة لسرد القصص بالبيانات التي كانوا حريصين على استخدامها هذا العام، ففي الوقت الذي أعلنت فيه جوجل أنّ جداول فيوجن الخاصة بها ستختفي قريبًا (اقرأ المزيد على تويتر من سيمون روجرز حول هذا الموضوع)، ستصل أدوات جديدة إلى غرف الأخبار في عام 2019، وأبرزها هي:
Sonification
Generative art
لقد جمع هذا التقرير خلال محادثة على سلاك، للإطلاع عليها إضغط هنا.
نشر هذا التقرير للمرة الأولى على شبكة المحررين العالميين وأعيد نشره على شبكة الصحفيين الدوليين بعد الحصول على إذن.
لمعرفة المزيد عن صحافة البيانات، إضغط هنا.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة على أنسبلاش بواسطة بيترو جينغ.