في ظلّ انتشار الأخبار السريعة والفورية واللقطات المباشرة، والتي أتاحها العصر الرقمي، لا تزال المقالات الطويلة والتقارير المفصلة تخظى بحيّز كبير في وسائل الإعلام، مثل نيويورك تايمز وذي غارديان وبازفيد، والتي تنشر بانتظام تقارير مفصّلة وشاملة، تضم مصادر مختلفة، محتوى تفاعليًا، فيديوهات وبيانات.
وعلى الرغم من أنّ هذه المشاريع الصحفية تستغرق وقتًا طويلاً، إلا أنّها تصل إلى القرّاء وتهمّهم متابعتها لما تتضمّنه من دقة وعمق في التفاصيل. وهذا ما أكدته دراسة أجراها معهد الصحافة الأميركية عام 2016، والتي خلصت إلى أنّ المقالات الطويلة تحظى بمشاهدات ومشاركات أكثر من غيرها.
من جهته، قال برندن شبيغل وهو المؤسس المشارك ومدير التحرير في lyNarrative، وهي منصة وسائط رقمية متخصصة في المواضيع التي تركّز على الناس: "سئم الكثير من الناس من الحصول على الأخبار من العناوين على وسائل التواصل الإجتماعي"، معتبرًا أنّ "الناس متعطشون لعمل يخرجهم من دورة الأخبار المستمرّة على مدار الأسبوع"، وأضاف: "لهذا جرّبنا في Narratively أنواعًا مختلفة من المقالات ووجدنا أنّ المقالات المطولة التي تمت صياغتها بعناية هي التي تجذب الجمهور، مثل The Man With the Golden Airline Ticket، التي حازت على عدد كبير من القراءات.
والجدير ذكره أنّ المقالات المطولة عادت في العصر الرقمي، مع أدوات جديدة، مساحات وتقنيات افتراضية وتكنولوجيا مطوّرة تزيد التفاعل، مثل المقال الذي نشرته "نيويورك تايمز" في عام 2012، Snowfall: The Avalanche at Tunnel Creek. لكنّ السؤال الذي يُطرح هو كيفية جعل القراء يتعلقون بمقال مطوّل، توازيًا مع وجود العديد من المواضيع المنافسة والتي تجذبهم على الإنترنت. وعن هذا الأمر أجاب شبيغل ومراسلة Berkeleyside نتالي أورنشتاين، الفائزة بجائزة عن مقالها المطول عن سلسلة "ما وراء الحافلات" من جمعية الصحفيين المحترفين في شمال كاليفورنيا.
لا تُشتّت انتباه القارئ
رأى شبيغل أنّ افتتاحيّة المقال يجب أن تحرّك القراء، لا سيما المقالات المنشورة على الإنترنت، مضيفًا أنّه في الأفلام على سبيل المثال، لدى رواة القصص 30 دقيقة لجذب المشاهد قبل البدء بعرض المشاهد الأخرى، وفي المقالات المطبوعة في الصحف، هناك خمس دقائق على الصحفي أن يجذب القارئ لإكمال القراءة خلالها، أما في المقال المنشور على الإنترنت، فعلى الصحفي شدّ انتباه القارئ بفقرة واحدة فقط".
التحرير بإيجاز
شدّد شبيغل على أنّه يتعيّن على الصحفي التحرير بشكل جيد بين المقاطع لجذب القارئ، من دون الإنغماس بالتفاصيل التي تضيّعهم. وأضاف: "ربما يكون التحرير بإيجاز مهمًا في المقالات المطوّلة أكثر من المقالات القصيرة".
وقال شبيغل:" لجعل القصص تفاعلية بشكل أكبر، عليك تجربة أدوات سرد ووسائط مختلفة. وتابع: "لا أعتقد أنّ الصحافة في المستقبل ستتمثّل بقراءة الناس لمقال من 10 آلاف كلمة على كمبيوتراتهم".
خطة خارج النشر
من جهتها، أوضحت المراسلة ناتالي أورنشتاين بصفتها كاتبة مقالات مطوّلة أنّها تستمع عندما تقدم وسائل الإعلام فرصًا للقرّاء للمشاركة في العمل خارج الصفحة وبعد النشر. وقد استخدم فريق أورينشتاين، في السلسلة الحائزة على جوائز حول الدمج المدرسي في بيركلي، صور "أسوشييتد برس" القديمة لصفوف المدارس الابتدائية في الستينيات، وأضافت: "وضعنا خانة صغيرة سألنا فيها القراء إذا كانوا قد عرفوا أنفسهم في الصور"، وبعد أشهر، تواصل معها رجل من أستراليا عبر البريد الإلكتروني، بعدما رأى أخاه في سن الروضة في إحدى الصور، وأعرب عن استعداده للتحدث عن تلك التجربة.
وقالت أورينشتاين: "يمكن أن يساعد التعامل مع الصحافة على أنها محادثة وإشراك الجمهور في عملية إعداد التقارير". وتابعت "بصفتي صحفية محلية، أجد أنه من المهم لي أن أعرف أن المجتمع الذي أغطيه يرى نفسه في عملنا".
كريستينا بيداي هي كاتبة متخصصة بحقوق المرأة والجنسين والصحة العقلية.
الصورة الرئيسية مرخصة على أنسبلاش بواسطة توماس مارتينسين. .