الصحفيون الروس في المنفى يدشنون تخصصًا إعلاميًا جديدًا للراديو

بواسطة Veronica Snoj
Jul 5, 2024 في الابتكارات الإعلامية
شخص يحمل جهاز راديو تناظري قديم بين يديه

هذه المقالة نُشرت في الأصل بواسطة The Fix، وأُعيد نشرها هنا بإذن. تعرف على أحدث المستجدات من عالم الإعلام الأوروبي من خلال الاشتراك في نشرتها البريدية.


حطمت قوانين الرقابة في روسيا - التي تبنتها الدولة بعد الغزو الشامل لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022 - المشهد الإعلامي الروسي، وأجبرت أغلب الوسائل الإعلامية التي تدين الحرب والنظام على إغلاق أبوابها. ولأسباب متعلقة بالسلامة، فرَّ العديد من الصحفيين من وطنهم. وفي الخارج، بدأوا في تجربة طرق جديدة للاستمرار في الوصول إلى جماهيرهم، وكان بين هذه الطرق إعادة تعريف تنسيق الراديو التقليدي، وتحويله إلى مُجَمِّع صوتي مُنسَّق للبودكاست، ومُتاح كخدمة بث متدفق عبر تطبيق هاتف قابل للتنزيل. 

تحدثت The Fix إلى مكسيم كورنيكوف، مدير "إيكو أونلاين Ekho Online"، التي كانت أول من أطلق مثل هذه الخدمة في المشهد الإعلامي الروسي، وإلى بولينا فيليبوفا، منتجة البودكاست لدى راديو ساخاروف Radio Sakharov، الذي يعمل منذ عام.

العثور على جماهير "قديمة"

وقال مكسيم كورنيكوف، مدير "إيكو أونلاين"، ونائب رئيس التحرير السابق لـ"إيكو موسكوفي"، التي كانت في وقت من الأوقات إحدى أشهر المحطات الإذاعية الروسية التي توقفت عن العمل بعد أيام من بدء الغزو: "لم يكن لدى إيكو موسكوفي خطة بديلة"، موضحًا "حتى لو كان هناك خطة بديلة، كان سيكون تنفيذها سيئًا في وقت الحرب".

وفي الأشهر التالية، بدأ معظم الصحفيين العاملين في المحطة الإذاعية المُغلقة، مشاريعهم الإعلامية، وأغلبها قنوات على يوتيوب وتيليجرام. ويشير كورنيكوف: "أدركت أنّ عددًا كبيرًا من الناس - ربما حتى الأغلبية - لم يجدوننا على يوتيوب والمنصات الأخرى لأنّهم لم يستخدمونها كثيرًا، خصوصًا كبار السن"، مضيفًا: "رأيت أنّه علينا أن نفعل شيئًا لن يعمل مثل وسائل الإعلام حسب الطلب، ولكن كوسيلة إعلامية متدفقة، والتي ستكون مألوفة أكثر لجمهورنا".

وفي خريف 2022، أطلقوا تطبيق البث المتدفق "إيكو أونلاين"، وفي البداية، قاموا فقط ببث المحتوى الذي أنتجه الصحفيون السابقون لدى إيكو موسكوفي على منصاتهم الجديدة، وهو المحتوى الذي يظل - إلى جانب الخدمة الإخبارية - جوهر المشروع. ومع ذلك، سرعان ما بدأت وسائل إعلامية روسية أخرى تعمل في المنفى التواصل معهم، طالبة منهم إضافة محتواها الصوتي إلى بثهم، وفي الوقت الحالي، يتعاونون مع أكثر من 30 شريكًا.

كما تأسس راديو ساخاروف للوصول إلى جمهور قائم - وهم الأشخاص الذين اعتادوا على متابعة مركز ساخاروف، الذي كان يومًا ما مركزًا ثقافيًا مقره موسكو وكان مُكرسًا لتعزيز حقوق الإنسان وإرث الفيزيائي الحائز على جائزة نوبل أندريه ساخاروف، والذي أغلقته المحكمة في أوائل 2023 "لاستضافته المؤتمرات والمعارض بطريقة غير قانونية".

وعند التفكير في إعادة بناء مجتمع سيعزز النقاشات حول قيم المركز المُغلق، فضّل موظفوه السابقون تنسيق البودكاست على قناة يوتيوب. وشددت منتجة البودكاست في راديو ساخاروف، بولينا فيليبوفا على أهمية هذه الخطوة كما تعاون الموظفون مع غرفة الأخبار الاستقصائية الألمانية غير الربحية، Correctiv، التي كان لديها بالفعل خبرة في بناء راديو بودكاست لصالح ÖZGÜRÜZ#، وهي منصة إعلامية تُغطي شؤون تركيا، وأطلقوا تطبيق البث المتدفق في مايو/أيار 2023.  وعلى غرار إيكو أونلاين، يجمع محتواه مع البودكاست من شركاء آخرين، يتم اختيارهم بناءً على فلسفة مركز ساخاروف الذي تم إغلاقه.

الوصول إلى الجماهير في روسيا له ثمنه

إنّ إيكو أونلاين وراديو ساخاروف مسجلتان في ألمانيا، ولكن أغلب جمهورهما لا يزال مقيمًا في روسيا، وتتراوح النسب ما بين 55٪ إلى 80٪، وذلك حسب المنصة.

وفي حين أنّ امتلاك مثل هذا الوصول السائد داخل روسيا يُعد علامة إيجابية في الوقت الحاضر - إذ يدل على أنّهم تمكنوا من تجاوز فقاعة المنفى - إلا إنّه يعني أيضًا عدم تمكنهم من الاعتماد على الدعم المالي من شريحة أكبر من جمهورهم؛  نظرًا للعقوبات والحيل التي قد يواجهها سكان روسيا لدعمهم منظمات لا تُفضلها الدولة. وبالمثل، لا تزل الإعلانات خيارًا محدودًا للغاية.

وللحفاظ على استمرارية العمل، تعتمد إيكو أونلاين وراديو ساخاروف على تمويل الجهات المانحة. ومع ذلك، تحاول المنصتان العثور على مصادر دخل أخرى من خلال وضع أنظمة للتبرعات، وتنظيم الفعاليات في أوروبا والولايات المتحدة، والنظر في نشر الكتب. كما أسست إيكو موسكوفي مكتبة على الإنترنت - وهو ما يُعد في حد ذاته توجهًا متزايدًا بين وسائل الإعلام الروسية في المنفى - وبدأت في بيع المنتجات.

بناء تخصص إعلامي جديد

وعلى الرغم من أنّ إيكو أونلاين وراديو ساخاروف تتبعان نفس التنسيق الإعلامي، إلا إنّهما لا تُعدان بعضهما منافستين، بل أنّ المشروعين تعاونا معًا للمشاركة في مبادرة "مراسلون بلا حدود"؛ لإنشاء حزمة قضائية تُدعى "سفوبودا/ أي حرية"، والتي يُقال إنّه يمكن الوصول إليها من قبل 4.5 مليون أسرة داخل روسيا ونحو 800 ألف في أوكرانيا.

ويقول كورنيكوف: "عندما كنا نبدأ هذا المشروع، آمن قليل من الناس في نجاحه، وتشير حقيقة أنّ مشاريع مماثلة بدأت في الظهور فورًا بعد مشروعنا، إلا أنّنا اتخذنا الاتجاه الصحيح".

ويضيف: "تُعلمنا العلوم أنّه عندما يزيد السوق، فإنّ الشركة الرائدة في السوق تربح ولا تخسر"، موضحًا "حتى الآن نجد أنّ عدد تنزيلات تطبيقنا يزداد والجمهور ينمو".

كما يشير كورنيكوف إلى أنّ مؤسسات إعلامية أخرى بدأت في التواصل معه، طالبة منه نصائح لإنشاء مشاريع ذات تنسيق مماثل، وأحد المنضمين حديثًا إلى السوق هو راديو أنتيدوت، الذي أطلقه ألكسندر بلوتشيف، وهو صحفي روسي لا يزال مساهمًا منتظمًا في إيكو أونلاين، وغالبًا حتى بنفس المحتوى. 


الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة إسراء عليّ.