الصحافة الإنسانية.. شبكة تعرض كيف تواجه المجتمعات المشكلات الاجتماعية المُلحة

بواسطة Silvia Higuera
Sep 15, 2023 في الصحافة التعاونية
أشحاص يزرعون في حديقة

تخيل أنّ مجموعة من الصيادين غير الشرعيين في مقاطعة في الفلبين تحولوا إلى "حُراس البحر"، وأنّ مجتمعًا في الهند يزرع 111 شجرة عند ولادة كل فتاة ضمن تقليد لتقليل عدد زيجات الأطفال والفيضانات، ونساء شعب نونافوت في كندا المسؤولات عن إدارة الولادة والرعاية للأمهات الجدد، أو إنشاء مجتمع في كوبا لتقديم الحماية للناجيات من العنف الجنسي.

كانت هذه القصص جزءًا من الإصدار العالمي لشبكة الصحافة الإنسانية لعام 2023، وهي مبادرة مُصممة كمنصة لمشاركة قصص "تصف كيف يواجه الناس والمجتمعات مشاكلنا الاجتماعية الأكثر إلحاحًا".

وفي خضم العالم الذي تزداد فيه الفوضى التي تنعكس في التغطية اليومية، زادت ظواهر أخرى مثل "تجنب الأخبار"، ولهذا تبدو هذه الأنواع من القصص الإنسانية كالنسيم المنعش، وتُعد نقيضًا "للسلبية الشديدة" لوسائل الإعلام.

وهذه هي قناعة مؤسس شبكة الصحافة الإنسانية وزميل نايت مع المركز الدولي للصحفيين، الصحفي الأرجنتيني تشاني جويوت، الذي أصبح يعتبر تعزيز انتشار هذه القصص – التي يُسميها الصحافة الإنسانية – مهمة مهنية.

 

Teamفريق شبكة الصحافة الإنسانية. في اتجاه عقارب الساعة من الزاوية اليسرى العليا: لوسيا تشولاكيان هيريرا (محررة)، وباولا فيلجويراس (مترجمة)، وناتاليا زولواجا (منسقة)، وتشاني جويوت (مدير).
 

وقال مؤسس المنصة الرقمية Red/Acción، جويوت، لـ LatAm Journalism Review: "تتحمل وسائل الإعلام مسؤولية عرض مشكلات المجتمع ضمن دورها "كرقيب"، ولكننا نؤمن أيضًا أنّها مسؤولة عن عرض قصص الأشخاص والمنظمات التي تسعى لحل هذه المشكلات؛ لأنّ هذه القصص موجودة وفي الغالب لا تحظى بالتمثيل الكافي".

ووفقًا لجويوت، بدأت شبكة الصحافة الإنسانية في 2021 كمشروع "تجريبي"، وفي ذلك الوقت، كانت المنصة مُخصصة لوسائل الإعلام أو الشركاء الحلفاء في أميركا اللاتينية. وفي ذلك الإصدار الخاص بأميركا اللاتينية، شاركت ثماني وسائل إعلامية بخمس قصص من كل منها ليكون المجموع 40 قصة. وبالإضافة إلى مشاركة القصص، كان للشركاء الإعلاميين حرية إعادة نشر النصوص التي شاركتها المؤسسات الإخبارية الأخرى.

وبعد التوقف أثناء 2022، قرب نهاية ذلك العام ورؤية التأثير الذي حققوه من خلال الإصدار التجريبي، فكر فريق الشبكة في إطلاق إصدار عالمي تُشارك فيه وسائل إعلامية ناطقة باللغتين الإنجليزية والإسبانية. وبدعم من المركز الدولي للصحفيين، بدأ الفريق يدعو لتلقي التقديمات في فبراير/شباط الماضي. وعلى الرغم من أنّهم خططوا في البداية لمشاركة 20 مؤسسة إخبارية، بحيث تكون 10 مؤسسات في كل لغة، تمكنوا من جمع 14 مؤسسة معًا.

وسلط جويوت الضوء على التنوع الجغرافي حيث شاركت المؤسسات الإخبارية التالية من أميركا اللاتينية: Mi Voz (تشيلي)، وEl Toque (كوبا)، وGK (الإكوادور)، وConvoca (بيرو)، وRío Negro وRed/Acción (الأرجنتين). كما شاركت Globe and Mail (كندا)، وelDiario.es (إسبانيا)، وSan Francisco Chronicle (الولايات المتحدة)، وRappler (الفلبين)، وThe Quint (الهند)، وThe Irish News (أيرلندا)، وReasons to be Cheerful World (المملكة المتحدة) وDaily Maverick (جنوب إفريقيا).

وقال جويوت: "الأمر الممتع بالنسبة لي في هذا الإصدار من الشبكة يكمن بالموضوعات التي نتعامل معها، إذ إنّ العديد منها يتعلق بالتحديات الاجتماعية التي نواجهها كمجتمع وكعالم".

 

Mapوسائل إخبارية شاركت في الإصدار العالمي لشبكة الصحافة الإنسانية لعام 2023. (الصورة: مقدمة من الشبكة/Acción).

 

ومن هذا المنطلق، كانت أزمة المناخ موضوعًا حاضرًا في هذا الإصدار، ولكن كانت هناك أيضًا قصص تُركز على الشمول وخاصة النوع، أو عن قادة المجتمعات. كما كانت القصص عن التعليم، والصحة، والهجرة، والفن، والابتكار الاجتماعي، والفقر، والاستدامة جزءًا من الإصدار.

وأوضح جويوت: "عندما نتحدث عن الصحافة الإنسانية، فهذا يعني صحافة تحدث على أرض الواقع ويتم إعداد التقارير عنها، وهي قصص أشخاص أو منظمات تتطلع لحل التحديات الاجتماعية". واستكمل جويوت: "إنّه تعريف أشبه لصحافة الحلول، ولكن على نطاق أوسع قليلًا؛ لأنّه يُمكننا في بعض الحالات بمشاركة حلول وشيكة أو مشكلات ليست معروفة جيدًا أو مُبلغ عنها".

وبالإضافة إلى هذا النهج، يُشير جويوت إلى أنّ الشبكة تلتمس دائمًا أعلى المعايير في العمل الصحفي وتحديدًا خلال التغطية والكتابة، وتعدّ عمليات التحرير والترجمة التي يقوم بها صحفيان من Red/Acción، القوة المُحركة للشبكة.

ويشرح جويوت أنّه بالإضافة إلى التحرير الذي تقوم به كل مؤسسة إخبارية عند تقديم قصة، يجب على فريق الشبكة تحرير اللغة الأصلية مثل شرح المصطلحات أو الأماكن أو العادات التي تكون "بديهية" للجمهور المحلي، ولكن قد لا تكون منطقية للجمهور الدولي. وبمجرد الانتهاء من هذا النسخة، تُترجم القصة إلى اللغة الأخرى (سواء كانت الإسبانية أو الإنجليزية).

وقال جويوت: "إنّها عملية نوليها الكثير من الاهتمام؛ لأنّ قيمة الشبكة تعتمد بشكل كبير على جودة القصص المنشورة من خلالها".

وبالنسبة لجويوت، تكمن الفائدة الرئيسية للشبكة في أنّ وسائل الإعلام المُشاركة ستكون قادرة على توسيع قاعدة الجماهير التي تصل إليها بقصصها.

وشرح مدير الشبكة: "نريد أن تصل هذه الصحافة عالية الجودة – والتي تُمارس في جميع أنحاء العالم – إلى جماهير جديدة"، مضيفًا "يُمكنني القول إنّ هذه القصص – المحلية أو الإقليمية – تكون أيضًا قصصًا عالمية في مرحلة ما بسبب كيفية تغطيتها وتحريرها، ومن هناك يمكن أن تكون ذات صلة لوسائل إعلامية من أماكن أخرى". 

 

Screenshotلقطة شاشة من منصة شبكة الصحافة الإنسانية. هذه القصة الصادرة عن San Francisco Chronicle هي أكثر قصة أُعيد نشرها حتى الآن.
 

والجدير ذكره أنّ كل قصة لها رمز PixelPing يسمح للفريق بتتبع مدى إعادة النشر: يعرف الفريق عدد المؤسسات الإعلامية التي أعادت نشر القصص وبأي مدى (مشاهدات الصفحة). ويشدد جويوت على أنّ الفريق لا يجمع معلومات عن الجمهور، وإنمّا عن مدى وصول القصة فقط.

ووفقًا لسجلات الشبكة التي تمّت مشاركتها مع LatAm Journalism Review، كانت أكثر قصة أُعيد نشرها هي القصة الإسبانية الصادرة عن San Francisco Chronicle حول "التشرد في حي في سان فرانسيسكو". كما أنّ سجلات الشبكة تُقدر أنّ قصة El Toque بعنوان "برنامج إرشادي يعزز دور النساء الكوبيات في الصناعات الإبداعية" تمكنت من مضاعفة مدى وصولها 15 ضعفًا.

والآن وبعد الانتهاء من هذه التجربة، يُخطط جويوت وفريقه لإطلاق الإصدار العالمي الثاني في الربع الأخير من 2023، ويهدف هذا الإصدار - الذي يستهدف أيضًا وسائل الإعلام الناشرة بالإسبانية والإنجليزية – إلى إضافة المزيد من المؤسسات الإخبارية ومواصلة التعلم.


تشاني جويوت هو زميل نايت التابعة للمركز الدولي للصحفيين.

هذه القصة نُشرت في الأصل على LatAm Journalism Review وأُعيد نشرها على شبكة الصحفيين الدوليين بإذن.

الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة إيويل كاحسي.