يعتبر الصحفي الذي ينشر أي أمر ويفاجأ به فيما بعد بأنّه خاطئ، أنّه أمام كابوس في المهنة، فالأخطاء تقوض ثقة القراء في وسائل الإعلام، وقد يكون لها عواقب وخيمة على الأفراد والجماعات، وتلحق ضررًا بالمهمة الرئيسية للصحفيين المتمثلة بتوفير معلومات دقيقة وصادقة. ومع ذلك، فإن الخطأ هو أمر طبيعي، وأي شخص يمكن أن يُخطئ، لا سيما في غرف الأخبار التي تعمل على إيصال المعلومات بشكل سريع.
ويمكن أن تتخذ الأخطاء أشكالًا متعددة، بما في ذلك الأخطاء المطبعية، الإقتباسات الخاطئة، الصياغة غير الدقيقة، والمعلومات الخاطئة. وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة جامعة لندن أنّ أبحاثًا أجريت خلال الـ 70 الماضية في الولايات المتحدة وخلصت إلى أنّ ما نسبته 40 إلى 60 ٪ من مقالات الصحف تحتوي على أخطاء، في ظلّ عدم وجود معايير تحريرية عالميّة واضحة.
ومؤخرًا، مع انتشار الأخبار بشكل رقمي، بات شائعًا الإبلاغ عن الأخطاء عبر الانترنت من خلال قسم التعليقات أو عبر عنوان بريد إلكتروني أو على وسائل التواصل الاجتماعي، ويتمّ تصحيحها مباشرةً.
من جهته، أطلق معهد بوينتر دليلاً للتصحيح، يشمل أخطاء وكلمات غير دقيقة استُخدمت في مقال نشر في صحيفة "واشنطن بوست" في تموز/يوليو، كذلك فقد غيّرت صحيفة "نيويورك تايمز" عنوانًا في الصفحة الأولى بعد ردود فعل سلبية من القراء والصحفيين والسياسيين. وعلى الرغم من الجهود الهادفة إلى منع الأخطاء، إلا أنّ هذا الأمر مستحيل. لذلك، يجب على الصحفيين والمحررين أن يفكروا بشكل نقدي في تعزيز المساءلة والشفافية من أجل جعل التصحيحات صحيحة.
وفيما يلي، أبرز الاستراتيجيات والخبرات التي شاركها الصحفيون، حول تعاملهم مع الأخطاء وإجراء التصحيحات:
اتبع نظامًا واضحًا: شرحت محررة الشؤون الصحية والعلوم في "واشنطن بوست" لورا هيلموث سياسة التصحيح في الصحيفة، وقالت: "لدينا طريقة للقراء لكي يبلغوا عن الأخطاء، ويولِّد النظام الخاص بالأخطاء تقريرًا يتم إرساله إلى محرر المقالة للإطلاع إذا ما كان الخطأ موجودًا بالفعل، وإذا كان هناك خطأ، يرسل المحرر طلبًا للتصحيح إلى مسؤولي التحرير، ليحصل على الموافقة قبل التصحيح". وأشارت هيلموث إلى أنّه لا مهربًا من الأخطاء الإملائية أو الأسماء.
تقصي الحقائق والنقاش: رأت مؤسسة ورئيسة تحرير جورنو ريسورسيز Journo Resources، جيم كولينز أنّ هناك الكثير من الطرق لتصحيح الأخبار بطريقة مسؤولة، ولذلك يتعيّن على الصحفي أو المحرر عدم القلق، ولفتت إلى أنّها قضت وقتًا طويلاً لوضع سياسة الشكاوى مع الفريق العامل في غرفة الأخبار، وتوصلوا إلى تقسيم الشكاوى إلى قسمين، الأول يتعلق بالأخطاء الصغيرة التي يمكن تغييرها من دون إجراء الكثير من النقاش، أمّا القسم الآخر فهو متعلّق بالشكاوى الكبيرة في التقارير الأساسية، وبهذه الحالة، قالت إنّها تجتمع مع الفريق وكاتب التقرير والمحرر لاكتشاف الأخطاء والتصحيح، وذلك عبر الإطلاع على التقرير بكلّ تفاصيله، من المصادر المستخدمة إلى نصوص المقابلات، ولهذا السبب، من الضروري أن يحتفظ المراسلون بسجلات وبيانات وملفات صوتية وملاحظات وأي أمر تمّ استخدامه في إعداد التقرير.
إصدار اعتذار: في شباط/فبراير الماضي، انتقد الكاتب في صحيفةFort Worth Star Telegram ، باد كينيدي مسؤولاً جمهوريًا من تكساس، بناءً على معلومات خاطئة وردت في صحيفة أخرى. وعندما اكتشف الخطأ، تمت إزالة المنشور الأصلي وأصدر كينيدي مقال اعتذار، وطلب من القراء المساعدة في مشاركته.
وقال الصحفي الذي يعمل منذ 30 عامًا: "عندما تخطئ ، يمكنك أن تشرح للقراء وتعتذر، وهذا أمر طبيعي، إذ يجب الحفاظ على ثقة القراء والإعتراف بالخطأ".
كريستيانا بيدي هي صحفية تكتب عن التمييز بين الجنسين وحقوق المرأة والصحة العقلية.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة سارة كيليان.