استراتيجيات إجراء المقابلات لزيادة أصوات النساء في الأخبار

بواسطة كاثرين شاين
May 12, 2023 في التنوع والإدماج
نساء في مكتب يدونون الملاحظات ويعملون على جهاز لابتوب.

مرّت سنوات في عملي الصحفي، قبل أن أدرك عدم المساواة بين الجنسين في التغطية الإخبارية، وصدمتُ عند معرفة أنّ الرجال يشكلون نحو 75٪ من الأشخاص الذين يتم الاستشهاد بهم وسماع أصواتهم ورؤيتهم في الأخبار.

وحتى تلك اللحظة، أشعر بالخجل من الاعتراف بأنني لم أفكر أبدًا في الحاجة إلى تحقيق التوازن بين الجنسين في الأشخاص الذين أجريت مقابلات معهم عند كتابة قصصي. 

تستمرّ اللامساواة على الرغم من أنّ الوعي بعدم التوازن بين الجنسين قد زاد بين الناس مؤخرًا بفضل حملات مثل مبادرة 50:50 الصادرة عن BBC.

ووجد "المشروع العالمي لمراقبة الإعلام"، الذي يحلل النوع في التغطية الإخبارية عالميًا كل خمس سنوات منذ 1995، في تقريره لعام 2020، أنّ النساء شكلن 26٪ من المصادر المستخدمة في الصحف، و26٪ من مصادر الأخبار التليفزيونية، و23٪ من مصادر الأخبار الإذاعية، و28٪ من مصادر الأخبار على الإنترنت.

كما كشف التقرير أيضًا أنّ النساء كن أكثر عرضة لتقديم تجارب شخصية بدلًا من الاستشهاد بهن كخبيرات، وكانت النساء الأكبر سنًا، والنساء ذوات البشرة الملونة، والنساء ذوات الإعاقة أقل عرضة لاستخدامهن كمصادر.

ووجد التقرير أنّه بصورة عامة، شكلت النساء محط التركيز في 6٪ فقط من القصص في الإعلام التقليدي، و9٪ في المواقع الإخبارية الرقمية. إنّ التقدم "بطيء جدًا"، وإذا استمرينا بهذه الطريقة سنحتاج نحو 70 سنة لسد الفجوة بين الجنسين في الإعلام التقليدي.

الإفصاح علنًا

رغبت كباحثة في أن أفهم بصورة أفضل ماهية العناصر التي تساهم في عدم التوازن المستمر بين الجنسين، من وجهات نظر الأشخاص الذين تم إجراء المقابلات معهم أو المحتملين.

وكانت واحدة من النظريات التي قدمها لي عدة صحفيين هي أنّ النساء كن أقل رغبة من الرجال في إجراء المقابلات الإعلامية. وبعد إجراء مقابلات مع 30 امرأة أكاديمية، واستطلاع رأي أكثر من 200 خبير/ة إعلامي/ة ومتحدث/ة رسمي/ة كجزء من مشروع بحثي بالتعاون مع المعهد العالمي للقيادة النسائية، وهيئة الإذاعة الأسترالية، وجدنا أنّ الأمر ليس كذلك.

وقالت أكثر من 80٪ من المشاركات في الاستطلاع إنّهن راغبات في إجراء المقابلات الإخبارية، ولم يكن هناك اختلافات كبيرة بين الرجال والنساء في هذا الصدد.

وعلى غرار نظرائهم من الذكور، أدركت النساء فوائد تقديم التعليقات الإعلامية للترويج لأنفسهن، أو لأبحاثهن، أو لمنظماتهن، أو لشركاتهن. وما دفعهن أيضًا لذلك هو رغبتهن في الانخراط مع المجتمع وتشجيع النساء الأخريات على الحديث مع الإعلام.

ومع ذلك، كانت النساء أكثر عرضة للشعور بالتوتر بشأن إجراء مقابلة، وكانت 5٪ فقط من النساء "واثقات جدًا" مقارنة بنسبة 20٪ من الرجال.

وتضمنت الحواجز التي تمنع النساء من إجراء المقابلات المخاوف بشأن مظهرهن، وقلة فهم كيفية عمل الأخبار، والقلق من التغطية المتحيزة وغير الدقيقة، والخوف من التعرض للإساءة على الإنترنت.

ومن هذه التعليقات، حدد فريقنا البحثي بعض المناهج والاستراتيجيات التي يمكن أن يتبناها الصحفيون والمنتجون والمحررون لتشجيع المزيد من النساء على قبول طلبات المقابلات:

تحديد المصادر

  • فكر بطريقة إبداعية في اختيار مصادرك، ووسع شبكة العلاقات والمنظمات والشركات، وحدد المصادر النسائية الجديدة المحتملة، وتجنب تكرار المصادر حتى ولو كن موهوبات إعلاميات جيدات.
  • استخدم قواعد البيانات مثل SheSource الصادرة عن المركز الإعلامي للنساء؛ لتحديد خبيرات ومتحدثات رسميات جديدات يمكنك طلب إجراء مقابلات معهن.
  • أطلب من مجموعات مناصرة النساء تقديم توصيات، وعلى سبيل المثال هناك شبكة النساء في الاقتصاد، وChief Executive Women.
  • عند التواصل مع المستشارين الإعلاميين أطلب التحدث مع امرأة في المنظمة بدلًا من المدير التنفيذي أو مدير ذكر.
  • إذا كنت محررًا، أخلق وعيًا في غرفة الأخبار بشأن هيمنة الأصوات الذكورية في الأخبار وما يعنيه ذلك لتهميش وجهات نظر النساء وخبراتهن.
  • حدد أهدافًا في بيئة العمل لتحقيق توازن أفضل بين المصادر من الذكور والإناث، وراقب تطورك، وأبلغ فريقك بالنتائج.
  • كن استباقيًا، قالت إحدى المستجيبات: "في ثقافتي أو عائلتي، لا يتم تشجيع التعبير عن النفس للانضمام إلى محادثة عامة، وبالتالي المجازفة بالتعرض للتدقيق النقدي"، مضيفة: "تعلمنا التزام الصمت ما لم يُطلب منا غير ذلك، والاهتمام بشؤوننا، وتجنب أي شيء قد يسبب الإزعاج أو يجذب الانتباه، ومن ثم لتمثيل أصوات متنوعة ثقافيًا ولغويًا في الأخبار ينبغي على الصحفيين البحث الاستباقي عن المواهب والتحدث معهن"

التعامل لأول مرة

وجد بحثنا أنّ الطريقة التي يتحدث بها الصحفيون مع النساء في البداية لإجراء المقابلات شديدة الأهمية لجعلهن يشعرن بالراحة والتمكين لدرجة الموافقة على التحدث. وقالت إحدى المستجيبات: "عندما يتصل بي الصحفيون ويكون واضحًا أنهم يعرفون عملي ولديهم هدف واضح للرغبة في التحدث معي، هذا يجعلني حريصة على فعل ما بوسعي لمساعدتهم"، موضحة "إنّه ليس غرورًا، وإنما يتعلق أكثر بأنّه يمنحني شعورًا بأنّ الصحفي يتعامل مع الموضوع ومعي بجدية".

نقدم إليكم بعض أهم الطرق التي اقترحتها المستجيبات ليستخدمها الصحفيون للحديث لأول مرة مع المصادر المحتملة:

  • كن واضحًا بشأن ما تريده من المصادر وأسباب رغبتك في التحدث معهن.
  • أثبت أنك أجريت بحثك عن طريق الإشارة إلى أحدث أعمال المصدر و/أو خبراتها، واشرح ما علاقة ذلك بقصتك.
  • أعرض سريعًا ما يمكن توقعه، فتضمين توضيح لأي طلبات تقنية مثل حاجة المصدر لاستخدام سماعات الأذن لضمان جودة الصوت، أو أنّ المنتج عادة ما يتصل بالمصدر قبل المقابلة الإذاعية المباشرة. هذه الطرق سهلة لإبقاء مصدرك على إطلاع.
  • كن مهذبًا ومرنًا بشأن التوقيت.
  • قدم أسئلة قليلة مسبقًا والتي ستمنح المصدر فكرة عن موضوع مقابلتك الرئيسي من المقابلة، إذ قالت إحدى المستجيبات: "أحب أن يرسلوا لي الأسئلة مسبقًا حتى أتمكن من الاستعداد بشكل أكثر دقة".

تجربة المقابلة

عندما سألنا المشاركين والمشاركات عن الأمور التي تجعل تجربة المقابلة إيجابية، وجدنا توافقًا بين الجنسين بصورة عامة.

ونقدم إليكم بعض الجوانب التي حددوها:

  • التواصل والتوقعات الواضحة.
  • الاحترام المتبادل.
  • الحماس.
  • التعامل المريح الذي يخلق بيئة هادئة لا يشعر فيها المصدر بالاستعجال أو أنّه تحت ضغط شديد.
  • الاهتمام الحقيقي وانفتاح ذهن الصحفي والذي يمكن التعبير عنه من خلال الحماس أثناء المقابلة. عبّر عن تقديرك لوقت المصدر، وأنصت له ولا تقاطعه. وقال أحد المشاركين: "كن حقيقيًا، وضع نفسك مكاني، ولا تكن متشبثًا برأيك، واسأل الكثير من الأسئلة ثم أنصت بصدق".
  • قدم التغطية العادلة والدقيقة، وتابع الأمر مع المصدر وقدم له التعليقات في شكل مكالمة هاتفية أو رسالة بريد إلكتروني، وأمنح مصدرك بعض الثناء و/أو النقد البنّاء بشأن كيف بإمكانه تحسين أسلوبه في المقابلات المقبلة، وهذا الأمر مفيد بصورة خاصة للمعلقين الإعلاميين الذين لا يملكون الخبرة.

ترغب النساء في أن تكون أصواتهن مسموعة، وينبغي علينا كصحفيين ضمان حصولهن على هذه الفرصة. وكما تقول الباحثة البريطانية البارزة كارين روس: "الأشخاص الذين تتم دعوتهم للحديث كمعلقين عن الأخبار وفيها يقولون أمورًا مهمّة ويعكسون واقع المجتمع، ومَن يتمتع بالشرعية والمكانة لإبراز صوته".


الصورة من تصوير سيدريك فونتليروي.