تتجه أنظار العالم إلى غزة وإسرائيل منذ هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول التي شنتها "حركة حماس"، وتتم مشاركة الكثير من المعلومات على الإنترنت، كما أنّ المشاعر في أوجّها، وهذا أمر مفهوم، وإذا كانت حساباتك على منصات التواصل الاجتماعي تشبه منصاتنا، فيبدو أنّ الجميع له رأي في هذا الحدث، ومع الأسف، فهذه المنصات أقل جهوزية من أي وقت مضى للتعامل مع كل المحتوى المنتشر.
ويكمن السؤال في: من أين نبدأ نحن كصحفيين في تغطية هذا الصراع بدقة وبطريقة أخلاقية؟ نقدم إليكم بعض الإرشادات والموارد التي قد تساعدكم:
(1) أسرد الحقائق بمجرد التحقق من صحتها
قدّم لقرائك الحقائق والأرقام التي فحصتها ودققتها، ووضح أنّ هذه الحقائق والأرقام سوف تتغير أيضًا، ولا يزال نطاق هجمات "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول موضع اهتمام، ويبدو أنّ العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة لا تزال في مراحلها الأولى.
وأثناء تغطيتك للأحداث، تأكد من المصادر الرسمية، واستند إلى الحقائق والأرقام.
يتم تحديث هذه الموارد بانتظام بمستجدات الصراع:
- الخرائط: تتبع الهجمات في إسرائيل وغزة، من صحيفة نيويورك تايمز.
- كيف يتكشف الصراع بين إسرائيل وغزة في الخرائط والرسومات البيانات ومقاطع الفيديو، من صحيفة واشنطن بوست.
- الحرب بين إسرائيل وغزة في الخرائط والرسوم البيانية: التتبع المباشر، من قناة الجزيرة.
(2) احترس من المعلومات المضللة، وتعامل مع الإعلام بعيون ناقدة
تنتشر المعلومات المضللة خلال الأزمات بمعدلات مثيرة للقلق، وخاصة على منصات التواصل الاجتماعي، وأيّا كانت المنصة التي تختارها – إكس أو فيسبوك أو انستجرام أو تيك توك أو واتسآب أو تيليجرام والقائمة تطول – سوف تصادف محتوى مزيفًا.
وبحثًا عن الأخبار الإيجابية، ربما ينشر الناس أو يعيدون نشر معلومات يتمنون أن تكون حقيقية، ولكنها ليست كذلك. وستسعى الجهات الفاعلة الأكثر خبثًا للتلاعب بالناس على الإنترنت عمدًا لتحقيق أهداف معينة. ولكل شخص رأي في الأحداث سواء كان مُطلعًا أم لا.
ولهذا احرص على عدم تضخيم الادعاءات الكاذبة بدون قصد، وكن مدركًا للتطور المتزايد للوسائط المتعددة المُلفقة، إذ يتم تداول الصور المتلاعب بها، والتسجيلات المزيفة، والتزييف العميق، وغيره.
وينبغي عليك أن تأخذ في الاعتبار العديد من العوامل عندما تتعامل مع التغطية الإعلامية، فعلى سبيل المثال، ضع في اعتبارك المؤسسة الإعلامية والكاتب والمصادر المستخدمة في التغطية وتاريخ النشر. وعندما تشعر بالشك – أو حتى عندما تكون واثقًا بقوة – قارن المعلومات التي تصادفك بمصادر موثوقة أخرى، وخذ بعين الاعتبار ما تقوله المصادر الرسمية، مثل الأمم المتحدة، عندما يتعلق الأمر بأعداد القتلى أو النازحين أو المتضررين من الصراع.
(3) اعترف بالخسائر البشرية والصدمة
ينبغي على الصحفيين تغطية خطابات وأفعال الجهات الفاعلة الرئيسية في هذا الصراع – الحكومة الإسرائيلية وحماس – إلى جانب المخاطر الجيوسياسية. ومع ذلك، فالتركيز فقط على الجهات الفاعلة رفيعة المستوى يُهدد بالمبالغة في تبسيط الصراع أو التبرير أو تجاهل الوفيات وما يعاني منه المدنيون.
وبينما يعرض الصحفيون الأرقام، ينبغي عليهم الحرص على عدم تقليل الخسائر في صفوف المدنيين إلى مجرد أرقام، إذ إنّ هذا قد يجعل القراء متبلدي الإحساس. سلط الضوء على التكلفة الإنسانية للحرب في تغطيتك عبر تركيز القصص على المدنيين المتضررين.
(4) تعرف على السياق الأوسع لمتابعة القصة بشكل أفضل
استغرق وقتًا في تثقيف نفسك بشأن السياق الأوسع المُحيط بالوضع الحالي، وحدد الجهات الفاعلة المعنية، وفرّق بين القادة السياسيين والمدنيين، واقرأ عن العوامل الجيوسياسية التي تؤثر على التطورات.
ومع ذلك، إنّها مهمة صعبة أن تصبح خبيرًا أثناء تغطيتك للصراع الحالي، وعند إعدادك للتقارير، حاور الخبراء لمساعدتك في توفير السياق، ووجه القراء للموارد حيث يمكنهم معرفة المزيد عن الأمر.
ضع في اعتبارك الأسئلة التالية في تغطيتك الصحفية، واعلم أنّ القراء سوف يسألون أنفسهم العديد من مثل هذه الأسئلة:
- من هم "حماس" ومتى وكيف وصلوا إلى السلطة في غزة؟ لماذا صنفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول غربية أخرى حماس جماعة إرهابية؟
- من هو بنيامين نتنياهو، وكيف أثرت سياسات حكومته – التي توصف بأنّها الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل – والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، على العلاقات مع الفلسطينيين؟ وماذا كان رد فعل المجتمع الدولي على هذه السياسات؟
- ما هو تاريخ غزة؟ لماذا انسحبت إسرائيل من غزة في 2005 ولم تنسحب من الضفة الغربية؟ لماذا تقع غزة تحت الحصار منذ 2007، وما هي عواقب ذلك على الفلسطينيين؟ ما الذي دفع حماس وإسرائيل لخوض عدة حروب قبل الصراع الحالي، ولماذا لم يستمر اتفاق وقف إطلاق النار؟
عد بالماضي أكثر:
- متى ولماذا تأسست إسرائيل؟ وما هي عواقب ذلك على الفلسطينيين؟
- ما هي طبيعة العلاقات بين إسرائيل والمنطقة المجاورة منذ تأسيسها؟
- ما هي اتفاقيات أوسلو؟
- لماذا توقفت التسوية السلمية النهائية أثناء الـ 30 عامًا التي تلت اتفاقيات أوسلو؟
هناك الكثير من الأسئلة التي ينبغي عليك طرحها لتوجيه تغطيتك الصحفية، فالتاريخ يعود إلى آلاف السنين، وتعقده الحرب والكثير من الأمور.
سيساعدك تعلم التاريخ والسياق الحالي في فهم التطورات المستقبلية بصورة أفضل، وتوقع المسار الذي قد يؤول إليه الصراع من هنا. استخدم ما تتعلمه لتحديد الأسئلة التي تطرحها، وكيف تؤطر تغطيتك.
(5) تغطية جرائم الحرب
من الأهمية بمكان فهم ما هي جريمة الحرب، إلى جانب معرفة مصطلحات مثل "التطهير العرقي" و"الإبادة الجماعية" عندما يتعلق الأمر بالصراعات المسلحة.
وتندرج جرائم الحرب إلى حد كبير تحت مظلة انتهاكات القانون الإنساني الدولي أو القانون الجنائي الدولي، ويمكن أن تتضمن انتهاكات القانون الأول الاستهداف المتعمد للمدنيين والبنية التحتية المدنية، واستخدام الأسلحة "العشوائية"، وغيرها. بينما تشير انتهاكات القانون الثاني إلى الجرائم التي يمكن تحميل الأفراد المسؤولية الجنائية عنها.
تعلم التمييز بين الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، إذ إنّ هناك معنى قانونيًا محددًا لكل مصطلح، ولكن غالبًا ما يتم استخدامها خارج السياق القانوني على منصات التواصل الاجتماعي وفي الأخبار:
- الإبادة الجماعية تشير إلى نية التدمير - جزئيًا أو كليًا - لمجموعة عرقية أو دينية أو قومية.
- التطهير العرقي غالبًا ما يتم الخلط بينه وبين الإبادة الجماعية، ولكنه مفهوم منفصل، فهو يشير إلى نية إبعاد أعضاء جماعة قومية أو دينية أو عرقية محددة من منطقة معينة باستخدام التهديدات والقوة.
- الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية تشير إلى انتهاكات خطيرة وواسعة النطاق لحقوق الإنسان ضد السكان المدنيين، وتتضمن على سبيل المثال لا الحصر، التعذيب واسع النطاق، وحالات القتل، وحالات الاختفاء القسري، والاستعباد، والعنف الجنسي، والاضطهاد، وجريمة الفصل العنصري.
وبإمكان الصحفيين الرجوع إلى الموارد التالية:
- دليل المراسل للتحقيق في جرائم الحرب، من الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية.
- دليل الصحفيين حول كيفية توثيق الجرائم الدولية، من مركز القانون والديمقراطية.
- أسئلة وأجوبة: الأعمال العدائية في أكتوبر/تشرين الأول 2023 بين إسرائيل والجماعات المسلحة الفلسطينية، من هيومن رايتس ووتش.
(6) أعطِ أولوية للسلامة والعافية
لقد أثبتت التغطية الصحفية لأحداث العنف الأخيرة بين إسرائيل وغزة خطورتها على الصحفيين المتواجدين على الأرض، إذ قُتل 21 صحفيًا – 17 فلسطينيًا وصحفي لبناني – منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، بينما يوجد 3 صحفيين في عداد المفقودين أو تم اعتقالهم، وأصيب 8 صحفيين بحسب لجنة حماية الصحفيين التي أفادت عن مقتل 3 صحفيين إسرائيليين أيضًا.
وحتى إذا كنت تُغطي الصراع من مسافة بعيدة، قد تؤثر التغطية سلبيًا على صحتك العقلية، فمن الصعب التحدث مع الأشخاص المتضررين بشكل مباشر من العنف، ويُمكن أن تكون رؤية الصور ومقاطع الفيديو صادمة أيضًا، وعليك أن تعلم أنّ إعطاء أولوية لصحتك العقلية لا يقل أهمية عن الحفاظ على سلامتك الجسدية، وأنّ الصحفيين قد يعانون من الصدمة حتى عندما لا يقدمون التغطية المباشرة على أرض الواقع.
إليك بعض الموارد المفيدة للسلامة الجسدية:
- مجموعة أدوات السلامة، من لجنة حماية الصحفيين.
- مجموعة أدوات السلامة للصحفيين المستقلين، من صندوق روري بيك.
- موارد السلامة الجسدية، من منظمة مراسلون بلا حدود.
إليك بعض الموارد المفيدة للصحة العقلية:
- إدارة الصحة العاطفية والعقلية في الميدان، من منظمة مراسلون بلا حدود.
- موارد للصحفيين للتعامل مع الصدمات، من مركز دارت.
- الصحفيون والصحة العقلية: دليل موارد المعهد الأميركي للصحافة، من المعهد الأميركي للصحافة.
(7) موارد لتقديم الدعم
كل هذه الأحداث مرهقة، وستظل كذلك. إذا كنت تبحث عن طرق ملموسة لدعم تغطية زملائك الذين يقدمون التقارير على الخطوط الأمامية للصراع، إليك بعض الخيارات:
- التمويل من أجل الحالات الطارئة، وموارد الأزمات، من المنتدى العالمي لتطوير الإعلام (وهما متاحان أيضًا باللغة العربية: هنا وهنا).
- قائمة الموارد المتعلقة بالمساعدات الطارئة، من المؤسسة الدولية الإعلامية للمرأة، وتتضمن روابط لصندوق الطوارئ التابع للمؤسسة، وشبكة صحفيين في محنة، وFree Press Unlimited، وغيرها.
نحن نتعلم أيضًا. أخبرنا إذا كنا قد أغفلنا أي شيء وسنُحدّث هذه المقالة.
الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة CHUTTERSNAP.