في الفترة الأخيرة، سلّط الإعلام الضوء على حق الحصول على الإجهاض وغيره من قضايا الصحة الإنجابية، وذلك بعدما أصدرت المحكمة العليا الأميركية مشروع قرار يقترح إلغاء حكم "رو ضد وايد" لعام 1973، والذي جعل الإجهاض حقًا دستوريًا. وفي هذا السياق، تتطلب تغطية الإجهاض والصحة الإنجابية قدرًا من العناية والتفهّم. لذا أصبح من الضروري اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تغطية هذه القضايا للجماهير والمجتمعات المحلية.
وبالنسبة للصحفيين الذين يغطون الصحة الإنجابية، سواء كان ذلك إلغاء حكم "رو ضد وايد" أو أيًا من الأحداث الأخرى التي تؤثر على إمكانية الحصول على خدمات الصحة الإنجابية في مختلف أنحاء العالم، فإليكم بعض النصائح التي يمكن أن تساعدكم في إعداد تقارير دقيقة وعادلة وشاملة:
فهم القضية وتاريخها
على الصحفيين أن يتأكدوا أولًا من فهمهم التام لماهية الإجهاض وتاريخه عند البدء في تغطية القضية. ويمكنهم الاستعانة بدليل منظمة "أطباء من أجل الصحة الإنجابية" الخاص بتغطية الإجهاض، والذي يحتوي على حقائق حول الإجهاض ونصائح بشأن التغطية الشاملة ومعلومات حول مصادر المقابلات التي يمكن التواصل معها أو تجنبها وما إلى ذلك.
كما ينبغي أن يفهم الصحفيون كيف أدى حكم "رو ضد وايد" إلى تقنين حق الناس في الاختيار ولماذا تعتبر القضية بهذه الأهمية في الولايات المتحدة.
التغطية الدقيقة للعواقب التشريعية المحتملة
في حالة إلغاء حكم "رو ضد وايد"، ستكون هناك آثار فورية تختلف حسب الولاية. فسوف تحظر هذه القوانين الإجهاض أو تقيده بشدة على الفور في 13 ولاية، مع فرض قيود إضافية محتملة في ولايات أخرى. وقد تذهب التشريعات المقترحة في العديد من الولايات الأخرى إلى أبعد من ذلك، مثل منع الحوامل من مغادرة الولاية لإجراء الإجهاض، أو حتى تجريم الإجهاض باعتباره جريمة قتل. أما الولايات الأخرى، مثل أركنساس وأريزونا، فقد تمنع الإجهاض حتى في حالات الاغتصاب أو زنا المحارم، ما قد يؤدي إلى المزيد من عمليات الإجهاض غير الآمنة.
وبما أنّ حظر الإجهاض يضر بصحة المرأة وسلامتها، سيكون لإلغاء حكم "رو ضد وايد" عواقب وخيمة على الرعاية الصحية للمرأة في الولايات المتحدة. وقد وُجد أن الإجهاض القانوني لا يقلل فقط من عمليات الإجهاض بشكل عام، بل إنه يؤدي أيضًا إلى تخفيض معدل وفيات الأمهات.
وعلى مستوى العالم، تصل نسبة عمليات الإجهاض غير الآمنة إلى 47%. أما في أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تمنع أغلب الدول الإجهاض أو تحد منه بشدة، فتصل هذه النسبة إلى 75%. ووفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، تؤدي مثل هذه العمليات غير الآمنة إلى ما يقدر بسبعة ملايين حالة دخول إلى المستشفى وحوالي 47,000 حالة وفاة سنويًا.
ومن شأن المعرفة بهذه الإحصائيات والتغطية الدقيقة لعواقب القوانين المقررة أن تساعد الجماهير في أن يفهموا بشكل أفضل بيئة الصحة الإنجابية التي قد يعيشون بها بعد إلغاء الحكم. فالكثير من الأميركيين ليس لديهم علم كاف بالقوانين أو طرق إنفاذ القانون المناهض للإجهاض التي سيتم تنفيذها في ولاياتهم إذا تم إلغاء حكم "رو ضد وايد". ودورك كصحفي هو أن تساهم في إعلام الجماهير بما إذا كانت وجهات نظرهم تتطابق مع القوانين والسياسات المقترحة.
الانتباه للغة المستخدمة
يمكن أن يكون للغة التي تستخدمها في تغطيتك تأثير كبير على ما يستنتجه القراء من مقالتك.
لذا يُنصح باستشارة الخبراء الطبيين للحصول على الحقائق الصحيحة وتحديد أفضل المصطلحات، مع مراعاة الطبيعة العاطفية للموضوع. وسوف يساعد ذلك على جذب اهتمام القراء إلى محتوى مقالتك. وفي هذا السياق، وضعت "الكلية الأميركية لأطباء الأمراض النسائية والتوليد" دليلًا يتضمن الكلمات التي يجب تجنبها عند الحديث عن الإجهاض، بما في ذلك شرح الأسباب وراء وجوب تجنب هذه التعبيرات.
كما يمكن للصحفيين أن يستخدموا قاموس كوبالت لمصطلحات الحقوق الإنجابية لتحديد المفردات التي يمكن استخدامها عند تغطية القضية. ويشمل القاموس أيضًا تعريف الكلمات الشائعة في المناقشات الدائرة حول الإجهاض.
التغطية الشاملة
لا تؤثر الصحة الإنجابية على النساء فحسب، لذا ينبغي الحرص على أن تشمل تغطيتك الصحفية جميع الهويات الجنسانية، مما سيجعل الجميع يشعرون بأنهم ممثلون ومشمولون، كما سيساعد في تغطية النطاق الكامل للأشخاص المتأثرين بالموضوع. وإليكم بعض الموارد الهامة لتحقيق ذلك:
- المصطلحات الشاملة للمتحولين/المتحولات جنسيًا في تغطية الإجهاض.
- التغطية المراعية للنوع الجنساني.
- ما يجب تفاديه عند تغطية المجتمعات المهمشة.
تناول التأثيرات على المجتمعات المهمشة
يتعين على الصحفيين أن يتناولوا الآثار غير المتكافئة للحواجز التي تعيق الصحة الإنجابية في المجتمعات المختلفة.
فعلى سبيل المثال، أكثر المتأثرين بالقيود على الإجهاض هُم أولئك الذين ينتمون إلى المجتمعات المهمشة ويواجهون مختلف أشكال الاضطهاد. وتشمل هذه المجتمعات الأشخاص ذوي الإعاقة والمثليين والمتحولين جنسيًا (LGBTQ+) وذوي الدخل المنخفض وأصحاب البشرة الداكنة والسكان الأصليين وغيرهم من أصحاب البشرة الملونة والجماعات الأخرى.
لذا يجب أن يقدم الصحفيون السياق لشرح سبب ارتفاع معدلات الإجهاض في مجتمعات بعينها، مقارنة بغيرها. كما ينبغي أن يسلطوا الضوء على تأثير العوامل المختلفة – مثل العرق أو الوضع الاقتصادي – على تحديد من يمكنهم الحصول على الإجهاض الآمن. وإليكم بعض الأمثلة:
- ماذا يعني إلغاء حكم "رو ضد وايد" بالنسبة لذوات البشرة الداكنة؟
- تغطية الإجهاض في المجتمع اللاتيني
- تأثير إلغاء حكم "رو ضد وايد" على المجتمعات المهمشة
تقديم السياق
عند تغطية الصحة الإنجابية، ينبغي إدراك أن استطلاعات الرأي والمسوحات قد لا تقدم سوى لمحة بسيطة مبنية على الأخبار، وأن الآراء الفردية غالبًا ما تكون معقدة.
فعلى سبيل المثال، على الرغم من أن استطلاعات الرأي وجدت أنّ أغلب الأميركيين يؤيدون الحفاظ على حكم "رو ضد وايد"، إلا أن هذه الأرقام تختلف حسب التركيبة السكانية والانتماء السياسي. وعلاوة على ذلك، فإن الأشخاص الذين يؤيدون الحكم لا يدعمون بالضرورة حق الحصول على الإجهاض بلا قيود، ولا يعارض جميع معارضي الحكم كل حالات الإجهاض، مثل حالات الاغتصاب أو عندما تكون حياة الأم في خطر.
وعند إجراء المقابلات، تأكد من توفير السياق لأسئلتك وكُن مستعدًا لتقديم المعلومات الإضافية، فقد يكون لدى الأشخاص آراء متناقضة. فمثلًا، على الرغم من أن الأغلبية الضئيلة من الأميركيين يؤيدون فرض القيود على الإجهاض عند اكتشاف نبض الجنين، إلا أن أحد استطلاعات الرأي وجد أن الأغلبية تعارض هذه القيود عندما علموا أنها تنطبق على الإجهاض قبل مرور ستة أسابيع على الحمل.
تذكروا أن قضية الصحة الإنجابية لا تقتصر على الولايات المتحدة
في حين أن الصحة الإنجابية تتصدر الأخبار في الولايات المتحدة، إلا أنها قد تبدو قضية بعيدة بالنسبة للصحفيين في الدول الأخرى. ولكنها في الحقيقة قضية عالمية، وما يحدث في دولة ما يمكن أن تكون له آثار مضاعفة في باقي أنحاء العالم.
ففي أميركا اللاتينية مثلًا، تزداد إمكانية الحصول على الإجهاض، وذلك بعدما تم إلغاء تجريمه أو وضعه على طريق التقنين في تشيلي وكولومبيا والأرجنتين والمكسيك وغيرها من الدول. أما في أوروبا، فقد قامت كل من أيرلندا وأيرلندا الشمالية بتقنين الإجهاض في السنوات الأخيرة، ما يمثل اتجاهًا عالميًا نحو التقنين.
ومع ذلك، هناك استثناءات. ففي بولندا، حظرت المحكمة العليا مؤخرًا حق الحصول على أغلب أنواع عمليات الإجهاض. ولا تزال هذه العمليات غير قانونية في معظم أنحاء أفريقيا وآسيا.
وعلاوة على ذلك، فإن سياسيات الولايات المتحددة بشأن الصحة الإنجابية تؤثر على الصحة العلمية خارج نطاق الإجهاض. فسياسة مكسيكو سيتي تمنع التمويل الفيدرالي الأميركي عن المنظمات غير حكومية التي تشجّع الإجهاض أو تدافع عنه، وقد طبقها كل رئيس جمهوري منذ رونالد ريغان. وبحسب معارضي السياسة، فإنها تقيد التمويل للمنظمات التي تقدم أيضًا مجموعة من الفوائد الصحية الأخرى، مثل مكافحة الأمراض المعدية ووفيات الأمهات، وخاصة في الدول النامية.
الصورة الرئيسية من انسبلاش بواسطة غياتري مالوترا.