إرشادات لإتاحة إطلاع الجميع على الصحافة المرئية

Aug 26, 2022 في التنوع والإدماج
رجل كفيف يستخدم برايل

في أوائل العام 2022، بدأت صحيفة "نيويورك تايمز" في البحث عن محرر لضمان إمكانية الإطلاع على المرئيات. وكما يحدث عادةً مع المناصب الأخرى، فإنّ هذه الأدوار الجديدة في غرفة الأخبار المشهورة عالميًا تشير إلى المجالات التي تزداد أهميتها في صناعة الإعلام، وهو ما ينطبق كذلك على إمكانية الإطلاع على المحتوى.

وقد أعلنت الصحيفة مؤخرًا أنّ جايمي تانر ستقود هذه الجهود، إذ تمّ تكليفها بجعل تغطيتها الإخبارية "الشاملة والحيوية متاحة لكل قارئ"، بحسب نائب مدير التحرير ستيف ديونز.

وبتعيين تانر في هذه الوظيفة، ترغب الصحيفة أيضًا في "اعتماد عمليات رسمية إضافية لضمان إعطاء مساحة أكبر لأفضل الممارسات" في عملياتها اليومية. وبحسب ما قال ديونز في رسالة عبر البريد الإلكتروني، فإنّ "الكثير من تقاريرنا المرئية يسهل الإطلاع عليها، ولكن هناك تحديات في جوانب عدة، مثل العرض البصري للبيانات، بما في ذلك الخرائط والرسوم البيانية".

ومع ازدياد تحول المحتوى عبر الإنترنت إلى الصيغة المرئية – من الفيديوهات القصيرة والكاريكاتورات الرقمية إلى الصور البارزة – ما الذي يمكن للصحفيين في جميع أنحاء العالم فعله لجعل صحافتهم المرئية متاحة للجميع؟

الإجابة هي أنّ عليهم فعل الكثير. فسواء كنت مراسلًا أو كاتبًا أو محررًا لمحتوى التواصل الاجتماعي، هناك العديد من الخطوات التي يمكنك اتخاذها لتحسين تجربة جمهورك.

المشاكل الشائعة

شارك باتريك جارفين، المدافع عن إتاحة محتوى الإنترنت للجميع ومؤسس حساب @A11yAwareness على تويتر، بعض المشاكل السائدة فيما يتعلق بإمكانية الإطلاع على التقارير الإخبارية:

  • "يمكن لأسلوب كتابة الصحفي أو المحرر لنص الرابط أن يكون مُربكًا لمستخدمي تطبيق قارئ الشاشة إن لم يكن هذا النص متاحًا بشكل منفصل".
  • "يمكن للروابط التي تفتح في نافذة جديدة أو تؤدي إلى تحميل ملفات PDF أن تكون مزعجة للمستخدمين الذين لم يتوقعوا ذلك".
  • "قد تكون صفحة الأخبار في صيغة ملف PDF صعبة القراءة أو الفهم، ويعتمد ذلك على كيفية قيام المصمم بإعداد الصفحة وتنسيقها".
  • "قد يصعب التمييز بين ألوان الرسم البياني".
  • "مهما بلغ جمال المحتوى التفاعلي، قد يصدر بشكل عشوائي عبر تطبيق قارئ الشاشة، أو قد يكون غير قابل للاستخدام لمن يستخدمون لوحة المفاتيح".

وهذه ليست سوى بعض مجالات التحسين.

الحاجة إلى المزيد من التدريب

وفقًا لجارفين، فإنّ "مؤسسات الأخبار بدأت تدرك أهمية إمكانية الإطلاع على المحتوى. فالعديد من غرف الأخبار بدأت تفكر في المسألة كأولوية وفي كيفية تسهيلها للجميع".

ولكنه أشار أيضًا إلى أنّ بعض المواقع الإخبارية لا تزال تفتقر إلى النصوص البديلة، أي الوصف المكتوب للصور، بينما تستخدم مواقع أخرى أنظمة إدارة المحتوى التي "تكرر التعليق [المصاحب للصور] بدلًا من كتابة وصف بديل".

وأوضح أنّه على الرغم من أنّ صناعة الإعلام تعتمد على العرض البصري للبيانات والرسوم البيانية، إلّا أنّ العديد من المحتوى التفاعلي الذي تنشره غرف الأخبار لا يمكن الإطلاع عليه بالكامل من خلال تطبيق قارئ الشاشة أو لوحة المفاتيح.

وفي هذا السياق، قال جارفين إنّه يؤمن بأهمية تدريب الصحفيين على الأساسيات والمهام المحددة التي سيحتاجون إليها لأداء وظائفهم. ورجح أنّ "الكثيرين قد يعترفون بأنّ التدريبات التي تلقوها لم تشمل ’التكنولوجيا المساعدة‘ أو ’قارئ الشاشة‘ أو ’التصفح باستخدام لوحة المفاتيح‘".

وأضاف جارفين أنّ على الصحفيين التعامل مع أخطاء إتاحة المحتوى مثلما يتعاملون مع الأخطاء الأخرى في غرف الأخبار. واقترح مثلًا أن تراقب غرف الأخبار عدد المرات التي تنشر فيها حساباتها الرسمية عبر تويتر صورًا بدون النص البديل. ونصح بالحرص على "المناقشة الصريحة لكيفية التوقف عن القيام بذلك".

وهذا ما ينفذه جارفين بالفعل في حسابات مؤسسات الأخبار على تويتر. وفي هذا الصدد، قال إنّه يأمل أن "يجري شخص واحد على الأقل تغييرًا صغيرًا بناءً على ما يراه في تغريدات حساب A11yAwareness. وربما يدفعهم ذلك إلى بذل الجهود للبدء في إضافة النص البديل. وقد لا يتذكرون ذلك كل مرة، ولكن الحساب ذكّرهم ببذل الجهود".

ما سبب أهمية النص البديل؟

تعتقد أليكسا هاينريك، مديرة موقع Accessible Social، أنّ إتاحة المحتوى قد تحسنت كثيرًا في السنوات الأخيرة. فالمنصات التي يستخدمها الصحفيون لنشر قصص الأخبار عبر الإنترنت أصبحت تعطي الأولوية لإتاحة المحتوى للجميع. ولكن بحسب هاينريك، فلا يزال هناك "فجوة في التثقيف" بالأدوات ذات الصلة. وأوضحت أنّه "فيما يتعلق بالأخبار والصحافة، أرى الكثير من المراسلين والصحفيين الذين ينشرون لقطة شاشة لجزء من المقال بدون أي نص بديل. وهذا ما يجب تحسينه بكل تأكيد".

وهذا ما ألهم هاينريك لتأسيس Accessible Social، الموقع الإلكتروني الشامل الذي يمكن زيارته لمعرفة أفضل الممارسات في إتاحة المحتوى عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ووفقًا لهاينريك، فإنّ من بين أفضل الأمثلة مؤخرًا هو ما فعلته وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) لتوزيع الصور الأولى من تلسكوب جيمس ويب الفضائي. فنشر ما وصفتها ناسا بأنّها "أعمق وأوضح صورة للكون البعيد بالأشعة تحت الحمراء حتى الآن"، هو مهمة مرئية في المقام الأول. لذا سعت الوكالة إلى إتاحة الصور لجمهور كبير. وأوضحت هاينريك أنّهم "كتبوا نصوصًا بديلة تحتوي على أوصاف دقيقة للصور، وهو ما يثير الإعجاب، لأنّهم يكتبون عن الفضاء الشاسع والنجوم".

وتشكل مثل هذه الصور التاريخية بعض الأمثلة على القصص التي قد يحتاج الصحفيون إلى وصفها بالنصوص البديلة في تغطيتهم الصحفية. أمّا الرسوم البيانية، فتقدم مجموعة فريدة من التحديات، إذ يتم إعدادها لنقل المعلومات مرئيًا في المقام الأول. وهنا نصحت هاينريك "بشرح البيانات في صيغة مكتوبة".

وتُعتبر الكاريكاتورات الرقمية صعبة كذلك، فقد اعترفت هاينريك بصعوبة "فهم بعضها وكتابة النصوص البديلة لوصفها".

نصائح أخيرة

تعرّف إلى جمهورك: شجعت تانر، المحررة الجديدة المتخصصة بإتاحة المحتوى للجميع لدى "نيويورك تايمز"، الصحفيين على تخصيص بعض الوقت للتعرّف على جمهورهم من ذوي الإعاقة، وذلك لمعرفة كيفية تفاعلهم مع الأخبار. وقالت إنّ "اختبار عملك باستخدام تطبيق قارئ الشاشة أو بالتصفح من خلال لوحة المفاتيح يمكن أن يساعدك في فهم تجربة المستخدم وتحسينها".

تابع من يعملون في مجال إتاحة المحتوى للجميع: قال جارفين إنّه أعدّ "قائمة بحسابات تويتر الخاصة بالأشخاص الذين يناقشون مسائل إتاحة المحتوى، وذلك للراغبين في متابعتهم والمشاركة في النقاشات. وأشجع الناس للإطلاع على موارد الشركات التي توفر التدريبات والاختبارات والخدمات في هذا المجال".

تحدث إلى الأشخاص الذين يعتمدون على خدمات إتاحة المحتوى: قالت هاينريك إنّ "هذا كل ما يمكنني تدريسه من وجهة نظري، ولكنني أتمتع بحاسة البصر ولا أحتاج إلى النصوص البديلة. لذا من المهم للغاية أن نتحدث إلى الأشخاص الذين يعتمدون على مثل هذه الممارسات للإطلاع على المحتوى الرقمي حتى نجعل عالمنا – الرقمي أو الفعلي – متاحًا بالكامل للجميع".


الصورة الرئيسية من انسبلاش بواسطة سيجموند.