هيئة جزائرية لمحاربة الإشاعات الإلكترونيّة.. تعرفوا إليها

6 sept 2021 dans مكافحة التضليل والمعلومات الخاطئة
صورة

امتدت جهود محاربة الأخبار الزائفة في العالم من إنشاء فرق متخصصة داخل غرف الأخبار، إلى اعتماد مبادرات متكاملة من حيث العنصر البشري والتقني، هدفها الأول والأخير التصدي للإشاعات والأكاذيب التي تنتشر عبر وسائل الإعلام عمومًا ومواقع التواصل الاجتماعي بالخصوص، مبادرات انخرط فيها بعض الفاعلين في الحقل الإعلامي الجزائري، من خلال تجارب رغم حداثتها إلا أنها باتت تحظى بقدر كبير من الاهتمام.

هذا هو المقال الثاني الذي خصصته شبكة الصحفيين الدوليين للحديث عن جهود مكافحة الأخبار الزائفة في الجزائر، تعرفنا في مقال سابق على تجربة فتية لمجموعة من الشباب رفعوا تحدي مجابهة الأخبار الزائفة، ونسلط الضوء في هذا المقال على مبادرة أخرى تستحق الدعم، وهي مبادرة إنشاء هيئة جزائرية مهمتها محاربة الإشاعات الالكترونية.

هيئة لمكافحة الإشاعات الالكترونية

شبكة الصحفيين الدوليين التقت وليد كويني، صاحب هذه المبادرة الفريدة من نوعها في الجزائر، فقد راودته فكرة إنشاء هيئة مكافحة الإشاعات الالكترونية منذ أيام دراسته في الجامعة، وباشر العمل في هذا المشروع في العام 2019 بالتوازي مع الارتفاع المسجل في عدد المشتركين في مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت المصدر الأول للمعلومة، وما صاحب ذلك من انتشار كبير للأخبار الزائفة والمضللة والخرافات، وهي الأسباب الرئيسة التي عجلت بميلاد هذه الهيئة التي عمل من خلالها وليد والفريق العامل معه على رصد الأخبار الزائفة والتحقق من مصداقيتها وإعادة نشرها منقحة ومصححة عبر موقع الهيئة وصفحاتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، تويتر وانستجرام.

فيسبوك الموقع المفضل لنشر الإشاعات

لا أحد ينكر الخطورة البالغة التي تنجم عن انتشار الأخبار المضللة والزائفة وأثرها السلبي على المناخ العام الاجتماعي، وتزداد هذه التأثيرات خطورة مع تنامي الانخراط في منصات التواصل الاجتماعي خصوصًا بالنسبة لموقع فيسبوك الذي يعد الأكثر انتشارًا والمصدر الرئيسي للإشاعات في الجزائر، كما أن العديد من المؤسسات الإعلامية تعتمد في نقلها للأخبار على هذه المنصات من دون عناء التأكد من صحتها في كثير من الأحيان، ما يزيد من سرعة انتشار الأخبار الزائفة والمضللة.

إقرأوا أيضًا: مبادرات لمواجهة الأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الإجتماعي

السمات الغالبة على الإشاعات

طيلة عمله في هذا المجال، يسجل وليد كويني ثمان سمات أساسية تطغى على الأخبار الزائفة والإشاعات عبر صفحات التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارا وكذلك على بعض المواقع الالكترونية في الجزائر وهي:

- الاعتماد على مصادر مجهولة وغير معلنة وأخرى غير رسمية.

- الاعتماد على مصادر ثانوية في المعلومات، ونقل الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي من دون التأكد من مصدرها.

- عدم التوازن في تقديم ونشر المادة الإعلامية، حيث يتم عادة عرض وجهة نظر طرف بدون الطرف الآخر.

- استخدام أسلوب الإيحاء والتلميح ما يؤدي إلى قيام المتلقي بالتخمين وبالتالي اختلاق الإشاعات وإعادة نشرها.

إقرأوا أيضًا: خطوات للتواجد الفعال للصحفي على مواقع التواصل الاجتماعي

- اعتماد أسلوب الإثارة في العناوين التي قد تختلف مع مضمون الخبر.

- نشر صور أو فيديوهات مفبركة ومعلومات أو وثائق مزورة بهدف الانتقام من أفراد أو شركات ومؤسسات.

- فتح حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء مشاهير أو شخصيات سياسية، لغرض استغلالها في الإساءة لهم ونشر تصريحات أو تغريدات محل انتقاد بهدف تشويه السمعة.

- ترويج أخبار مغلوطة ومضللة بهدف الحصول على المزيد من الإعجاب.

أهم الخطوات المتبعة في عمل الهيئة

يستعرض وليد كويني طريقة العمل المتبعة، والخطوة الأولى والأساسية تكون بمتابعة ورصد الأخبار المختلفة التي تنشر عبر أهم الصفحات والمواقع الإلكترونية المهتمة بالشأن الجزائري والتدقيق في محتواها.

 - عند اكتشاف أخبار مشكوك في صحتها ومصداقيتها يقوم فريق العمل بالتواصل مع الجهات المعنية لتأكيد أو نفي الخبر.

- التواصل مع الجهات المعنية إذا كان الخبر متعلقًا بوزارة أو جهة حكومية أو شخصية رسمية ما، وذلك عن طريق حساباتها الرسمية أو موقعها الإلكتروني أو أي طريقة أخرى.

- استخدام محركات البحث للتنقيب عن الإشاعة بالاعتماد على العنوان أو الكلمات المفتاحية، فكثير من الإشاعات القديمة يتم إعادة تدويرها من جديد من وقت لآخر، وعن طريق البحث يمكن التأكد من صحة الخبر من أرشيف الصحف والمواقع العالمية والوطنية، فالقاعدة تقول إنه إذا ما انطلقت الإشاعة فإن الكشف عن مصدرها كفيل بقتلها.

- استخدام تطبيقات وأدوات الكشف عن الصور والفيديوهات المزورة.

- إعادة نشر الخبر الصحيح مرفقا بالخبر الكاذب مع التوضيح، وذلك عبر موقع الهيئة وعبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصًا فيسبوك وإنستجرام.

- تجاهل الإشاعات والأخبار المزيفة ذات التأثير الضعيف التي قد تنشر في صفحات أو مواقع إلكترونية غير رائجة.

إقرأوا أيضًا: مبادرات لمواجهة الأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الإجتماعي

نحو إنشاء مركز إعلامي لمحاربة الإشاعات

 تسعى هيئة مكافحة الإشاعات الالكترونية إلى تحقيق بعض الأهداف لمواصلة عملها مستقبلا أهمها:

- إيجاد مصادر تمويل لها، والتنسيق مع مختلف الهيئات والمؤسسات الجزائرية لتسهيل عملها وتواصلها معهم بغية تسريع وتيرة تكذيب الأخبار الزائفة ونفيها في الوقت المناسب .

- إنشاء مركز إعلامي وأكاديمي يضم مختصين في المجال وباحثين، للعمل معًا في مجال تتبع مصادر الأخبار الزائفة والمضللة وتحليلها ونفيها ونشر ثقافة التعامل معها.

- إعداد برنامج دورات تدريبية لفائدة الصحفيين وطلاب الإعلام في الجامعات الجزائرية وتكوينهم في مجال محاربة الأخبار الزائفة وتلقينهم طرق التعامل معها.

- التنسيق مع المؤسسات الإعلامية المختلفة لتخصيص فضاءات للتحسيس بخطورة الأخبار الزائفة.

ويبقى الهدف والغاية الأسمى لمثل هذه المبادرات هو المساهمة في تنقية المشهد العام من الأخبار الزائفة والمقالات المضللة والخرافات، وربط علاقة ثقة مع القارئ من جهة ومع العاملين في حقل الإعلام من جهة ثانية، كما يسعى القائمون على هذه المنصة أن تكون مصدرًا أساسيا للإعلاميين الجزائريين والقراء ومتصفحي مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار الصحيحة.

رياض شعباني هو إعلامي جزائري ومدرب في الإعلام الرقمي

الصورة الرئيسية لهيئة جزائرية لمحاربة الإشاعات