"كش راديو".. إذاعة متنقلة بالمغرب لإسماع أصوات النساء

Jun 3, 2022 در الصحافة متعددة الوسائط
كش راديو

نادرًا ما تتاح الفرصة لتمكين أصوات النساء القرويات ومساعدتهن للتعبير عن آرائهن، طموحاتهن، وقصصهن. وإن أتيحت لهن الفرصة عبر الإعلام فقد تكون مناسباتية، ومرتبطة بأحداث أو باحتفالات كالأيام المرتبطة باليوم العالمي للمرأة أو حملة الستة عشر يومًا لمناهضة العنف المبني علي النوع الاجتماعي.

ولكن أن تكون لدى المرأة الريفية إذاعة خاصة بها تخصص لها النسبة الأكبر من شبكتها البرمجية، فهذه كانت التجربة التي أطلقتها الإذاعة المجتمعية KECH Radio حيث تمّ تأسيس أول إذاعة متنقلة بالمغرب تهدف إلى تثمين مبادرات النساء في القرى وحماية حقوقهن وتشجيع مشاركتهن في النقاش العمومي وتعميق الحوار حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية للنساء، بالإضافة إلى البحث عن الحلول والبدائل لكل ما يعرقل ممارسة حقوقهن بالاعتماد على وسيلة إعلامية مبتكرة.

في حديث لشبكة الصحفيين الدوليين، أوضحت المسؤولة عن البرمجة بالإذاعة ليلى جوران أنّ قصص النساء التي تقدّمها الإذاعة تسلّط الضوء على مشاكل تعاني منها المنطقة التي تبث منها الإذاعة وهي جهة مراكش أسفي في المغرب والتي تحتلّ المرتبة الأولى في نسبة الانقطاع عن الدراسة بالمغرب، وذلك ضمن مشروعها "صدى أصوات النساء" الذي تنفذه جمعية مبادرات مواطنة (AIC) بتمويل من الوكالة الفرنسية لتطوير الإعلام (CFI) وبالشراكة مع منتدى بدائل المغرب.

وأضافت ليلى أنّ الإذاعة المتنقلة التي تبث عبر الانترنت منذ العام 2015 قدّمت عشرات القصص التي قامت بتوثيقها خلال رحلاتها المستمرة في القرى والواحات والتي غطت مواضيع مختلفة متعلقة بالنجاحات والتجارب النسائية المتميزة مثل المبادرات النسائية في التعاونيات الفلاحية والصناعات التقليدية، لكون هذه القصص تشكل حافزًا لباقي النساء لخوض زمام المبادرة لمواجهة الفقر وتحدي الظروف الطبيعية والفكرية.

ويتم تسليط الضوء في إذاعة Kech Radio على المعاناة واحتياجات هذه الفئات مع التركيز على مواضيع مجتمعية مثل تزويج القاصرات وزواج الكونطرا (وهو تزويج طفلة قاصر بمقتضى عقد دين يبرم بين رجل غالبًا ما يكون ميسورًا أو يعيش خارج المغرب وبين ولي القاصر، يحرر ويشهد عليه لدى السلطات المحلية). هذه التحديات وغيرها تنتشر بشكل كبير في هذه المنطقة التي تشتغل فيها الإذاعة، حيث يتم التركيز عليها بهدف إسماع أصوات النساء التي لا تصلها وسائل الإعلام سواء التقليدية أو الرقمية.

وأشارت جوران إلى أنّ الإذاعة توفّر شبكة برامجية متنوعة مثل برنامج "الكلمة لهن" الذي يعنى بقضايا النساء، حيث يستضيف فاعلات وحقوقيات لمقاربة قضايا المساواة بين الجنسين، إشراك النساء في تدبير الشأن العام، العنف ضد النساء، الأمهات العازبات. ولكون الإذاعة تنتهج أسلوب القرب من المستمعين، فقد تمّ إعداد عدة برامج ناطقة باللغة الأمازيغية واللهجات المحلية مثل برنامج تيمغارين (كلمة بالأمازيغية تعني النساء) وهو برنامج يستضيف شابات يتحدثن عن تجاربهن الملهمة.

وتعتمد الإذاعة حسب مسؤولة البرمجة في وصولها للفئات المستهدفة على خلق شبكة من المنسقات يطلق عليهن إسم حاملات المشروع ويعتبرن نواة المشروع الأولى وقد تم الوصول لهن عبر زيارات ميدانية بالمناطق المستهدفة نفذتها الإذاعة قبل إطلاق المشروع، حينما كان لا يزال فكرة قيد الدراسة حيث تنقل فريق العمل في 36 منطقة بالوسائل المتاحة للبحث عن نساء رائدات لديهن تجارب ميدانية في المجتمع المدني ويتوفر لديهن شرط القدرة على التعبئة والتشبيك، وكانت هذه التجربة بمثابة زيارات تعريفية بالمشروع لقياس مدى قابلية النساء للمشروع وهي خطوة ساهمت بشكل كبير في إقناع الممولين لتبني الفكرة ودعمها.

إنّ تجربة العمل بإذاعة مجتمعية متنقلة ليس بالأمر السهل دائمًا، كما أشارت شيماء الحجام من فريق عمل الإذاعة. حيث أشارت إلى أنّها صادفت مجموعة من التحديات من بينها الضغط النفسي الناتج عن التخوف من عدم قبول بعض النساء التحدث عن تجاربهن بسلاسة والخجل الذي يسيطر على بعضهن لكونها أول تجربة تحدث في إذاعة لدى أغلبهن، وهو ما تحاول شيماء التغلب عليه مع فريق العمل عبر تأسيس جو من الثقة مع المشاركات لا سيما وأنّ هذه التجربة تخدم مصالحهن وأنّ قصصهن ستساعد نساء أخريات في التغلب على تحدياتهن، وكثيرًا ما تتحول لحظات التسجيل إلى جو عائلي مليء بالدموع والفرح لأنّ الكثيرات منهن يعبرن بالإذاعة وكأنها وسيلة للبوح والتخفيف عن الضغوطات. وتعبر شيماء عن سعادتها بأنّ الفريق تمكّن من إسماع أصوات أكثر من مئتَي سيدة في برامج الإذاعة.

ولتشجيع النساء وتسهيل تحدثهن عن قصصهن، تنظّم الإذاعة مجموعة من الورشات التكوينية المحلية لشبكة المبادرات في آليات المناصرة والتشبيك وتقنيات إنتاج محتوى إذاعي وأدوات المونتاج.

وكثيرًا ما تعتمد الإذاعة على أبسط الوسائل المتاحة لتسهيل هذه العملية، حيث تم تنظيم ورشات بخيام وورشات أخرى في الهواء الطلق تحت الأشجار وفي مسجد في إحدى القرى. وأطلقت الإذاعة شبكة برامجية بالإضافة إلى تطبيق خاص على الهواتف الذكية لاستقطاب فئات أخرى من المستمعين، وإتاحة الفرصة أكثر لأصوات النساء لتكون مسموعة على أوسع نطاق.

تمّ استخدام الصورة الرئيسية بعد الحصول على إذن من فريق عمل الإذاعة