كيف أثرت الثورة في لبنان على عمل الشركات الناشئة؟

نوشتهIJNetApr 15, 2020 در استدامة وسائل الإعلام
الثورة في لبنان

كتب محمد مكاوي، وهو أحد المشاركين في برنامج مركز التوجيه التابع لشبكة الصحفيين الدوليين: تتأثر الشركات الناشئة عادةً بأيّ حدث يحصل في المجتمع المحيط بها، لا سيما وأنّ العديد منها وُجد ليقدّم حلولاً لأزمات اقتصادية واجتماعية. وهذا ما جرى في لبنان، إذ تأثّر عدد كبير من الشركات الناشئة بالـحراك الشعبي الذي عمّ لبنان منذ 17 تشرين الأول/ أكتوبر، علمًا أنّ هذا البلد يعاني أصلاً من حالة اقتصادية صعبة.

وفي هذا السياق، قالت آية عناني، الشريكة المؤسّسة للشركة الناشئة "CraveHome" المتخصصة في إنتاج وتوزيع الطعام في حديث لشبكة الصحفيين الدوليين إنّ "إغلاق الطرقات خلال الثورة في لبنان أسهم في عدم تمكّن العاملين في الشركة من الوصول إلى مكاتبهم لمتابعة الأعمال، حيث أن مكاتب الشركة تقع في مجمع منطقة بيروت الرقمية Beirut Digital District، عند مدخل وسط بيروت حيث مركز الاعتصامات، وأدىّ هذا الأمر إلى إغلاق الشركة لمدة شهر كامل".

وأوضحت عناني أنّ عمليّتي العرض والطلب تأثّرتا بشكل سلبيّ في الشركة التي تتعامل مع سيدات يؤمنّ الطعام، وذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد الأوّلية، ما أضعف قدرة الطاهيات على تأمين كامل الكميات المطلوبة نظراً لمحدودية رأسمالهنّ، إضافة إلى تعذّر الحصول على بعض السلع الأساسية. وتابعت أنّ السواد الأعظم من الشركات أقفلت خلال الفترة السابقة، وتراجعت الطلبات من المنازل بسبب حالة الحذر والخوف من الإنفاق على الطعام الجاهز، بظلّ الوضع المالي الصعب، إضافةً إلى إغلاق المصارف خلال فترة الاحتجاجات الأولى، ناهيك عن فقدان الدولار من السوق.

في سياقٍ متصل، كان علي الغول وشركاء له، قد أطلقوا منصة تجارة إلكترونية متخصصة بعدد من المنتجات منها أطعمة للحيوانات الأليفة ومتعلقاتها وغيرها من الخدمات الجديدة، مثل إنشاء منصات للتجارة الإلكترونية، وذلك قبل أيام من انطلاق الثورة. "وكأيّ شركة ناشئة تُعنى بالتجارة، تحتاج هذه الشركة إلى بنية تحتية ولوجيستيات من أجل خدمة الزبائن"، بحسب ما قاله علي في حديث لـشبكة الصحفيين الدوليين، مضيفًا أنّ الأزمة الإقتصادية التي تخيّم على لبنان أثرت على منصته الناشئة، لا سيما وأنّ قدرة المواطنين الشرائية تأثرت، وباتوا يسعون إلى تأمين الحاجيات الأساسية وليس الكماليات. وأشار علي إلى أنّه وشركاءه وجدوا أنفسهم أمام طرقات مقطوعة، توقف عمليات توصيل البضائع، كما أنّه من غير الوارد الإعلان عن الشركة الناشئة في وقت ينشغل فيه المواطنون بأمور أخرى، أبرزها القضايا المعيشية الملحّة.

من جهتها، قالت يسر صبرا، مؤسسة شركة "وكلني" وهي شركة ناشئة مقرّها بيروت وتعمل في مجال التوصيل والخدمات اللوجستية الأخرى والتجارة الالكترونية في حديث لشبكة الصحفيين الدوليين "إنّ الأيام الثلاث الأولى للثورة كانت الأصعب إذ تعطّل عملهم بالكامل بسبب إغلاق جميع الطرقات الرئيسية في البلاد" وأضافت:"نحن كشركات ناشئة نعتمد على العمل اليومي لتنفيذ التزاماتنا المادية في آخر الشهر، إلاّ أنّ ما حصل قد ارخى ثقلاً مادياً كبيراً علينا كشركة ناشئة". لكنّ صبرا لديها وجهة نظر مختلفة للأمور، إذ أكّدت أنّها ترى الإيجابية في كلّ شيء. وعليه، قررت أن تحوّل عمليات نقل البضائع المتوقفة أصلاً إلى عملية نقل لكلّ ما يحتاج اليه الثوار. وأصبحت العملية تتم على الشكل التالي: نقل المتظاهرين وعتادهم من منطقة "بشارة الخوري" حيث تقع مكاتب الشركة إلى ساحة الاعتصام في رياض الصلح في بيروت من دون مقابل. وأكّدت صبرا أن العمليات أسفرت عن نقل أكثر من ٣٠٠ متظاهر بالإضافة إلى نقل بعض الحالات الطارئة أيضاً، كما إيصال بعض المراسلين إلى القنوات التي يعملون بها. لقد كان الأمر بمثابة "تذكير بالمسؤولية المجتمعية لمساندة الجهود الآيلة إلى تحسين ظروف البلاد إلى الأفضل".

وأشارت صبرا إلى مبادرات لافتة كثيرة نشأت خلال الثورة، مثل جميع قوارير البلاستيك الفارغة بهدف النظافة وإعادة التدوير، إضافةً إلى تأسيس موقع "دليل الثورة"، وإنشاء فضاء عامّ لعمل الشركات الناشئة في ساحة الشهداء في بيروت. 

ولأن هذه المنظومة بحاجة إلى دعم وبنية تحتية، سألت شبكة الصحفيين الدوليين نور فاخوري من منطقة بيروت الرقمية Beirut Digital District BDD، وهي من كبريات الفضاءات التي تؤمن البنى التحتية التي تضمّ عدداً كبيراً من حاضنات ومسرّعات الأعمال، إضافة إلى الشركات الناشئة. فقالت فاخوري إنّ "العديد من الشركات الناشئة التي تعمل في المنطقة تأثّرت باندلاع الثورة اللبنانية، إلاّ أن بعضها استفاد من الوضع القائم، وأخرى تأثّرت بشكل سلبيّ"، مضيفةً أنّ "بعض الشركات تعاين الوضع الراهن وهي غير قادرة على الوصول إلى تمويلاتها (بسبب السياسة المصرفية المتحكّمة برأس المال) وهي تستشرف المرحلة المستقبلية التي تعد بها الثورة. وبالنسبة لبعض الشركات الأخرى، فإنها تستغل الوقت الضائع في فحص نظمها وإجراءاتها في العمل كي تكون جاهزة للانطلاق عندما تهدأ الأمور".

وبشكل عامّ، تختصر فاخوري الإجراءات التي قامت بها لمساعدة الشركات الناشئة كما يلي:

  • السلامة أولاً: تأمين الوصول إلى منطقة بيروت الرقمية BDD وإعطاء الأهمية للسلامة العامة أولاً.
  • الرد على استفسارات العملاء في المجتمع المحليّ. وحتى خلال إغلاق الطرقات، فإن الفرق الفنية كانت مستعدة للإجابة على أي استفسار. كما أنّ طبيعة العمل الرقمي تعكس مرونة في أمكنة العمل حيث يمكن إنجاز المهام عن بعد. 
  • دعم بيئة الأعمال الريادية: عبر النصائح المتعلقة بالممارسات الأفضل في الأزمات وذلك من خلال مقالات في هذا الصدد.

إضافةً إلى ما تقدّم، فقد دفعت المسؤولية الاجتماعية الشركة الإعلامية الناشئة أنتربرنيوز – وهي من المشاريع الناشئة المشاركة في مركز التدريب الخاصّ بشبكة الصحفيين الدوليين -  إلى تغطية الثورة اللبنانية منذ اليوم الأوّل، من خلال التغطية الحيّة واستضافة بعض المسؤولين الإعلاميين فب الحراك، إضافة إلى فتح المنبر المباشر لرسائل المواطنين.

محمد مكاوي، هو أحد المشاركين في برنامج مركز التوجيه التابع لشبكة الصحفيين الدوليين بنسختها العربية بهدف تطوير مشروعه الإعلامي من ضمن مشاريع أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

الصورة الرئيسية بعدسة محمد مكاوي