إذا كنت تظن أنك ذاهب لمهمة صحفية معتادة تنتزع فيها بعضًا من القصص الإنسانية المؤثرة لضحايا حدودهم المخيم وتاريخهم هو المعاناة، بهدف جلب تعاطف القارئ فأنت مخطئ بالتأكيد.
اللاجئون ليسوا مجرد أرقام، ولا يمكن وضعهم في قالب واحد فهم متنوعو الثقافات والجذور والصدمات أيضًا، وتغطية قضاياهم تتطلب فهمًا وعمقًا وحذرًا ودقة، فضلاً عن الإبداع في عرض القصة، وهو ما يتطلب مجموعة من المهارات والخبرات التي يجب أن يتحلى بها الصحفيون القائمون عليها.
تقدّم شبكة الصحفيين الدوليين الدليل الذي أنتجه معهد الجزيرة للإعلام والذي يوفر وصفة مهنية لصنع تغطية صحفية جذابة لقصص اللاجئين.
التمييز بين اللاجئين والفئات الأخرى
اللاجئون
يعيشون خارج بلدهم الأصلي لأسباب مختلفة منها الخوف من التعرض للاضطهاد أو الصراع أو العنف.. الخ، ويحظون بحماية دولية.
المشردون داخليًا
أُكرهوا على ترك أماكن إقامتهم المعتادة نتيجة أو لتفادي نزاع مسلح، أو انتهاكات حقوق الإنسان، أو كوارث طبيعية الخ، ولم يعبروا الحدود الدولية المعترف بها للدولة.
المهاجر الاقتصادي
هو شخص غادر بلده طواعية لأسباب متنوعة ولا يحظى بالحماية الدولية.
عديم الجنسية
شخص لا تعتبره أي دولة مواطنًا بمقتضى تشريعها.
مثال: أطفال سوريون ولدوا للاجئين فروا من بلدهم ولم يتمكنوا من تسجيلهم.
أولاُ التخطيط للقصة
1- حددوا نوع القصة التي تغطونها
- هل تنقلون حدثًا إخباريًا أدى إلى حصول نزوح كبير؟
- هل تغطون اتجاهًا معينًا منتشرًا بين اللاجئين؟
مثال: "ميل بعض العائلات اللاجئة إلى إرسال أطفالهم للعمل في مصانع أو مزارع، لعدم كفاية المساعدات".
- هل تحققون في التداعيات والآثار التي يسببها تدفق اللاجئين على المجتمع المضيف؟
2- حددوا الزوايا البارزة والجهات المعنية
ما الزوايا الأخرى التي ترغبون في تغطيتها عدا الخبر الرئيسي عن فرار الآلاف من منطقة نزاع؟
3- احرصوا على أن يرافقكم مترجم فوري كفوء عند الحاجة لذلك.
4- تعاونوا مع منظمات الإغاثة
استعينوا بممثلين عنهم لديهم معلومات تخدم قصتكم، لكن لا تنسوا أن هذه المنظمات لديها أيضا أجنداتها الخاصة، وقد تحاول دفعكم باتجاه يركز على العمل الذي تقوم به.
5- ضعوا خريطة لحاجاتكم اللوجستية
- استعينوا بزملاء صحفيين يعملون في المنطقة نفسها، وأدلاء موثوقين سبق لهم العمل معهم.
- ابحثوا عن الخصائص الدينية والثقافية للاجئين الذين تغطون قصصهم. سيساعدكم ذلك في تقليص سوء الفهم، وخلق تواصل جيد معهم .
- تدربوا على مهارات الإسعافات الأولية، وتزودوا بالعدة اللازمة، واحملوا معكم دائما علاجًا طبيًا لأمراض سائدة مثل الإسهال والحساسية والصداع.
- تزودوا بالملابس المناسبة للطقس.
- تأكدوا من تقييم المخاطر بالكامل ومن خطة التحرك قبل الدخول إلى المنطقة الخطرة.
- احرصوا أن يكون لدى المنظمات التي تعملون معها المسار الكامل لخطة تحرككم، وأن يكون بإمكانها التدخل في حال حصول أي طارئ.
- احرصوا أن تشاركوا قبل التغطية في برنامج تدريبي على العمل في بيئة عدائية، فالعديد من المنظمات الداعمة للصحفيين المستقلين مثل"Rory Peck Trust" تقدم مثل هذه التدريبات.
- تعرفوا إن كان زملاء لكم أو نشطاء قد تعرضوا للسرقة، مما يحتم عليكم إحضار أقفال للحقائب.
- جميع الأسئلة مشروعة ومهمة، لذلك حاولوا إجراء أكبر عدد ممكن من المقابلات المسبقة، لا سيما مع منظمات غير حكومية.
- أخيرًا إذا كان لديكم أدنى شك حول سلامتكم فلا تذهبوا! وتذكروا لا يمكن لصحفي مخطوف إجراء أي تغطية صحفية، ولن يستفيد أحد من معلومات من مراسلين لن يكونوا على قيد الحياة.
6- التحضير النفسي والذهني
- اهتموا بأنفسكم أثناء التحضير لرحلتكم وبعدها، حاولوا أن تحافظوا على توازن صحي بين العمل والحياة. مارسوا هوايات غير مرتبطة بالعمل في أوقات الفراغ.
إن كنتم موظفين ثابتين في مؤسسة إعلامية، تحدثوا إلى إدارتكم للحصول على الدعم.
7- أخبروا قصة إنسانية ولكن ابتعدوا عن «الكليشيهات»
- غالبًا ما تركز تغطية نزوح اللاجئين إلى الغرب على كونهم ضحايا، من أجل حصد التعاطف، ولكن يتم تجاهل أنهم أيضًا كيانات ذات إرادة حرة، ودوركم أن تشهدوا على كفاحهم لا أن تضعوهم في قوالب أو تفرضوا منظاركم الخاص لمأساتهم.
- يمكنكم العثور على زوايا جديدة للتغطية في جذور الأزمة لا في تفاصيلها فقط، فالسياق هو المفتاح.
فكروا في تأثير السياسات على الأشخاص، وتابعوا أثر القرارات العالمية والوطنية عليهم.
- استعملوا الحقائق لتبديد الصور النمطية، أحد أكبر المفاهيم الخاطئة أن اللاجئين من حيث التعريف فقراء. وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة.
- الطريقة الأفضل لتفادي «الكليشيهات» عند إخبار قصة إنسانية تتمثل في ترك الناس يخبرون قصصهم بأنفسهم.
- ثانيا تنفيذ القصة
- التغطية الأخلاقية
- الكثير من اللاجئين لديهم قصص مروعة، لذلك عليكم إحداث توازن بين توثيق ما قاسوه بالتفصيل، وبين وضعهم العقلي وحالتهم النفسية والحفاظ على خصوصيتهم لأسباب أمنية.
- احترموا رغبتهم في حجب هويتهم إذا طلبوا ذلك بسبب خوف مشروع.
- تفادوا جعل الضحايا يعيشون الصدمة مجددًا.
- أثناء مقابلة مع أطفال: احرصوا أن يكون لديكم إذن مسبق من ذويهم إذا كان ذلك ممكنًا. واحجبوا هويتهم دائمًا عبر استخدام اسم مستعار لهم، وإخفاء وجههم، واستخدام تعليق صوتي فوق صوتهم.
- وجهوا الكاميرا أو الهاتف بعيدًا عن الحشود كي لا تلتقطوا صورة عامة لأشخاص لا يريدون كشف هوياتهم.
- كونوا شهودًا حقيقيين وعبروا عن صوت المحرومين وقدروا المعاناة التي مروا بها.
- لكن التعاطف لا يعني:
- نقل القصص التي أخبركم بها الناس على الأرض من دون تمحيص.
- أو التنازل عن الصرامة في التغطية لصالح الترويج لرواية مأساوية تجعل من القصة مثيرة وجاذبة للقراء، أو لعب دور أصحاب الحملات أو الناشطين نيابة عن المضطهدين.
- توثيق انتهاكات حقوق الإنسان
- تفصيل الانتهاكات المزعومة بأكبر دقة ممكنة.
- معرفة مدى انتهاك هذه الممارسات للقانون الدولي.
- تنسيق الروايات من خلال مقابلة أكبر عينة ممكنة.
- طرح أسئلة تحقيقية والتثبت من المزاعم من مصادر أخرى للمعلومات.
- نصيحة خبير: دورك الصحفي لا يعني أن تكون ناشطًا.
يسألكم بعض اللاجئين "هل التحدث إليكم يضمن لهم الحصول على مساعدة إضافية، أو ربما التوصية بهم للحصول على إقامة؟". يجب أن تكونوا واضحين حيال حدود دوركم، وتكون اجابتكم أنكم تقومون بعملكم فقط، وبأنكم لا تضمنون أن تغير تغطيتكم وضعهم. بالطبع إذا كان أحد ما يواجه وضعًا يهدد حياته، عليكم أن تقوموا بواجبكم كإنسان وتحاولوا مساعدته.
ثالثا بعد انتهاء التغطية
- فكروا دائمًا في متابعة قصتكم
تعاملوا مع الناس الذين وثقتم حياتهم ونضالهم كجزء من عملكم كما تحبون أن تعاملوا كبشر. اسألوا عن صحتهم وعن عائلاتهم وأوضاعهم، ومن يدري ربما تقعون على أفكار لقصص جديدة أثناء تفاعلكم وتواصلكم معهم.
- اضمنوا الترويج لقصتكم
شاركوا قصتكم على شبكات التواصل الاجتماعي وشجعوا أصدقاءكم على مشاركتها أيضا.
- احرصوا على تخصيص وقت الاهتمام بأنفسكم
خففوا الضغط عن أنفسكم واسترخوا، سواء عبر التمرين الجسدي أو الروحي أو السفر أو المشي.
الصورة الرئيسية من الدليل الذي أنتجه معهد الجزيرة للإعلام