مجلة صور.. تجربة فريدة للإعلام السوري الجديد

نوشته كمال أوسكان
Oct 30, 2018 در الإعلام الإجتماعي

لعلّ أكبر هواجس العاملين في مؤسسات الإعلام السوري وبشكل خاص الناشئة منها التي تأسست في دول الجوار بعد الأزمة السورية، هو جذب اهتمام الجمهور ومخاطبة احتياجاته بهدف التأثير فيه من خلال المحتوى الذي يتم نشره عبر صفحاتها المطبوعة ومواقعها الالكترونية، ويضاف إليها هاجس الاستمرارية وديمومة وسائل الإعلام في العمل من دون انقطاع من خلال تأمين مصادر دخل وتمويل.

بعد اندلاع الحرب السورية، ظهرت المئات من الجرائد والمجلات والمواقع الالكترونية السورية داخل دول الجوار وبشكل خاص  في تركيا كمحاولة لنقل الأحداث التي تجري في المدن السورية وكسر القيود المفروضة.

مجلة صور واحدة من بين 296 مطبوعة ظهرت بعد العام 2011 وفق أرشيف المطبوعات السورية، لكن معظم هذه المطبوعات توقفت عن الصدور، ولم يتبقَ منها سوى 43 مطبوعة فاعلة حتى الآن، ويعود سبب توقف هذه المطبوعات الناشئة، إلى ضعف التمويل الذي اقتصر على الجهات المانحة الأجنبية.

مجلة صور بدأت في الصدور كمطبوعة شهرية اعتباراً من 15 آب/أغسطس  2013 بمبادرة عدد من النشطاء والصحفيين، لتكون منبراً لنقل الواقع من دون تحيّز؛ واقتصر فريق العمل على 4 أشخاص، كانوا دعامة المشروع بالإضافة إلى تمويل من جهات مانحة، وهي مستمرة في الصدور حتى الآن.

يقول رئيس تحرير مجلة صور: "هدفنا  أن نقدّم للجمهور السوري وسائل إعلام تنقل الواقع بموضوعية بهدف الوصول إلى الحقيقة، من دون أن نحمل رسائلنا أي شحنة طائفية أو أيديولوجية لأي طرف من أطراف الصراع في سوريا".

تغيير في المحتوى جذب المزيد من الجمهور

مع بدء العمل وصدور أول عدد، عمل كل شخص في الفريق على تطوير مهاراته الذاتية بما يخدم تطور المحتوى الذي كان في البدء يعتبر نظرياً من خلال تناول بعض الأفكار والمفاهيم الخاصة بالشأن المدني وحرية  التعبير وقضايا حقوق الإنسان، من دون الخوض في قضايا ومشاكل الواقع السوري. غير أنّ ذلك لم يستمر لفترة طويلة، حيث قام فريق العمل بمراجعات ودراسة المحتوى بعد العدد الرابع وتوصل إلى نتيجة ضرورية لتغيير المحتوى حتى يتمكن من جذب الجمهور.

وقد بدأ بوضع استراتيجية جديدة تعتمد على تناول المسائل والقضايا المحلية السورية، الخدماتية، الاقتصادية والاجتماعية، وانعكاسات الصراع على حياة المدنيين في محاولة لتقديم معرفة عميقة للجمهور حول الواقع، بموضوعية ودقة، وبأساليب وقوالب حديثة واحترافية.

وتبعاً للاستراتيجية الجديدة، بدأت المجلة بالتركيّز على الملفات والتحقيقات الصحفية من داخل سوريا بالاعتماد على شبكة واسعة من الصحفيين والمصوّرين الذين  تتجاوز أعدادهم 130 صحفياً ومصوراً، ينتشرون في كافة المحافظات السورية.

بعد تلك التغييرات، ازداد عدد الجمهور بشكل ملحوظ من خلال مؤشرات المشاهدات في الموقع وصفحات التواصل الاجتماعي كما ازداد إقبال الأقلام والكتاب السوريين على الكتابة لصالح المجلة

عقد شراكات لتوسيع شريحة الجمهور

ترافقت تلك الاستراتيجية مع عقد شراكات بين مجلة صور ومراكز الأبحاث والدراسات من أجل العمل على ملفات مشتركة بهدف زيادة فرص عرض المحتوى في أكثر من منصة وبالتزامن.

 وقد سمحت دورية الصدور الشهرية وطبيعة المحتوى بهكذا نوع من الشراكات والتي بدأت كخطوة أولى مع مركز السوري  للإعلام وحرية التعبير من خلال إعداد ملف مكتامل عن أبرز 40 معتقل سياسي سلمي، لدى كافة الأطراف المسلحة في سوريا. ثم عملت المجلة على سلسلة من الملفات، تناولت ظاهرة أسلمة الثورة السورية تحت عنوان "قراءات في الحركة الإسلامية في الحرب السورية" بالتعاون مع مركز الدراسات الجمهورية الديمقراطية. وكانت تنشر هذه الملفات المشتركة  بالتزامن مع الجهة الشريكة في إعداد الملف من أجل توسيع شريحة الجمهور عبر نشرها على أكثر من موقع ومنصة وقد حققت زيادة في وصول إلى الجمهور.

هاجس التمويل والاستمرارية

كسائر المطبوعات السورية الناشئة، تعاني مجلة صور من ضعف التمويل لكنها استمرت في  الصدور من دون انقطاع  بفضل المحتوى الذي كان يثير اهتمام العديد من الجهات الإعلامية والداعمة في نفس الوقت، حيث حظيت بدعم من منظمة هيفوس منذ العدد السابع لمدة عامين ما ساعد في زيادة الاستقرار ورفع مهارات فريق العمل واكتسابه المزيد من الخبرة، كما ساهم هذا الدعم في تطويرالمحتوى الذي أصبح محطّ اهتمام العديد من الصحفيين الأجانب وفتح آفاق تفاوضية مع بعض وسائل الإعلام الأجنبية بهدف خلق نوع من التعاون في المستقبل.

إنّ أهمية وجود مصادر دخل ثابتة من أجل الاستمرارية في العمل تحول دونه بيئة العمل في تركيا بسبب عدم وجود تراخيص تمنع خلق مثل هكذا مصادر.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة المشاع الإبداعي على فليكر بواسطة ماكورلي ديكسون.