كيف يمكن أن تصنع مشروع إعلام محلي ناجح؟

نوشته soad aboghazey
Oct 30, 2018 در إشراك الجمهور

"إذا كان هناك كتاب ترغب بقراءته، ولكنه لم يُكتَب بعد، يجب عليك كتابته" هذه جملة مشهورة للروائية الأميركية من أصل أفريقي "توني موريسون"، ينطبق هذا القول تماماً على الإعلام المحلي، فإذا كنت لا تجد نفسك أو قريتك أو محافظتك في العشرات من الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات التلفزيونية التي تركّز كل اهتمامها على أخبار العاصمة ولا تهتم بالمحليين، إذاً كل ما عليك فعله هو أن تبدأ الآن في صناعة الإعلام المحلي الذي تريد!

في مصر وعقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، ظهرت العديد من المواقع الإلكترونية التي تهتم بالأخبار المحلية فقط، السمة الرئيسية في كل منها أن إدارييها هم من الشباب المتحمّس لهذا النوع من الإعلام. لديك مثلاً بوابة المندرة التي تهتم بأخبار محافظات الصعيد بدءاً من بني سويف حتى أسوان، ومؤسسة ولاد البلد التي أطلقت عددًا كبيرًا من الصحف مثل: النجعاوية، ودشنا اليوم، و صحيفة ولاد البلد – المنصورة، وصحيفة مطروح لنا – مطروح، وصحيفة الفيومية – الفيوم، بالإضافة لذلك هناك بوابة كرموز التي تغطي أخبار محافظة الأسكندرية.

ورغم هذه النماذج وغيرها ما زال هناك حاجة متزايدة لتغطية العديد من الأماكن النائية والبعيدة عن الاهتمام الإعلامي في مصر، ولكن هناك العديد من المعوقات التي تقف أمام تنفيذ هذا النوع من المشروعات، أهمها التمويل وتأهيل فريق محترف وأيضاً إيجاد سند قانوني.

التعاون الدولي الألماني، (giz) واحدة من المؤسسات التي انتبهت إلى ضرورة المساعدة في إثراء هذا المجال عبر مشروع "تعزيز ودعم الإعلام المحلي فى مصر وتونس" والذي دخل عامه الثاني القائم على تأهيل عدد من الصحفيين المحليين من خلال دورات تدريبية متخصصة، وتشجيعهم عبر مسابقة لاختيار أفضل الأفكار لمشاريع إعلامية محلية. أمّا الفائزون فيحصلون على دعم فني من متخصصين مصريين وألمان.

التقت شبكة الصحفيين الدوليين مينا ممدوح الاستشاري التقني لمشروع "تعزيز ودعم الإعلام المحلي في مصر وتونس" لنعرف منه تفاصيل المشروع والمسابقة، وكيف يمكن لصحفي طموح أن ينشىء مشروعاً إعلامياً محلياً مستقلاً.

بدايةً أشار مينا ممدوح إلى بداية المشروع الذي انطلق منذ عام ونصف وتخلله 6 مستويات من التدريب سواء فى مصر أو تونس بالإضافة إلى الرحلة الدراسية المشتركة إلى ألمانيا، وانتهت المرحلة الأولى بمسابقة كانت محصورة على نطاق خريجي تلك الدورات، وتم اختيار ثلاثة مشاريع من مصر ومشروعين من تونس بناء على استيفاء طلب تقديم لفكرة مشروع محلي لمخاطبة الفئات المهمشة في المجتمع المصري والتونسي.

وأضاف ممدوح أن جائزة المسابقة لم تكن جوائز مادية بل هي عبارة عن 8 أسابيع، يتلقى فيها أصحاب الأفكار الفائزة الدعم والتدريب الذين صًمّما خصيصاً بحسب احتياجات كل مشروع حتى يتم تنفيذه على أرض الواقع. وأرجع ممدوح عدم دعم الفائزين مادياً لأن مؤسسة التعاون الدولي الألماني (giz)، لا تُعتبر منظمة مانحة بقدر ما تُعتبر شريكًا تنمويًا يهدف لتعزيز القدرات ونقل الخبرات بصورة تمكّن المستفيد من التدريبات من الاعتماد على نفسه بما يحقق التنمية المستدامة.

وفي ما يتعلق بالتحدّيات التي يمكن أن تقابل الصحفي الذي قرر أن يعمل في مشروع للإعلام المحلي فهي متعددة منها بنية المجتمع المحلي واعتماده بالأساس على العاصمة والمركز بالإضافة إلى غياب الرقابة والمساءلة على المستوى المحلي بالنسبة للجهات التنفيذية. "لكن في النهاية الصحافة المحلية ضرورة ومستقبل وواقع بالفعل،" خاصةً بعد نجاح عدد من المشاريع الإعلامية التي استطاعت أن تصل لفئات مهمّشة في حين أن الإعلام التقليدي لم يستطع أن يفعل ذلك بنفس الكفاءة.

وفي سؤالنا لممدوح حول نقطة الانطلاق التي يجب أن يتخذها الصحفي الطموح لبدء مشروعه الإعلامي المحلي. قال، فكما يحتاج الصحفي الى رأس مال لبدء مشروعه يحتاج في البداية إلى خطة مشروع جيدة ليس من الجانب الصحفي فقط بل من الجانب التجاري والإداري، لكي يتمكّن من إطلاق مشروعه على أساس سليم، وقبل كل ذلك يحتاج إلى "فكرة تمتاز بالجدية والابتكار والواقعية في التنفيذ".

هذه هي النقاط الرئيسية لصياغة خطّة لمشروع إعلامي محلّي ناجح:

  • وصف للمشروع، وبأي شكل سيظهر "موقع إلكتروني، إذاعة، مدونة، صحيفة ورقية"، وعلى أي جانب سيركَز "الأخبار، تحقيقات صحفية متعمقة، وسائط متعددة، ترفيه".
  • الفئة المستهدفة من المشروع.
  • الوسائل الإعلامية المحلية الموجودة بالفعل، مع التركيز على معرفة من هم المنافسون.
  • ميزانية للمشروع لثلاث سنوات على الأقل.
  • الموارد البشرية التي تحتاجها "الصحفيون، كيف يمكن أن يتم تدريبهم، هل سيعملون لدوام كامل أم جزئي" بالإضافة إلى المعدّات اللّازمة.
  • تحتاج أيضاً أن تكتب الأسباب التي تدفعك لإنشاء مشروعك، ولا تكتفي بأن تبقيها في ذهنك.
  • لا تنسَ أن تجيب في خطتك على سؤال: لماذا تعتقد أن فكرتك تشكّل مشروعاً ناجحاً يستطيع أن يستمر وينمو ويصل لجمهور أوسع.
  • يواجه كل مشروع معوقات مرتبطة بعوامل خارجية مثل توقيت إطلاق المشروع أو الموقع الجغرافي، فعليك أن تكتب وبوضوح المخاطر التي قد تؤثر سلباً على تنفيذ المشروع، وضع خطوات عملية للحد من هذه المخاطر.

يبقى هناك جانب عملي عليك التنبّه إليه، وهو التأكد من مدى قدرتك على إدارة المشروع وأن لديك الخبرة الكافية. فإذا لم تمتلك الخبرة الكبيرة في المجال الإعلامي، لا تتراجع عليك أن تستعين بآخرين وتكوين فريق عمل وتختار لنفسك الدور الذي يتناسب مع قدراتك وإمكانياتك، أو أن تبدأ في الانخراط في الصحافة المحلية في مؤسسة قائمة بالفعل حتى تكتسب ما يشجّعك على البدء في مشروعك الخاص.

أما فيما يتعلق بالتدريب والتأهيل فاستعد فمؤسسة التعاون الدولي الألماني ستطلق جولة جديدة من تدريباتها، فإذا كنت من مصر وتونس يمكنك الالتحاق بواحدة من هذه الدورات لربما تكون الفائز في نهاية المشروع برحلة إلى ألمانيا وبدعم من متخصصين لكي تبدأ مشروعك الخاص. استعد من الآن وجهّز سيرتك الذاتية ونماذج جيدة من أعمالك الصحفية.

الصورة لمينا ممدوح.