في ظلَ إقفال العديد من الصحف والمجلات المهمة أو تقليص أعدادها واقتصارها على النشر إلكترونياً، تأتي تجربة مجلة "ذي آوتبوست" لتبرهن أن الإعلام المطبوع لم يندثر بعد.
توفَر مجلة "ذي آوتبوست"، التي وصفتها الغارديان، بأنها على خطى مجلة الإيكونمست، تغطية نقدية ومعمَقة لمواضيع عدَة ومتنوَعة. تنتهج المجلة نهجاً خلَاقاً من حيث معالجة المواضيع التي تتناولها. فهي "مجلة الاحتمالات" حيث تعمد إلى إدراج المقالات ضمن ثلاثة أقسام: الذي يحدث والذي لا يحدث والذي يجب أن يحدث.
وقد اختارت "ذي آوتبوست" أن تبني سياستها التحريرية على التفاؤل حيث تتمثل مهمتها في إتاحة الفرصة للشعب العربي لتصوَر مستقبلاَ مختلفاَ وأكثر إيجابيَةً. وقد تم ترشيح المجلة لجائزة أفضل مجلة جديدة ولجائزة أفضل تصميم لمجلة بعد فترة وجيزة من انطلاقتها في أيلول/ سبتمبر 2012.
أهمية المجلة المطبوعة في زمن النشر الإلكتروني
الطباعة الورقية مهمة لـ"ذي آوتبوست" التي تركَز بدورها على السرد القصصي والأسلوب المطوَل من الكتابة. واعتبر فريق عمل "ذي آوتبوست" أن المطبوعات بمثابة جواهر ثقافية مهمَة في توثيق الأفكار والتحديات لحقبة معينة. ولكن الفريق أكَد على أن المسألة ليست تحديَاً بين المطبوع والرقمي فكل وسيلة لها دور تسعى لإنجازه وبالتالي فالوسائل تكمَل بعضها بعضاً.
لدى فريق عمل "ذي آوتبوست" فكرة أكثر تشويقاً لنشر المجلة إلكترونياً وسيعمل الفريق على تطويرها لفترة لا بأس بها. ساعدت اللغة الإنجليزية التي اعتمدتها المجلة في الوصول إلى شريحة الشباب العربي المتعلَم والذي يشكَل جمهور "ذي آوتبوست" الأساسي.
بالإضافة إلى ذلك، إنّ استخدام اللغة الانكليزية مكَن المجلة من التوسَع عالمياَ حيث حرصت المجلة على إعطاء صورة مختلفة عن العالم العربي. لدى فريق عمل "ذي آوتبوست" خطَة لنشر المجلة باللغة العربية وخطة أخرى لإنشاء محطة إذاعية متعددة اللغات.
تخطَي صعوبات الرقابة في المنطقة
وبالنسبة للرقابة، فرأى فريق عمل "ذي آوتبوست" أن استخدام اللغة الإنجليزية يساعد على تخطَي حواجز الرقابة. وأشار الفريق إلى أن المجلة لم تكن لتفلت من السيطرة المحكمة لبيئة الرقابة لو تم نشر المواضيع باللغة العربية.
الدعم من أجل التغيير
تستثمر المجلة في نوعية الكتابة وهي تتجه نحو القصص المعمَقة. وتسعى إلى تحدَي نمط المطبوعات المعتاد عليه المتمثَل في الغلاف اللامع، والمحتوى البسيط، والمواضيع المتكررة. في المقابل تقدَم "ذي آوتبوست" عناية كبيرة بمواضيع المقالات وبصياغتها كما أنها لا تستهين بذكاء قرَاءها. فترفض المجلة نشر أية بيانات صحفية.
وقد نجحت تجربة المجلة الفريدة من نوعها بتقديم السرد القصصي الخلَاق إلى المنطقة. ولكي تستمرَ المجلة في إصداراتها التي بلغت أربعة أعداد خلال سنتها الأولى، لجأ فريق العمل إلى التمويل الجماعي لدعم المجلة ماديَاً عبر موقعه الإلكتروني. ، يسهم دعم المجلة مادياً، والتي باتت متوافرة في الأسواق العربية كما الأسواق الأوروبيَة والأميركيَة، في استمراريَتها في إبراز دور الصحافة في إحداث التغيير الإيجابي.