مجموعات صحافة المواطن.. مصدر إخباري ووجهة نظرٍ أخرى للحدث

Oct 30, 2018 در الصحافة المستقلة

ظهرت صحافة المواطن في المشهد الصحفي والإعلامي منذ سنواتٍ عِدّة، لتكون تياراً جديداً في عصر انتشار التكنولوجيا، وسهولة الانضمام لهذا التيار أدّت لخلق فرصٍ لمئات الآلاف حول العالم ليعيشوا تجربة صحافة المواطن.

ومثله مثل أيّ تيارٍ جديد، حمل وجه صحافة المواطن العديد من التغيرات والتفرعات، ليكون أبرزها المجموعات الإخباريّة على مواقع التواصل الاجتماعي وفايسبوك منها بشكلٍ خاص، ولعلّ وجود هذه المجموعات أعطى الفرصة الأكبر لوجهةِ نظرٍ مُغايرة عن إعلام الأنظمة العربية والتي كانت تعتمد وجهة النظر الواحدة خصوصاً أنظمة البلاد التي شهدت الربيع العربي، ليكون المواطنون الصحفيون في هذه البلدان مصدراً للاخبار لا يُستهان فيه.

في سوريا نشأت عدّة مجموعاتٍ على موقع فيسبوك لصحافة المواطن، يقول رامي زهرة، أحد مؤسسي مجموعة بانوراما أخبار سوريا وهو مدوّن سوري وعضو الاتحاد الوطني للصحفيين في بريطانيا: "شاركت بتأسيس عدّة مجموعات إخباريّة سوريّة مستقلّة، لنشارك في وقف نشر الشائعات والمبالغة في نقل الخبر، عملنا كمواطنين صحفيين في هذه المجموعات على نقل الخبر كما هو للمتابع بدون تحيّز"، ويكمل: "كان هدفنا الأساسي إنشاء منبر حر للشباب السوري ليساهم في تأسيس إعلام مستقل، وخطوةً بعد خطوة أصبح هدفنا أن يرتقي المواطن الصحفي من كونه مصدر للخبر ليكون محرراً للمادة الصحفيّة بمهنيّة ويستطيع إيصال المعلومة بدقّة وخالية من المبالغات".

ويتحدث زهرة عن دور إداريي المجموعة كمنظمين للمجموعة، ومصادر للأخبار بذات الوقت، بالإضافة لتعاونهم مع شبكةٍ من العلاقات والأصدقاء ليساهموا بتغطية أكبر قدرٍ من المناطق، ويضيف زهرة "عملنا تطوعياً لمدّة ست سنوات، من دون تلقي الدعم المادي من أي جهة والذي كان سيكون مفيداً إذ يزودنا بمعدّات وأجهزة وتكاليف تنقلات، خصوصاً لمن هم داخل سوريا، وذلك له دوره في توسيع شبكة المصادر، ولكن فشل الاتفاق في كل مرّة بيننا وبين المنظمات أو الأشخاص حيث يقف التمويل حائلاً دون ذلك، ولعلّ أهم سببٍ في هذا الفشل هو فرض الأجندات من الجهات الداعمة، الأمر الذي يتضارب مع رؤيتنا بنقل الأخبار".

وائل الحويش، مدير فريق مراسلي ديرالزور في مجموعة ناشطو الخبر السوري وأحد مؤسسيها، يرى أن هذه المجموعات هي تكريس لفكرة المواطن الصحفي و يقول "بعد توسع دور وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها الملحوظ على الرأي العالمي، كان لا بدّ من تنظيم عمل صحافة المواطن، وفي الوضع السوري أصبحت هي وسيلتنا لنقل معاناة السوريين، خصوصاً في ظل اعتمادنا على جهود الأعضاء وهو ما وفّر لنا أكبر قدرٍ من التفاصيل عن أي خبر فور حدوثه".

أما عن أهداف المجموعة يقول الحويش: "أهم هدفٍ لدينا هو كسر حاجز الخوف من أي جهةٍ كانت، وخلق مساحةٍ لطرح وتبادل الآراء بين المتابعين الذين يمثلون طيفاً واسعاً من المجتمع السوري، كما نحرص على إيصال الأخبار كما هي، من دون زيادةٍ أو نقصان، وهذا من أهم الأسباب الذي أدّى لشدّ المتابعين والذين أصبح قسمٌ كبير منهم راصدين للاخبار".

ويرى الحويش أن تواجد معظم متابعي المجموعة على الأرض ساعد بشكلٍ كبير على إيصال الخبر من دون أي قيد أو شرط وبعفويّة ويكمل "في ظل تسييس وسائل الإعلام بشكلٍ شبه كامل، لتصبح غالبيتها تعمل ضمن أجندةٍ مُعيّنة، كان لا بدّ من إعطاء المجال لمن هم خارج تلك الأجندات، للمواطنين المهتمين فقط بنقل الأخبار كما حدثت، والاتفاق على هذه الرؤية كفريق، جعلت لدينا ما يقارب 60 شخصاً كمراسلين للمجموعة على امتداد الأراضي السوريّة سواء الواقعة تحت سيطرة النظام السوري أو تنظيم داعش أو قوات سوريا الديمقراطيّة أو غيرها، بالإضافة إلى فريق رصدٍ يعملون على التأكد من الأخبار لا نكشفهم حفاظاً على سلامتهم".

كما أنّ لهذه المجموعات أهميةً أخرى وهي وجودها كمصدرٍ رئيسي للمعلومات في الحالة السوريّة، وهو ما دعا الكثير من الصحفيين إلى الانضمام لهذه المجموعات، خصوصاً في حالات الأخبار من المناطق التي يُمنع تواجد وسائل إعلاميّة مستقلةً فيها، يقول وائل الحويش بهذا الشأن: "كسرت هذه المجموعات حالة وجهة النظر الواحدة وأصبح الإعلام البديل هو مصدر الخبر السوري في الوكالات العالميّة، وهو ما جعل الكثير من الصحفيين ينضمون للمجموعة ومنهم صحفيون أجانب أصبحوا يتواصلون معنا لترجمةٍ خبرٍ ما أو السؤال عن تفاصيله".

أما رامي زهرة فيقول "تدفع الأخبار المزيفة بشكل هائل، أو تحيزها إلى أطرافٍ مُعيّنة أدى إلى تراجع المصداقية، فقد أصبح تحزّب وسائل الإعلام واضحاً، وهذا ما جعل المجموعات الإخباريّة المصدر الأكثر موضوعيّة، إذ نعمل على نقل الخبر من الحدث كما هو ، بدون أي تعديلٍ بسبب ضغوطٍ سياسيّة أو تمويليّة أو حتى تحريريّة".

ويرى الحويش أنّ عدم اقتصار المجموعة على الأخبار الميدانيّة والتوسع إلى نقل أخبارٍ لها علاقة بالفن والرياضة وغيرها هو ما دعا وصول المجموعة إلى أكثر من خمسين ألف عضو خلال مدةٍ قصيرة، حيث يفضّل المتابعون وسائل التواصل الاجتماعي وإتاحة فرصةٍ للنقاش على تلقي الخبر من وسائل الإعلام.

ويتحدث زهرة أن هذه المجموعات قد كسرت مبدأ احتكار المعلومات ويقول: "في عصر الحداثة والتطوّر لا يمكن إخفاء الحقيقة عن أحد، ومهما تم إخفاء جزءٍ من الحقيقة من قبل وسيلةٍ إعلاميّة لا بد أن تظهر يوماً وتطعن مصداقية هذه الوسيلة، وهنا أصبح دورنا بنقل الحقيقة دون أي نقصان"، ويضرب مثالاً على ذلك:  "نشرنا أول فيديو مسرّب لانتهاكات قام بها تنظيم داعش في بدايات ظهوره، والكثير من الأخبار الأخرى التي كان لها الدور بتسليط الأخبار على قضيةٍ ما، وخصوصاً قضايا حقوق الإنسان، إذ أنّ دورنا هنا لا يقتصر على نشر الخبر، بل التحشيد الإعلامي له قدر الإمكان".

ويوضح وائل الحويش عن عملهم كإداريين في المجموعة: "لسنا إداريين بالمعنى التراتبي للكلمة، مثلنا مثل أي عضو في المجموعة ولكن لدينا صلاحيات تساعدنا على تنظيم المجموعة في ظل وجود عشرات الآلاف من الأعضاء، حيث نحاول منع أي خطاب كراهيّة أو تمييزٍ طائفي أو عرقي بالإضافة إلى بعض الأعمال التنظيمية الأخرى".

ويذكر أنّ المجموعات الإخباريّة السوريّة لصحافة المواطن قد تم تأسيسها إبان الحرب السوريّة، وقد بدأت بأسماءٍ مستعارة بسبب الوضع الأمني، ليكشف لاحقاً معظم إداريي هذه المجموعات عن شخصياتهم الحقيقيّة، مع استمرار وجود بعض الناشطين العاملين بأسماءٍ مستعارة بسبب الظروف الأمنيّة المُحيطة بهم.

الصورة الرئيسية من ويكيميديا بواسطة ريكو شين.