"مهارات" استضافت لقاء "آيفكس" في بيروت الذي رسّخ التعاون في اتجاه عدم السكوت عن مقتل الصحفيين

نوشته مي اليان
Oct 30, 2018 در أساسيات الصحافة

بفضل طلب تقدمت به جمعية "مهارات" لاستقبال اجتماع "الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حريّة التعبير" آيفكس، تمكنت بيروت من إستضافة تجمع لأكثر من 150 صحفي وناشط (اختتم المؤتمر في 3 حزيران/يونيو) من مختلف انحاء العالم يطالبون بصون حريّة التعبير.

تميّز المؤتمر بعدة محطات كان ابرزها : إطلاق الحملة العالمية للقضاء على الإفلات من العقاب في أغتيال الصحفيين؛ واعتراض 30 منظمة عضوة في "آيفكس"، على منع نبيل رجب من السفر وتعرض مريم الخواجة من مركز البحرين لحقوق الانسان للتهديد بالقتل، من خلال توقيع عريضة تستنكر ما جرى. وكان لرجب مداخلة في المؤتمر من البحرين عبر "سكايب".

تطرق المؤتمر أيضاً الى التهديدات الناشئة عبر الإنترنت للصحفيين، وكيفية ممارسة الأنظمة القمعية الرقابة الإلكترونية وغيرها من أشكال السيطرة، خاصة في الصين ومصر؛ كما دار نقاش جدّي حول الأخلاقيات الإعلامية وسط الصراعات والأزمات.

شبكة الصحفيين الدوليين رغبت في أن تتعرف اكثر على هذه الجمعية اللبنانية، التي تعنى بشؤون الصحفيين وحرية التعبير، فكان حديث مع ليال بهنام تنّوري، مسؤولة المشاريع في مؤسسة "مهارات" :

شبكة الصحفيين الدوليين : كيف توصلت "مهارات" الى جلب الاجتماع الى بيروت؟ ومتى بدأ التعاون مع "آيفكس"؟

ليال بهنام تنوري : انضمت مهارات الى شبكة "أيفكس" في العام 2007، وذلك بعد تقدمها بطلب انتساب. وبعد أن أجرت الشبكة تحقيقاتها حول مطابقة "مهارات" لشروط الانضمام. اما بالنسبة لتنظيم مؤتمرها العام، عادة تعلن "أيفكس" أنها ستعقد مؤتمرها، وتبدأ بقبول استمارات الاستضافة من المنظمات الاعضاء؛ حينها تقدمت مهارات بطلب فقبل، وبدأت التحضيرات منذ اكثر من عام. بما ان "أيفكس" تضم أعضاء من الشرق الاوسط، كانت هناك نية لعقده في هذه المنطقة، ولكن قرار عقده كان سابقاً لما يحصل في المنطقة من تطورات وثورات. هذه الصدفة كانت مهمة كي يتعرف الاعضاء القادمين من كل دول العالم على قضايا المنطقة، ويطلعوا على أوضاع الحريات فيها عن قرب من خلال انعقاده في بيروت. قسمت أعمال اللقاء بين أمور داخلية تتعلق بتنظيم الشبكة الداخلي، وأمور تتعلق برفع قدرات الاعضاء والبحث بمستجدات قضايا حرية الراي والتعبير. أما الافتتاح فقد أضاء على "ربيع العرب" في وجوهه المتنوعة وكان هدفه طرح تحديات حرية الرأي والتعبير بعد التغيرات في اكثر من بلد عربي.

استضاف اللقاء الناشطة التونسية نزيهة رجيبة المعروفة بام زياد، المدونة المصرية نورا يونس وكان من المفترض ان ينضم لهما نبيل رجب الذي تعذر سفره ومريم الخواجة التي هددت بالقتل من البحرين. وأدار الجلسات الصحفي والناشط اللبناني بيار أبي صعب.

شبكة الصحفيين الدوليين : إختارت لجنة حماية الصحفيين أن تنشر نتائج مؤشر الافلات من العقاب في قضايا اغتيال الصحفيين في العالم، خلال مؤتمر آيفكس في بيروت، اخبرينا عن ردود فعل المشاركين من لبنان والبلدان العربية؟

ليال بهنام تنوري: أطلقت لجنة حماية الصحفيين مؤشر الإفلات من العقاب للعام 2011، أثناء الاجتماع العام السابع عشر للشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير الذي عقد في بيروت. وتم إعداد مؤشر الإفلات من العقاب الذي تصدره لجنة حماية الصحفيين كجزء من الحملة الدولية ضد الإفلات من العقاب التي تنظمها اللجنة.

حدد مؤشر الإفلات من العقاب الذي تعده لجنة حماية الصحفيين البلدان التي يجري فيها قتل صحفيين بصفة منتظمة وتخفق الحكومات في العثور على مرتكبي الجرائم. وقد تفحصت لجنة حماية الصحفيين في هذا الإصدار الأخير للمؤشر حالات قتل الصحفيين، التي حدثت ما بين 1 كانون الثاني/يناير 2001 ولغاية 31 كانون الأول/ديسمبر 2010. ويقتصر المؤشر على البلدان التي جرت فيها خمس جرائم قتل أو أكثر ذهب ضحيتها صحفيون ولم يتم حلها، ويبلغ عددها 13 بلدا فقط. وتعتبر القضايا لم تحل إذا لم يصدر حكم إدانة في سياقها. وقد أتى العراق في طليعة البلدان التي يجري فيها قتل صحافيين ويفلت القتلة من العقاب. يعتبر الإفلات من العقاب مؤشرا رئيسيا لتقييم مستويات حرية الصحافة وحرية التعبير في البلدان في جميع أنحاء العالم. وأظهرت أبحاث لجنة حماية الصحفيين أن العنف القاتل ضد الصحفيين، والذي يبقى دون عقاب، يقود عادة إلى انتشار هائل للرقابة الذاتية في سائر الوسط الصحفي.

وظهرت أهمية طرح موضوع عدم الافلات من العقاب في بيروت، كونها مطلب في العديد من البلدان. كانت هناك أجواء من التضامن بين الصحفيين ومنظمات حرية الراي والتعبير، وحث على الضغط في اتجاه عدم السكوت عند مقتل الصحافيين، والمطالبة بإجراء تحقيقات ومحاكمات كي لا يفلت القاتل من العقاب.

شبكة الصحفيين الدوليين : بعض الصحفيين من البحرين منعوا من المجيء الى اللقاء في بيروت، كيف تعاملت "مهارات" مع هذا الاجراء من قبل السلطات البحرينية؟ وكيف يمكن لجمعية غير حكومية متخصصة في شوؤن المهنيين، أن تبقى بعيدة عن المواقف السياسية، وهل تعتقدين أنه على الجمعيات المهنية أن تبقى بعيدة عن السياسية؟

ليال بهنام تنوري: لقد منع ناشطان من البحرين من حضور المؤتمر ما حذا بـ"مهارات" بالتضامن مع "آيفكس" لاصدار بيان ورسالة للسلطات البحرينية. اما بالنسبة لعلاقة منظمتنا بالسياسة، فنحن غير بعيدين عن السياسة، بمعنى اننا نعمل على التأثير وصنع السياسات العامة، ولكن ليس بمعنى الانحياز او التبعية. نحن في مجتمع منقسم ومتعدد، شعارنا العمل بمسؤولية، ونعتمد المعايير المهنية عبر التدقيق في كل ما يصلنا وفي اصدارنا لبياناتنا.

شبكة الصحفيين الدوليين : ما كان ابرز ما ذكر في اللقاء في بيروت بالنسبة لـ"مهارات"؟

ليال بهنام تنوري: أن هذا المؤتمر دوري وهدفه الاساسي رفع قدرات المنظمات الاعضاء في الشبكة، وخلق تضامن بينهم بحيث يتشاركون التجارب والخبرات. كما ان المؤتمر ساهم في رفع قدرات المشاركين حول استخدام الوسائل الحديثة، التي تتخطى منع الانظمة لايصال صوتها. المخرج الاساسي بالنسبة لنا، كان تشجيع هذا التضامن بين كافة الاعضاء حول حرية الرأي والتعبير. كما أن المؤتمر كان مناسبة لتطل المنطقة بقضاياها على المؤسسات الموجودة في كل انحاء العالم.

شبكة الصحفيين الدوليين : لا يزال الصحفيون اللبنانيون يتعرضون للتهديدات، وفي العام 2005 اغتيل صحفيان بارزان من جريدة "النهار" اللبنانية، هل تعتقدين أن لقاءات كلقاء "آيفكس" تساهم في زيادة الضغط على المسؤولين لمتابعة هذه القضايا وتحريك التحقيقات في عمليات الاغتيال التي طالت صحفيين، أم أنها فقط لقاءات لتنفيس الصحفيين عن همومهم فيما بينهم؟

ليال بهنام تنوري: هدف اللقاء كان رفع الوعي حول موضوع عدم الافلات من العقاب، وتشكيل تضامن كلما وقعت حالة قتل صحفي للضغط، واطلاع الناس على هذه القضايا ليكونوا معنيين بها. وهدف كل المنظمات الحاضرة كان في مناشدة السلطات على أنواعها، كي لا يفلت القتلة من العقاب.

شبكة الصحفيين الدوليين : ما هي ابرز اهداف "مهارات" على الصعيد المحلي والاقليمي؟

ليال بهنام تنوري: اهداف مهارات على الصعيد الوطني تتمثل برفع قدرات الصحفيين والعمل على تعديل الاطار القانوني لقوانين الاعلام في لبنان، والسعي لايجاد انظمة نقابية تحمي الصحفيين العاملين في كل القطاعات، اضافة الى الحثّ على اعتماد مدونة سلوك يلتزم بها الجميع. اما على المستوى الاقليمي، فتسعى "مهارات" الى نقل خبراتها حول تجربة تعديل قوانين الاعلام، والسعي لايجاد تضامن يكرس حق الوصول للمعلومات، والاتفاق على بيانات ورسائل مشتركة لدى حصول اي اعتداء او انتهاك.

شبكة الصحفيين الدوليين : تأسست جمعيتكم من قبل صحفيين من الصحافة المكتوبة، كيف تتعاملون مع تحدي اللحاق بالتطورات والتغييرات الحاصلة في مجال وسائل الاعلام الالكترونية والاجتماعية؟

ليال بهنام تنوري: تعمل مهارات على تحسين ظروف عمل الصحافيين بمعزل عما اذا كانوا يعملون في الصحافة المكتوبة او وسائل الاعلام المرئي والمسموع او يستعملون الاعلام الحديث. كما تعمل لاقرار قانون الوصول الى المعلومات الذي يخدم العاملين في كل قطاعات الاعلام. كذلك نسعى الى تفعيل العمل النقابي، الذي يحفظ حقوق كل الصحفيين، ومبادئ الاخلاق التي يلتزم بها كل صحفي. وان كان مؤسسو "مهارات" قد كونوا خبراتهم في المطبوعات، فان عملها لم ينحصر يوما بذلك منذ تأسيسها.

شبكة الصحفيين الدوليين : كيف تقيمين وضع الصحفيين والمدونيين في المنطقة العربية، بالمقارنة مع آخرين (بالاستناد الى النقاش الذي دار خلال الاجتماع). ما الذي يفتقده الصحفيون في العالم العربي بشكل ملحّ؟

ليال بهنام تنوري: لا شك ان المدونين كان لهم دور كبير في الحراك الحاصل في المنطقة العربية، بالرغم من كل التحديات التي وضعتها انظمتهم، ولكن هذه التحديات ما زالت موجودة بالرغم من زوال بعض من هذه الانظمة، وفرصة تعديل الاطر القانونية لم تأتِ بعد. بالتالي، ما ينقصهم اليوم هو تشريعات جديدة تراعي حرية الرأي والتعبير وتؤمن للصحفيين حماية قانونية.