لمكافحة عمل الأطفال.. إرشادات لتغطية أوضاع الأطفال العاملين 

Jul 8, 2024 در موضوعات متخصصة
طفل

انطلاقًا من العام 2002، حدّدت منظمة العمل الدولية يوم 12 يونيو/حزيران من كل سنة يومًا عالميًا لمكافحة عمل الأطفال، هذه الخطوة جاءت بهدف تسليط الضوء على هذه الظاهرة السلبية، وحشد الجهود اللازمة للقضاء عليها من خلال اتخاذ إجراءات فورية وفعالة. 

ويبقى للإعلام دور أساسي لتعزيز هذه الجهود، بحيث يعول عليه في لعب الدور الفعال في التوعية بالظاهرة وخطورتها وباعتباره أداة مهمة في المناصرة والضغط على الحكومات وأرباب الأعمال لاتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية الأطفال من الاستغلال في سوق العمل، كما يعول على الإعلام في المساهمة في تحفيز مؤسسات المجتمع المدني على التعاون لتحقيق الغاية رقم 7.8 المتعلقة بالهدف الثامن لأهداف التنمية المستدامة، والتي جاء فيها أنه من الواجب "اتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على السخرة، وإنهاء الرق المعاصر والاتجار بالبشر، وضمان حظر واستئصال أسوأ أشكال عمل الأطفال، بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم كجنود، وإنهاء عمل الأطفال بجميع أشكاله، بحلول عام 2025". 

وبهدف تغطية مواضيع مكافحة عمالة الأطفال بشكل فعّال، تقدم شبكة الصحفيين الدوليين مجموعة من المعلومات والنصائح:

عمالة الأطفال بين التعريف والإحصائيات العالمية 

من أجل تقديم تغطيات صحفية شاملة ومهنية لأوضاع عمالة الأطفال من الواجب فهم الظاهرة، والإحاطة بجوانبها بما فيها التعريفات التي وضعتها المؤسسات المعنية، بحيث أنّ الأمم المتحدة تعرّف عمالة الأطفال بكونها "الأعمال التي تضع العبء الثقيل على الأطفال وتعرّض حياتهم للخطر"، حيث أشار التعريف إلى أنّ ذلك يعتبر انتهاكًا للقانون الدولي والتشريعات الوطنية، ويحدد هذا التعريف أنّ عمالة الأطفال تعني حرمان الأطفال من التعليم أو تتطلب منهم تحمل العبء المزدوج المتمثل في الدراسة والعمل. كما حدد هذا التعريف أنواع عمالة الأطفال التي يجب القضاء عليها وتتضمن: 

  • أسوأ أشكال عمل الأطفال المطلقة التي عرفت دوليًا بالاستعباد والاتجار بالبشر وسائر أشكال العمل الجبري وتوظيف الأطفال جبرًا لاستخدامهم في النزاعات المسلحة وأعمال الدعارة والأعمال الإباحية والأنشطة غير المشروعة. 
  • العمل الذي يؤديه طفل بدون الحد الأدنى للسن المخول لهذا النوع من العمل بالذات (كما تحدده التشريعات الوطنية الخاصة بكل بلد على حدى ووفقًا للمعايير الدولية المعترف بها). 

وتعتبر إحصائيات منظمة العمل الدولية مصدرًا رئيسيًا لفهم مدى انتشار ظاهرة عمل الأطفال. وفقًا لآخر التقارير لسنة 2023، يوجد حوالي 160 مليون طفل يعملون حول العالم، بمعدل 1 من كل 10 أطفال، ونصف العدد الإجمالي يعملون في ظروف خطرة تؤثر على صحتهم وسلامتهم الجسدية والنفسية. 

وغالبًا ما تحتلّ قارة إفريقيا المرتبة الأولى في العالم من حيث انتشار معدلات تشغيل الأطفال، حيث يبلغ فيها عدد الأطفال العاملين 72 مليون طفل. في حين تأتي منطقة آسيا والمحيط الهادئ في المرتبة الثانية مع 62 مليون طفل يعملون في مختلف القطاعات. 

كما تصدر الدول العربية تقاريرها وإحصاءاتها سنويًا والتي يمكن أن تكون مرجعًا للصحفيين الراغبين في إعداد تقاريرهم حول الظاهرة، وفي أغلب الأحيان تنشر هذه التقارير بالموازاة مع الثاني عشر من شهر يونيو/حزيران من كل سنة كما هو الحال في المغرب الذي يصدر تقريرًا سنويًا من طرف المؤسسة الرسمية للإحصائيات وهي المندوبية السامية للتخطيط، والأمر نفسه بالنسبة لتونس التي يتم فيها إصدار إحصاءات دورية حول أرقام وأوضاع الأطفال العاملين من قبل المعهد الوطني للإحصاء بالتعاون مع مؤسسة UNICEF، أما في مصر فيتم نشر معلومات ومعطيات دورية حول التقدم في إحراز أهداف الخطة الوطنية لمشروع مكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال في مصر ودعم الأسرة (2018-2025) من طرف وزارة القوى العاملة ومكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة. 

مكافحة عمالة الأطفال  في الإتفاقيات الدولية وبعض قوانين الدول العربية 

من المهم أيضًا أن يطلع الصحفيون على القوانين والاتفاقيات المتعلقة بمكافحة عمالة الأطفال، من أجل توثيق مدى تطبيق هذه القوانين على المستويات الوطنية، ومدى ملاءمتها للاتفاقيات الدولية، بحيث أن هناك العديد من التدابير الحمائية التي تمّ سنها على المستوى الدولي وتُرجمت من خلال مجموعة من الاتفاقيات التي تهدف إلى مكافحة عمل الأطفال، منها اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة في المادة الثانية والثلاثين منها التي تلزم الدول الأطراف في الاتفاقية بالاعتراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيرًا أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضارًا بصحة الطفل أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي. كما نصّت على ضرورة اتخاد الدول الأطراف التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية التي تكفل تنفيذ هذه المادة، خصوصًا فيما يتعلق بتحديد عمر أدنى للالتحاق بعمل، مع وضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه، وفرض عقوبات أو جزاءات مناسبة لضمان إنفاذ هذه المادة بفعالية. 

كما أنّ هناك اتفاقيتين أصدرتهما منظمة العمل الدولية وهما الاتفاقية رقم 182 الخاصة بحذر أسوأ أشكال عمل الأطفال وتلتزم هذه الاتفاقيات الدول الأعضاء بحظر استغلال الأطفال وضمان حقوقهم في التعليم والحماية كما تحدد أسوأ أشكال وأنواع  استغلال الأطفال في الأعمال الخطرة، وكذلك هناك اتفاقية رقم 138 التي تحدد في موادها الحد الأدنى لسن الالتحاق بالعمل حسب أنواع الأعمال ودرجة خطورتها. 

وتسن معظم الدول العربية قوانين خاصة بها لتطبيق هذه الاتفاقيات، من بينها مصر التي تطبّق قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، والذي يحظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم سن الخامسة عشرة، ويُسمح بتدريب الأطفال في الأعمال الخفيفة ابتداءً من سن الثالثة عشرة بشرط ألا تتعارض مع التعليم، ويحدد أيضًا ساعات العمل للأطفال، والتي يجب أن تتخللها فترة راحة. 

كما يطبّق المغرب مدونة الشغل 65.99 التي تحظر تشغيل الأطفال دون سن الخامسة عشرة، وتحذر تشغيلهم في الأعمال الخطرة في عمر أقل من 18 سنة، وتمّ تخصيص قانون متعلق بالعاملات والعمال المنزليين الذي يتم مناصرته لرفع السن الأدنى للعمل المنزلي في حدود 18 سنة. 

وفي الأردن قانون خاص وهو قانون العمل رقم 8 لسنة 1996 وتعديلاته الذي يحظر تشغيل الأطفال دون سن السادسة عشرة ويسمح بتشغيل الأطفال بين السادسة عشرة والثامنة عشرة بشروط محددة، منها عدم العمل في الأعمال الخطرة. 

أما في تونس فتحدد في مجلة الشغل  شرط عدم قانونية تشغيل الأطفال دون سن السادسة عشرة، وضرورة توفير بيئة عمل صحية وآمنة للأطفال العاملين، وتفرض عقوبات على أصحاب العمل الذين يخالفون هذه القوانين، وينطبق الأمر نفسه على معظم الدول العربية. 

نصائح وإرشادات لإنتاج تقارير تغطي أوضاع الأطفال العاملين 

إنّ إنتاج تقارير شاملة وفعالة حول تشغيل الأطفال يتطلب منهجية شاملة تتضمن عدة مراحل ويمكن تلخيصها في النقاط التالية: 

  •  البدء بالتعرف على الظاهرة كما ذكرنا في المحاور السابقة والإحاطة بالقوانين التي تحمي الأطفال العاملين ومدى تطبيقها. 
  • الاستعانة بالتقارير والشهادات الميدانية لتسليط الضوء على تجارب الأطفال العاملين، لتقديم قصص واقعية تظهر الجوانب الإنسانية لظاهرة تشغيل الأطفال، مع التذكير بأن لا ينسى الصحفيون أنّ تسليط الضوء على قصص الأطفال العاملين، يقترن بالحفاظ على خصوصيتهم وحمايتهم. 
  • جمع البيانات حول الظاهرة وتحليلها وتقديم تقارير مدعومة بالبيانات، للتعبير عن مدى انتشار الظاهرة سواء على مستوى المناطق أو الأعمار والجنس وحتى القطاعات الأكثر تشغيلًا للأطفال مما قد يعزز فهم كيفية التدخل وتركيز الجهود، مع التركيز دائمًا على اعتماد المصادر الموثوقة للحصول على البيانات مثل تقارير المنظمات الدولية (مثل اليونيسيف، منظمة العمل الدولية)، الجهات الحكومية، الدراسات الأكاديمية، والمنظمات غير الحكومية. 
  • إجراء لقاءات وحوارات مع خبراء في الصحة النفسية والجسدية للأطفال لإظهار الآثار السلبية لتشغيل الأطفال وأيضًا لتقديم أفكار تشجع على اتخاذ إجراءات فعالة.

  • التعاون مع منظمات المجتمع المدني التي تعمل على مكافحة عمل الأطفال يمكن أن يوفّر منفعة متبادلة بحيث يوفر للصحفيين موارد ومعلومات إضافية من تجارب ميدانية، ويوفر للعاملين في المجتمع المدني موارد من أجل قيادة حملات المناصرة لتغيير السياسات، من خلال الضغط على صناع القرار، وأيضًا استخدام المواد الصحفية للتوعية بمخاطر الظاهرة لدى أفراد المجتمع والأسر التي تشغل أطفالها، والتعريف بالقوانين والعقوبات التي قد تطال المشغلين في حالة تشغيلهم لأطفال تحت السن القانونية. 
  • الاعتماد على الوسائط المتعددة مثل الصور ورسوم بيانية لتوضيح البيانات وجعل التقارير أكثر تفاعلية وجاذبية، ونفس الشيء يمكن الاعتماد على الفيديوهات التفاعلية التي تعبر عن تشغيل الأطفال. 
  • المقالات التعاونية العابرة للحدود تعتبر أداة هامة في إعداد تقارير حول عمالة الأطفال. إذ يمكن أن تسهم في نشر الممارسات الفضلى لمواجهة هذه الظاهرة، وتبادل المعلومات والخبرات بين الدول المختلفة. كما تعزز هذه المقالات من توسيع نطاق نشر المعلومات وزيادة الوعي حول حقوق الأطفال وضرورة حمايتهم من الاستغلال في سوق العمل. 

الصورة المستخدمة تحمل رخصة الاستخدام المجاني في موقع Pixbay.