دروس ينقلها صحفي عربي من تغطيته الصحفية لمرض إيبولا

نوشته أحمد خير الدين
Oct 30, 2018 در موضوعات متخصصة

قبل توجهه إلى ليبيريا ليستأنف المشوار الذي بدأه قبل شهر مع تغطية تفشي وباء إيبولا في دول غرب إفريقيا تحدثنا إلى محمد الشامي المصور بوكالة الأناضول، والصحفي العربي الوحيد الذي يتواجد في هذه البقعة التي تحولت إليها أنظار العالم في محاولة لمتابعة تطورات المرض الخطير وما يحصده يومياً من أرواح في بلدات إفريقية تعاني نقص الرعاية الطبية والموارد والقدرة على الاهتمام بالضحايا من أبنائها.

يحكي الشامي أن القصة بدأت بوجوده في نيجيريا في تلك الفترة، حين بدأت أخبار المرض في الانتشار بشكل ملحوظ وتصدّر التضارب في الأخبار والمعلومات عن المرض التناول الصحفي، فتحدث مع رئيسه في العمل واتفقا على توجهه إلى سيراليون التي بدأ منها رحلته.

"الضرب والاشتباكات أرحم... هنا لا تعرف من أين يأتي الخطر" يلخص الشامي بجملته هذه، الفارق بين العمل الصحفي في سنوات ما بعد الثورة في مصر وما تلاها من أحداث وصولاً إلى الثلاثين من يونيو، وتلك التجربة التي يعيشها الآن خصوصاً مع مرض لم تتضح بعد كل التفاصيل المتعلقة بأساليب مواجهته وأشكال الوقاية منه، فضلاً عن تضاعف خطورته بسبب انتقاله باللمس.

خطورة إضافية هنا تتمثل في حالة إنكار يعيشها السكان في المنطقة ويعتبرون الأمر خدعة من "الرجل الأبيض" ويحمّلونه مسؤولية حالات الوفاة الغامضة وهو السبب الذي أدى إلى استهداف عدد من الأطباء والصحفيين في غينيا وقتلهم بداية هذا الشهر.

وعن تعامله مع تلك المخاوف، يشير الشامي إلى أنه يحرص دوماً على السير في مجموعات من الصحفيين والأطباء، كما يراعي أن يسير مع سائق أو جمع من أهالي المنطقة خصوصاً في حالات التوجه إلى قرية فيها ضحايا للمرض بانتظار دفنهم.

رغم الصعوبات يحكي الشامي أنه نجح في تصوير امرأة تعافت من المرض بعد تلقيها علاجاً مكثفاً ويشير إلى أن كثير من الشائعات أصبحت تحيط بما يجري في الغرب الأفريقي، يعود سببها في المقام الأول للتجاهل الكبير للمرض في بدايته، ما أدى إلى تفاقم الأمر بهذا الشكل وخروجه عن السيطرة. أضاف إلى هذه الأسباب، تواضع محاولات الوصول إلى علاج في متناول الأيدي.

ثم أشار الشامي إلى مشكلة أكبر، تكمن في تركز كل الجهود الدولية على محاولة السيطرة على تفشي فيروس إيبولا دون إعطاء أهمية متوازية للارتقاء بالوضع الصحي ككل في هذه البلدان، الأمر الذي تعجز معه السلطات المحلية من التعامل مع أمراض أخرى، لا تقل خطورة كالملاريا التي تحصد في نيجيريا سنوياً ما يقرب من نصف مليون شخص.

وعن أصعب المشاهد التي يلاقيها أثناء عمله يقول إن ما صدمه كان العاملون في مهمة دفن الجثث التي فارقت الحياة، وهو مجال بدأ مع تكدس الجثث في الشوارع في بعض الأحيان، ما دفع المستشفيات للإعلان عن حاجتها لعاملين يتولون هذا الأمر فمن تقدموا لهذه الوظيفة مضطرون لحمل هذا المرض القاتل بأياديهم مرات عدة يومياً، مقابل دولارات معدودة يستلمونها في نهاية اليوم.

في النهاية يقول الشامي أن ما أضافته التجربة عزز قناعته بضرورة خروج الصحفيين والمصورين المصريين تحديداً من دائرة الموضوعات المتعلقة بالداخل. يضيق مجال هذه الموضوعات يومياً، وهي لا تستوعب طاقاتهم أو تساهم في تطوير أدواتهم  وآدائهم الصحفي وهي أيضاً لا تضيف أبعاداً جديدة على القصّة الصحفية.

أحمد خير الدين، صحفي ومقدم أخبار، يمكنكم متابعته على تويتر عبر @ahmedkhair.

الصورة لمحمد الشامي، ووضعت بعد أخذ الإذن.