نصائح مهمة لكتابة قصص إنسانية في أوقات الحروب والأزمات

نوشته Asma Qandil
Nov 8, 2023 در تغطية الأزمات
صورة

يرغب القراء والمتابعون بقراءة القصص الإنسانية وخصوصًا في أوقات الأزمات والنزاعات والأوبئة، وذلك بعيدًا عن القوالب الإخبارية التقليدية الممتلئة بتصريحات المسؤولين، والإحصائيات الجافة التي تلاحقنا في المواقع الإخبارية وصفحاتها على السوشيال ميديا، وهناك الكثير من غرف الأخبار التي تخصص أقسامًا للفيتشر والملفات التفاعلية التي تركز على القصص الإنسانية والتي يجسد فيها الصحفي بقلمه لوحة فنية غنية بالتفاصيل، والحكايات، والأبطال وذلك في قالب تفاعلي سردي غني بالوسائط المتعددة التي تساعد القارئ في معايشة الأحداث بتفاصيلها.

وفي هذا الصدد، تقدم لكم شبكة الصحفيين الدوليين نصائح وإرشادات مهمة في معايير الكتابة المهنية للقصص الإنسانية وخصوصًا في أوقات الأزمات والحروب.

مراحل إنتاج القصص الإنسانية في أوقات الحروب والأزمات

​​​هناك عدة مراحل لإنتاج قصص إنسانية في أوقات الحروب والأزمات والتي تحدثنا عنها مارينا ميلاد الصحفية في موقع "مصراوي" والمُحاضِرة المتخصصة في السرد القصصي الرقمي، قائلةً: "ينبغي مراعاة الجوانب الأخلاقية في التعامل مع الأشخاص سواء إذا قمنا بالتواصل معهم في موقع الحدث أو عبر أي وسيلة تواصل عن بُعد، وأن يختار الصحفي التوقيت المناسب للتحدث مع عائلات الضحايا لأنّ هناك عائلات تضررت بشكل كبير جرّاء الأحداث المأساوية، وبالتالي يجب التمهل قليلاً واستئذانهم أولاً ومراعاة ظروفهم الإنسانية، واختيار الألفاظ المناسبة في الحديث معهم، كما ينبغي أن يطرح الصحفي الأسئلة بشكل تدريجي وذلك من خلال البدء بالأسئلة البسيطة التي تدور حول تعريف الأشخاص، ومسببات الحدث، وغيرها من الأسئلة المتعلقة بطبيعة الموضوع الذي يعمل عليه الصحفي. ومن المهم أيضًا أن يكون الصحفي على دراية بالجوانب الثقافية والاجتماعية للأشخاص الذين يتواصل معهم لأنّ ذلك سيساعده كثيرًا في بناء قصته، ومن المهم أن يشير الصحفي إلى نبذة عنه، والموقع الإلكتروني الذي يعمل به، وأن يرسل للأشخاص روابط أهم القصص التي أنتجها، وذلك من أجل بناء جسور من الثقة مع الأشخاص الذين يحاورهم، وبعدها يطلب منهم توثيق رواياتهم من خلال التقاط صور لهم بعد أخذ موافقتهم، وأن يستأذنهم في أخذ مقاطع فيديو تدّعم تفاصيل مهمة في قصته". 

وبالنسبة للمرحلة الثانية في بناء القصة الإنسانية، أوضحت: "نقوم بجمع المعلومات المهمة مثل التواريخ، والأرقام، والإحصائيات من المصادر الرسمية، ثم تأتي مرحلة بناء القصة من خلال تحديد الشخصية الرئيسية، والشخصيات الثانوية في القصة، ونقوم في هذه المرحلة بجمع كل الخلفيات المعلوماتية المتعلقة بالموضوع، ومعرفة سبب النزاعات القائمة ومراحل تطورها، ثم نقوم بعملية فرز وفلترة المعلومات وفقًا لدرجة أهميتها في القصة". 

البناء الدرامي للقصص الإنسانية 

وتكمل مارينا حديثها معنا قائلةً: "يُفضل كتابة القصص الإنسانية على هيئة قوالب إبداعية وذلك من خلال مزج مَشاهد القصة بالمعلومات حتى ينغمس القارئ في تفاصيل القصة ونحافظ على التسلسل الدرامي للأحداث". 

-أن تكون مقدمة القصة مكتوبة بأسلوب سلس وجذاب. 

-أن يتكون هيكل القصة من بداية، ووسط، وخاتمة، وتكون بداية القصة عبارة عن التعريف بالشخصيات، ثم تتصاعد وتيرة الأحداث لنصل إلى الذروة التي يتم فيها رصد تطور الأحداث والنزاعات وتفاصيلها، ثم نكتب الخاتمة. 

-أن يحرص الصحفي على سرد تفاصيل مهمة ومتطورة عن البطل الرئيسي على مدار قصته. 

-أن يوضح الصحفي نبذة عن الاتفاقيات الدولية، والمعاهدات وخصوصًا عندما يحكي قصصًا مهمة عن الأزمات والحروب. 

-أن يطبق الصحفي المعايير المهنية والأخلاقية في تناول الأحداث وألا ينحاز إلى طرف من أطراف القصة. 

-أن يوظف الصحفي قالب الكروس ميديا في بناء القصص الإنسانية والتي يمتزج بها عدة أشكال من الوسائط المتعددة مثل مقاطع الفيديو، وملفات الصوت، والإنفوجراف، والكاريكاتير بشرط أن يكمل كل وسيط الآخر ويخدم الهدف الرئيسي من القصة. 

-أن يوظف الصحفي وسائل التواصل الاجتماعي لبناء قصته وذلك في حالة عدم إمكانية التواجد في أماكن النزاعات والحروب. 

وهناك نماذج كثيرة من القصص التفاعلية التي نشرتها مارينا في موقع مصراوي مثل: 

-الغزو الروسي على أوكرانيا.. ليالي الحرب تحت الأرض 

-من النزوح للعودة| رحلة هروب كردية من العدوان التركي 

المعايير المهنية في كتابة القصص الإنسانية في أوقات الحروب  

من جانبه، يقول محمد الهواري رئيس تحرير موقع الفنار للإعلام، وخبير إدارة وتطوير المحتوى الرقمي: "ينبغي أن يكون لدى الصحفي إدراك لطبيعة الدور الذي يقوم به في موقع الحدث، سواء إذا كانت مهمته عبارة عن توثيق الأحداث أم إحداث تأثير معنوي أو وجداني عند الجمهور، وبعد ذلك يحدد النمط المناسب لكتابة قصته، فمثلاً لو اتبع الأسلوب الوصفي في الكتابة فينبغي عليه عدم المبالغة أو المغالاة في الوصف، وأن يركز كل اهتمامه على رصد المشاعر والأحاسيس وردود الأفعال الإنسانية على المواقف المختلفة، ومن المهم أن يجسد الصحفي بقلمه تفاصيل الأحداث بسياقها الزمني والمكاني، وأن ينقل أدق التفاصيل مثل الأصوات، وملمس الأشياء حتى يكون عين القارئ لما يحدث في المشهد الذي يصفه". 

ويكمل الهواري حديثه مع "شبكة الصحفيين الدوليين" قائلاً: "في أوقات الحروب والأزمات هناك معايير مهمة تُؤخذ في الاعتبار ألا وهي حماية المدنيين؛ فينبغي ألا يذكر الصحفي أماكن تجمع الأشخاص حتى لا يتم استهدافهم فيما بعد من قوى معادية، ويفضل أيضًا عدم ذكر أسماء النازحين، وإخفاء وجوههم حتى لا يتم استهداف الشخص أو أسرته بناء على ما ذكره من تصريحات".

وهناك معايير أخرى ينبغي أخذها في الاعتبار عند كتابة القصة الإنسانية، مثل: 

-أن يحدد الصحفي خصائص واحتياجات جمهوره بدقة قبل البدء في إعداد وكتابة قصته. 

-أن يحصل الصحفي على تصريحات، واقتباسات، وجمل معبرة عن واقع الضحايا أو النازحين أو المتأثرين بالنزاعات والحروب. 

-أن يكتب الصحفي قصته من خلال السرد الدرامي للأحداث حتى تحدث القصة التأثير المنشود منها. 

-أن يقوم الصحفي بجهد مضاعف في عملية التدقيق من المعلومات والروايات التي يحصل عليها. 

-أن يسرد الصحفي الأحداث كروائي وأن يصيغ الجمل والعبارات والتفاصيل بشكل سلس وجذاب، وأن يحذف المعلومات التي لا تفيد قصته. 

-أن يبحث الصحفي عن القصص التي تقدم بارقة أمل في أوقات الأزمات والحروب، مثل القصص التي تحكي عن المبادرات الإنسانية، لتأثيرها الجيد على الجمهور. 

-أن يكون لدى الصحفي القدرة على الإنصات إلى الأشخاص الذين يتواصل معه لكتابة قصته. 

-أن يركز الصحفي على تفاصيل الأحداث، وأن يكون لديه القدرة على التبسيط غير المخل وذلك أثناء كتابة القصة. 

وفيما يتعلق بأنماط السرد التي تصلح في كتابة القصص الإنسانية؛ فيقول الهواري: "الفيتشر هو أسلوب كتابة ويمكننا توظيفه في الكثير من الأشكال الصحفية مثل: القصص المدفوعة بالبيانات والتي يمكن تقديمها من منظور إنساني، وكذلك الحال في القصص الإخبارية، أو القصص القائمة على الشهادات، أو البروفايل، أو القصص العلمية، والقوائم، والقصص المصورة، وغيرها من الأشكال والفنون الصحفية". 

ويختتم الهواري حديثه معنا قائلاً: "في خضم هذا الكم الكبير من المآسي والدمار الذي نشاهده على الفضائيات والمواقع الإخبارية، وصفحات السوشيال ميديا بشكل مستمر؛ يحتاج الصحفي أن يقسم يومه بين متابعة الأخبار وتأديه مهام وظائفه، وبين ممارسة هوايات محببة إليه مثل قراءة الروايات وسماع الموسيقى، وذلك حتى لا تتأثر صحته النفسية بالسلب جراء المتابعة المستمرة للأحداث". 

وهناك الكثير من المساقات والموارد التدريبية التي تساعد الصحفيين في تعلُم أساسيات السرد القصصي الرقمي، والتي ينصحنا بها الهواري مثل: 

- خمس خطوات لكتابة فيتشر مميز 

-استراتيجية أدوات مهمة لكتابة فيتشر مميز

 "مساق السرد القصصي الرقمي" وهو مساق مجاني ومتوفر على منصة "إدراك"، ويمكن الوصول إليه من خلال الضغط هنا

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة المشاع الإبداعي على موقع "Freepik" يمكن تنزيلها من خلال الضغط هنا