قل: صحافة ضد الصوت الواحد

Oct 30, 2018 در استدامة وسائل الإعلام

عمرو الأنصاري

قبل سنوات كان مجرد التفكير في كتابة مقال من قبل أحد الشباب الصحفيين جريمة لاتغتفر؛ إذ أن "مقال الرأي" أحد الفنون الصحفية كان حكرًا على الكتّاب "كبار السن" والمشاهير.

موقع "قل" المتخصّص في المقالات  كسر "القاعدة"، كأول موقع من نوعه يُطلَق في مصر والوطن العربي ويمنح الفرصة للجميع. أُطلق  في 7 يناير 2014 على يد "6" من الصحفيين المصريين منهم: سامح حنين من قناة سي بي سي، وأحمد فخراني من موقع دوت مصر، وهبة اسماعيل من الأهرام المسائي، رافعاً شعار "ضد الصوت الواحد"، فاتحًا ذراعيه للمواهب الشابة والكتاب المغمورين للقضاء على احتكار الكبار للرأي، وقد نجحوا في إنتاج "800" مقال لـ"210" كاتب يمثّلون "7" دول عربية هي: فلسطين وسوريا والمغرب ولبنان وتونس والجزائر والسودان، بالإضافة لمصر، من بينهم "90" كاتبًا يكتبون للمرّة الأولى، وكانت المفاجأة أن "30" منهم تم استقدامهم لكتابة المقالات في أشهر المنصات الصحفية والإعلامية في الوطن العربي مثل موقع يوروسبورت عربي، والمصري اليوم، وبي بي سي عربي . كما تم اختيار الموقع كأفضل موقع في استفتاء الجمهور لدويتشه فيله

بحسب ما قاله لنا أحد مؤسسي الموقع الأستاذ محمد ندا الصحفي في الأهرام ابدو وهو يروي تجربته لشبكة الصحفيين الدوليين حيث يقول:

الفكرة ولدت على المقهى عندما كنا نستمع أنا ومجموعة من الاصدقاء لأحد رؤساء التحرير المشهورين، وهو يتحدّث في برنامجه الإذاعي عن مقاله الذي كتبه في نفس اليوم، وهو نفس الأمر الذي كرّره في برنامجه التلفزيوني مساء!

تساءلنا لماذا يحتكر هذا الكاتب الكبير وأمثاله الرأي في مصر، بينما هناك جيل من الشباب محروم من إبداء رأيه ولا يجد متنفسًا له، فقرّرنا أن نصنع نحن ذلك المتنفس في موقع "قل".

شبكة الصحفيين الدوليين: كيف قمتم بتنفيذ الفكرة على أرض الواقع؟

محمد ندا: اجتمعنا في نقابة الصحفيين  وقمنا بوضع تبويب للموقع حرصنا فيه على التنوّع ما بين الرياضة والسياسة والكاريكاتير والثقافة والاقتصاد، واستعنّا بصديقة لنا لها خبرة في هذا المجال، وأهدتنا الموقع الحالي بعد أن نفذته في بيتها في بضعة أيام، ثم أطلقنا الموقع بعد أن قمنا بتشكيل مجلس تحرير لا يضمّ رئيسًا للتحرير لتقييم المقالات من حيث صلاحيتها للنشر من عدمه.

شبكة الصحفيين الدوليين: ما هي القواعد التي تحكم إدارة الموقع؟

محمد ندا: من خلال مجلس التحرير وزّعنا الأدوار. كل منا أصبح مسؤولاً عن أحد أقسام الموقع باستمرار. على أن يلعب كل منا دور مدير التحرير ليوم واحد، ويكون مسؤولاً عن اتخاذ قرار النشر بعد موافقة رئيس القسم. في حالة وجود اعتراض لدى مدير التحرير يرسَل المقال لمجلس التحرير بأكمله، ويُقرأ ثم نعمل تصويتًا على نشره، في حالة التعادل بين الأصوات نأخذ صوت كاتب المقال كمرجّح لنشره، وننشره، وفي حالة عدم نشره نعيده إلى الكاتب ونطلب تعديلاً. ينطبق هذا أيضًا على نقص المعلومات داخل المقال، وقد سبق أن أعدنا مقالاً لأحد الكتّاب لاحتوائه على سبّ وقذف، وتقبّل الأمر برحابة صدر وقام بتعديله وإرساله مرة أخرى ونُشر بالفعل. 

شبكة الصحفيين الدوليين: ماهي المعايير التي تحكم نشر المقالات؟

محمد ندا: الحرية مطلقة تمامًا داخل الموقع للكتّاب مع مراعاة المعايير الاخلاقية في  المقالات، ضد  العنصرية، والسب والقذف، وازدراء الأديان. نشرنا مقالات لجميع الأطياف السياسية في مصر حتى ممن هم في السجون، واعتقد أن هذا هو سبب تميّزنا ، لأن لدينا هدف، وهو أن نرسّخ لثقافة النقاش عند الاختلاف بدلاً من الصراع والعراك. أذكر أن مقالاً عن الريف نُشر بالموقع، وأرسل إلينا 20 مقالاً نشرناهم ردًّا عليه دون أي تجريح أو إساءة. 

شبكة الصحفيين الدوليين: ما هي أهم العقبات التي واجهتكم؟ 

محمد ندا: التمويل هو كلمة السر في كل الأزمات التي تعرّضنا لها وما زالت مستمرة ونحاول جاهدين أن نبحث لها عن حلول غير تقليدية، فقد أنشانا هذا الموقع بجهود ذاتية، ونقوم الآن بتحديثه على نفقتنا الخاصة، وليس لدينا مقرّ حتى الآن، نظرًا لرفضنا الحصول على تمويل حتى نحافظ على الاستقلالية، ونبتعد عن اللغط الدائر حوله.

شبكة الصحفيين الدوليين: ما تقييمك للتجربة حتى الآن؟ وكيف ترى المستقبل؟

محمد ندا: التجربة بكل المقاييس ناجحة فقد استطعنا أن ننتج جيلاً جديدًا من الكتّاب أصحاب المواهب الفذّة، وجيلًا آخر من القرّاء غير التقليديين. نفّذنا عددًا من الملفات الهامة التي طرحناها للكتابة، ونشر بها مقالات بديعة تعبّرعنها مثل "الطائفيون ليسوا من المريخ" و"كأس العالم... ولاد اللعيبة" لاقت استحسانًا كبيرًا، ونسعى للتطوير، فلدينا خطة لاستحداث قسم داخل الموقع يعتني بالمواهب الأدبية، أيضًا نسعى لإقامة شراكات مع دور النشر لإتاحة الفرصة لجمهورنا للاطلاع على أحدث الإنتاج الادبي، وأما على مستوى الإدارة فلدينا قرار اتخذناه جميعًا بضمّ عناصر أكثر شبابًا لمجلس التحرير لمواكبة الفكر الشبابي تدريجيًا حتى نصل إلى تغيير كامل في تشكيل المجلس، ونحن نرحّب بكل جمهور شبكة الصحفيين الدوليين للانضمام إلينا. 

الصورة الفردية لمحمد ندا الصحفي في الأهرام ابدو واحد مؤسسي الموقع وعضو مجلس التحرير وهو الذي أجريت معه الحوار.