تواجه المؤسسات الإخبارية تحديات كبرى من أجل الاستدامة والتأقلم مع التغيرات الكبرى التي يشهدها سوق الصحافة والإعلام في العالم، خاصة مع ظهور أجيال جديدة باتت تهرب من وسائل الإعلام التقليدية إلى منصات التواصل الاجتماعي، بجانب احتياجاتها المتنوعة والمختلفة فيما تستهلكه من أخبار وقصص صحفية.
وسط هذه التحديات، لا بد أن تكون غرف الأخبار على دراية جيدة بالجيل زد وتصوراته عن العالم، واحتياجاته من الأخبار، حيث أصبح هذا الجيل يمثل قطاعًا عريضًا من الجمهور الحالي، بجانب كونه جمهور المستقبل أيضًا.
لذا على وسائل الإعلام والعلامات التجارية الإخبارية أن تبدأ الآن في تصميم استراتيجية متكاملة لجذب أكبر عدد ممكن من هذا الجمهور المتزايد، وسوف يساعدكم هذا المقال، الذي يعتمد على دليل Gen Z: Attracting the next generation of news consumers الصادر عن شبكة CNN، ومصادر أخرى، في التعرف على الجيل Z وأهميته، وطرق استهلاكه للأخبار، والتحديات التي تواجهه وطرق التغلب عليها.
من هو "جيل Z"؟
هو الجيل الذي ولد في الفترة من 1997 وحتى 2011، أغلبهم لم يعرف حياة ما قبل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، و97٪ منهم يمتلكون هاتفاً ذكياً، وعلى دراية بالقضايا الاقتصادية والبيئية في جميع أنحاء العالم، لكنهم، في نفس الوقت، مستقلين للغاية، ومتأثرين بألعاب الفيديو والمسابقات والمقارنات المستمرة.
Source: Pew Research Center - Design: CNN guide
- هو جيل ذكي رقميًا: لم يعش في عالم خالٍ من التكنولوجيا الرقمية أو الإنترنت.
- اجتماعي: وسائل التواصل الاجتماعي هي نقطة اتصال أساسية في حياته اليومية.
- أكبر جيل في العالم: يمثل 32٪ من سكان العالم و16% من إجمالي عدد السكان في الشرق الأوسط، وحوالي 27٪ من سكان الولايات المتحدة.
- متنوع: معظم أبناء الجيل متنوعين عرقيًا مع 48٪ من المجتمعات الملونة.
ما هو سلوكهم والأحداث العالمية المؤثرة فيهم؟
تطور الأجيال روابط عاطفية قوية بالأحداث والتجارب التكوينية التي تؤثر على كيفية رؤيتهم لأنفسهم وللعالم من حولهم.
وكما شهد جيل الألفية Millennials في الشرق الأوسط، السابق للجيل Z، مجموعة من الأحداث المهمة والتجارب التكوينية، أبرزها ظهور شبكة الإنترنت ومحرك بحث جوجل ومواقع التواصل الاجتماعي، فقد شهد الجيل Z في الشرق الأوسط أحداثًا مهمة أثرت في تكوينه، مثل ثورات الربيع العربي، وظهور تنظيمات، وتصاعد الحركات النسوية ودعوات المساواة بين الجنسين، وحملة #MeToo، وأخيرًا جائحة "كوفيد 19".
- أبناء هذا الجيل فريدون: يريدون التعبير عن حقائقهم الفردية، وليس وضعهم في صناديق نمطية.
- جيل شامل: لا يريدون الارتباط بقضية واحدة، حيث يتيح لهم مجتمعهم الحقيقي التدفق المستمر بين الاهتمامات.
- القبول: يسعون إلى فهم الحقائق المختلفة واحترامها حتى لو لم يتفقوا معها.
- عملي: هم أقل مثالية وأكثر تحليلية، يبحثون عن الحقيقة وراء كل شيء.
لماذا هم مهمون؟
يمثل الجيل Z قطاعًا عريضًا ومهمًا من القراء ويمكن الاعتماد عليه لتوسيع قاعدة القراء وزيادة الأرباح.
- 64٪ منهم يتصل باستمرار بشبكة الإنترنت.
- 143 مليار دولار من القوة الشرائية بالعالم في عام 2020.
- 40٪ من المستهلكين العالميين في 2020.
- مستهلكون بارعون في التكنولوجيا والأكثر شراءً للمنتجات الرقمية.
- لديهم معايير عالية لكيفية قضاء وقتهم عبر الإنترنت.
سلوكيات الجيل Z الخاصة بوسائل الإعلام ومواقع التواصل
وفقًا لاستطلاع اتجاهات الوسائط الرقمية بالولايات المتحدة، يفضل الجيل Z تنسيقات الأخبار الاجتماعية والرقمية، حيث أن 50% منهم يحصلون على الأخبار يوميًا من قنوات التواصل الاجتماعي أو خدمات الرسائل، فيما يحصل 40٪ منهم على الأخبار يوميًا من محركات البحث.
- يستخدم الجيل Z أسبوعيًا: الهواتف الذكية لمدة 15.4 ساعة، والتلفزيون لمدة 13.2 ساعة، وجهاز الكمبيوتر المحمول لمدة 10.6 ساعة.
- جيل الألفية السابق عنه كان يستخدم الهواتف الذكية والتلفزيون بنفس المعدل، 14.8 ساعة أسبوعيًا، وجهاز الكمبيوتر المحمول لمدة 16.4 ساعة أسبوعيًا.
- يعتبر الجيل Z أقل الأجيال استخدامًا للتلفزيون، بينما 89٪ منهم يستخدمون الجهاز المحمول أثناء مشاهدة التلفزيون.
Source: Global Web Index - Design: CNN guide
- يفحص الجيل Z منصات التواصل الاجتماعي يوميًا ويستخدمها للبحث عن الحقيقة، والتعبير عن هوياتهم الحقيقية والاتصال بالآخرين.
- يفضلونها لأنها سهلة، لا تجبرهم على بذل مجهود في البحث والتفتيش بين المحتوى للعثور على ما يريدونه.
- تقدم لهم محتوى قصير الشكل يسهل مسحه ضوئيًا، تحديدًا Snapchat وInstagram.
- يُعد YouTube بالنسبة لهم مصدرًا للترفيه أو التعلم أو التواصل مع منشئ المحتوى.
Source:: Business Insider, 2019; MediaPost, 2020 - Design: CNN guide
- الجيل Z أقل إعجابًا بموفري الأخبار التقليديين، وأكثر إعجابًا بالمصادر الاجتماعية التي تقدم تجارب إخبارية فورية وتفاعلية وجذابة أكثر من المصادر التقليدية، مثل الأخبار التلفزيونية أو الصحف.
- يبحثون عن الإشباع الفوري ولا يريدون بذل مجهود للحصول على الأخبار (على سبيل المثال، الكثير من القراءة).
- يفضلون الحصول على الأخبار بشكل مرئي من خلال المنصات الاجتماعية بدلاً من مواقع الويب أو التطبيقات.
- يسعون إلى تقارير أصلية غير ملونة أو معدلة لتوافق توجه سياسي أو اجتماعي محدد.
Source: Morning Consult, May 2019 - Design: CNN guide
التغلب على تحديات وتصورات جيل Z عن الأخبار
تشمل التحديات والتصورات الآتي:
1- يتصور الجيل Z أن الأخبار ليست ذات صلة به، والتغطيات غير موسعة ومتكررة لنفس المواضيع، ومعظم منافذ الأخبار تتناولها بنفس الطريقة، كما أنه غالبًا ما تغطى القصص الدولية بميل قومي.
2- يرى الجيل Z أن معظم الأخبار تبدو سلبية للغاية ووسائل الإعلام تبالغ في هذه السلبية، وأن معظم القصص السلبية لا تتضمن حلولًا ولا يشار خلالها إلى الجوانب الإيجابية والملهمة، بجانب الظلم الملحوظ في استهداف الشخصيات العامة ومحاباة بعض الفئات.
3- يعتقد الجيل Z أن الأخبار تبدو منحازة بشكل مفرط، مما يتسبب في تفسير الحقائق والأحداث بشكل غير حقيقي، بجانب نشر الكثير من الآراء المتطرفة أو التحريضية وإعطائها صوتًا متساويًا مع الآراء المعتدلة.
4- يرى الجيل Z أن نبرة الأخبار لا تتعلق بحياته، وتعتمد على لهجة جادة ومؤسسية وجافة وتقنية للغاية، خاصة لأولئك الذين قد لا يكونون على دراية بالموضوع.
5- يرى الجيل Z أن الأخبار ليست دائمًا متزامنة مع أي موقع وسائط اجتماعية يستخدمه، حيث تنشر العلامات التجارية الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل لا يتوافق مع محتوى وشكل وأسلوب منصة التواصل الاجتماعي، كما لو أن تركيزها ينصب على إعادة توجيه المستخدم إلى موقع الويب الخاص بها فقط.
6- يستاء الجيل Z من الأخبار الكاذبة والمضللة وتداولها في بعض العلامات الإخبارية باعتبارها حقيقة، بنفس قدر استيائه من نشر القصص على وسائل التواصل الاجتماعي من دون إسناد أو عبر علامة تجارية غير معروفة.
6- يرى الجيل Z أنه لا يريد تجاهل المحتوى الإخباري لكنه يضطر إلى ذلك بسبب أن بعض القصص تحتاج الكثير من الجهد لفهمها، كما أن المحتوى وطريقة عرضه أقل جاذبية من المحتوى في الوسائط الاجتماعية الأخرى الأكثر تسلية.
لمعالجة هذه التحديات يجب أن تتبع غرف الأخبار الآتي:
- تغطية مجموعة أوسع من الموضوعات (الفن والثقافة، النشاطات والترفيه، البيئة)، بجانب التركيز على القصص البشرية والشخصية والواقعية.
- التركيز على صحافة الحلول، وتنتج القصص التي يمكن أن تلهم الجمهور حول إمكانية التغيير، وتتضمن مسارًا للعمل الإيجابي، مع تجنب التغطية القائمة على الصور النمطية.
- تجنب إعطاء الآراء المتطرفة أو التحريضية مساحة لا تستحقها، مع تمكين الجمهور من الوصول إلى مجموعة متنوعة من الآراء الحقيقية، والتفسيرات المتوازنة حول الحقائق والأحداث، خارج المعادلة التقليدية يسار/يمين.
- التركيز على المزيد من القصص البشرية والإنسانية، مع لمسات غير رسمية وسرد بسيط، وتضمين الآراء الصادقة (أناس حقيقيون، وجهات نظر حقيقية من قلب الواقع)، ولا مانع من زيادة جرعة الأخبار الخفيفة والترفيه.
- استخدام المنصات كأي مستخدم عادي لفهم كيفية مشاركة الجمهور، ثم تأسيس نسخ منفصلة وأصلية ومخصصة لأجهزة المحمول والمنصات الاجتماعية، مع دمج هذه النسخ في موقع الويب والتطبيق الهاتفي.
- التحلي بالشفافية قدر الإمكان فيما يتعلق بالمصادر، وتقديم الإسناد دائمًا، والتقليل من استخدام المصادر المجهولة أو ذكر سبب عدم الإفصاح عنها بكل شفافية. بجانب العمل على جذب انتباه القراء إلى العلامة التجارية والترويج لموثوقيتها وجودتها، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك.
- جعل تجربة المستخدم مع منصاتها تبدو سهلة ويمكن الوصول إليها والتعامل معها ببساطة مثل Netflix، على سبيل المثال. بجانب الوضوح والمباشرة في سرد القصص المعقدة، بدون التقليل من شأنها.
- أما بالنسبة للقصص المستمرة والتي تحدثها غرف الأخبار من وقت لآخر، يجب تضمين محتوى خلفية داخل كل قصة، يمكن للقارئ الرجوع إليه لفهم السياق كاملًا أثناء التطورات الجديدة.
نصائح سريعة لتصل أخبارك لقطاع عريض من الجيل Z
- لا تبتعد عن الأخبار الجادة، ولكن احرص أيضًا على تضمين القصص التي تعكس الإنصاف والتنوع والشمولية والتوازن.
- لا تقدم فقط القصص أو الأخبار التي تصنف تحت بند "ما يجب أن تعرفه"، ولكن أيضًا قدم ما هو مفيد وممتع بمجرد معرفته.
- لا تجعل جمهورك يبذل مزيدًا من الجهد في البحث عن المحتوى أو فهمه. واستخدم عناوين وصفية وشارحة بكثرة، وتجنب ظهور النوافذ المنبثقة المزعجة.
- لا تعتمد على أخبار "صحافة الإثارة" للحصول على قراءات أكثر أو زيارات أعلى. حافظ على مصداقيتك، وضع في حسبانك أن محتواك يذهب في النهاية لجمهور ذكي.
- الاهتمام بالآتي:
-تحديد المنصة الاجتماعية الأقرب للجيل Z.
- استخدام الرسائل الإخبارية.
- تأسيس منتجات صوتية ومرئية أو حتى نشرات بريدية تهتم بأفكارهم وموجهة لهم بشكل مباشر.
- استخدام صحافة البيانات ودعم المحتوى بالإنفوجراف والرسوم البيانية عالية الجودة ومقاطع الفيديو والصور.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة المشاع الإبداعي.