يتجه العديد من الصحفيين إلى تأسيس وإطلاق مشاريعهم الإعلامية الخاصة ومنصاتهم الإخبارية، ومبادراتهم التي من شأنها تعزيز دور الإعلام في مجتمعاتهم، وتعزيز المساءلة والشفافية وسيادة القانون. ويبحث الكثير من هؤلاء الرياديين عن فرص لتمويل هذه المشاريع من خلال الجهات المانحة، إلا أنّ عملية جمع التمويل والحصول على المنح هي مهمة بدوام كامل وتستنزف الكثير من الوقت والجهد والمتابعة الحثيثة.
في هذا المقال، تقدّم شبكة الصحفيين الدوليين مجموعة إرشادات للصحفيين الراغبين بإطلاق مشاريعهم الريادية:
أولًا، جمع التمويل من خلال المنح: في أول جلسة تدريب شاركت بها حول جمع واستقطاب التمويل، ذكرت الخبيرة في هذا المجال بريدجيت جالاجر، أنّ عملية استقطاب المنح والممولين هي عملية بطيئة ومرهقة، وأنه عليك كريادي الأخذ بالاعتبار أنّ المدة التي ستنقضي منذ لقائك الأول للجهة المانحة حتى تستلم الدفعة الأولى من هذه الجهة قد تكون من سنة الى سنتين، وأنّ طول المدة يتناسب مع حجم المنحة، وعليك التخطيط على هذا الأساس من ناحية استدامة أعمال المشروع وأنشطته، مع إمكانية التقديم على منح صغيرة من العديد من الجهات المانحة التي قد تستغرق مدة أقل ستة أشهر لاستلام الدفعة الأولى. وقد تكون المنح الصغيرة بمثابة حلول مؤقتة تغذي مشاريع قصيرة الأمد، لكنها لا تغني عن المنح طويلة المدى والتي من شأنها أن توفر استدامة مالية أفضل للمشروع.
ثانيًا، يجب أن يتحدث أحد الشركاء اللغة الإنجليزية: إنّ العاملين لدى الجهات المانحة لديهم التزامات وأهداف وخطط تحتاج الى التنفيذ، والتعامل مع شركاء لا يستطيعون التحدث معهم بلغة مشتركة يشكّل عائقًا، ومع أنه يمكن تجاوز هذا العائق عن طريق الاستعانة بمترجمين، إلا أنّ عملية الترجمة تستغرق الوقت والمال و الجهد، لهذا من الطبيعي أن تفضل الجهات المانحة التعامل مع شركاء يستطيعون التحدث معهم بلغة مشتركة وغالباً ما تكون اللغة الانجليزية.
ثالثًا، لا تبالغ بالوعود وحاول تحقيق نتائج جيدة: هناك العديد من الرياديين ممّن يتسرعون بإطلاق الوعود عند تقديم مقترحاتهم لتمويل مشاريعهم، ويكون من الصعب الإيفاء بها لاحقاً، مثل تدريب ١٠٠ صحفي وإنتاج ١٠٠ قصة كمخرجات من هذا التدريب، أو أن تقوم بوعد الجهة المانحة بتسليم المخرجات خلال ٣ أشهر وأنت فعلياً تحتاج إلى فترة أطول. عدم الإيفاء بالوعود التي تقطعها للمانحين قد يضرك عند تجديد المنحة أو التقدم بمقترحات لجهات مانحة أخرى.
فبحال كان هدفك تدريب ١٠٠ صحفي، لا تعد الجهة المانحة بالعدد كاملًا، وإن كان المشروع يستغرق خمسة أشهر، يمكنك وضع المدة ستة أشهر وترك شهر إضافي في الخطة تحسباً لأي مشاكل أو عوائق قد تواجهها خلال العمل على المشروع.
رابعًا، العمل خطوة بخطوة وعدم التسرّع: يقع الكثير من الرياديين بخطأ عندما يسعون للانطلاق بشكل كبير والتقديم على منح كبيرة القيمة والحصول عليها، وبعد ذلك القيام باستئجار مكاتب كبيرة وإنفاق المال لشراء الأثاث والأجهزة الحديثة وتعيين الموظفين وعند انتهاء هذه المنحة يجدون صعوبة في الحصول على منح أخرى تضمن استدامتها.
لهذا من الأفضل العمل على تنفيذ مشاريع صغيرة وبمنح صغيرة، وعند نجاح المشروع يمكن التقديم إلى منح أكبر وتوسيع المشروع في السنوات اللاحقة، من أجل ضمان الاستدامة.
خامسًا، تابع مع الجهات المانحة بشكل دوري: عند الانتهاء من اجتماع أو مكالمة مع إحدى الجهات المانحة، اسأل دائماً عن الجدول الزمني المتوقع للخطوة القادمة، ومتى يمكنك أن تتوقع رداً، وحدد يوماً. فمثلاً إن كان الردّ أنّ الإجابة ستصلك خلال شهر، يمكنك إرسال تذكير لهذه الجهة بعد انقضاء الشهر، وعليك تجنب ارسال الرسائل للجهات المانحة خارج أوقات الدوام الرسمي أو خلال أيام العطل الرسمية أو عبر الواتسآب.
أبرز ٨ مؤسسات تدعم المشاريع الإعلامية الناشئة
يحلم العديد من الصحفيين ممّن اكتسبوا الخبرة خلال سنوات من العمل الصحفي إطلاق مشاريعهم الخاصة، لكنّ الواقع يصدمهم بمدى الصعوبات التي تواجههم عند إطلاق هذا المشروع، عدا عن عوائق وتحديات العمل في العالم العربي الذي يواجه انعدام الاستقرار السياسي وقمع حرية التعبير والرقابة الذاتية التي يمارسها العديد من الصحفيين لتفادي التصادم مع هذه الجهات النافذة.
ويتمثّل العائق الأكبر باستقطاب التمويل الكافي للمشروع الناشئ وتحقيق استدامته، ولهذا يمكن للصحفيين التعرّف إلى أبرز المؤسسات الدولية التي تدعم المشاريع الإعلامية الناشئة في العالم العربي.
أولاً، مركز التوجيه للمبادرات الإعلامية الناشئة التابع لشبكة الصحفيين الدوليين: على مدار الأعوام الثمانية الماضية، عمل مركز التوجيه للمبادرات الإعلامية الناشئة على تدريب وتوجيه ما يزيد عن ٦٠ صحفياً على التخطيط الاستراتيجي ووضع خطة عمل، وتفعيل الحملات الإعلامية وتطوير الخدمات أو المحتوى، وعلى كيفية تحسين المحتوى المكتوب والبصري بالإضافة إلى التسويق الرقمي عموماً وعبر وسائل التواصل الإجتماعي بحسب متطلبات كل شركة لتحقيق أفضل النتائج. كذلك يتعرّف المشاركون/ات على كيفية دراسة السوق الإعلاميّة وفقًا لبلدهم العربي وما يحتويه من مؤسسات إعلاميّة منافسة وطريقة عملها. ويتمكنون من إقامة علاقات مهنية إقليمية خلال المشاركة في البرنامج.
من خلال المشاركة في مركز التوجيه للمبادرات الاعلامية الناشئة، يمكنك اكتساب المهارات والخبرات الكافية لتطوير مشروعك الخاص والاستفادة من العلاقات والتشبيك مع العديد من الجهات لاستقطاب التمويل الكافي لاستدامة مبادرتك.
ثانيًا، الصندوق الوطني للديمقراطية NED: مؤسسة خاصة غير ربحية مكرسة لتحقيق النمو وتعزيز المؤسسات الديمقراطية في جميع أنحاء العالم. في كل عام، يقدم الصندوق الوطني للديمقراطية أكثر من 1000 منحة لدعم المشاريع غير الحكومية والتي تعمل من أجل الأهداف الديمقراطية في أكثر من 90 بلدًا. ويعمل الصندوق الوطني للديمقراطية على تعزيز نمو مجموعة عريضة من المؤسسات الديمقراطية وتعزيز استقلالية وسائل الإعلام وسيادة القانون.
ثالثًا، منظمة المجتمع المنفتح: تدعم مؤسسة المجتمع المنفتح الأفراد والمنظمات الذين يناضلون بجميع أنحاء العالم من أجل حرية التعبير عن الرأي والشفافية والحوكمة الرشيدة، ومن أجل إقامة مجتمعات تعددية تعزز العدالة والمساواة، حيث تنفق المؤسسة ما يزيد عن مليار دولار سنوياً لتوفير أكثر من ٥٠ ألف منحة في أكثر من ١٢٠ دولة حول العالم.
رابعًا، الوكالة الفرنسية للتعاون الإعلامي (CFI): يتمثّل دور الوكالة في تعزيز مساعي تطوير التعاون الإعلاميّ في دول الجنوب، لا سيّما في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ومنطقة البحر الأبيض المتوسّط، وهي إحدى شركات مجموعة إعلام فرنسا العالمية وتدعم العديد من المبادرات والمشاريع الإعلامية الناشئة في مختلف أنحاء العالم العربي.
خامسًا، منظمة دعم الإعلام الدولي (IMS): هي منظمة غير حكومية وغير ربحية مسجلة في الدنمارك، تدعم وسائل الإعلام المحلية في البلدان المتأثرة بالصراع المسلح والحكم الاستبدادي والتحول السياسي. عبر أربع قارات، وتساعد على تعزيز حرية الصحافة، والصحافة المهنية وضمان عمل وسائل الإعلام في ظروف صعبة.
سادسًا، منظمة فري بريس أنليميتد Free Press Unlimited: تعمل المنظمة على دعم الصحفيين والإعلاميين عن طريق توفير الدعم في حالة الطوارئ والتدريب والإرشاد والتوجيه وتطوير المهارات وبناء القدرات، وتهدف المنظمة على المدى البعيد لتحقيق مجتمع متنوع ومهني من المؤسسات الاعلامية المستقلة والصحفيين المحترفين القادرين على إحداث التغيير الاجتماعي في مجتمعاتهم المحلية في كل أنحاء العالم.
سابعًا، المؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية European Endowment for Democracy: هي جهة مانحة مستقلة أسّسها الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في العام 2013 كصندوق استئماني دولي مستقل مكلّف برعاية الديمقراطية في دول الجوار الأوروبي. تقدّم المؤسسة الدعم لمؤسسات المجتمع المدني، والحركات المناصرة للديمقراطية، وللمنصات الاعلامية المستقلة والصحفيين المستقلين الذي يسعون إلى إرساء نظامٍ ديمقراطي وتعدّدي. تقدّم المؤسسة الدعم إلى المؤسسات الجديدة، والمؤسسات غير المسجلة رسميًا، والمنصات غير الرسمية، والمجموعات الشبابية، والدعم مشروط بالالتزام بقيم الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان، ومبادئ اللاعنف.
ثامنًا، منظمة انترنيوز: هي منظمة غير ربحية متخصصة في دعم الإعلام الدولي، وتؤمن بحق الجميع بالوصول الى معلومات وأخبار موثوقة وذات مصداقية وبحق الجميع باتخاذ قرارات ومساءلة أصحاب السلطة عن قراراتهم. تعمل المنظمة في أكثر من ١٠٠ دولة حول العالم ودعمت على مدار السنوات ما يزيد عن ٣٠٠٠ مؤسسة إعلامية ودربت ما يزيد عن ٢٠ ألف صحفي، وتدعم قضايا مهمة كمحاربة البروباغاندا والفساد وتعزيز المنظومات الصحية والبيئية عالميًا.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة دييغو بي اتش.