تزامنت كتابة هذا المقال مع استهداف منزل الكاتب بهجوم نفذه مجهولون، وهي ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه الاعتداءات على الصحفيين.
فبعد يوم حافل بالاعتداءات بالضرب والاحتجاز ومصادرة المعدات ومنع التغطيات على هامش الأحداث التي شهدتها بغداد في آب/أغسطس الماضي، ووفق بيان أصدرته جمعية الدفاع عن الصحافة في العراق، أقدم مسلحون مجهولون في محافظة الديوانية على استهداف منزل الصحفي نبيل الجبوري (كاتب المقال) بقنبلة يدوية، وهو ما وثقته كاميرات المراقبة.
وتشهد الاحتجاجات الكثير من حوادث إطلاق النار، ممّا يصعب التغطية على الصحفيين لا سيما خلال فترات الانتخابات أو ما يليها وهو ما يعيق ممارسة مهمتم في نقل الأخبار ومراقبة الأوضاع السياسية للبلاد، ولا زالت منظمات حماية الصحفيين تؤشر بأن خطر التعرض للاعتداء أو السجن يرتفع بوجه خاص في أوساط الصحفيين الذين يغطون الأحداث السياسية والاحتجاجات والنزاعات لذا على العاملين بهذا المجال أخذ الاحتياطات الأمنية والصحية وتحديد ما يجب عليهم اتخاذه خلال التغطيات من أجل ضمان السلامة.
ويقدّم تقرير تمّ إعداده وفقًا لقرار مجلس حقوق الإنسان 33/2، لمحة عامة عن الآليات المتاحة المعنية بضمان سلامة الصحفيين، ويشير إلى أنه على الرغم من الاهتمام بسلامة الصحفيين على الصعيدين الدولي والإقليمي، فإنّ الاعتداءات على الصحفيين تتزايد، مما يثير تساؤلات مشروعة حول تأثير هذه الآليات على جميع المستويات.
وفي نظرة عن كثب، نلاحظ الاستهدافات المتكررة للصحفيين لا سيما في العراق الذي يؤشر بأنه بيئة خطرة للعمل الإعلامي، حيث الإفلات من العقاب والتغاضي عن ملاحقة المعتدين وعدم الجدية بمحاسبة الجناة، وعدم تمكّن الصحفيين من الحصول على الدعم اللازم من المنظمات المعنية بالحريات.
استهداف بالجملة
حصلت استهدافات وانتهاكات عديدة عقب التظاهرات التي انطلقت في بداية آب/أغسطس في العراق، ومنها تعرض طاقم قناة العراقية للمحاصرة والمطالبة بوقف التصوير، كما أُصيب طاقم قناة الميادين بقنبلة صوتية، وتعرض طاقم تلفزيون العربي لإطلاق نار من قناصين، بينما أُصيب مراسل قناة دجلة ‘مصطفى لطيف بجروح بمنطقة الرقبة وأُصيب زميله المصور كمال رعد في منطقة الساق، وذلك أثناء انشغالهم بتغطية الأحداث.
فيما يلي تقدّم شبكة الصحفيين الدوليين عددًا من الإرشادات التي يمكن أن يأخذها الصحفيون بعين الاعتبار عند تغطية الاحتجاجات، لا سيما تلك التي تحصل خلال الانتخابات أو عند إعلان النتائج، من أجل حماية أنفسهم وضمان سلامتهم.
المكان المناسب للتغطية الصحفية
على الصحفي اختيار المكان المناسب لتغطية الحدث بصورة آمنة وعدم اتخاذ مكان الوسط بين الطرفين، كي لا يكون محاصرًا وسط جموع المحتجين وقوات الأمن ممّا يعيق تغطيته الشاملة أيضًا.
اللياقة البدنية
يحتاج الصحفي لمرونة في الحركة ويجب أن يمتلك قدرًا جيدًا من اللياقة البدنية وقوة التحمل لأنّ بعض الأحداث تستمرّ لساعات طويلة أو يمكن أن تنتقل الاحتجاجات من مكان لآخر، لذا فإنّ القابلية على التحرك والتنقل مهمة ومطلوبة لدى الصحفيين والمصورين.
خارطة طريق
من الضروري رسم خطة للطرقات التي يمكن سلوكها في حال اشتدّت الاحتجاجات ووصل الأمر الى التصعيد باستخدام الأسلحة، ليتمكّن الصحفي من الوصول إلى المكان الآمن بشكل أسرع.
الملابس أثناء التغطية
يفضل ارتداء الملابس المصنوعة من القماش المقاوم للنيران بدلًا من المواد سريعة الاشتعال وكذلك الأحذية الخفيفة والطبية المريحة، إضافة إلى ضرورة ارتداء السترة الواقية لحماية الجسم من الطعن بسكين أو من الرصاص المطاطي وقبعات ذات بطانة معدنية خصوصًا في الأوضاع الخارجة عن السيطرة.
العمل الجماعي
العمل بمجموعات أثناء تغطية الاحتجاجات يمكّن العاملين من مراقبة وإسناد بعضهم البعض، فضلاً عن معرفة تحركات بعضهم البعض لإبداء المساعدة في الوقت المناسب لأي شخص في المجموعة.
عكس اتجاه الريح
في حال استخدام الغاز المسيل للدموع أو رذاذ الفلفل حاول أن تكون بعكس اتجاه الرياح، حتى لا تتعرض لإصابة مباشرة بالغاز ويفضل ارتداء القناع الخاص.
هجوم المنازل
إذا تعرّض منزلك الى هجوم مسلح بعد تغطيتك الاحتجاحات، عليك البقاء داخل المنزل والتحصن جيداً والاتصال بقوات الأمن فربما ينتظرك هجوم آخر أو يكون عبارة عن كمين لسحبك خارج المنزل، وبعدها يتم الاعتداء عليك بشكل مباشر. انتظر قوات الأمن وإذا كان الوضع خارجًا عن السيطرة حاول الخروج بطرق مخفية حتى تصل مكان آمن.
توصيات دولية
من الأفكار المستحسنة، حسب الاتحاد الدولي للصحفيين، أن تحمل معك ليمونة أو فاكهة من فصيلة الحمضيات ويمكنك عصر هذه الفاكهة على المنطقة المتأثرة من الجلد لتساعد في معادلة المهيجات الكيميائية.
وتساعدك المنشفة المبللة في حماية وجهك من تأثيرات الغاز المسيل للدموع وقنابل المولوتوف، كما يمكن استخدام القناع الواقي من الغاز ونظارات السباحة أو واقيات العيون الصناعية.
احمل بطاقة خاصة تلبسها حول عنقك تحتوي على معلومات الاتصال الخاصة بك ومن ضمنها فصيلة دمك ورقم الهاتف والمؤسسة التي تعمل لصالحها، ورقم هاتف لأحد الأشخاص المقربين للتواصل معه عند حدوث أمر طارئ.
ويوصي الاتحاد بأن يحمل المصورون أشرطة أو بطاقات ذاكرة "تالفة" لتسليمها بدلاً من الأشرطة الحقيقية إذا ما طلب منهم ذلك. وبحال تعرّض الصحفي للاعتقال يوصى بالحفاظ على الهدوء حتى لا تتفاقم الأمور، وعند الكلام، عليه كل ما في وسعه لتوضيح أنه يقوم بتغطية الأخبار.
كذلك على الصحفي أن يتذكّر دوره دائمًا كمراقب للأحداث وكناقل للخبر، وهناك المزيد من تعليمات السلامة وضعت في دليل خاص يمكن للصحفيين الاستفادة منها.
وتذكّر شبكة الصحفيين الدوليين بحقيبة السلامة الجسدية، ومن أبرز الأدلة الأدلّة الإرشادية هو دليل حماية الصحفيين، المتوفر بلغات عدة منها العربية. إضافة إلى ذلك، نشر الاتحاد الدولي للصحفيين في العام ٢٠٠٣ دليلاً كاملاً حول سلامة الصحفيين في الميدان، وهو كتاب كامل تحت عنوان: دليل نجاة الصحفيين. كما يجب على الصحفيين الذين يقومون بتغطيات ميدانية، لا سيما خلال الانتخابات والأحداث السياسية الاطلاع على مبادئ الإسعافات الأولية. وتقدّم مؤسسة "مراسلون متمرسون لإنقاذ الزملاء" تدريبات معمّقة في الإسعافات الأولية. وبإمكان الصحفيين متابعة أخبار الزملاء الذين يتعرّضون لأي أعمال تُهدد عملهم أو حياتهم من خلال منصة "INSI".
الصورة مقدمة من الكاتب نبيل الجبوري أثناء أحد الاحتجاجات في العراق