المواقع الهزلية العربية رسالتها أبعد من الضحك

Oct 30, 2018 در التنوع والإدماج

في السنوات الأخيرة ظهرت أكثر من تجربة عربية تعتمد على نشر أخبار هزلية غير سليمة بهدف السخرية من الواقع العربي سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية، لا تهدف أغلب تلك التجارب لمجرد إضحاك جمهورها، بل تسعى جاهدة للتأثير في جيل كامل من الشباب العربي!

شبكة الصحفيين الدوليين تجمع لكم في هذا التقرير مجموعة من التجارب الهزلية الناجحة إضافة إلى نصائح سريعة لكل مبادر أعمال يرغب في إطلاق مشروعه الهزلي الخاص.

تجارب مميزة

كيف تفضل صرف راتبك الشهري: هل في دفع إيجار منزلك، الضرائب، المخالفات، أم في الرشاوي؟ هذا هو أحد استطلاعات الرأي التي نشرها موقع شبكة الحدود الاردني، الموقع أراد من خلال الاستطلاع ان يلفت النظر بشكل ساخر إلى غلاء الأسعار وانتشار الرشى، بنظرة فاحصة لما ينشره الموقع ستكتشف أن هدفه هو لفت النظر لمشاكل عديدة يواجهها الشباب الأردني.

يعرّف صناع شبكة الحدود أنفسهم بأنهم "مجموعة من الشباب بهدف ما ورؤية فضفاضة، الموقع مخصص للسخرية والكوميديا التي يصيبها السواد أحياناً". يحتوي الموقع على عدة أقسام، سياسة، اقتصاد، ثقافة وعلوم، ومنوعات، ويتخطى معجبيه على فيس بوك 12 ألف معجب، كما يمكنك متابعة تغريداته على تويتر من هنا.

أما تجربة The Pan-Arab Enquirer الصادرة من الإمارات فاختارت أن تخاطب جمهورها باللغة الإنجليزية. بدأ الموقع عام 2010 ونجح في تحقيق ترتيباً مميزاً داخل الإمارات، وشعاره هو "المصدر العربي الأكثر ثقة للأخبار الساخرة". يعرف صناع التجربة موقعهم بأنه يقدم أخباراً غير حقيقية وأن أي تشابه مع الواقع هو مجرد مصادفة. يعطي الموقع الفرصة للمستخدمين لارسال مقالات ساخرة لنشرها في الموقع، ويحتوي على عدة أقسام منها، سياسة، أعمال، فن وترفيه، رياضة، الأخبار في صور، عدد المعجبين يتخطى 13 الف معجب على صفحة الموقع على فيس بوك، وعلى تويتر يتابعه أكثر من 8700 متابع، لا يكتفي الموقع بنشر أخبار ساخرة عن الإمارات، فهناك مساحة كبيرة لأخبار عن الخليج، الوطن العربي والعالم أيضاً.

"وزارة الأوقاف المصرية تقرر إنشاء 12 مركزا لعلاج الإلحاد بالأعشاب" خبر تناقلته مواقع مصرية عدة على أنه حقيقي، لكن مصدر الخبر الأصلي هو موقع أخبار لندا الهزلي الذي أطلقه مجموعة من الشباب المصري، الموقع يعرف نفسه على أنه "شبكة الأخبار العالمية مع أكبر شبكة مراسلين من كافة أنحاء العالم ومتخصص في الاخبار النادرة المتميزة من مصر والعالم".

يسعى القائمون على الموقع للتعبير عن ما يضايقهم في المجتمع المصري عن طريق الأخبار، فأحد الأخبار ينتقد تراجع مصر العلمي بشكل غير مباشر: "مصر ترسل أول مكوك إلى الفضاء" وخبر آخر يسخر من انتشار الفتاوى الدينية بشكل كبير في المجتمع وغيرها من الأخبار الساخرة.

ومن المغرب اخترنا لكم تجربة مختلفة قليلاً، فهي ليست موقع متخصص في الأخبار الساخرة، هو مجرد عامود صحفي لمدون مغربي يوقع على مقالاته باسم "إسرافيل المغربي". المقالات تنشر في موقع شهير في المغرب هو كود، عنوان العامود الثابت هو أخبار الطنز، وكلمة الطنز في العامية المغربية تعني ساخر وغير حقيقي، ورغم ان التجربة مجرد عامود وليست موقع مستقل لكنها حققت جدلاً كبيرا في المغرب وخارجه، ففي احد مقالاته كتب "إسرافيل" ساخراً من انتشار الفتاوى الدينية الغريبة مختلقاً فتوى لمفتي السعودية يجيز فيها أكل الزوج للحم زوجته إن أحسّ بالجوع. مواقع عربية عدة نقلت الفتوى على أنها حقيقية لدرجة أن السعودية أصدرت بيانا رسمياً تنفي فيه الفتوى. وهو ما يوضح التأثير الكبير للمحتوى الهزلي على الإنترنت.

أما أحدث التجارب العربية في عالم المواقع الهزلية فهو موقع بطيخ تايمز، الذي ما زال تحت الإنشاء، وهو الجزء العملي من رسالة الماجستير التي يقوم بها الباحث والصحافي المصري مينا ممدوح في إحدى الجامعات الأجنبية عن علاقة الاعلام والسخرية بالتفكير النقدي، يقول ممدوح لشبكة الصحفيين الدوليين: أن المواقع الهزلية تلعب دورا هاما في نشر ثقافة التفكير النقدي حيث تجعل المستخدم لا يكتفي بقراءة الخبر دون التحقق من صحته.

وهذا النوع من المحتوى مؤثر بشكل كبير على الشريحة التي تستقي أخبارها من شبكات التواصل الاجتماعي مباشرة، وهي شريحة الشباب. فمثلاً في بطيخ تايمز أهدف لعرض موضوعات غير حقيقة للسخرية من موضوعات حقيقية ويتضمن كل موضوع قيمة نتمنى وجودها مثل التخطيط الجيد النزاهة الشفافية محاربة الفقر وغيرها من قيم تمس حياة المصري مباشرة بهدف تنشيط الحس النقدي للمتلقي.

دليلك لصناعة موقع هزلي ناجح

بعد جولة طويلة على المواقع الهزلية سواءً الأجنبية أو العربية يمكننا أن نقول أن صناعة موقع هزلي تحتاج إلى مهارات عدة على رأسها أن يكون فريق العمل نفسه مبتكر وقادر على صياغة قصص خيالية مؤثرة، دراسة التفكير الإبداعي ستفيدك وفريق عملك بالتأكيد، أيضاً من المهم أن تدرك أن تصميم الموقع الهزلي كلما كان جاداً ومحترفاً كلما كان مؤثراً أكثر.

أهم المواقع الهزلية العالمية الناجحة لا تختلف في تصميمها عن المواقع الإخبارية المحترفة التي تقدم أخباراً حقيقية، لكن تذكر دائماً ان تضع عبارة تفيد ان محتوى الموقع ساخر وغير حقيقي، فنجاح الأفكار الهزلية يعتمد على أن يفهم الناس أنها هزلية، حتى لا يتبادلها الجمهور على أنها أخبار حقيقية وهنا سيتحول الأمر إلى خداع للناس. فكلما كانت القصة معبرة عن هموم واحتياجات أكبر عدد من الناس كلما تفاعلوا معها، قضايا مثل الفساد والبطالة والرشوة وغيرها مما يهم الناس تصلح أفكار لقصص هزلية مميزة، التفاعلية مهمة أيضاً لذلك اهتم بتعليقات المستخدمين ووجه لهم دعوة دائمة لارسال أفكارهم.

الصورة من تصميم مصطفى فتحي.