إرشادات للصحفيين الذين يريدون إجراء تحقيق صحي عابر للحدود

نوشتهفيليب أبو زيدApr 28, 2022 در الصحافة التعاونية
صورة

يعيش العالم في حالة من التخبّط على المستويات كافّة منذ العام 2019، فقد ألقت جائحة "كوفيد 19" بظلالها على مجالات عدّة، وأثّرت على الصحفيين/ات في كلّ منطقة، ما زاد من أهميّة إجراء التحقيقات المعمّقة حول الفيروس، التحقق من المعلومات المضلّلة التي ترافقه، تغطية أخبار اللقاحات والتردّد بالحصول عليها في مجتمعات كثيرة، وصولًا إلى البحث بالتشعبات والآثار الصحية العابرة للحدود، إضافةً إلى التداعيات على حقوق الإنسان.

في هذا الصدد، برزت مبادرات صحفية وإعلامية من أجل مساعدة الصحفّيين الذي يعدّون التقارير حول الجائحة، لإتاحة الفرصة لهم في العمل بشكل جماعي وتعاوني.  

لهذا السبب، يعمل الصحفيون/ات في جميع أنحاء العالم للتأكد من إبلاغ الناس في مجتمعاتهم بكل ما هو جديد وعلمي ودقيق عن الجائحة. وهناك العديد من الأسباب التي تجعل التعاون بين الصحفيين أمرًا مهمًا ومنطقياً في الوقت الراهن، بعيدًا عن التنافس والتزاحم لجذب القرّاء، ما يُساهم أيضًا في تجنّب الازدواجية في المعلومات وتنويع التغطية وتوسيع نطاق وصول التقارير إلى الناس.  

ومن بين هذه الأمثلة التعاونية مبادرات ظهرت في الولايات المتحدة الأميركية والهدف منها التشبيك بين الصحفيّين والإضاءة المتبادلة على المعلومات وخدمة القارئ. في كارولينا الشمالية مثلاً، تم إنشاء مجموعة تعاونية تضمّ أكثر من 20 صحيفة في جميع أنحاء الولاية. 

أمام هذه الوقائع، لا بدّ من التطرق إلى دور الصحفيّين والمسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقهم في تسليط الضوء على القضايا المتعلّقة بأمور صحيّة ومن بينها مسألة انتشار فيروس "كورونا"، وإعداد تقارير عابرة للحدود، لا سيما في المنطقة العربية.

في حديثه لشبكة الصحفيين الدوليين، أشار الدكتور عيد عازار، وهو رئيس اللجنة التنفيذية للقاحات في وزارة الصحة اللبنانية إلى "ميل الصحافة بشكل عام لتسليط الضوء على ما كل ما هو جديد ورائج في عالم الفيروسات أو في الاكتشافات حول كورونا، مثل الحديث الذي طغى فجأة عن "فلورونا" في الصحافة العربية والعالمية لمدّة أسبوع - وقد صُمّم هذا المصطلح لوصف حالة الإصابة بفيروس "كورونا" والإنفلونزا في الوقت ذاته - ثم أصبح طيّ النسيان". وشدّد الدكتور عازار على أهميّة التدقيق في المعلومات العلمية قبل نشرها، إضافةً إلى نشر التوعية واستشراف مرحلة المستقبل وتهيئة المجتمع للخروج من هذه المرحلة بأقل أضرار ممكنة.

في هذا الإطار، تحدّث البابا فرنسيس عن "الوباء المعلوماتي" ووصفه بأنّه تشويه للواقع وقائم على الخوف، والتزوير أو اختلاق الأخبار والمعلومات المزعومة. 

انطلاقًا مما سبق، تقدّم شبكة الصحفيين الدوليين مجموعة إرشادات وخطوات مهمة للتعاون في إعداد التقارير الصحيّة العابرة للحدود:  

أولاً، التحقق من المعلومات

من واجب الصحفي بشكل عام وقبل معالجة أي موضوع، توخّي ثلاثة أمور أساسية خلال العمل الصحفي: أولها الموضوعية، ثانيها الشفافية وثالثها التواضع.  

الموضوعية هي في صلب العمل الصحفي وهي الأساس لتقديم أي عمل أو منتج وعدم الإنحياز في المعلومات أو الإنجراف نحو تحقيق السبق الصحفي على حساب الحقيقة، خصوصًا إذا كان التقرير يشمل أكثر من بلد. أما في الشفافية، فهي أن يكشف الصحفي عن مصدر المعلومات في الأبحاث ذات الطابع العلمي والصحّي (كملفات كورونا واللقاحات والمتحوّرات). وفي التواضع، نتحدث عن ضرورة الإعتذار من الجمهور في حال أخطأ الكاتب والتراجع عن المعلومات المضلّلة إذا ما وقع في فخّها والتحلّي بالجرأة للإعلان عن الموضوع وعدم ترك أي أمر مبهم.  

يكتب بيل كوفاتش وتوم روزنستيل في كتاب "عناصر الصحافة" أنّ "الغرض من الصحافة غير محدد بالتكنولوجيا ولا بالصحفيين أو بالتقنيات التي يستخدمونها". لا بل "يتم تحديد مبادئ الصحافة والغرض منها من خلال أمر أكثر أهميّة يتمثّل بالوظيفة التي تلعبها الأخبار في حياة الناس".  

وبالتالي، فإنّ الغرض من الصحافة هو تزويد المواطنين بالمعلومات التي يحتاجونها لاتخاذ أفضل القرارات الممكنة المتعلقة بحياتهم اليومية، سواء في الشأن العام أو الشأن الصحّي وهنا تكمن أهميّة التحقّق من كل معلومة قبل نشرها ومراجعة أهل الإختصاص. كما أنه في المواضيع الصحيّة، تصبح المسؤولية مضاعفة لأنّ تداول المعلومات الصحية الخاطئة، تؤثّر على حياة الأفراد.  

ثانياً، التطرق إلى موضوع اللقاحات وفعاليتها وأضرارها الجانبية  

خلال إعداد تقارير عن اللقاحات وفعاليّتها وأضرارها الجانبية، يجب عدم الوثوق بالمعلومات المتداولة بشكل عشوائي، وتحديد المفاهيم المستخدمة بلغة واضحة غير علمية وغير معقدّة، والأهم تحديد المصادر التي يقتبس منها الصحفيون/ات في كلّ بلد. كالقول مثلاً: ذكرت الجهة الفلانية هذا الأمر، في حين أتى الرد بشكل مغاير من المصدر الآخر (مع تحديده) وإرفاق "الرابط" ليتمكّن القارىء من متابعته كاملاً، فالإجتزاء في الكلام يؤدّي الى تحوير في المعنى والمضمون وهذا أيضاً يصبح نوعاً من أنواع التضليل.  

ثالثاً، اتباع منهجية البحث العلمي  

في سياق العمل الصحفي المرتبط بمواضيع طبيّة وصحيّة، يتحوّل الصحفي من مجرّد كاتب أو ناقل للخبر إلى باحث وعليه أن يتّبع المنهجية العلمية، لا سيما عندما يكون بصدد إعداد تقرير عابر للحدود، والمواضيع المتخصّصة تحتّم ضرورة اتبّاع منهجية خاصّة،  تنطلق من فرضية معيّنة يليها طرح للدلائل والقرائن التي تثبت جدوى الفرضية أو عدمها وصولاً إلى الخلاصات العلمية والإستنتاجات.  

وهنا على المجموعة الصحفية التي تعدّ تقريرًا بشكل تعاوني أن تضع خطّة وتخطو خطوة إضافية نحو البحث العلمي والتأكد من كل  النظريات العلمية، وتحديد المراجع الموثوقة والجهات المسؤولة في كلّ دولة.  

رابعاً، تكوين لائحة من المراجع العلمية للبحث  

تحديد لائحة من أهل الإختصاص هو أمر بغاية الأهمية لأي صحفي يريد الكتابة عن المواضيع العلمية وهذه اللائحة كناية عن أطبّاء ومتخصّصين سواء من جامعيين أو معالجين فيزيائيين أو مدراء أقسام في مستشفيات محليّة وإقليمية، يمكن أن يتواصل الفريق الصحفي معهم خلال إعداد التقرير العابر للحدود.

الجدير ذكره أنّ بعض المستشفيات عيّنت أشخاصًا محدّدين بغية التواصل مع الإعلام وأهل الصحافة، لكي يكونوا المرجع الصحيح والأساسي قبل نشر أي معلومة.  

خامساً، معالجة الموضوع ببعد عالمي 

إن المواضيع ذات الصلّة بكورونا ومتحورّاته وباللقاحات، ذات بُعد عالمي، ولهذا يجب على الصحفييّن أخذ هذا البعد من الموضوع بعين الإهتمام وعدم حصر الكتابة فقط عن المنطقة السكنية أو البلدة أو البلد، بل معالجة الموضوع بصورة شاملة، لأنها تأتي مترابطة مع بعضها ولأن كل المتحوّرات أو اللقاحات أو الأدوية باتت عالمية. ولا بدّ من الإضاءة عن الفئات المهمّشة والمجتمعات التي لم تصلها اللقاحات والبحث عن ثغرات الفساد في كلّ بلد.  

وفي هذا السياق، تقدّم منظمة الصحة العالمية مجموعة من المقالات والدراسات والمراجع حول فيروس كورونا وكيفية التطرّق إلى معالجة الموضوع من الناحية العلمية.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة برانيمير بالوجوفيك