شبكة "أصوات النساء بلا حدود" تجمع الصحفيات في العراق وسوريا.. وهذه التوصيات

Dec 22, 2021 در موضوعات متخصصة
صورة

عقدت منظمة المساعدات الإنسانية والصحافة في إربيل ندوة موسعة بعنوان "أصوات نساء بلا حدود" لمناقشة التحديات التي تواجه الصحفيات في العراق وسوريا وتحليلها وتقديم التوصيات من خلال خبيرات ومتخصصات في مجالات القانون وإدارة الاعلام والأمن الرقمي والاستقصاء والنوع الاجتماعي والتغطية الحربية وغيرها. وستقوم المنظمة بإعداد المسودة الأولى لمشروع "أصوات نساء بلا حدود" بناءً على احتياجات الصحفيات على صعيد التعليم والحماية والتواصل والتشبيك.

الصحافة النسوية العراقية

تقوم الصحفيات بالمخاطرة بحياتهن كل يوم عند تغطيتهن للمظاهرات أو عند إعداد تحقيقات تتعلق بالفساد أو الخوض في حديث يتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل، إذ يتوجب عليهن العمل تحت اسم مستعار للحفاظ على حياتهن، فقد يصل الوضع ببعضهن إلى حد الاستبعاد من قبل عائلاتهن أو هجر أزواجهن لهن.

شهدت الجلسة الأولى من الندوة مشاركة صحفيات من كافة أنحاء العراق، وهن ناشطات في مجال حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، وسلّطن الضوء من خلال تقاريرهن على واقع الصحفيات في وسائل الإعلام والفضاءات العامة والصعوبات والتحديات التي تواجههن.

ولخصت 18 صحفية وخبيرة في الإعلام والمساواة بين الجنسين التحديات التي تواجههن كما يلي:

أولًا، القيود المجتمعية التي تحدّ من حركة الصحفية والتمييز في المعاملة بين الصحفية وزملائها في العمل. بحسب الصحفية نغم مكي من محافظة البصرة، فإنّ الكثير من الصحفيات يتعرضن للمساومات من بعض زملاء العمل، لا سيما إذا كُنّ بحاجة الى معلومات ومصادر لإنجاز مهمة صحفية. وتشير مكي إلى أنّ معظم المؤسسات الاعلامية العراقية تفتقر الى التوازن الجندري.

وتعاني الصحفيات أيضًا من صعوبة الحصول على مستحقاتهن المالية، خاصة اللواتي يعملن بشكل حر ويفتقرن لتنظيم عقود عمل قانونية تضمن حقوقهن.

ثانيًا، ما زالت الصورة النمطية تلاحق الصحفيات وتعتبر من أبرز التحديات التي تواجه العاملات في الميدان. في هذا الإطار، تقول الصحفية هبة الماجد من محافظة كربلاء إنّ عدد الصحفيات "الميدانيات" في كربلاء هو 4 فقط وتعاني الصحفيات من قيود العادات السائدة، وتشكو الماجد من رفض بعض الجهات التعامل مع الصحفيات عندما يطلبن معلومات لتغطية موضوع صحفي.

وتضيف الماجد أنّ الانتهاكات تشمل المضايقات والتهديد والإقصاء والتحرش والتهميش، وفي كل يوم يزداد حجم الانتهاكات "المسكوت عنها"، إذ تتجنب الزميلات الإفصاح خشية من الثأر والملاحقة ولوم المجتمع أو فقدان فرصة العمل.

ثالثًا، تحدثت صحفيات أخريات عن تهديدات أمنية مختلفة وخطرة بسبب تغطية موضوع صحفي يمس مصالح جهة سياسية أو لمجرد التعبير عن رأي سياسي عبر مواقع التواصل الإجتماعي أو انتقاد جهات أو شخصيات حزبية و سياسية. كما تعاني الصحفيات المستقلات في العراق من صعوبة الحصول على المعلومات والوصول الى المصادر ومحدودية الدعم للمشاريع الاعلامية المستقلة المسؤولات عن إدارتها.

ويعتبر إقصاء الصحفيات عن إدارة المؤسسات الاعلامية والتمييز في الأجور والمهام والترقية والتدريب من التحديات المستمرة، وفي إقليم كردستان العراق، تعاني الصحفيات من مشكلة الصورة النمطية التي تحجم عملهن وظهورهن عبر شاشات التلفزة، فمعظم الأحيان يتم اقصاؤهن عن تنفيذ أعمال مهمة مثل تغطية المظاهرات أو النزاعات، ويسمح لهن بتقديم البرامج الاجتماعية والترفيهية، ويبدو أنّ  مشكلة التمييز في العمل والأجور والتهميش في المناصب الادارية داخل المؤسسات الاعلامية من التحديات الشائعة في الاقليم أيضًا. "لا توجد صحفيات في الاقليم يرأسن مؤسسات اعلامية إضافة الى ندرة الصحافة الوطنية وغلبة الصحافة الحزبية"، كما قالت الصحفية الكردية رنجين سلام.

صورةالصحافة النسوية السورية

منذ العام 2011 تعيش سوريا صراعًا عسكريًا، ووفقًا لأرقام مقدمة من قبل الشبكة السورية لحقوق الإنسان لقيَ ما لا يقل عن سبعمئة صحفي حتفهم أثناء العمل الصحفي، كما تعرّضت الصحفيات اللواتي أجبر بعضهن على العيش في المنفى بشكل خاص إلى الاستهداف بأشكال مختلفة من العنف.

ورغم زيادة أعداد النساء العاملات في مجال الصحافة بشمال شرق سوريا، إلا أنّ حجم المعاناة ما زال يتفاقم ويتشاركن مع الصحفيات العراقيات في تعرضهن للتنمر والعنف والضغوطات على حرية الرأي والتعبير، إضافة الى القيود المجتمعية. وتقول الصحفية السورية أريا حجي إنّ الصحفيات في سوريا استطعن كسر جزء من القيود وأصبحت هناك 398 امرأة يعملن في المجال الصحفي على الرغم من ضعف المحتوى الاعلامي المتعلق بقضايا النساء الحساسة والتحقيقات المعمقة المرتبطة بالجرائم ضد النساء.

توازيًا، فقدت عشرات الصحفيات حياتهن بسبب غياب تدريبات الحماية الشخصية، وعدم تزويدهن بأدوات الحماية المهنية كما تعتبر صعوبة الحركة والتنقل بسبب المظهر والمخاطر الأمنية الى جانب التحرش والاساءة اللفظية والتهديدات والصورة النمطية للمرأة من أبرز التحديات الشائعة التي تعاني منها أغلب الصحفيات السوريات.

وتشير حجي الى انعدام البيئة الآمنة داخل المؤسسات الاعلامية وغياب السياسات المراعية لأوضاع الصحفيات والنوع الاجتماعي، وبحسب صحفيات سوريات أخريات يعملن لساعات طويلة مقابل أجور زهيدة اضافة الى غياب العدالة في توزيع الأدوار والمهام داخل المؤسسات الاعلامية وعدم تطبيق قوانين العمل الاعلامي كما ينبغي.

وبحسب الصحفية مريم حنا، فإنّ النساء اللواتي يرغبن بالدراسة في كليات الاعلام يواجهن صعوبات كبيرة. وتعاني حنا وزميلاتها من "عقلية المجتمع" الذي يحّرم الصحافة على النساء ويحللها للرجل فقط، مما يضعهن أمام مواجهة مجتمعية حقيقية محفوفة بالمخاطر.

توصيات الندوة الخاصة بسوريا

صورةتوصي رئيسة اتحاد الإعلام الحر في شمال وشرق سوريا الصحفية افين يوسف بما يلي:

1-ضرورة التركيز على برامج تعزيز ثقة الصحفيات بأنفسهن من خلال التدريب والدعم وتوعيتهن بحقوقهن لضمان عدم التخوف من تقديم الشكاوى، خاصة في حال تعرضهن الى التحرش، كما يجب إعادة الثقة بين الصحفيات والنقابات المعنية بشؤون الصحفيين والصحفيات.

2-تدريب الصحفيات في مجال الأمن الرقمي والسلامة المهنية، لا سيما في مناطق تغطية النزاعات والحروب.

3-يجب تعزيز الصحافة الجندرية والتوعية بالقوانين الدولية وقوانين الاعلام وتوفير منح زمالة دراسية وتدريبات رصينة للصحفيات خارج سوريا.

4-دعم النقابات المنظمة لعمل الصحافة السورية من خلال خلق شراكات عمل ووضع قوانين ملزمة للمؤسسات الاعلامية لإجبارها على إبرام عقود عمل تكفل حقوق الصحفيات العاملات لتصبح عقود العمل من الشروط الاساسية الالزامية لمنح رخص العمل لوسائل الاعلام.

5-توعية الصحفيات بحقوقهن وإجراء تقييم مستمر لسير عمل المؤسسات الاعلامية في مجال إعداد وتطوير السياسيات العامة الضامنة لحقوق الصحفيات وحمايتهن.

6- أهمية تعزيز التعاون بين الصحفيات للمطالبة بحقوقهن.

توصيات الندوة الخاصة بالعراق

تلخص رئيسة منظمة تمكين المرأة في الاعلام الصحفية خلود العامري توصياتها بما يأتي:

1-وضع برامج تمكين الصحفيات في مجال الأمن الرقمي وتحسين مستوى الممارسات الرقمية الآمنة.

2- رفع مستوى الوعي لدى الصحفيات في مجال الثقافة القانونية وخاصة التشريعات الوطنية المتعلقة بالصحافة والإعلام التي تستند عليها المحاكم العراقية وكذلك قوانين الحماية والحقوق.

3-تكثيف برامج الدعم النفسي واستمرار برامج التطوير والتمكين المهني.

4-مساعدة المؤسسات الاعلامية في إعداد ووضع مدونات سلوك داخل المؤسسات لتكون ضابطة أخلاقية ومهنية لتوفير بيئة عمل آمنة ومتكافئة تسهم بحماية الصحفيات.

5-تخصيص خطوط اتصال طارئة للإبلاغ عن حالات العنف والتحرش وفتح مراكز حماية لتقديم كل أنواع الدعم للصحفيات.

6-إنشاء صندوق طوارئ لدعم الصحفيات خلال الأزمات والظروف الطارئة.

7-إعداد قاعدة بيانات حول وسائل الإعلام المستقلة في العراق وخاصة المشاريع الاعلامية التي تديرها الصحفيات لغرض تقديم الدعم وتحقيق الاستدامة في العمل الصحفي المستقل.

أما الصحفية العراقية الكردية رنجين سلام فتوصي بوجوب تعديل القوانين المنظمة لعمل الإعلام أو تشريع قوانين تكون مراعية للنوع الاجتماعي وتحمل نقابة الصحفيين العراقيين مسؤولية هذه المهمة، التي ستضمن مراعاة توزيع الأدوار الادارية بين الصحفيين والصحفيات وتحقق التكافؤ في الأجور ومراعاة ظروف النساء.

وضع الحلول من خلال التحليل والاحتياجات

تقول شيدا حسامي المؤسِسَة والمديرة التنفيذية لمنظمة المساعدات الإنسانية والصحافة: "قامت الصحفيات عضوات شبكة أصوات نساء بلا حدود بتحليل وضع الصحفيات واحتياجاتهن على صعيد التعليم والحماية والتشبيك، للقيام بتحضير المسودة الأولى لمشروع "أصوات نساء بلا حدود" (WVWB) في العراق بمشاركة مجلس إدارة منظمة المساعدات الإنسانية والصحافة وخبرائها"، مضيفةً: "إنّ سلامة الصحفيات تعتبر مصدر قلق كبير لشبكة أصوات نساء بلا حدود، فمن الضروري حمايتهن وحماية مصادرهن أثناء تأديتهن عملهن وتزويدهن بفضاءات آمنة ومؤمنة على الإنترنت حيث يمكنهن نشر المحتويات الإعلامية الخاصة بهن وتأكيد حقوق الملكية الفكرية الخاصة بهن وتأمين شبكات الاتصال الخاصة بهن".

وتعتقد حسامي أنّه من الضروري تجهيز الصحفيات للقيام بعمل استقصائي وكشف حقيقة المصير المؤلم للنساء، أولى ضحايا الحروب واللواتي يتم إسكاتهن لذلك يجب تعزيز قدرات الصحفيات ليس فقط في تقنيات التحقيق ولكن أيضًا في تقنيات إنتاج المحتوى الإعلامي، حيث يجب أن يكون خط عمل مهم عندما يتعلق الأمر بتدريس الصحافة في الجامعات وعلى مستوى منظمات المجتمع المدني المناصرة لحقوق المرأة.

وبينت أنّ الهدف من عقد الندوة بين الصحفيات والناشطات هو فسح المجال للتحدث مع نظيراتهن في البلدان الأخرى، واللواتي يواجهن المخاطر والتحديات نفسها، ما سيسهم بتقديم المساعدة لبعضهن البعض "ويمكننا من تشكيل دائرة ثقة بين هؤلاء النسوة عندما يتم تأمين أدواتهن الرقمية وتدريبهن على حماية سلامتهن وتوفير الإطار القانوني لحماية محتوياتهن المنشورة على الإنترنت من الرقابة المحتملة أو العقوبات".

إشارةً إلى أنّ هذه الندوة نُظّمت بدعم من السفارة الفرنسية في بغداد وصندوق الأمم المتحدة للسكان والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق ومنظمة العفو الدولية في فرنسا ومدرسة التصوير الصحفي فرايمنج ومؤسسة راجا دانييل ماركوفيتشي.

الصور حاصلة على إذن الاستخدام من منظمة المساعدات الانسانية والصحافة