إرشادات لتغطية مصوّرة ناجحة للحياة البرية 

Aug 1, 2022 en تغطية قضايا البيئة
صورة

تشترك أنواع التصوير الفوتوغرافي الصحفي أو الرياضي أو الإعلاني في خصائص متقاربة، إلا أنّ الأمر قد يختلف عند ممارسة التصوير البري للحيوانات في موطنها الأصلي، من ناحية الخصائص الذاتية التي يجب أن يتميز بها المصور، وضوابط مضاعفة يجب أن يتحلّى بها. 

ويهتم تصوير الحياة البرية بتوثيق حياة وسلوكيات الحيوانات والطيور والزواحف التي تعيش في الجبال والسهول أو بين الأودية والهضاب أو في الغابات، ساعياً وراء إبراز جمال الطبيعة والتنوع البيولوجي، وتوثيق تفاصيل نادرة أو معلومات ربما يجهلها عامة الجمهور. 

صورة للمصور الشعيبيالصورة للمصور محمد الشعيبي

وتاريخياً، ارتبط التقدم بالتصوير البري بالتطور الحاصل في آلات التصوير، فكانت البداية من توثيق الحيوانات المنزلية الأليفة بأدوات التصوير البدائية وعلى نطاق ضيق، قبل أن يقود المصور جون ديلوين ليويلين محاولات ناجحة لتصوير الحياة البرية في بيئتها ما بين العام 1852 و1856، واعتبرت الأولى من نوعها في حينها. 

تبع ذلك، عدة صور برية نادرة بعدسات مصورين تنوعت جنسياتهم، إلى أن حدث اختراق نوعي في العام 1905 عندما نجح المصوّر الأميركي (George Shiras III) من التقاط صور ليلية لمجموعة من الغزلان قرب إحدى بحيرات ولاية ميشيغان، بواسطة "التربص للحيوان واحتمالية الصواب والخطأ"، ثم بنظام "مصيدة الكاميرا". 

وفي حزيران/يونيو 1906 نشرت مجلة ناشيونال جيوغرافيك 74 صورة من صور Shiras، ولا تزال المجلة تحتفظ في أرشيفها بنحو ألفي صورة من تصوير الأخير.

وما بين البدايات الأولى والحاضر، تبقى مقومات النجاح في تصوير الحياة البرية ثابتة، تبدأ أولها من أهمية تميز المصور الفوتوغرافي بمجموعة خصائص ذاتية، أبرزها المرونة العالية وخفة الحركة. فمن المتوقع أن يقطع المصور عدة كيلومترات بالظروف الوعرة في سبيل التقاط صورة لأحد الحيوانات. 

كما أنّ القدرة على الإخفاء والتمويه، من المهارات التي يجب أن يتمتع به المصور البري سواء لذاته أو لمعدات التصوير المرافقة له، يضاف إليها قوة التحمل والتحلي بالصبر، والتكيف مع الظروف الطبيعية، إما تحت أشعة الشمس الحارقة صيفاً أو الجو الماطر ودرجات الحرارة الصفرية. 

ومن الأهمية أن يتعرف المصور جيداً على المنطقة التي ينوي التصوير فيها ومدى وملاءمتها للعمل، من حيث الحيوانات التي تعيش فيها ودرجة خطورتها وكيفية التصرف الآمن معها، حتى لا يتسبب أي تصرف غير مدروس من المصور بارتداد عكسي يُحتمل أن تكون له نتائج وخيمة. 

ويتفق المصور محمد الشعيبي مع ما سبق قائلًا: "العلم المسبق بسلوكيات الحيوان خلال اليوم وعاداته يفيد في التقاط الصورة المناسبة بالتوقيت المثالي وصولاً إلى نتائج مذهلة"، مضيفاً أنّ "حساسية العمل في التصوير بالحياة البرية لا تقل خطورته وصعوبته عن عمل المصور الحربي".

ويمتلك الشعيبي تجربة مميزة في تصوير الحياة البرية، فقد بدأ بخوض غمارها قبل 10 أعوام بدافع ذاتي وكهواية للتوثيق البيئي، وساعد الشعيبي بالتميز في عمله وجود محمية طبيعية قريبة من منطقة سكنه في وسط الضفة الغربية بفلسطين. 

وعن تجربته، يقول في حديثه لـ"شبكة الصحفيين الدوليين": "انطلقت نحو التصوير البيئي من باب الشغف ولإيماني بأهمية الحفاظ على الإرث البيئي واكتشاف المجهول، وكل ذلك بمعدات تصوير بسيطة. وشكلت فترات الإغلاق الصحي بسبب جائحة كوفيد19 مفترق طرق نحو تعزيز حضوري أكثر في هذا المجال رغم مختلف التحديات". 

ويرجع سبب محدودية عدد المتخصصين في مجال تصوير الحياة البرية - والحديث هنا إلى الشعيبي لعدة أسباب - أولها الصعوبات الميدانية التي يتطلبها التخصص كالحاجة إلى قطع المسافات الطويلة في الأحراش أو الانتظار لساعات طويلة في وضعية التخفي من أجل التقاط صورة لمشهد حركة أو طائر أو اقتتال ومطاردة. 

صورة لعدد من الطيور بعدسة المصور محمد الشعيبيصورة لعدد من الطيور بعدسة المصور محمد الشعيبي

وتشمل الأسباب أيضًا ضعف الدعم والتبني لمصوري الحياة البرية سواء من المؤسسات الصحفية أو الهيئات الرسمية بالدولة، وارتفاع تكلفة شراء المعدات الملائمة لظروف العمل في سبيل الخروج بلقطات ذات احترافية عالية براً أو بحراً أو جواً. 

وترتكز عادة التقنيات اللازمة للتصوير البيئي على استخدام عدسة الزووم أو ذات البعد البؤري، وكلاهما لهما خصائص مختلفة وفق طبيعة بيئة العمل والنتائج المرجوة.  

شركة كانون تقول في ذلك: "تمنح عدسات التكبير/التصغير المزيد من خيارات الإطارات للسماح لك بالانتقال من اللقطات العريضة، إلى الصور الشخصية الأكثر قربًا التي تسلط الضوء على ملامح محددة للحيوانات (..) أما عدسات التصوير عن بُعد تساعد في الحصول على لقطات مفصّلة عن الحيوانات التي لا يمكنك الاقتراب منها". 

صورة من الحياة البرية بعدسة محمد الشعيبيصورة من الحياة البرية بعدسة محمد الشعيبي

وحول سؤال مدى الحاجة إلى استخدام عدسة تصوير عن بُعد لتصوير الحياة البرية، تجيب الشركة: "يمكنك استخدام عدسة ذات زاوية واسعة –ذات بُعد بؤري يبلغ 35 مم أو أقل- لالتقاط صور للحيوانات البرية في بيئتها، ولكن ستحتاج إلى الاقتراب منها، أما لصور تملأ الإطار، فستحتاج عادةً إلى عدسة تقع ضمن مجموعة التصوير عن بُعد - بُعد بؤري يبلغ 85 مم أو أكثر، أو التصوير عن بُعد الفائق - بُعد بؤري يبلغ 300 مم أو أكثر". 

وقبل الخروج للتصوير في الحياة البرية، إليكم بعض الإرشادات: 

  • التأكد من جهوزية معدات العمل كشحن البطارية وذاكرة التخزين. 
  •  الالتزام بالقوانين والإرشادات التي تفرضها الدول على المحميات الطبيعية مثلاً. 
  • اصطحاب مستلزمات مساعدة كأدوات الطاقة البديلة وحقيبة الإسعافات الأولية. 
  • معرفة خريطة الوصول السريع لأقرب مركز صحي أو أمن في حالات الطوارئ. 
  • تجنب الخروج بشكل فردي قدر الإمكان. 

ولا بد التأكيد ختامًا على ضرورة احترام أخلاقيات المهنة، كعدم التسبب بأي أذى للحيوان، وعدم التدخل في سلوكه مثل استخدام طُعم له، أو إجباره على ممارسة تصرف معين. 

الصورة الرئيسية للمصور محمد الشعيبي أثناء ممارسته للتصوير.