عندما غزت روسيا أوكرانيا، رأت الصحفية المخضرمة جوانا موسييج ما هو أبعد من العناوين الرئيسية، بينما ركز الآخرون على إجراء التغطية الصحفية من الخطوط الأمامية، حيث أدركت وجود قصة مختلفة تتبلور ملامحها في وطنها بولندا، والتي كانت بحاجة إلى أن تُروى.
من جانبها، تصف موسييج اللحظة التي ألهمتها بفكرتها "الجنونية" لإطلاق منصة Sestry.eu (والتي تُترجم إلى الأخوات)، وهي منصة إعلامية رائدة ثنائية اللغة: "هناك حرب على الجانب الآخر من الحدود، وهو أمر لم أكن أستطيع تخيله".
واستنادًا إلى خبرتها كمديرة نشر سابقة لصحيفة Gazeta Wyborcza، حيث قادت فريقًا مكونًا من 800 شخص، بدت موسييج في موقف مثالي لإطلاق مشروع إعلامي جديد. ومع ذلك، أثبت تأسيس منصة Sestry.eu من الصفر أنه يُشكل تحديًا مختلفًا تمامًا.
وتعترف موسييج ضاحكة: "اعتقدتُ أنني أعرف كل شيء عن وسائل الإعلام"، مضيفةً: "ولكن البدء من الصفر، وتنمية الجمهور، وإنشاء العمليات - كان أمرًا صعبًا للغاية".
بدأ المشروع كمنصة لتقديم موارد وإرشادات عملية لمليون امرأة أوكرانية تعيش الآن في بولندا، لكنه سرعان ما تطور إلى مشروع إعلامي طموح. وبفضل فريق العمل من الصحفيين ذوي الخبرة في وسائل الإعلام التقليدية، تمكنت منصة Sestry.eu من سد فجوة مهمة وذلك من خلال تعزيز الحوار الهادف بين النساء البولنديات والأوكرانيات مع الالتزام بتطبيق المعايير الصحفية.
وأشارت موسييج، قائلةً: "لقد خذلنا السياسيون هذه المرة. ما زالوا منشغلين بالجدال حول التاريخ، ولكننا نهتم بالمستقبل"، وقد جاءت كلماتها معبرةً عن الروح التطلعية التي تُشكل رسالة المنصة.
وفي مشهد إعلامي يهيمن عليه بشكل متزايد المحتوى المُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي والعناوين الجاذبة للنقرات، اختارت Sestry.eu طريقًا مختلفًا، حيث تنشر المنصة مقالتين أو ثلاث مقالات يوميًا، كما تدمج نهج صحافة الحلول في القصص التي تهم النساء في كلا البلدين.
والأرقام تتحدث عن نفسها: هناك 80 ألف مستخدم شهريًا للموقع الإلكتروني، إلى جانب قاعدة متابعين قوية على فيسبوك، وكل ذلك تحقق من خلال استراتيجية نمو عضوي. ومع ذلك، فإنّ موسييج لا تكتفي بالإنجازات التي حققتها. ففي شهر ديسمبر/كانون الأول، ستُطلق المنصة حلقات من البودكاست، والنشرات الإخبارية، في حين تقوم المنصة بتجربة إمكانيات إنتاج مقاطع الفيديو.
وفي هذا الصدد، قالت: "بدأنا بالنصوص المكتوبة في موقعنا الإلكتروني لأنني أحبها"، مضيفًة "لكنني أعلم أنني من الجيل القديم، وأن النصوص ستختفي معنا، لذلك بدأنا بتجربة إنتاج المحتوى على يوتيوب".
ويُعد الجمهور الذي تستهدفه منصة Sestry.eu فريدًا من نوعه: فهو يتكون في الغالب من نساء أوكرانيات متعلمات من الطبقة المتوسطة يعشن تجربة إعادة بناء حياتهن في بولندا، وغالبًا في وظائف مختلفة تمامًا عن تلك التي كن يعملن بها في وطنهن. كما تجذب المنصة أيضًا النساء البولنديات الراغبات في فهم جيرانهن الجُدد بشكل أفضل وتقديم الدعم والصداقة.
وتُدار العمليات التحريرية خلف الكواليس وفق نهج مبتكر. تُنشر المقالات أولاً باللغة الأوكرانية قبل ترجمتها إلى البولندية باستخدام أداة DeepL المدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك، يقوم المحررون بضبط وتنقيح الترجمات لضمان تجاوز الفروق الدقيقة بين اللغتين.
وبينما اضطرت معظم المؤسسات الإعلامية إلى سحب مراسليها من أوكرانيا بسبب المخاطر والتكاليف المتزايدة، تواصل منصة Sestry.eu تغطيتها الصحفية من خلال أساليب مبتكرة، بما في ذلك الشراكات مع الصحفيين المستقلين الذين يرافقون العاملين في مجال المساعدات الإنسانية، مما يُمكنهم من إعداد تقارير ميدانية.
ويأتي التمويل من خلال مزيج متوازن بعناية من التبرعات الخاصة، والمنح والشراكات التجارية. وأوضحت موسييج: "من المستحيل أن يكون لدينا مصدر واحد فقط للإيرادات"، وذلك في إشارة إلى الحكمة العملية التي ساعدت المنصة في تجاوز تحديات عامها الأول بنجاح.
وقد عززت الشراكات الاستراتيجية، بما في ذلك اتفاقيات إعادة نشر المحتوى مع شركة أكسل سبرينجر، من ظهور المنصة. ورغم أن التركيز على قضايا المرأة والحوار البولندي الأوكراني قد يبدو مجالاً مُتخصصًا، فإن موسييج ترى أن مستقبل وسائل الإعلام هو خدمة مجتمعات محددة بعمق وأصالة.
ومع استمرار الحرب في إعادة تشكيل المنطقة، برز دور منصة Sestry.eu كدليل على قوة الصحافة في بناء جسور التواصل حتى في أحلك الأوقات، كما أثبتت المنصة أن الأفكار التي تبدو "مجنونة" في بعض الأحيان ــ مثل إطلاق منصة إعلامية جديدة في عالم مُشبع بالمحتوى ــ هي تكون بالضبط ما نحتاج إليه.
تم إنشاء هذه المقالة بمساعدة موقع Claude.ai، وتم كتابتها وتحريرها بواسطة إنسان. نُشرت المقالة في الأصل على موقع journalism.co.uk وأُعيد نشرها على موقع شبكة الصحفيين الدوليين بعد الحصول على الإذن.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على موقع Unsplash بواسطة Szymon Shields.