نماذج مُلهمة من الصحفيين/ات الذين يواصلون عملهم في الدفاع عن الحقيقة وحرية الصحافة وسط التهديدات

بواسطة ICFJ
May 14, 2025 في حرية الصحافة
صورة

تتزايد المخاطر التي تُهدد سلامة الصحفيين وقدرتهم على أداء عملهم يومًا بعد يوم، بدءًا من القمع الذي تمارسه بعض الحكومات، والهجمات القانونية، وصولاً إلى النزاعات المسلحة، والعنف الرقمي. وهو ما أشارت إليه أناستاسيا رودينكو، مُؤسسة ورئيسة تحرير منصة Rubryka الأوكرانية: "يبدو أن وسائل الإعلام المستقلة تواجه الآن عاصفة عنيفة من التحديات".

ويتأثر العديد من الصحفيين العاملين في شبكة الصحفيين العالمية التابعة للمركز الدولي للصحفيين من هذه التحديات المقلقة، بما في ذلك التهديدات المباشرة لهم ولعائلاتهم، والمراقبة المتطورة من قبل بعض الدول، والضغوط القانونية. وبالرغم من هذه المخاطر، يواصلون عملهم بإصرار وصمود، ويحرصون على إيصال المعلومات إلى مجتمعاتهم. وفي هذا السياق، قال خوسيه جي. نيفيس، رئيس تحرير منصة El Toque الكوبية: "نستمر في ممارسة عملنا في الصحافة لأننا نؤمن بأنها ضرورية، ليست فقط لكونها أداة لنقل المعلومات، بل لحماية كرامة الناس وحقهم في اتخاذ القرار".

وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، طلبنا من بعض الصحفيين الذين نعمل معهم أن يشاركوا معنا أبرز التحديات التي يواجهونها أثناء أداء عملهم، وما الذي يساعدهم على الاستمرار في مواصلة عملهم الصحفي على الرغم من هذه الصعوبات.

خوسيه ج. نيفيس
رئيس تحرير منصة El Toque وزميل برنامج نايت التابع للمركز الدولي للصحفيين
كوبا (في المنفى)

إنّ تصاعد القمع الذي تمارسه الدولة وامتداده إلى خارج حدود كوبا، يُعد من أكبر التحديات التي واجهناها مؤخرًا. وبالرغم من أنني أعيش في المنفى منذ عام 2019، إلا أن التهديدات لم تتوقف، بل أصبحت أكثر تطورًا وانتشارًا، حتى امتد نطاق تأثيرها إلى تهديدات مباشرة والتي تعرضت لها أنا وعائلتي.

وخلال العامين الماضيين، صعّدت الحكومة الكوبية هجماتها على منصة El Toque بأساليب علنية وسرية. فمن ناحية، أُطلقت حملة مُنظمة لتشويه سمعتنا أمام الرأي العام، بهدف خلق رواية زائفة تجرّم عملنا الصحفي. ومن ناحية أخرى، تحولت تداعيات هذه الهجمات إلى ملاحقات واقعية، فقد تم استدعاء الأشخاص الذين تعاونوا معنا في السابق، حتى من لم يعملوا معنا منذ أكثر من عامين، وتعرضوا للاستجواب والتهديد والتعذيب النفسي على يد عناصر أمن الدولة.

وما يمنحنا القوة على الاستمرار هو مزيج من الإيمان برسالتنا، والقدرة على التكيّف، ووروح العمل الجماعي. ولقد أصبحت منصة El Toque غرفة أخبار عابرة للحدود، مبنية على الثقة، والتعاون عن بُعد، والمرونة، وجمهورنا مصدر دعم أساسي لنا، وذلك من خلال ملاحظاتهم، وشجاعتهم في مشاركة أعمالنا حتى في ظل المخاطر، وقصصهم تذكّرنا دائمًا بقيمة ما نقدّمه.

أنستازيا رودينكو

مؤسسة ورئيسة تحرير منصة Rubryka
أوكرانيا

وفي ظل واقع أوكرانيا الذي مزقته الحرب، لا يُعد تراجع التمويل الدولي مجرد أزمة مالية فحسب، بل تهديدًا وجوديًا حقيقيًا. حيث نواجه في الوقت نفسه انهيار الدعم من الجهات المانحة، وتفكك نموذج الإعلانات، وتصاعد أزمة التضليل الإعلامي. ومع ذلك، يبقى الخطر الأكبر على حرية الصحافة هو الهجوم المتعمد والمُمنهج من روسيا على وسائل الإعلام المستقلة.

وفي عامها الثالث من الحرب الشاملة على أوكرانيا، لم تكتفِ روسيا باستهداف المدن والمدنيين فحسب، بل استهدفت الحقيقة نفسها. فقد قُتل 97 صحفيًا أوكرانيًا، وتعرّض العديد غيرهم للاختطاف والإصابة والملاحقة والتهديد، كما تم تدمير مكاتب إعلامية بالكامل.

ولهذا السبب تحديدًا، أصبح من الضروري مواصلة عملنا أكثر من أي وقت مضى، وأن نبقى هنا في أوكرانيا، نوثق، وننقل المعلومات، ونرفض محو الحقيقة. وقبل كل شيء، فإن صحافتنا تبقى حيّة لأن دورها لا يقتصر على مجرد تقديم التغطيات الإخبارية، بل تُمثل شكلاً من أشكال المقاومة، والرعاية، والعمل المشترك مع المجتمعات التي نخدمها.

رنا صباغ
محررة استقصائية وصحفية، وفازت بجائزة Knight Trailblazer من المركز الدولي للصحفيين لعام 2025
الأردن

أعتقد أن مراقبة الحكومات للصحفيين باستخدام التقنيات التكنولوجية المتطورة باستمرار هي أكبر تهديد يواجه الصحفيين اليوم.

ويعاني الصحفيون أكثر من غيرهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لأنها تُعد أسوأ المناطق في العالم من حيث حرية التعبير والإعلام المستقل، ويضاف إلى ذلك المعاناة المروعة التي يعيشها العديد من زملائي القدامى في غزة وعائلاتهم، أو الصحفيين الذين يعملون في اليمن وسط الحرب، فضلاً عن الذين يعيشون في الدول التي تعاني من الاضطرابات السياسية مثل سوريا ولبنان والعراق.

وأشارت صباغ إلى أنّ مهنة الصحافة يختارها الإنسان بإرادته ويستمر فيها من أجل تلبية حق الجمهور في المعرفة، ومساعدته في اتخاذ قرارات مبنية على المعلومات، ولمساءلة أصحاب النفوذ. فبدون إعلام حر، لا يُمكن للمجتمع أن يتقدم. ورغم ما تنطوي عليه هذه المهنة من مخاطر كبيرة وشديدة الخطورة، لكنها تظل خيارًا نابعًا من القناعة بأهمية دورها في المجتمع.

كارلوس إدواردو هويرتاس
مديرمنصة CONNECTAS
كولومبيا

وساهمت الحملات التي شنّها أصحاب النفوذ ضد الدور الرقابي للصحافة في تقويض ثقة الجمهور بها بشكل كبير. والحل يكمن في الإنتاج المستمر للمحتوى الصحفي الذي يتسم بالجودة.
وما يدفعنا للاستمرار هو إدراكنا لأهمية عملنا وضرورته لمجتمعنا، الذي نعتبره صاحب القرار الأول، والذي يستحق منا أن نقدم له معلومات دقيقة وذات الصلة وفي الوقت المناسب، حتى يتمكن الناس من اتخاذ قرارات أفضل.

جون-آلان نامو
المُؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لمنظمة Africa Uncensored
كينيا

واجهنا صعوبات كبيرة في الوصول إلى المعلومات، إذ تُعتبر القوانين التي تحمي حقوق الصحفيين مصدر إزعاج من قِبل بعض المؤسسات العامة، كما نشهد تزايدًا ملحوظًا في الدعاوى القضائية الكيدية  ضد الصحفيين. وعلى المستوى المحلي، ما زالت تُمارس الأساليب القديمة السيئة، مثل التهديدات المباشرة، والإقصاء العلني للصحفيين غير الموالين لأصحاب النفوذ، والرشوة.

وأعتقد أن السمعة التي بنيتها على مر السنين كانت سببًا رئيسيًا في إنقاذي وحماية مؤسستي. إنه من الصعب استهداف شخص يتمتع بحضور علني واضح، وأعتقد أن مصداقية عملنا في Africa Uncensored كانت تتحدث عنا بصوت أقوى من أي دفاع كنا سنقدمه.


الصورة الرئيسية المنشورة في المقالة مُقدمة من المركز الدولي للصحفيين. 

نُشرت هذه المقالة في الأصل من قِبل المركز الدولي للصحفيين، المؤسسة الأم لشبكة الصحفيين الدوليين.