في وقت يسعى الصحفيون الإستقصائيون حول العالم لإيجاد وسائل وأدوات لتقصي ممارسات قوى الأمن ورجال الشرطة ويحاولون إثبات الوقائع، عملَ فريق التحقيقات البصرية في صحيفة نيويورك تايمز في إعداد تحقيق حول ملابسات مقتل المواطن الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا الأميركية في أيار/مايو الماضي، واستخدم صحفيو التايمز استراتيجية بسيطة تتمثّل بالإستعانة بخرائط جوجل والتواصل مع الشركات القريبة من مكان حادثة مقتل فلويد، طالبين لقطات كاميرات المراقبة الخاصة بهم.
وبحثًا عن أساليب معمقة وتوجيهات يمكن أن تساعد الصحفيين في عملهم، أقامت الشبكة العالميّة للصحافة الاستقصائية ويبينارًا شارك فيه عدد من الصحفيين المتخصصين من حول العالم للحديث عن كيفية إجراء تحقيقات حول ممارسات القوى الأمنية، وذلك في اليوم التالي للأحداث الدامية التي وقعت في نيجيريا، حين فتحت قوات الأمن النار على متظاهرين.
وخلال مشاركتها في النقاش، أوضحت مراسلة التايمز هالي ويليس أنّ الفريق الإستقصائي استخدم لقطات لما حصل مع الشرطة ليلة مقتل فلويد، من أجل الوصول إلى مسح لأرشيف الشرطة والعثور على الدردشات التي حصلت واستعان الصحفيون بـBroadcastify وقد أظهرت المراسلات أنّ الضباط أخبروا المرسل ورمزه "3" أنّ الوضع الطبي لفلويد طارئ عند الساعة 8:21 مساءً، توازيًا أظهر مقطع فيديو أنّ أحد الضباط استمرّ في الركوع على رقبة فلويد حتى الساعة 8:28 مساءً، ما أدّى إلى وفاته بعد وقت قصير.
وانضمّ إلى ويليس صحفيون استقصائيون من تونس وجنوب إفريقيا، إضافةً إلى فريقها الخاص لتقديم نصائح فعّالة تهدف إلى توضيح كيفية جمع وتحليل الأدلة على سوء سلوك الشرطة، ومن بينهم دانيل كنوتزي ، مؤسس منظمة Viewfinder للمساءلة وهي غير ربحية في جنوب إفريقيا، والذي قال: "أخبرني أحد الصحفيين المتخصصين بالبيانات أنه إذا رأيت جدولًا رسميًا حول سوء سلوك الشرطة، فعليك التفكير بأنّ هناك قاعدة بيانات كبيرة ودقيقة وراءها"، وأضاف كنوتزي أنّ "هذه النصيحة كانت مهمة له في عمله ودفعته إلى العثور على جهات اتصال من داخل مديرية التحقيقات في الشرطة والتمكن من الوصول إلى بيانات".
من جهتها، رأت أمل المكي، رئيسة تحرير منصة "إنسان" المتخصصة بالسرد القصصي في تونس، أنّ العملية تُستأنف بطلبات السجلات العامة والشجاعة لمساءلة هيئات إنفاذ القانون.
من جانبه، شدّد المنتج في فريق التحقيقات البصرية في صحيفة نيويورك تايمز مالاكي براون، الحائز على جائزة بوليتزر، على ضرورة التنظيم في كل مرحلة خلال إعداد تحقيق معيّن، بدءًا من جمع الأدلة على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى تحرير الصوت والفيديو على شاشة مقسمة، وصولاً إلى تحديد موقع الأحداث في الزمان والمكان.
وفيما يلي أبرز 10 نصائح خلص إليها الصحفيون حول أبرز أدوات وأساليب الأدلّة الجنائية التي يمكن استخدامها في التحقيقات حول أحداث وأضرار تسببت بها قوى الأمن:
• العثور على أدلة حول إجراءات الشرطة من خلال تحديد قوائم تويتر مرتبطة بهذا الموضوع، وإضافة كلمات رئيسية بعد الموقعsite:twitter.com/*/lists، ثم دمجها مع قائمة تويتر الخاصة بالصحفي، عبر Twitter List Copy. وللبحث عن فيديوهات عن الأزمات في وقت حدوثها الفعلي على سناب تشات، يوتيوب وتويتر، يمكن الإستعانة بـSamdesk، وبـ Dataminr للأخبار العاجلة.
يعكس معدل الإدانة المتدنّي لسلوك الشرطة السيئ في جنوب إفريقيا إخفاقات مماثلة في المساءلة في جميع أنحاء العالم.
- البحث عن الإخفاقات المنهجية والأخطاء التي ارتُكبت بسبب سياسات معيّنة والتحقيق بما أدّى إلى تصرفات سيئة من قبل الشرطة، ويمكن الإستعانة بإدارات التحقيقات الداخلية أو وحدات الشؤون الداخلية. وهنا يقول كنوتز إنّ العديد من المحققين الداخليين يساعدون المراسلين بدافع الإحباط أو العدالة.
-
فيما يخصّ التسجيلات الصوتية للشرطة، ولفهم ما كانت تفكر فيه الشرطة والمرسلون بشكل أفضل في لحظات معينة، يمكن للصحفي التحقق إذا ما كان يوجد تطبيق للإتصالات في بلده، ففي الولايات المتحدة، يمكن الإستعانة بـ Broadcastify وOpenMHZ، اللذين يقدمان موجزات مباشرة ومؤرشفة. كما يقدم تطبيق 5-0 Radio Pro المتاح على الهواتف المحمولة موجزات صوتيّة مباشرة من حوالي 30 دولة.
- للعثور على فيديوهات لحوادث الشرطة السابقة، يمكن أن يستخدم الصحفي الكلمات الرئيسية مع site: youtube.com على جوجل، ثم يحدد النطاق الزمني ليوم الحادث واليوم الذي يليه، من خلال خيار متاح في أسفل إشارة الأدوات. ويمكن لوظيفة البحث في InVidوهي أداة رئيسية للتحقق من مواد الفيديو التوصّل إلى أوقات النشر على تويتر بدقة أكبر من البحث على تويتر.
- يمكن أن يركّز الصحفي في بحثه على أدلة وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال المنصات واللغة الأكثر استخدامًا لتغطية أزمة معينة في منطقة ما. على سبيل المثال، أوضحت ويليس أن المستخدمين في هونج كونج ينشرون مقاطع فيديو على تيليجرام وLIHKG، ويمكن أن يستعين الصحفيون بتطبيق أو Telegago tgstat للبحث على تيليجرام.
- عندما تصدر هيئات إنفاذ القانون مخططات بسيطة عن سوء سلوك الشرطة، على الصحفي التفكير أنه من المحتمل وجود قاعدة بيانات غنية ومفصلة عن الحوادث والشكاوى وراءها، وأن يتتبع تلك البيانات ويبني علاقات مع عائلات الضحايا.
- قم بتثبيت الحادث على خرائط جوجل لبدء إجراء التحقيق، وهكذا يمكنك الحصول على رمز جغرافي للعثور على التغريدات المحلية علىTweetDeck، وإيجاد الشركات القريبة التي قد تمتلك مشاهد التقطتها كاميرات المراقبة الخاصة، وحينها على الصحفي الإتصال بجميع الشركات، وبحال جوبه بالرفض، يترتّب عليه إرسال نسخة من تقريره الأولي عن الحادث إلى الشركات، ومعاودة الإتصال بالقيمين عليها لطلب لقطات الكاميرات الخاصة بها. ويمكن للصحفي استخدام الرمز الجغرافي في TweetDeck متبوعًا بفاصلة مثلاً "1mi"، ومرفقًا بمصطلح مثل "الشرطة" أو "شرطي".
- قم بمزامنة ومقارنة مقاطع فيديو بدون صوت، مثل المشاهد التي تلتقطها كاميرات المراقبة مع أي فيديوهات أخرى تحتوي على صوت، مثل البث المباشر وهواتف الكاميرا، مع علامات مرئية مثل الأضواء وخطوات الأقدام.
- عندما يمنح المستخدمون الإذن، قم بتوضيح قصتك بمقاطع فيديو من وسائل التواصل الاجتماعي، مع إضافة شرح موجز ورسومات مثل الدوائر أو الأسهم لتوضيح القصة.
- إنشاء قصص مرفقة بجدول زمني دقيق ومتوافقة مع السياق، عبر دمج المقاطع الزمنية على ملفات مكالمات تشاركها الشرطة مع دليل فيديو لأشخاص يجرون تلك المكالمات. يمكن أيضًا مطابقة الوقت الذي يستغرقه الأشخاص لالتقاط هواتفهم ووضعها مرة أخرى في فيديو، كما يمكن أن تساعد الأصوات التي يتم سماعها في مكالمات الطوارئ، مثل أبواب السيارة أو الطلقات النارية في إعداد الجداول الزمنية لسياق القصة.
لمزيد من المعلومات حول طرق وأدوات التحقيقات وأبرز الأدوات الجنائية التي يستخدمها الصحفيون للكشف عن هجمات قوات الأمن، يمكن الإطلاع على دليل الشبكة العالمية للصحافة الإستقصائية هنا.
نُشر هذا المقال للمرة من قبل الشبكة العالمية للصحافة الإستقصائية
روان فيليب هو صحفي يعمل مع الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية، وكان مراسلاً لصحيفة صنداي تايمز. عمل كمراسل أجنبيّ وغطّى الأخبار والسياسة والفساد والصراعات في أكثر من عشرين بلدًا.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الإستخدام على أنسبلاش بواسطة ev.