صمّم مهندس أوكراني من مدينة خاركيف أداة جديدة بإمكانها أن تُحدث ثورة في طريقة تواصل الصحفيين مع المصادر أثناء الحروب. وباستخدام المنصة، التي أطلق عليها اسم UABRAVE، بإمكان الصحفيين التعرّف إلى الأشخاص في الميدان عن طريق قاعدة بيانات آمنة، مما يتيح لهم العثور على المصادر مع تقليل فرص تعرضهم للخطر.
وقد ابتكر المنصة المهندس رومان فيدرو بعدما لاحظ وجود "فجوة في النظام"، وذلك عندما بدأ يشارك في مقابلات أجرتها مؤسسات الأخبار الأجنبية في الأيام الأولى من الحرب. فقد كانت هذه المؤسسات تتواصل معه باستمرار بسبب إجادته للغة الإنجليزية وقربه من مواقع القتال. وهكذا كشفت تجربة فيدرو العديد من أوجه القصور في التغطية الصحفية للأزمة، وأدرك أنّ بإمكانه معالجتها من خلال خبرته الهندسية.
وقد سبق أن شارك فيدرو في تأسيس Garage Hub، وهو بمثابة مختبر ومركز بحثي للمهندسين، كما يشارك في مشروعات الخدمات التعليمية والمجتمعية ومبادرات التواصل الإبداعية. وعندما شنّت روسيا غزوها في أواخر فبراير/شباط، قام أعضاء المركز على الفور بتوجيه ابتكاراتهم نحو المجهود الحربي، وهنا أُطلقت منصة UABRAVE.
كيفية عمل المنصة
تحتفظ منصة UABRAVE بقاعدة بيانات آمنة تضم "متحدثين" أو أشخاصًا في أوكرانيا بعد أن يتحقق منهم الفريق لضمان المصداقية. ويشترط على هؤلاء إجادة اللغة الإنجليزية والتخصص في مجال ما، كالطب أو التعليم. وتضم قاعدة البيانات حاليًا ما يقرب من 150 متحدثًا، والعدد في تزايد مستمر.
وعلاوة على ذلك، يتم فحص الصحفيين المشاركين في الخدمة، إذ يشترط على كل صحفي/صحفية تقديم رابط لمؤسسة أخبار يمكن التحقق منها وتكون قد نشرت له/لها مقالًا واحدًا على الأقل قبل بداية الحرب يوم 24 فبراير/شباط. وإذا عجز الفريق عن التحقق من مصداقية الصحفي/الصحفية، فلن يسمحوا له/لها باستخدام الخدمة.
وبمجرد الانتهاء من عملية التحقق، يستطيع الصحفيون الولوج إلى قاعدة البيانات والحصول على اسم المتحدث وموقعه ونبذة مختصرة عنه وعن عمله. وتهدف هذه النبذة – التي لا تتجاوز طول التغريدة – إلى مساعدة الصحفيين في اختيار أنسب المتحدثين للقصص التي يعملون عليها.
ويتم تخصيص رقم تعريفي معين لكل متحدث. فعلى سبيل المثال، إذا أراد الصحفي إجراء مقابلة مع المتحدثين رقم 27 و31 و72، تقدم له المنصة بيانات التواصل معهم عبر رسالة آمنة. وقد صُممت هذه الطريقة لمراعاة سلامة المصادر. وفي هذا الصدد، يقول فيدرو "إننا لا نرغب في تسليم هذه الأرقام أو البيانات إلى أي شخص بإمكانه إيذاء هؤلاء المتحدثين".
وتستغرق العملية حاليًا ما يصل إلى ساعتين، ولكن فيدرو يأمل بأن يحصل على المزيد من التمويلات لتخفيض مدة الاستجابة إلى 15 دقيقة.
وفي هذا السياق، يقول فيدرو إنّه "من الصعب للغاية أن أصدق أن مثل هذه الأداة البسيطة لم تكن موجودة من قبل. فهناك العديد من المبادرات التي تعمل في هذا الاتجاه، ولكن لا توجد مثل هذه الخدمة المباشرة التي تتيح إجراء المقابلات الصادقة بهذه السرعة ومواجهة مروجي الدعاية، والتي أعتقد أن هذه الخدمة بمثابة الرصاصة القاتلة لها".
استخدام المنصة ما بعد أوكرانيا
تمكنت منصة UABRAVE حتى الآن من جذب اهتمام أكثر من 200 مؤسسة إعلامية من 31 دولة. ويرى فيدرو أن بإمكانها اختراق أسواق الإعلام في الصين والهند وأفريقيا وأميركا اللاتينية مستقبلًا. كما يرى أنّ لها مستقبل خارج إطار الحروب، إذ يمكن استخدامها لمختلف أغراض التغطية الصحفية.
وفي هذا الإطار، يقول المهندس إنّ "أفضل ما في الأمر، من الناحية التكنولوجية، أنّه بمجرد تطوير الخدمة لتصبح أكثر استدامة وقابلية للتنقل، يمكن استخدامها [في مواقف أخرى]، كوقوع الزلازل على سبيل المثال. وأشعر أننا إذا صمنناها بشكل جيد، فإن مثل هذا النظام يمكنه أن يتطور سريعًا. وسوف يمنح الصحفيين قدرة هائلة على تغطية هذه الكارثة المروعة، كما يمكنه أن يوفر سردًا أكثر أصالة وتأثيرًا".
وتأتي منصة UABRAVE من بين عدد لا يُحصى من المنظمات الشعبية التي تستخدم الابتكارات لخوض الحرب ضد روسيا. وبعد نجاحهم في إخراج آبائهم وأمهاتهم من خاركيف، استقل فيدرو وزملاؤه – وحيواناتهم الأليفة – شاحنة وتوجهوا إلى موقع بعيد، حيث يعيش أعضاء الفريق ويعملون معًا تحت سقف واحد، إذ كوّنوا جيشًا من المتطوعين لخوض الحرب كمهندسين.
من جانبه، يصف فيدرو أوكرانيا بأنّها "الأمة التي تثبت أنّ الإبداع هو وقود القرن الحادي والعشرين. فهذه الحرب قائمة في الأساس بين الإبداع والقوة الغاشمة". ويطلب من الناس استخدام منصته، قائلًا إنّها " الطريقة الوحيدة لتحويل شرارتنا الإبداعية إلى نار".
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على انسبلاش بواسطة بيرند ديتريتش.