مشروع قانون جديد في باراجواي.. والظلام يُخيّم على حرية الصحافة

بواسطة Silvia Higuera
Aug 29, 2024 في حرية الصحافة
علم باراجواي مرسوم على جدار من الطوب

أعربت السيناتورة ليزاريلا فالينتي من باراجواي عن قلقها بشأن الصحفيين والمؤسسات الإعلامية في بلدها الذين حصلوا على تمويل من الملياردير الأميركي والمتبرع الكبير جورج سوروس. وخلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، عرضت صورًا على الشاشة للملف الشخصي للصحفية المخضرمة مابيل رينفيلدت، المنشور على موقع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ)، والذي يتلقى دعمًا من سوروس.

وقالت فالينتي، وهي عضوة في حزب كولورادو المحافظ: "نحن نعلم جيدًا الأيديولوجية التي ينتمي إليها سوروس"، مضيفة "إنه يُموّل المنظمات غير الحكومية الكبيرة في جميع أنحاء العالم، والمؤيدة للإجهاض، ولحقوق المثليين، وهناك الكثير من المنظمات الأخرى، ونُريد أن يكون المواطنون على دراية بذلك".

وكانت فالينتي تتحدث دعمًا لمشروع قانون أقره مجلس الشيوخ وأرسله إلى مجلس النواب، والذي يهدف إلى "إرساء الرقابة والشفافية والمساءلة على المنظمات غير الربحية" في باراجواي.
ويقول مؤيدو مشروع القانون إنّه يهدف إلى تنظيم عمل المنظمات غير الربحية التي تتلقى أموالًا عامة وخاصة من مصادر وطنية أو دولية، ويجب أن يتم إدراج هذه المنظمات غير الربحية في سجل وطني واحد، وتقديم تفاصيل عن الأنشطة التي تقوم بها، وتقارير مُفصلة عن كيفية توظيف الأموال التي تتلقاها، وهناك عقوبات سيتم فرضها على المخالفين.

ومع ذلك، يرى المراقبون أنّ فرض رقابة مشددة على عمل المنظمات – بما في ذلك زيادة الأعباء الإدارية– يهدف إلى إغلاق عمل المجتمع المدني، بما في ذلك وسائل الإعلام والصحفيين.

من جانبها، قالت رينفيلدت لمجلة الصحافة LatAm Journalism Review بعد جلسة الاستماع في مجلس الشيوخ: "لقد شعرت بالغضب، وأنني تعرضتُ لانتهاك"، مضيفة: "إنّهم يعاملونني كأنني مجرمة بينما يعفون عن السياسيين المتورطين في اتهامات خطيرة. هناك شيء خاطئ للغاية في باراجواي، وأظن أنهم يُلاحقون حرية الصحافة وحرية التعبير بكل ما لديهم".

مخاوف بشأن حرية التعبير

وتحدثت العديد من المنظمات عن الآثار السلبية التي قد يُحدثها مشروع القانون المقترح على حرية التعبير في باراجواي.

وأرسل المقررون الخاصون للأمم المتحدة المعنيون بحرية التجمع السلمي والمُدافعون عن حقوق الإنسان رسالة إلى الرئيس سانتياجو بينيا، أوضحوا فيها أنّ مشروع القانون يلغي الاستقلالية عن المنظمات غير الحكومية، كما أنه يسمح بفرض عقوبات اقتصادية شديدة من شأنها أن تجعل العمل غير الربحي غير مُستدام.

ويتفق هوغو فالينتي، المُنسق القانوني لقسم باراجواي في منظمة العفو الدولية، على أن الصحافة كمهنة قد تكون هدفًا لمشروع القانون.
وصرح هوغو فالينتي لمجلة الصحافة LatAm Journalism Review، قائلاً: "إن مشروع القانون يُمثل سيناريو شديد الخطورة؛ بسبب هامش التعسف الكبير الذي يسمح به".

كما أشار هوغو فالينتي إلى أن القيود التي ينص عليها مشروع القانون غير دستورية، وأنّ لغته الغامضة تخلق عقبات أمام حصول المنظمة على وضعها القانوني، بل وتضع أُسسًا لفقدانه حتى إن كانت حصلت عليه بالفعل.

وأوضح فالينتي أنّ "الرقابة على التمويل قد تكون من أكثر الجوانب المُثيرة للقلق، لأنها تُعرض استقلال المجتمع المدني لخطر كبير"، مضيفًا أن وسائل الإعلام والصحفيين المستقلين الذين يتلقون جزءًا كبيرًا من مواردهم من خلال المنح أو المشاركة في مشاريع دولية تدعمها منظمات دولية، سيجدون في مشروع القانون عقبة كبيرة أمامهم.

وبالتالي، سيؤثر هذا القانون على عمل الصحفيين/ات، مثل رينفيلدت، التي تعمل إلى جانب وظيفتها مع وسيلة الإعلام التقليدية ABC Color، في مشاريع دولية أحيانًا، حيث تتعاون مع منظمات مثل ICIJ أو Connectas، وكذلك مع وسائل الإعلام المستقلة مثل El Surti أوEl Otro País، ومقرها في مدينة أتييرا، على بُعد حوالي 37 ميلاً من العاصمة أسونسيون.

ووفقًا لأندريس كولمان غوتيريز، المُؤسس المشارك والمدير التحريري لموقع El Otro País، فإنّ مشروع القانون سيؤثر على عمل الصحفيين ووسائل الإعلام الرقمية المستقلة، وكذلك المشاريع الاجتماعية والتنموية التي تستهدف المجتمعات الريفية والسكان الأصليين أو قطاعات المجتمع المدني بشكل عام. وقال كولمان لـمجلة (LJR): "هذا هو الخطر الذي يُشكله مشروع القانون".

وأضافت رينفيلدت: "سيخضع الصحفيون لمستوى إضافي من التدقيق الذي لا يتعرض له السياسيون الذين يُسهلون انتشار تجارة المخدرات"، مضيفةً أن مشروع القانون سيحرم الصحفيين والمؤسسات الإعلامية من الحصول على التدريب، والتعليم، والأدوات اللازمة لعملهم. وتابعت: "أعتقد أن الظلام يُخيّم على حرية التعبير بشكل عام وعلى حرية الصحافة بشكل خاص".

ومن ناحية أخرى، يوجد جانب آخر مُثير للقلق في مشروع القانون يتعلق بالمعلومات التي يتعين على المنظمات تقديمها للدولة، والتي تعتبر "غير متناسبة"، وفقًا لما وصفه فالينتي، وأشار إلى أن باراجواي لديها بالفعل تشريعات سارية تُلزم جميع أنواع المنظمات (بما في ذلك المنظمات غير الربحية) بتقديم معلومات لمكافحة غسيل الأموال، ولكن مشروع القانون سيفرض تقديم معلومات تتجاوز المسائل الضريبية وتُعتبر حساسة.

وليس هذا فحسب، بل هناك مخاوف أيضًا بشأن فرض غرامات تصل إلى 370 ألف دولار أميركي على المنظمات غير الربحية، رغم أن مشروع القانون لا يُحدد أنواع الجرائم التي تستوجب هذه الغرامات، مما يترك الأمر لتقدير الحكومة.

حرية دولية مناهضة للحقوق

ووفقًا لأليخاندرو فالديز، المُؤسس المُشارك لمنصة "إل سورتي" الإعلامية الرقمية، فإن مشروع القانون يُشكل جزءًا من جهد سياسي أوسع نطاقًا يقوده حزب كولورادو المُحافظ، الذي يُسيطر أعضاؤه على الكونجرس والرئاسة.

وقد تم التحقيق مع الرئيس السابق هوراسيو كارتيس، الذي يشغل حاليًا منصب رئيس حزب كولورادو، من قبل الصحفيين في بلاده، والذي تم تصنيفه من قبل وزارة الخارجية الأميركية في عام 2022 بسبب تورُّطه في "فساد كبير".

وأوضح فالديز أن باراجواي تسودها منذ عدة سنوات رواية مفادها أن هناك مؤامرات عالمية مثل أجندة الأمم المتحدة 2030 التي تهدف إلى السيطرة على حياة الناس وعاداتهم الوطنية، ويُزعم أن ذلك يتم من خلال تمويل النشطاء والصحفيين، ووفقًا لهذه الرؤية، فإن الدفاع عن الحقوق يُشكل تهديدًا "للقيم التقليدية".

وشارك بعض أعضاء مجلس الشيوخ في باراجواي، مثل غوستافو ليتي، وهو أحد مؤيدي مشروع القانون، كمتحدثين في مؤتمر استضافة رئيس وزراء المجر المُحافظ فيكتور أوربان.

وقد تسارعت وتيرة تمرير هذا النوع من مشاريع القوانين، وفي ظل تصاعد الخطاب القومي بشكل مُتزايد بالتزامن مع فرض المزيد من العقوبات الإدارية والمالية من قِبل الولايات المتحدة الأميركية ضد الرئيس السابق كارتيس. وقد طلبت باراجواي في الثامن من أغسطس/آب من الولايات المتحدة تسريع مغادرة سفيرها.

من ناحيتها، قالت جازمين أكوينا، المديرة التحريرية لموقع El Surti: "إنهم يحولون مشكلة شركة خاصة إلى مسألة تتعلق بالمصلحة الوطنية، وكأنها تُؤثر على باراجواي كدولة". وأضافت أكونيا: "أعتقد أن أفضل طريقة لإظهار التضامن اليوم سيكون بالتركيز على هذا الجزء الصغير من أميركا الجنوبية"، مُضيفة: "التعبير عن التضامن مع الصحافة سيكون موضع ترحيب كبير؛ لأن الصحافة اليوم هي واحدة من المجالات القليلة التي لا تزال مستقلة عن السلطة الحالية".

وبالنسبة لفالديز، فيرى أننا أصبحنا على دراية بالتهديدات التي تتعرض لها وسائل الإعلام في مختلف أنحاء المنطقة، كما حدث بالفعل في نيكاراجوا أو فنزويلا. واستطرد قائلاً: "هذا فصل من فصول باراجواي، لكنه فصل من قصة أكبر تحدث بالتوازي، وفي بعض الحالات، كما نرى في المجر، قد يتم ذلك بطريقة مُنسقة".

وقد طلبت مجلة الصحافة (LJR) تصريحات من السيناتور ليتي لكنها لم تتلق منه ردًا.

إنّ مشروع القانون الآن أمام مجلس النواب. وبالنظر إلى الأغلبية الساحقة لحزب كولورادو، فمن المُرجح أن يوقع عليه الرئيس هذا العام. وعلى الرغم من أن المحاكم ستنحاز على الأرجح إلى الحزب الحاكم، إلا أنّ المنظمات المستقلة تقول إنها مستعدة لرفع دعاوى قضائية للطعن في دستوريته.


هذا المقال نُشر في مجلة "LatAm Journalism Review" وأُعيد نشره على شبكة الصحفيين الدوليين بموجب رخصة المشاع الإبداعي، ولقراءة المقالة الأصلية، اضغط هنا.

الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على بيسكباي بواسطة ديفيد بيترسون.