لماذا يجب على الصحفيين أن يقدّروا المجتمعات المحيطة أكثر من الجمهور

بواسطة James Breiner
Oct 30, 2018 في مواضيع متنوّعة

عندما أقوم بتدريس دورة صحافة الروّاد والمبادرين فإن أوّل الأمور التي أقوم بالتركيز عليها هي الحاجة لخلق مجتمع محيط.

إن الجمهور لا يشكّل سوى مجموعة واحدة من المراقبين. أما المجتمع المحيط فيشارك بميله العميق لموضوع أو لمكان جغرافي واحد، وفي معظم الأحيان يكون متحيّزاً في أفعال معينة. ومن هنا تحديداً تأتي هذه القيمة.

الجمع بين هؤلاء الأشخاص وخلق ما هو قيّم بالنسبة لهم هو بداية تكوين المجتمع المحيط. يمكنك أن تبدأ بالحصول على دعمهم المادي، فقط عندما تصلهم ببعضهم البعض عبر الشراكة.

العضوية، ليست جعل المستخدمين يدفعون لقاء المعلومات الإلكترونية (paywalls)؛ والرعاية ليست إعلان

لقد تذكّرت مدى قوة المجتمع المحيط بالمقارنة مع الجمهور عند قراءة ما نشره مارتن لانجيفلد في مختبرات نييمن، حول ما ينتظر الصحافة في عام 2013:

"كما اقترح مايكل سكولر منذ سنتين في تقارير نييمن، عندما يسمح التفكير في (جعل المستخدمين يدفعون لقاء المعلومات الإلكترونية) بفتح آفاق جديدة أمام التفكير في العضوية، فإن نموذج الأعمال يصبح أكثر توجّهاً للمجتمع المحيط منه للجمهور." لتبني هذا النموذج بحسب سكولر فإنه "يجب على المؤسسات الإعلامية أن تنظر لنفسها على أساس أنها قادرة على جمع، ومساندة، وتمكين الأشخاص ليكونوا فاعلين في مجتمعاتهم ويتشاركون مع الآخرين في قيمهم المشتركة، بدلاً من كون عملهم الأساسي هو خلق الأخبار التي سيقوم الناس باستهلاكها."

وضع وسم ذات قيمة مادية على العضوية

تيكساس تريبيون، وسيلة إخبارية رقمية تركّز في أخبارها على الحكومات والتعليم، قد تبنّت هذا النهج في التفكير. وهي تعرض ستة مستويات للعضوية، ومقياس متحرّك من الفوائد، من 10$US إلى 500 $US في السنة. تتراوح مستويات الرعاية الثلاث من 1,000 $US إلى 5,000 $US في السنة الواحدة.

فكّر بذلك، فهي لا تؤّمن لك المنتج فقط بل تسمح لك بالدخول إلى المجتمع المحيط، والتحلي بالامتيازات واقتناص الفرص للاندماج والاختلاط فيه. بهذه الطريقة يمكن لتكساس تريبيون أن تطلب من هذا الطرف أكثر بكثير مما ستطلبه من فرد يحوّل لصالحها الأموال لقاء حصوله على المعلومات أو غيرها من الخدمات المتاحة إلكترونياً.

في صفحة العضوية الخاصة بمينبوست، تعلّمنا أن "العضوية تعني أنّك فرداً في عائلة مينبوست، وأنت تساعدنا على تحقيق أهدافنا من خلال الدعم المادي الدائم." تجلب لك العضوية الامتيازات والحسومات وفرص لخلق شبكة من العلاقات. السعر مرتفع ما بين 120-US$ 600 للسنة الواحدة.

وضع الأسعار المرتفعة للفئات المختلفة من الرعاة

خلال خبرتي في العمل كناشر لصحيفة "بالتيمور بيزنس"، وجدت أن العديد من الزبائن يفضلون بناء علاقة مع "علامة تجارية أو منتج" يثقون به وبمصداقيته بدلاً من شراء المساحة التي يريدونها في أية منشور آخر، وكانوا على استعداد لدفع مبلغ مرتفع لقاء ذلك.

لقد ساهمت الأعمال التي أرادت أن تصبح جزءاً من هذا المجتمع المحيط بمبالغ تتراوح ما بين 5,000 - 25,000 $US لرعاية حدث واحد ومنتَج للبيانات ككتاب الجداول أو الأماكن المفضّلة للعمل في بالتيمور.

عندما يصبح تركيزك على المجتمع المحيط بدلاً من الجمهور، فلا ينطبق عليك بهذه الحالة الخوف من الوقوع في مصيدة الأسعار الخاصة بعقود الإعلانات المبنية على عدد المستعرضين للإعلان (CPMs) التي عرفت انخفاضاً سريعاً، أو نسبة مشاهدة الصفحات، أو عدد المستخدمين الفاعلين، أو عدد النقرات. هذا النوع من تسويق وإعلان العلامة التجارية على الرغم من قِدَمه فما زال ساري المفعول على مستوى المجتمعات المحيطة، على الرغم من اعتراض المؤسسات الدعائية التي تعمل على بيع البيانات.

المؤسسة الإعلامية الرقمية التي تملك سمعة جيدة تتضمن الدقة في الأخبار والمعايير الأخلاقية العالية وخدمة المجتمع المحيط تجذب العديد من المعلنين الذين يرغبون بربط علاماتهم التجارية بهذه القيم والمعايير التي تقّدمها المؤسسة. وما زال باستطاعتك تسويق وبيع هذا السّحر الجذاب الذي تملكه هذه العلاقة.

النموذج القديم الذي كان فعّالاً مع رجال الأعمال الروّاد

خلال عملي لمدة 18 عاماً كمحرر وناشر لصحيفة الأعمال الأسبوعية، فقد ذهلت باللغة العاطفية التي استخدمها قرّاؤنا في وصف الصحيفة. "لقد أحببت تغطيتكم الصحفية الخاصة بالعقارات،" آخرون يعبّرون بالقول، "إن الجزء المفضّل لدي هو الإفلاسات والامتيازات الضريبية" أو "كان لا يمكن أن تتمّ أعمالي لولا قائمة أفضل 25 من الأعمال المقدّمة."

كنت دائم الاطلاع على ما يمكن تحسينه في الصحيفة، لكن شَعَر القرّاء أن المعلومات والبيانات التي نقدّمها في أخبارنا قد ساعدتهم على إيجاد البدايات والأفكار لبناء مشاريع الأعمال الخاصة بهم. لقد ساعدناهم في معرفة أهدافهم وكيفية جني الأرباح، وقد أحبونا لذلك. فكان هذا مجتمعهم كما هو مجتمعنا أيضًا.

قيمة المعلومات المحلّية

أودُّ أن أروي لكم هذه القصة لتكون مثالاً على مدى قيمة العمل الذي تقدّمه الوسائل الإعلامية المحليّة، متأملاً أن تمدّ الإعلاميين الروّاد المحليين بالإلهام اللاّزم.

تمّ تعيين جون مواغ وهو استشاري أعمال رياضية في Baltimore Ravens owner Art Modell عام 1999 بهدف العثور على مُشترٍ للفريق.

كان مواغ حينها يحاول كتابة قائمة بالأشخاص المحتملين لشراء الفريق، وكان على علم بأنه يجب أن يبحث عن الأشخاص الذين يملكون الملايين من جهة ولديهم روابط محلية عميقة. فأين يجب البحث؟ لقد وصف لي كيف سحب صحيفة بالتيمور الأسبوعية وبحث في كتاب القوائم أو الجداول ليقرأ قائمة تحوي على أكبر الشركات الخاصة. كان هناك من ضمن أفضل 10 شركات أربع شركات يملكها شخص واحد اسمه ستيفان بيسكيوتي، الذي كان قد جمع ثروة من طلبات التوظيف واستقدام الموظفين.

قام مواغ ببيع "بالتيمور رافينز" مقابل مبلغ 600 مليون $US . بالتالي هذه المؤسسة قد عرفت المجتمع المحيط بها، وتعرّفت على اهتماماتهم لتنتج لهم بحوثًا قدّروها لما جلبت لهم من معرفة. وذلك العضو في هذا المجتمع المحيط علم أين يجدر به البحث عندما كان يحتاج للمساعدة. هنا تكمن القيمة الفعلية بعيداً عن قيمة التسجيل المادية.

ظهرت هذه المقالة للمرّة الأولى على أخبار رجال الأعمال وقدّ تمّ نشرها على موقع شبكة الصحفيين الدوليين بعد أخذ الإذن.

جيمس برينر هو المدير المشارك لبرنامج صحافة الأعمال العالمية في جامعة تسينغهوا. وهو زميل سابق في زمالة نايت للصحافة العالمية والذي أطلق وأدار مركز الصحافة الإلكترونيّة في جامعة كوادلاخارا. هو ثنائي اللغة ويتحدّث الإسبانية والإنجليزية وهو مستشار في الإعلام الإلكتروني والريادة.

الصورة تحت رخصة المشاع الإبداعي على موقع فليكر بواسطة thegrid.ch