مؤخرًا، أعلنت الصحفية في صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" سونالي كوهلي عبر حسابها على "تويتر" أنها ستستريح لمدة ثلاثة أسابيع للإستراحة والتعافي بعد تغطية العديد من الأحداث المؤلمة، بما في ذلك إطلاق النار الجماعي والحرائق المميتة.
وقد تركت كلماتها أثرًا في عالم الإعلام، لا سيما حين قالت إنها بحاجة إلى منح جسدها وعقلها قسطًا من الراحة، وكانت تشارك تجربتها لمساعدة من يمر بذات الموقف.
hi hello? *taps mic*
— Sonali Kohli 🙆🏾 (@Sonali_Kohli) March 7, 2019
This is a ~mental health~ thread. As journalists we talk a lot ab the work we do but not about the recovery time we need. So I am about to take 3 weeks off, and I’m going to tell you why, in case it helps other people take time off without feeling guilty. /1
من المعروف أنّ الصحفيين يكونون في الغالب مرنين وعاطفيين، لكنّ تأثير ما يغطونه، يمكن أن يؤثر على رفاهيتهم، مع انعكاسات على تركيزهم وشعورهم بالمهمة والقدرة على التعاطف.
وفي هذا السياق، سواء أكان الصحفيون الإستقصائيون الذين يعدّون تقارير محزنة، أو صحفيو الأخبار العاجلة الذين يقومون بتغطية الأحداث المروعة، أو المحررون الذين يقومون بالتحقق من القصص المؤلمة أو تحريرها يومًا بعد يوم، أو الصحفيون المستقلون الذين يحاولون اللحاق بالمهام أو المعلقون الذين يتعاملون مع المضايقات عبر الإنترنت، فإن تحديات الصحة العقلية في كل مكان. ومع ذلك، لا يزال الحديث عن الصدمة أو الإرهاق قليلاً.
من جانبه، يقول بروس شابيرو، المدير التنفيذي لمركز دارت للصحافة والصدمات النفسية: "من الناحية المثالية، تريد الوصول إلى النقطة التي لا تضطر فيها إلى أخذ إجازة". ويضيف: "ما تريد فعله هو الاعتناء بنفسك بحيث تتضاءل احتمالية حدوث الأزمة".
ويقدّم مركز دارت نصائح لإدماجها في العمل اليومي، بما في ذلك سرعة تحميل الصور والقصص المؤلمة، وتجنب العزلة الإجتماعية، والنوم والتغذية والتمارين الرياضية.
وتوافق الخبيرة في الإرهاق كريستينا ماسلاش على أنه لا يوجد حل بسيط وتقول: "أوافق على قضاء بعض الوقت في عمل أشياء مختلفة". كما يقول أستاذ علم النفس في بيركلي: "كلنا نحتاج إلى ذلك، لكن هل سيعالج مشكلة الإرهاق؟ الجواب هو لا".
وتوضح ماسلاش أنّ الإرهاق هو استجابة للضغوط المزمنة في مكان العمل والتي تسبب الإرهاق البدني، والموقف المتهكم تجاه الوظيفة وردًا سلبيًا تجاه الذات.وتقول: "يميل الناس إلى النظر إليه على أنه مرض يصيب الفرد، إنه مشكلتك وضعفك وعدم قدرتك على فعل شيء". وهذا النهج لا يعالج الضغوطات الرئيسية التي تسبب المشاكل في المقام الأول.
في حين أن بعض المؤسسات الإخبارية بدأ يلتزم ببرامج التوعية حول الصحة العقلية والصدمات النفسية، لا تزال مؤسسات أخرى مهملة لهذه المشكلة.
ولا يعترف الكثير من الصحفيين بالحاجة إلى إعادة الإتصال أو طلب المساعدة أو الإستراحة. ولإعلام الصحفيين بشكل أفضل من دون الوصول إلى البرامج التي توفر الدعم من الزملاء والمهنيين في غرف الأخبار الخاصة بهم، ولذلك طلبنا من الخبراء علامات على وجود ضغوط مرتبطة بالصدمة أو الإرهاق.
إضطرابات مستمرة وغير مقصودة
يشرح شابيرو من مركز دارت أن بعض علامات التحذير المهمة للصدمة الثانوية تتضمن ذكريات أو صورًا تنتج عن تغطية قصص أو مهام صعبة وأحيانًا تتداخل مع عملك ونومك.
بعد تغطية قصة مؤلمة، من الشائع تجربة بعض المشكلات قصيرة الأجل. يقول شابيرو: "إذا كان لديك كوابيس لبضع ليال، فهذا لا يعني أنك تسير في الطريق إلى اضطراب ما بعد الصدمة، لكن إذا استمرت هذه المشاكل لأكثر من شهر تقريبًا، فحينها لن تميل إلى التحسن من دون بعض الخطوات الإضافية".
إذا لاحظت أنك غير قادر على تحديد مواعيد نهائية، أو أنك تتعامل مع عمل بفعالية أقلّ أو زدت من تعاطي المهدئات، وكل ذلك يحدث لأكثر من بضعة أسابيع، فيجب عليك ألا تتجاهل ذلك.
الإبتعاد عن المجتمع والعزلة
يقول شابيرو: "هناك الكثير من الأدلة على أن التواصل الإجتماعي والتحدث مع الزملاء هما أهم مصادر مرونة للصحفيين والمهنيين الآخرين الذين يعملون في الخطوط الأمامية"، ويضيف: "العزلة الاجتماعية هي مؤشر هام للألم النفسي". ويضيف: "إستبق العزلة وافهم الأشخاص الذين تثق بهم: محترف أو شريك أو فرد من العائلة أو زميل أو رئيس. ربما واجه زملاؤك نفس التحديات وسيتمكنون من فهمك. حتى لو لم تكن تشعر بالراحة عند مشاركة ما تشعر به، فما عليك سوى التحدث عن كيفية سير العمل والدروس التي تتعلمها يمكن أن تساعد".
إستجابة سلبية للآخرين وللذات
تعني تجربة الإرهاق الشعور بالإرهاق العقلي والجسدي، وتطوير موقف عدائي تجاه الوظيفة وأنفسنا أيضًا. قد تتساءل عما إذا كنت جيدًا بما فيه الكفاية، تلقي اللوم على نفسك حول الأشياء التي تخرج عن نطاق سيطرتك أو الشعور بالوقوع في شرك. ويقول ماسلاش، الذي يصف آثار الإرهاق: "هذا يأكل حقًا روح الناس ويفقدك الشغف وأفضل ما لديك."
إنها ليست مجرد مشكلة شخصية كما يتم تصويرها غالبًا، إنها مشكلة اجتماعية وتنظيمية إلى حد كبير. الإرهاق له آثار سلبية على الأصدقاء وأسرهم. ويقول ماسلاش: "له آثار سلبية على الأشخاص الذين يعملون معهم في الوظيفة كما آثار سلبية على الحد الأدنى الإقتصادي، مما يؤدي إلى مزيد من التغيب."
ووفقًا لماسلاش، فإن الإرهاق هو علامة على أن مكان العمل ليس مناسبًا بالنسبة للأشخاص الموجودين هناك وليس العكس.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة المشاع الإبداعي على أنسبلاش بواسطة ماريا تينيفا.