عندما أمرت لجنة الاتصالات الفدرالية الأميركية المحطات التلفزيونية بنشر أسماء الأشخاص الذين اشتروا حملات إعلانية سياسية العام الماضي، علم الصحفيون أن فتح السّجلات سيكشف عن قصص مهمّة حول الإنفاق على الانتخابات لعام 2012.
لكن لإيجاد هذه القصص يجب عليهم أوّلاً التدقيق في كم هائل من البيانات.
لم يملك موظفو بروبابليكا كافة الموارد المطلوبة لكي ينجزوا جميع الأعمال بأنفسهم، وبروبابليكا هي مؤسسة إخبارية غير ربحية تقع في مدينة نيويورك، وتنتج الصحافة الاستقصائية من أجل الخدمة العامّة. فبالتالي، سألوا قراءهم إن كان بإمكانهم المساعدة في "إطلاق الملفات."
لقد قامت بروبابليكا بسحب الملفات من موقع لجنة الاتصالات الفدرالية الأميركية، وطلبت من مجتمعها الخاص أو قرائها المساعدة في استخراج النقاط الأساسية في البيانات المتاحة. لقد تفاوتت النتائج من اكتشاف المجموعات التي اشترت الإعلانات وأين قامت بهذا، إلى الوصول إلى تفاصيل حول المؤسسات غير الربحية التي لعبت دوراً كبيراً في الانتخابات.
أكثر من 1,000 شخص قد تبرّعوا بقضاء الوقت في مشروع "إطلاق الملفات"، كل ذلك سمح باكتشاف تفاصيل حول إنفاق أكثر من مليار دولار على الإعلانات الانتخابية.
تقول أماندا زامورا، من كبار محرّري المشاركة في بروبابليكا: "أتاح المشروع المجال للتغطية الأساسيّة التي كان من الممكن أن تكون مستحيلة لولا مشاركة المجتمع المحيط."
"هذا ساعدنا على إظهار الحالة على حقيقتها، لأن المعلومات الحيّة التي تمّ تقديمها تسهّل من رؤية كمّ التأثير الذين قاموا به على أصواتنا" بحسب قول زامورا، والتي تابعت قائلة "إن عملية التغطيات الصحفية الحالية لم تقاطعها."
بنت بروبابليكا على نجاح هذا المشروع فأطلقت "شارك معنا". وهو عبارة عن قسم في الموقع يدعو القراء إلى المشاركة في عملية جمع المعلومات عبر النقاشات والمجموعات والاتصال من أجل الإبلاغ عن قصة وغيرها.
هذا النوع من المساهمة قدّم للعاملين في بروبابليكا مصادر جديدة للقصص، حيث أدخل للعملية الصحفية التقليدية أشخاصًا لهم أفكار ووجهات نظر جديدة. هم بصدد بناء مجتمع حول التحقيقات التي تصلهم، ممّا يسمح لهم بتكوين جمهور للصحافة التي يقدّمونها.
"من خلال تحفيز الجمهور بطريقة إيجابية يسهل معرفة من هؤلاء الأشخاص، ومن أين يأتون، وما يبحثون عنه، وهل هو متوافق أو غير متوافق مع ما ترغب بإنجازه صحفياً،" كما قالت زامورا. "بمجرد إيجاد تلك البقعة الحلوة حيث مواءمة تلك المصالح، فإن بناء الخبرات التي ينتج عنها حراكًا تستغرق وقتاً طويلاً."
بمجرد إيجاد بروبابليكا لهذه البقعة، ستطرح على نفسها سؤالين عمليين: "كيف ستستثمر هؤلاء الأشخاص في المشروع؟ وهل تطلب منهم أمورًا مناسبة يمكن تحقيقها؟" بحسب قول زامورا. "إن تمكّنت بروبابليكا من الإجابة على هذين السؤالين ورؤية قصّة حقيقية ذات نتائج معيّنة، إذاً تكون قد حققت مشروعاً رائعاً."
على سبيل المثال، لقد كوّنت بروبابليكا مجتمعاً مؤلّفاً من الأشخاص الذين تعرّضوا للضرر في المستشفيات (وغيرهم من الجهات المعنية بموضوع الضرر الذي يلحق بالمريض) على موقعها وعلى صفحتها على فيسبوك. إن أفراد المجتمع الواحد يتعلّمون من بعضهم البعض ويتقاسمون الموارد ويتواصلون مع بعضهم البعض. في حين أن بروبابليكا تكمل التحقيق الجاري، يقوم المراسلون بالتفاعل مع المرضى والأطباء وآخرين ممن تمّ التحقيق معهم في هذا الموضوع.
منذ إنطلاقة "شارك معنا" لقد لاحظ فريق العمل تزايدًا كبيراً في عدد رسائل البريد الإلكتروني المرسَلة من أشخاص، بالإضافة إلى تزايد أعداد المنضمين إلى المجموعات وشبكة التغطيات. بالإضافة إلى ذلك لقد تلقى فريق العمل أفكاراً خارج إطار المشروع. إذاً تقوم زامورا في الوقت الحالي بتجميع الإجابات عن الأسئلة التي كانت تتوارد بانتظام حتى تتمكن من الرد عليها بصدق وبسرعة.
إنه عمل منتظم يتطوّر بشكل تدريجي، لكن هو مهم بالفعل،" كما ختمت زامورا.