كيف تُحول تقاريرك الاستقصائية إلى ألعاب؟

بواسطة Katarina Sabados
Aug 4, 2023 في الصحافة الاستقصائية
يد تحكم اكس بوكس

هناك تاريخ مشترك بين الألعاب والأخبار، فبداية من الألغاز (البازل) القديمة والكلمات المتقاطعة في الصحف اليومية ووصولًا إلى الألعاب الحديثة مثل Wordle، تُستخدم هذه الألعاب في الأخبار منذ عقود لزيادة التفاعل والوصول إلى جمهور الشباب، ولهذا السبب تحولت الآن العديد من هواياتنا وعاداتنا الشرائية وأنشطتنا اليومية إلى ألعاب.

وقالت الصحفية السويدية التي كتبت دراسة حالة عن التلعيب والصحافة كجزء من مشروع بحثي لزمالة في غرفة الأخبار لصالح كلية لندن للاقتصاد، آنا ثولين، إنّ الألعاب تُنشط التعاطف أيضًا، وتسمح بحدوث تأثير أكبر على الجمهور.

وشرحت ثولين: "لديك المزيد من الوقت لمشاركة قصتك، فحافظ على الاهتمام، فأنت تريد دائمًا أن يظلّ القراء لأطول فترة ممكنة".

وكانت إحدى القصص التي درستها ثولين في تقريرها هي تحقيق Pirate Fishing التفاعلي المُقدم من شبكة الجزيرة والحائز على جوائز. وفي التحقيق، يبدأ القراء بفتح رسالة بريد إلكتروني تطلب منهم الانضمام إلى صحفي يُحقق في مراكب الترولة غير القانونية في مياه سيراليون قبالة ساحل غرب إفريقيا. وفي أمثلة كتلك، يُمكن للألعاب أن تكون تكتيكًا غامرًا للسرد القصصي يجعل القراء يسعون وراء القصة وليسوا فقط مجرد مراقبين سلبيين بينما تتكشف اللعبة.

 

Pirate Fishing
أنشأت الجزيرة لعبة مُرافقة لتحقيقها في الصيد غير القانوني قبالة ساحل شمال إفريقيا، حيث يبدأ القراء اللعب من خلال فتح رسالة بريد إلكتروني تطلب منهم الانضمام إلى البحث عن مراكب الترولة غير القانونية في مياه سيراليون. الصورة: لقطة شاشة، الجزيرة.

التغطيات هي العمود الفقري دائمًا

ولا يُعد مجرد إنشاء لعبة مسلية أمرًا كافيًا، فينبغي أن تكون القصة – والبيانات – وراء اللعبة مُستقلة.

وكانت The Uber Game المُقدمة من صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية وخاصيتها الرقمية التي صاحبتها واحدة من أكثر القصص التي قدمتها الصحيفة قراءة ولعبًا في عام النشر. ووضع الفريق القائم على المشروع القارئ خلف عجلة القيادة كسائق أوبر يحاول كسب عيشه في ظل اقتصاد العمل الحر.

 

Uber driver game.
ابتكرت صحيفة فاينانشال تايمز لعبة تُحاكي يومًا لسائق أوبر لإضفاء الحيوية لتقريرها عن صعوبات العمل في ظل اقتصاد العمل الحر. الصورة: لقطة شاشة، فاينانشال تايمز.

 

وقال الرئيس السابق للتسليم الرقمي في "فاينانشال تايمز"، روبن كوونج: "كان هدف التفاعل في حالة لعبة أوبر هو إجبارك على أن تتخيل نفسك في ذلك الموقف وأن تُدرك وجود خيارات صعبة يتعين القيام بها".

وشرح كوونج: "هناك هذا التباين بين الشعور بالسعادة أثناء تجربة الحصول على المال ثم في النهاية إدراك وجود الكثير من النفقات"، مضيفًا: "لقد وجد المراسلون أنّ وجوب اتخاذ قرار بشأن إما الاستمرار في القيادة لتغطية النفقات أو الذهاب للمنزل لمساعدة ابنك في واجبه المنزلي كانت خيارات واقعية يتعامل معها السائقون وكانت وراء تصميم اللعبة".

وأوضح كوونج أنّه علاوة على تغطية جميع الأساسيات من أجل القصة، تأكد فريق الصحيفة من جمع البيانات ذات الصلة مثل متوسط عدد التوصيلات لكل ساعة، وتكلفة البنزين والتنظيف، ومتوسط الأجرة لكل ساعة للتكويد في اللعبة فيما بعد.

تحتاج مطورًا واحدًا على الأقل

ليس هناك نهج بعينه يناسب الجميع لتحويل القصص الاستقصائية إلى ألعاب، ولكن إذا لم تُصمم لعبتك تصميمًا جيدًا قد ينتهي بها الحل وهي تنتقص من القصة بدلًا من أن تجعلها أكثر جاذبية.

وفي السنوات الأخيرة، قلل عدد من الأدوات مفتوحة المصدر من مانع دخول الصحفيين لعالم دمج الألعاب في قصصهم الرقمية، وتُشكل أدوات مثل Twine وNewsgamer بدايات عظيمة للبرمجة النصية والتصميم، ولكنها تتطلب بعض التخصيص لكي تعمل. ولهذا، يوصي كوونج بالتعاون مع مطور واحد على الأقل يكون على دراية بنظام إدارة محتواك.

وحذر كوونج: "ستحتاج على الأرجح شخصًا لديه القليل من الخبرة في التكويد، خاصةً بسبب بعض الأدوات التي قد تُريد تعديلها، إذ لا يُمكنك مجرد استخدامها على الفور".

وأوضح كوونج: "بناء على التعقيد والرسوم التوضيحية وهيكل مسار اللعبة، ربما تحتاج المزيد من المبرمجين والمطورين لضمان أن تعمل اللعبة بسلاسة على موقعك الإلكتروني"، مضيفًا "ربما تحتاج استخدام أسلوبك الخاص ثم اكتشاف كيف يتكامل مع نظام إدارة محتواك".

اختر عنصرًا واحدًا لتحويله إلى لعبة وابنِ اللعبة على هذا الأساس

إنّ الطريقة الأكثر فعالية لدمج اللعب في تغطيتك الصحفية هي اختيار رسالة أو موضوع يُشكل أمرًا محوريًا في سرد القصة، وشرحه بمزيد من التفاصيل من خلال التلعيب.

ويُساعد هذا النهج الأكثر تركيزًا أيضًا على منع جانب التلعيب من الخروج عن السيطرة، وعلى الرغم من أنّ لعبة الجزيرة Pirate Fishing، كانت بسيطة إلى حد ما – إذ لم تحتو اللعبة على أي نتائج متعددة أو مختلفة – إلا أنّ تنفيذها استغرق 10 أشهر بداية من الفكرة ووصولًا إلى النشر.

وكان العنصر المحوري بالنسبة لتقرير الجزيرة الفاضح للحقيقة هو العثور على قوارب الصيد غير القانونية، بينما كان العنصر المحوري بالنسبة لقصة أوبر هو فهم المعضلات الشخصية والاقتصادية التي تواجه السائقين.

وقال كوونج: "يُمكن استخدام اللعبة لإثارة اهتمام الناس أو مجرد تسليط الضوء أو عرض جانب محدد من شيء ما وجدته في تحقيقك". وأضاف: "اجعل اللعبة صغيرة وبسيطة بقدر المستطاع؛ لأنّها دائمًا ما ستصبح أكثر تعقيدًا مما اعتقدت عندما بدأت".

دراسات الحالة

وفي الوقت الحالي يتم الاعتراف بالتحقيقات التفاعلية أكثر من أي وقت مضى؛ لجمعها بين الصحافة المباشرة ومشاركة الجمهور المبتكرة، وفي 2018، تعاونت ProPublica وWNYC وPlaymatics لنشر The Waiting Game، وهي قصة تأخذ القراء في رحلة المهاجر إلى الولايات المتحدة والتي غالبًا ما تكون وحشية إضافة لحالة الضبابية بعد وصوله كطالب للجوء.

وفي مقابلة مع الكاتب في الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية، باتريك سترويكير، قال سيسي وي: "في هذه الحالة تحديدًا، كنا نُفكر (ماذا لو كان ما نقدمه للناس هو تجربة الحاجة إلى الانتظار نفس الفترة التي يحتاج الناس في النظام انتظارها بالفعل؟)".

وجاء التحقيق التفاعلي Game of Votes من Cuestión Pública من كولومبيا، مؤخرًا بجائزة سيجما لوضعه الناخبين الكولومبيين في عالم القرون الوسطى حيث بإمكانهم استكشاف كيف تستولي وتسيطر العائلات السياسية الحالية على السلطة في البلاد قُبيل الانتخابات البرلمانية لعام 2022.

 

Juego de Votos
فازت Cuestión Pública بجائزة سيجما لعام 2023، لتقديمها لعبة استُخرجت من قواعد بيانات متعددة لتقود القراء عبر سيناريوهات مختلفة للانتخابات الكولومبية المقبلة. الصورة: لقطة شاشة، Cuestión Pública.

الدروس الرئيسية

وقدمت ثولين كاتبة الدراسة لصالح كلية لندن للاقتصاد، عددًا من التوصيات للغرف الإخبارية التي تعتزم استخدام الألعاب لتعزيز تقاريرها، ومن بين هذه التوصيات الشفافية والبساطة والتعاون و"الاختبار ثم الاختبار ثم الاختبار". وحذرت ثولين من أنّ القصص المُلعبة لها بعض المخاطر أيضًا، بما في ذلك المخاطر الأخلاقية وإمكانية الوصول والمخاوف المتعلقة بالعلامات التجارية.

وأضافت ثولين: "سواء كانت لعبة إخبارية أو عناصر مُلعبة على موقعك الإلكتروني، فسوف تنعكس عليك كشركة، بداية من التنسيق والمحتوى ووصولًا إلى الألوان التي تستخدمها وشكل الأزرار". وفي النهاية، ينبغي على الصحفيين الاستقصائيين اتباع الحسابات نفسها لتضمين العناصر الإعلامية الأخرى في قصصهم". واختتمت ثولين: "اسأل نفسك ما إذا كانت تضيف قيمة بطريقة ما. لا أظن أنّ الأمر ينجح بمجرد قول (كيف يمكننا جذب القراء الشباب؟ دعونا نقدم بعض التلعيب)".

 

موارد إضافية

تكريم الأفضل في صحافة البيانات: الفائزون بجوائز سيجما 2023.

كيف استخدمت ProPublica لعبة لسرد قصص خمسة مهاجرين يسعون للحصول على اللجوء.

التحقيق في حرب سيبرانية.


نُشرت هذه المقالة في الأصل بواسطة الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية، وأُعيد نشرها هنا بإذن.

الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة خافيير مارتينيز.