الصحافة أصبحت عبارة عن عملية متلاحقة، وليست مجرد منتج. ونتيجةً لذلك، فإن أمام المؤسسات الإخبارية فرصة مثيرة للتفاعل مع المجتمع في كل خطوة تقوم بها.
وسائل الإعلام الاجتماعية لم تعد مجرد مكان لعرض المقالات المكتملة، ولكن لاكتشاف ما يهم الجمهور، ولجمع المعلومات عبر التعهيد الجماعي، ولجعل القراء يتابعون ويتناغمون مع التقارير بينما تتطوّر.
هذا الافتراض كان أحد المواضيع الأساسية التي انبثقت من جلسة عن إشراك المستهلك والتي أُقيمت في مؤتمر شرق أميركا لمنظمة نيوزميديا في بنسلفانيا في بداية الشهر الفائت.
شنان بوين من The Hill، وجوش ستيرنز من مشروع استدامة الصحافة لمؤسسة آر. دوج جيرالدين، وكريس كروسون من Billy Penn’s كانوا من المتحدّثين خلال اللقاء. لقد أديت دوري في إدارة الجلسة، وكنت أدعو أعضاء اللجنة لتقديم وجهات نظرهم حول كيفية دفع المستهلكين للانخراط والتواصل. ما لفت نظري عن هؤلاء الثلاثة هو خبرتهم في مجال إشراك الجمهور وكذلك تنوع أصحاب عملهم وأساليبهم.
"بيلي بن"، والذي لم يتخطى عمره العام الواحد، هو أول تطبيق على المحمول يعالج المحتوى غير التقليدي مثل emojis لتغطية القضايا التي تهم الشباب في فيلادلفيا. وعلى العكس، فإن "هيل" هي علامة تجارية إخبارية في واشنطن العاصمة ولها تاريخ طويل واهتمام خاص لأصحاب النفوذ السياسي. أطلقت المؤسسة الموقع الإلكتروني للهواتف والأجهزة المحمولة وهي بذلك تحاول أن تصبح أكثر إبداعًا، لا سيما في استخدامها للمنصات الاجتماعية. مشروع استدامة الصحافة لمؤسسة آر. دوج جيرالدين يعمل على تطوير استراتيجيات العائدات المدفوعة من قبل المجتمعات عبر شريحة واسعة من المنافذ الإعلامية، لذا فإن منظور جوش من ناحية المجتمع هي وجهة نظر عامودية عامة.
في هذا المؤتمر، قدّم كل عضو في اللجنة رأيه في الدور المتزايد للمجتمع، وشدّد على ضرورة جعل المنشورات متمركزة حول الجمهور. كان لدينا فترة للأسئلة والأجوبة مرّت بانسيابية كبيرة حتى أننا لم نتمكن من الرد على جميع الأسئلة، تجدون تالياً متابعة للنقاش الذي جرى بيني وبين أعضاء اللجنة والذي استكملناه ما بعد المؤتمر.
أنا: كونك تعمل في منشور له تراث عميق، أين هو المكان المناسب في الهيكل التنظيمي الذي ينبغي أن تدرج مشاركة الجمهور فيه؟ هل يجب أن يكون هناك شخص متخصّص؟ هل تجاوزنا النقطة والحاجة إلى شخص معين متخصص في وسائل الإعلام الاجتماعية؟
جوش: أعتقد أن هناك العديد من النماذج اعتماداً على غرفة الأخبار، ولكن بشكل عام أعتقد أن وجود شخص واحد يتمثل دوره بالتركيز على إشراك المجتمع المحلي هو أمر مهم (حتى لو كان ذلك مجرد جزء من عمله)، ولكن تحتاج أيضاً إلى أن يبقى على اتصال مع العاملين في غرف التحرير. وجود شخص ما دائم اليبحث عن فرص لإشراك الجماهير يمكن أن يساعد المنظمة في تسهيل بناء العلاقات بين الموظفين على اختلافهم والمجتمع. لذلك أنا أنادي بتعيين قائد في هذا المجال ولكن لا تضعه في صومعة تفصله عن البقية في غرف الأخبار.
كريس: أنت بحاجة إلى دعم من الأعلى، كما هو الحال مع المحرّر والقيادات التي تمارس ما تعظ به، كما تحتاج لدعم من أقرب الناس لغرف الأخبار: المحررين، صحفيو الأخبار العاجلة، والناس على المكاتب، وما إلى ذلك. أعتقد أنه من المفيد أن يكون هناك شخص واحد مخصص للإشراف على كل هذا، لأنه عندما تكون مسؤولية الجميع إشراك الجمهور، فلن يقوم أحد بها.
شانان: كانت المنظمات الأخبارية تميل للتفكير في وسائل الإعلام الاجتماعية على أنها مجرد طريقة للتوزيع تقع في نهاية عملية إعداد التقارير: كان الجميع يقوم بعقد اللقاءات وكتابة المقالات ومن ثم وضع كل ما تم كتابته على القنوات الاجتماعية.
الآن، يقوم الصحفيون باستخدام وسائل الإعلام الاجتماعية كمصادر للعثور على القصص، وللاتصال بالمصادر وإشراك الجماهير حتى قبل إنتاج المحتوى ووضعه على موقع المنظمة الإخبارية. يجب على استراتيجيات المشاركة التي يتم تطويرها من قبل القائد أن تشجّع الصحفيين والمحرّرين ومصوّري الفيديو وغيرهم في غرفة الأخبار على استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية في جميع مجالات عملهم. كما يتعيّن على المسؤولين عن مشاركة الجماهير أيضاً أن يكونوا مريحين في تعاملهم مع الموظفين للمواءمة على تنفيذ أهداف المنظمة وعرض النتائج. على سبيل المثال، لدينا الناشر ومدير التسويق في مؤسستنا يتلقى تقريراً منّي كل أسبوع حول الكيفية التي وصلنا فيها إلى جمهورنا المستهدف، بما في ذلك تفاصيل عن الأشخاص المؤثرين الذين انخرطوا وتفاعلوا مع المحتوى وكيف قاموا بذلك. استراتيجيات إشراك الجماهير هي أيضاً جزء هام من استراتيجيات العائدات.
أنا: هناك فكرة متزايدة تدعو للتفكير في مشاركة المحتوى من قبل المستخدمين أثناء وحتى قبل إعداد التقرير. ما هي نصائحك للقيام بذلك بشكل جيد؟
جوش: أعتقد أنه من المهم أن نفكر إلى متى سيدوم الخبر بعد أن يتم نشر التقرير، وكيف سيقوم الناس باستخدام الأخبار في حياتهم الخاصة. الناس سوف يتبادلون الأشياء التي تؤثر فيهم عاطفياً، أو تفاجئهم أو أنهم يجدونها مفيدة لهم (وللآخرين أيضاً). أعتقد أيضاً أن الناس سيتشاركون الأخبار عندما يتم دفعهم لفعل ذلك. المواقع التي تبرز أهم الأخبار أو التي تنشر بعض التغريدات ضمن تقاريرها يمكن أن تخدم أغراضًا مزدوجة، مما يساعد على تشجيع المشاركة والفهم من خلال التأكيد على النقاط الرئيسية.
كريس: ابقَ على اتصال مع مصادرك بعد النشر. دعهم على علم بكيفية العثور على القصة. حاول العثور على صفحات نشطة على فيس بوك. قم بوضع الاقتباسات الخاصة بالنقاشات هناك، واستخدمها لإيجاد مصادر. بعد ذلك قم بإضافة قصتك هناك. لا تفكّر في مواقع التواصل الاجتماعية والمشاركة باعتبارها ممارسة تأتي بعد عملية النشر فقط. يجب أن تكون مشاركة الجميع وما يقدّمونه مفيداً لك في التقارير الخاصة بك.
شنان: لا تدع الأسئلة والمحادثات تتوقف مع الذين يتفاعلون معك. استخدم وسائل الإعلام الاجتماعية لإجراء محادثات مستمرة مع مجتمعك، حتى لو لم يكن لديك قصة بعد. عندما قمت بتغطية أخبار مقاطعة/ إقليم في ويلمنجتون بولاية نورث كارولينا، كان لي حساب على الفيسبوك منفصل للتواصل مع الجمهور (كان هذا قبل أن يسمح للصحفيين بامتلاك صفحات على فيس بوك). كثيراً ما كنت أستخدم هذا الحساب كمنصة للحديث عن ما كنت أقوم بتغطيته في ذلك الأسبوع أو ما كنت ألاحظه في جميع أنحاء المدينة. كنت أقوم بإضافة تحديثات على الإجراءات المتخذة في الاجتماعات وبعض التغريدات. أحيانًا أضع بعض الصور الجميلة من الشاطئ. وبعد أن قمت ببناء مجتمع مرتبط بصفحتي، بدأت بتلقي الرسائل وبدأ الناس يضيفون صورًا وأخبارًا وتعليقات على صفحتي على فيس بوك.أعتقد أن ثلث تلك النصائح والأخبار قد تحولت إلى قصص فعلية، ولكنني وجدت أن هذه المجموعة من الناس على الأرجح سينخرطون مع تغطيتي للأخبار وينشروها ويقدمون التحديثات حولها من خلال صفحة الفيسبوك بقدر ما كانوا سيفعلون ذلك بعد أن أقوم بنشر المقال كاملاً.
تعلمت أهمية وضع مجتمعي/ جمهوري أولاً من خلال الاستماع إلى ما كانوا يرونه مهماً. في المقابل، أجعلهم يشعرون كما لو كانوا على اطلاع بآخر الأخبار، والسماح لهم بالمشاركة والانخراط مع تحديثاتي وتغريداتي بينما أقوم بتغطية الأخبار، وليس فقط بعد نشر القصة كاملةً.
أنا: ما هو الشيء الذي لا تفهمه الصحف ووسائل الإعلام التي تمتلك إرثاً حول إلهام القراء وبناء العلاقات والولاء الذي يقدّمه جيل الألفية؟
جوش: أعتقد أن الصحفيين والناشرين ولفترة طويلة من الزمن، كانوا يرون أن القراء هم من الأمور المسلّم بها. ولكن هذا لم يعد صحيحاً. علينا أن نبني علاقات ذات معنى مع مجتمعاتنا على مستويات عديدة. هناك نماذج مختلفة لما قد تبدو عليه هذه العلاقة مثل - المشتركين، والجهات المانحة، والأعضاء، والقراء، الخ ... - ولكني أعتقد أن جيل الألفية يمكن النظر إليهم على أنهم من المعجبين. لا أعتقد أن كثيرين في الصحافة يفهمون تماماً كيفية تنمية وخدمة وحشد الدعم من المعجبين. كيف يمكن أن نعيد التفكير في الطريقة التي ننظر فيها للجمهور ومشاركته على أنهم أكثر من مجرد مجموعة من المعجبين؟ أي كيف يمكن الاستفادة منهم كأشخاص مشاركين.
كريس: أنا سأجيب على هذا بشكل غير مباشر مع ملاحظة أنها كانت أسهل قليلاً مما كانت لبيلي بن في تقديم الأخبار العاجلة وتشكيل الرأي الخاص بالألفيين بعد خمسة أشهر - لأنه لا يوجد أحد آخر يقوم بتغطية حقيقية عميقة للأشياء التي نقوم بتغطيتها. أمثال تشارك ركوب السيارة، تشارك ركوب الدراجة والجرائم التي تحصل في الحرم الجامعي هي مواضيع لا تحظى بالتغطية اليومية وما تزال المحطات التلفزيونية في المنطقة تتابع هذه القصص بصعوبة. إذاً بالنسبة لنا نحن نحجز مكاناً لأنفسنا في هذا النوع من التغطية. نحن نهتم بالجميع ونحاول امتلاك أكبر قدر من التنوع الإخباري ... بالإضافة إلى التأكد من أنه لدينا شيء ذي صلة يمكن تقديمه في الوقت المناسب.
شنان: أعتقد أن على وكالات الأنباء التقليدية إيلاء المزيد من الاهتمام لجيل الألفية العامل لديهم. والسماح لهم بالقيادة. ومنحهم الحرية في أن يكونوا على طبيعتهم واستخدام صوتهم في التقارير. استمع إلى هذه المجموعة في مكتبك عندما يطلعوك على القضايا التي تهم أصدقاءهم. أنهم يعرفون كيفية الاتصال بأقرانهم، لذلك ارجع لهم واحصل منهم على النصائح واظهر لهم كيف أنك تقدّر وجهة نظرهم.
تحمل الصورة رخصة المشاع الإبداعي على فليكر بواسة كريس كروغ.