غرف الأخبار في كندا تواجه أزمة مالية

بواسطة Patrick Egwu
Feb 22, 2024 في استدامة وسائل الإعلام
العلم الكندي

تعاني وسائل إعلامية في كندا من عدم استقرار مالي كبير، وتقوم غرف الأخبار بتسريح الصحفيين.

وفي ديسمبر/كانون الأول، أعلنت هيئة الإذاعة الكندية - وهي هيئة الإذاعة العامة في كندا - عن إلغائها 600 وظيفة جرّاء وجود عجز في الميزانية قدره 125 مليون دولار، وسيتم إلغاء نحو 200 وظيفة شاغرة، وتقليل عدد البرامج.

ومن بين أسباب وجود ضغوطات على الميزانية، انخفاض عائدات التلفزيون من الإعلانات، وتزايد المنافسة، وتكاليف الإنتاج المرتفعة.

وقالت المديرة التنفيذية في المؤسسة الإعلامية المستقلة غير الربحية The Walrus، جنيفر هوليت: "عندما سمعتُ تلك الأخبار، قلت إنّه إذا كانت هيئة الإذاعة الكندية تتعرض لضربة موجعة في هذا الوقت، فهذه علامة ليست جيدة".

مُعضلة واسعة الانتشار

إنّ هيئة الإذاعة الكندية ليست وحدها، إذ تواجه وسائل الإعلام عبر البلاد ضغوطات مالية جرّاء تضاؤل مصادر الإيرادات.

وفي سبتمبر/أيلول، تقدمت مجموعة ميترولاند الإعلامية، وهي واحدة من أكبر ناشري الأخبار في كندا، بطلب للحماية من الإفلاس، وتتضمن هذه الخطوة تسريح 650 موظفًا، وستُوقف الشركة نشر صحيفتها المجتمعية الأسبوعية عبر أونتاريو.

ووفقًا للأرقام الحكومية، أغلقت أكثر من 450 وسيلة إخبارية في كندا منذ 2008، واختفى ما لا يقل عن ثلث الوظائف الصحفية الكندية أثناء تلك الفترة، وحدثت أكثر من 60 عملية إغلاق منذ 2020.

وقالت هوليت: "من الصعب رؤية هذا الأمر لأنّ إغلاق وسائل الإعلام يؤذي الجميع"، مضيفة "من المُحزن رؤية أقراننا يفقدون سُبل عيشهم، وحتى إذا كنت لا تعرف أي شخص يعمل في الإعلام، سترى التأثير فيما تقرأه، أو الأكثر أهمية فيما لا تقرأه".

قانون الأخبار عبر الإنترنت

وفي يونيو/حزيران 2023، مررت الحكومة الكندية قانونًا مثيرًا للجدل يُسمى "قانون سي-18"، والمعروف أيضًا باسم قانون الأخبار عبر الإنترنت، والذي يُلزم شركات التكنولوجيا مثل ميتا وجوجل دفع تعويضات للمؤسسات الإخبارية عندما يُتاح محتواها على منصات هذه الشركات، وذكرت الحكومة أنّ خسارة عائدات الإعلانات هي السبب الرئيسي وراء إصدار هذا التشريع.

وردت ميتا على هذا القانون بمنع وسائل الإعلام الكندية من نشر الأخبار على منصاتها، بما في ذلك فيسبوك وانستجرام.

وهددت جوجل باتخاذ إجراء مماثل، ومع ذلك، أعلنت الحكومة في نوفمبر/تشرين الثاني أنّها توصلت إلى اتفاق مع شركة جوجل بأن تدفع الشركة 100 مليون دولار سنويًا للمؤسسات الإخبارية في البلاد.

وقال رئيس الجمعية الكندية للصحفيين، برنت جولي: "لقد كانت سنة سيئة جدًا لوسائل الإعلام"، موضحًا "تأثرت أغلب المؤسسات الكبرى بهذا القانون في الإصدارات باللغتين الإنجليزية والفرنسية".

ويأمل جولي أن تتحسن الظروف هذا العام بالنسبة لوسائل الإعلام، خصوصًا مع وجود قانون الأخبار عبر الإنترنت والأموال التي ستأتي من تنفيذه، مشيرًا إلى أنّ الحكومة وسّعت أيضًا الاعتمادات الضريبية لدعم وسائل الإعلام.

وأضاف جولي: "أحاول أن أكون متفائلًا والتفكير في أنّه ربما أسوأ ما في هذا الأمر قد انتهى فيما يتعلق بعدم الاستقرار المالي، ولست مقتنعًا تمامًا بوجود مجال أكبر لعمليات الإغلاق في أي مكان"، مستكملًا "في النهاية، الصحفيون هم الذين يقفون على الخطوط الأمامية، والذين يتحملون سوء الحظ ذلك عند حدوثه".

السبيل إلى المضي قدمًا

ونصحت هوليت المؤسسات الإخبارية بتنويع مصادر دخلها ونماذج تمويلها لتحسين استدامتها.

وقالت هوليت إنّ "المؤسسات الإعلامية بحاجة إلى مواصلة الابتكار ومعرفة كيف يقضي الجمهور وقته لتنويع مصادر إيراداتها؛ لأنّني لا أعتقد أنّه بإمكاننا الاعتماد على مصدر واحد"، موضحة "ولكنّنا نحتاج أيضًا إلى أن ندفع مقابل الأخبار والاستثمار فيها إذا أردنا مساعدة المشهد الإعلامي".

وتحصل The Walrus على التمويل من خلال الرعايات والشراكات والفعاليات، وقالت هوليت: "لدينا Lab Walrus، وهي وكالة إبداعية داخلية حيث نعمل مع العلامات التجارية وتذهب عائدات هذا العمل إلى صحافتنا. كما لدينا اشتراكات وإعلانات، ولسنا معتمدين على مصدر واحد فقط للإيرادات".

وشرحت هوليت أنّه عندما تفشت الجائحة في 2020، انتقلت The Walrus إلى إقامة الفعاليات على الإنترنت، والتي استمرت شعبيتها لدى جماهيرها.

وأوضحت هوليت: "لهذا السبب نحن مستمرون لعقدين من الزمان، ونتطلع إلى العقدين القادمين لأنّنا نستكشف نماذج الإيرادات المبتكرة والمتنوعة"، مشددة "لا نعتمد فقط على الإعلانات والاشتراكات، والتي يمكنني القول إنّها ضمن نموذج الأعمال التقليدي".

ومن جانبه، قال جولي إنّ الجمعية الكندية للصحفيين ستُقدم دليلًا للصحفيين حول كيفية جمع التمويل، وسيتضمن توصيات بأدوات متاحة لهم لمساعدتهم على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن أفضل طريقة لإدارة أعمالهم لضمان استدامتها، مضيفًا: "أعتقد أنّ ما نراه بكثرة الآن هو أنّ المؤسسات الإخبارية المختلفة تطلب اشتراكات إضافية وتحاول جمع التبرعات لتوظيف المراسلين".

واتفقت هوليت على عدم وجود حل واحد واضح للنجاة من العجز في الإيرادات، مشيرة إلى أنّ المؤسسات الإعلامية الصغيرة وغرف الأخبار القديمة على حد سواء تقوم بالتجارب لإيجاد مسارات للمضي قدمًا.

وقالت هوليت: "أعتقد أنّ هناك تحديات كبيرة للغاية تحدث حول العالم الآن لدرجة أنّ مرور وسائل الإعلام بأزمة ربما لا يُعد من ضمن أهم 10 أشياء يهتم بها الشخص العادي"، مختتمة "ولكنّ التقليل المستمر للوظائف والأزمة المالية يُشكلان بالتأكيد تهديدًا لديمقراطيتنا، إذ أنّه لن يكون لدينا كندا مزدهرة إلا إذا كان لدينا صحافة قوية وجيدة ومستقلة".


الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة هيرميس ريفيرا.