دور الجمهور الفعّال في دعم وسائل الإعلام في المنفى من خلال العضوية والتبرعات

بواسطة José J. Nieves
Jul 14, 2025 في استدامة وسائل الإعلام
صورة

نُشرت هذه المقالة في الأصل كمورد في مجموعة أدوات وسائل الإعلام في المنفى التي نُقدّمها، وقد أُنتجت بالشراكة مع شبكة وسائل الإعلام في المنفى، وبدعم من صندوق جويس بارناثان للطوارئ للصحفيين.


في منظومة الوسائل الإعلامية المستقلة اليوم، أصبحت برامج العضوية — التي تختلف عن الاشتراكات التقليدية — وحملات جمع التبرعات من الجمهور أكثر أهمية، خاصة بالنسبة للمنصات غير الربحية.

والمنطق التي تعتمد عليه هذه النماذج بسيط في جوهره ولكنه فعّال: إذا كوّنت مجتمعًا وفيًّا، ومتفاعلاً، ويقدّر عملك، يُمكنك دعوته لدعمك ماليًا.

وقد جربت كل من Confidencial (نيكاراجوا) وEl Pitazo (فنزويلا)، وهما من ضمن وسائل الإعلام في المنفى في أميركا اللاتينية، هذه الأساليب ولكن نتائجها جاءت متباينة. فبينما تواصل منصة Confidencial تشغيل برنامج الأعضاء والأصدقاء، أوقفت El Pitazo مبادرتها بعد عامين بسبب ضعف العائد الاستثماري.

منصة El Pitazo: آمال كبيرة، وواقع صعب

كان لدى منصة El Pitazo أسباب تدعو للتفاؤل في عام 2022، إذ أظهر استطلاع الرأي الأولي أن أكثر من 60% من المشاركين قد أبدوا استعدادهم لتقديم الدعم المالي. وقد طوّر الفريق مستويات للعضوية، وصمم محتوى حصريًا، ثم أطلق البرنامج.

ولكن الواقع خالف توقعات الفريق؛ إذ لم يتجاوز عدد المشتركين المئة شخص، كما أن عددًا كبيرًا من الأشخاص الذين سجلوا لم يكونوا مهتمين بالحصول على المزايا أو المشاركة في المجتمع.

ويتذكر المدير سيزار باتيس: "كانوا يردّون على دعوتنا بعبارات مثل: ’لا بأس، أنا أدعمكم... لكنني لا أريد أن أشارك، أنا مشغول جدًا‘".

وكان للبرنامج أيضًا تكاليف خفية، مثل الوقت، والبنية التحتية، والتواصل المستمر، وهو ما شكّل عبئًا على فريق صغير بإمكانيات محدودة. وفي ظل الفقر والانقسام الرقمي الذي تعاني منه فنزويلا، فاقت الجهود المبذولة العائدات بشكل كبير.

وفي أبريل/نيسان 2023، اتخذت منصة El Pitazo قرارًا إستراتيجيًا بإغلاق البرنامج، لا باعتباره هزيمة، بل خيارًا ماليًا منطقيًا. وقد عبر باتيس عن ذلك بقوله: "لم يكن بإمكاننا الاستمرار في ضخّ الجهد في مشروع بعائد ضئيل"، مضيفًا: "لكنني لن أستبدل الدروس التي تعلمناها بأي شيء".

منصة Confidencial: التأطير المدني، والتحول الثقافي

ومن أبرز التحديات التي واجهتها منصة Confidencial رغم بساطته الظاهرة، هي توعية الجمهور بالمعنى الحقيقي للعضوية. ففي البيئة يربط فيها معظم الناس الدفع مقابل المحتوى باشتراكات تجارية مثل نتفليكس أو سبوتيفاي، كان على المنصة أن توضّح تمامًا أنّ برنامجها يختلف تمامًا عن هذا النموذج.

وقد حرص فريق منصة Confidencial على إيصال رسالته بوضوح، مؤكدًا أن العضوية ليست خدمة مدفوعة أو تجارية. فالمحتوى الذي ينتجه سيبقى مجانيًا ومُتاحًا للجميع. أما العضوية، فهي عمل تطوعي يعكس التزامًا مدنيًا، وطريقة للدفاع عن الحق الجماعي في الحصول على المعلومات، ودعم للصحافة المستقلة التي تتعرض للضغوط.

ووفقًا لما جاء في الرسالة العامة لمبادرة العضوية فإنّ "Confidencial تُعتبر منصة مفتوحة الوصول، ولا تعتمد على خدمة مدفوعة الأجر، لأنها ترى أن الصحافة المستقلة هي مصلحة عامة، لكن إنتاج هذا النوع من الصحافة له تكاليف، ولذلك تدعو المنصة قراءها للمساهمة في دعمها، كوسيلة للدفاع عن حقهم في المعرفة".

وبالرغم من أن الأعضاء يحصلون على إمكانية الوصول للنشرات بريدية، والكتب الإلكترونية أو الأرشيف الرقمي كقيمة مضافة، إلا أن الرسالة الأساسية واضحة: "أنت لا تدفع مقابل الحصول على شيء، بل إنك تساهم في استمرار وجود شيء حيوي".

وعلى الرغم من التحديات، فقد بدأ هذا النموذج يُؤتي ثماره. فقد نجحت منصة Confidencial في بناء مجتمع داعم ونشط، وخصوصًا بين أفراد الجالية النيكاراجوية في المهجر. ورغم أن العضوية لم تُصبح بعد مصدر الدخل الرئيسي للمنصة، فإنها تحولت إلى ركيزة رمزية وعملية لاستقلاليتها.

وقد فرض المنفى تعديلات تقنية، شملت التعامل مع المدفوعات الدولية، وتقديم الدعم عبر مناطق زمنية مختلفة، والتأقلم مع التفاوتات في مستويات الوصول الرقمي.

لكن التحدي الأكبر ربما يكون ثقافيًا: التأكيد مرارًا وتكرارًا على أن العضوية لا تتعلق بالتميّز أو الحصرية، بل بالتضامن. فالقيمة الحقيقية لا تكمن فيما تحصل عليه، بل في ما تساهم في تحقيقه للآخرين. إنها عملية تثقيف مدني طويلة الأمد، كما أنها تتطلب قدرًا من الصبر، والوضوح، والاستمرارية.


الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على موقع Unsplash بواسطة كريستيان دوبوفان.

 كتب نيفيس هذه المقالة كجزء من الزمالة التي حصل عليها من برنامج نايت التابع للمركز الدولي للصحفيين.