الوكالات التجارية كأذرع مستدامة لوسائل الإعلام المستقلة: حالات ودروس مستفادة من المنفى

بواسطة José J. Nieves
Jun 16, 2025 في استدامة وسائل الإعلام
صورة

نُشرت هذه المقالة في الأصل ضمن موارد وسائل الإعلام في المنفى وذلك بالشراكة مع شبكة وسائل الإعلام في المنفى (NEMO)، وبدعم من صندوق جويس بارناثان للطوارئ للصحفيين.


تعتبر الوكالة التجارية أو الإبداعية، سواء كانت رسمية أو غير رسمية، وحدة تشغيلية تعمل داخل مؤسسة إعلامية لتقديم خدمات لأطراف ثالثة وذلك من خلال الاستفادة من القدرات المتاحة داخل المؤسسة الإعلامية. وتشمل هذه الخدمات إنتاج المحتوى، والتصميم الجرافيكي، وتطوير التقنيات التكنولوجية، وتقديم الاستشارات الاستراتيجية، وكتابة النصوص الإعلانية والتحريرية، وإدارة الحملات والتدريب.

وقد لجأت العديد من المؤسسات الإعلامية المستقلة التي تعمل في المنفى في أميركا اللاتينية في السنوات الأخيرة، إلى هذا النوع من الوكالات كوسيلة فعّالة لتنويع مصادر الدخل وضمان استمرارية عملها الصحفي.

ولا تكمن أهمية هذه الوكالات في نوعية الخدمات التي تُقدّمها فحسب، بل في هدفها الأساسي والذي يتمثل في دعم استقلالية المؤسسة الإعلامية دون المساس بقيمها ومبادئها الأساسية.

دراسة حالة: تجربة Mediaplus - منصة EL Toque (كوبا)

وأطلقت المؤسسة الإعلامية الكوبية El Toque وكالتها الخاصة  Mediaplus Experience في عام 2022، من أجل إضفاء الطابع الرسمي لنشاطها وتوسيع نطاق خدماتها التي قد بدأت بشكل تلقائي. وكان أعضاء الفريق يُقدّمون خدمات بشكل مستقل مثل الاستشارات، وإدارة وسائل التواصل الاجتماعي، وتطوير المواقع الإلكترونية لعدد محدود من العملاء بين الحين والآخر.

وكان يوجد اتفاق بين أعضاء الفريق على إمكانية تحويل الجهود إلى عمل تجاري منظم يُسهم في زيادة دخلهم ويؤدي إلى تنويع مصادر إيرادات المؤسسة الإعلامية.

ومن خلال الاستفادة من سمعة مؤسسة El Toque وشبكتها الواسعة، نجحت وكالة Mediaplus في ترسيخ مكانتها كحليف استراتيجي للقضايا ذات الأثر الاجتماعي. وتشمل قائمة عملائها الرئيسيين المنظمات غير الحكومية، والمنظمات متعددة الأطراف، والمؤسسات الإعلامية ذات التوجهات المشابهة.

ولكن قد أدى إنشاء الوكالة أيضًا إلى المزيد من التحديات، فكل خدمة عملاء جديدة تطلبت عمليات إدارية وبنية تحتية إضافية، والتي شكلت ضغطًا إضافيًا على قدرات فريق العمل وأثارت تساؤلات صعبة: أيهما يأتي أولاً؟ تسليم المشروع للعميل أم إنتاج محتوى تحريري للمنصة الإعلامية؟

وقد واجهت مؤسسة El Toque هذا التحدي من خلال تعيين منسق مشاريع وتوسيع قاعدة المتعاونين الخارجيين، مما أدى إلى تخفيف الضغوط المُلقاة على عاتق الفريق التحريري الأساسي.

دراسة حالة: Alharaca - السلفادور

وقد نجحت منصة Alharaca في السلفادور في العثور على مصدر دخل لها من خلال خدمات الاتصالات الاستراتيجية التي تركز على قضايا النوع الاجتماعي. وشكّلت هذه الخدمات المُوجهة إلى منظمات المجتمع المدني ما يصل إلى 50٪ من ميزانيتها التشغيلية وذلك خلال عامي 2021 و2022.

وتتذكر هذه التجربة لورا أغيري مُؤسسة الوسيلة الإعلامية مؤكدةً أن هذا النجاح كان له ثمن شخصي بالنسبة لها، قائلةً: "كدت أفقد شعري من الإرهاق. لم أشعر بهذا المستوى من التعب في حياتي من قبل".

وقد تحوّل النجاح المالي الذي حققته الوكالة إلى عبء دائم بسبب عدم وجود فريق متخصص في الإدارة، وبالتالي اتخذت منصة Alharaca قرارًا استراتيجيًا بتقليص خدماتها، والتركيز على رفاهية فريق العمل، واستخدام الدخل التجاري لإنشاء صندوق طوارئ.

الدروس المستفادة: يمكن أن تكون الوكالة وسيلة لتوفير الاستدامة، لكنها لا يجب أن تُرهقك. فالنمو يحتاج إلى هيكل تنظيمي.

دراسة حالة: Soy Arepita - فنزويلا

وقد ركّزت منصة Soy Arepita  على مجتمع المهاجرين الفنزويليين، ووجدت طريقها نحو الاستدامة من خلال النشرات البريدية. وعلى مدار عدة سنوات، قدّم فريقها خبراته التحريرية والتنظيمية لوسائل الإعلام الأخرى، والمنظمات غير الحكومية ومؤسسات الصحة العامة.

ومؤخرًا، وسّع فريق العمل نطاق عملهم ليشمل التعاون مع شركات ناشئة في مجالات التكنولوجيا والصحة، مما ساعدهم على توسيع قاعدة عملائهم مع الحفاظ على التزامهم برسالتهم التحريرية. والمبدأ التحريري الأساسي الذي يلتزمون به هو: أنهم يعملون فقط مع المؤسسات التي لا يقومون بتغطية أخبارها، وذلك من أجل الحفاظ على الاستقلالية والمصداقية.

ولقد أصبحت الحدود الفاصلة بين العمل التحريري والتجاري مصدر قوة تُعزز من قدرة المؤسسة على تحقيق النمو المستدام.

دراسة حالة: Rialta - كوبا/المكسيك

تتخذ وسيلة الإعلام الكوبية Rialta  من المكسيك مقرًا لها، وقد موّلت جزءًا من عملياتها من خلال تقديم خدمات تحريرية متخصصة للجامعات المكسيكية، والتي تشمل التحرير اللغوي، وتصميم الصفحات، والتصميم الجرافيكي، وإنتاج الكتب.

من جانبه، قال مدير غرفة الأخبار كارلوس أنيبال ألونسو: "لم نكتف ببيع الكتب فقط، بل قمنا ببيع الخدمات التحريرية أيضًا، مما ساعدنا في الحفاظ على كتالوجنا الخاص في النشر".

وعلى الرغم من أن Rialta  لا تعمل كوكالة رسمية، إلا أنها تقوم بالدور نفسه فعليًا، مع الحفاظ على توازن متناعم بين الجانبين التحريري والمالي.

خمسة تحديات شائعة تواجه الوكالات الإعلامية

وتشير تجارب المنصات الآتية: El Toque، وAlharaca، وSoy Arepita، وRialta، إلى وجود عقبات مشتركة ينبغي على أي وسيلة إعلامية أخذها في الاعتبار قبل إطلاق نشاطها التجاري، وهي:

(1) ضغوط العمل التشغيلي
عندما تتولى فرق العمل في غرف الأخبار أيضًا مسؤولية التعامل مع العملاء، يُصبح الإرهاق أمرًا لا مفر منه. والخيار الأمثل في هذا الصدد، هو وجود شخص واحد على الأقل لإدارة العقود وتدفق سير العمل. والأفضل هو أن تتوسّع الوكالة من خلال التعاقد مع المتعاقدين المستقلين بدلاً من إثقال كاهل أفراد طاقم الفريق التحريري.
(2) نقص البنية التحتية للأعمال

قد تبدو العمليات فوضوية وغير قابلة للاستمرار وذلك في حالة عدم وجود عمليات واضحة للبيع، واستراتيجيات تسعير مدروسة، ونظام جيد لإدارة العقود.

(3) الصعوبات المتعلقة بعملية التوسع

يتطلب توسيع نطاق الخدمات التي تُقدّمها الوكالات أو زيادة عدد العملاء إلى المزيد من الموظفين، وتوفير برامج تدريبية، وتطوير القدرات التقنية.

(4) تضارب المصالح الأخلاقية

إنّ تقديم خدمات تجارية لجهات تخضع أيضًا للتغطية التحريرية قد يهدد استقلالية العمل الصحفي.

(5) الانحراف عن الرسالة

وإذا ابتعدت الوكالة عن القيم الأساسية للمؤسسة الإعلامية، قد تنشأ توترات داخلية واختلالات في التوجه الاستراتيجي لها. وفي المقابل، فإن الشفافية بشأن دور الوكالة في دعم غرفة الأخبار يُمكن أن تساعد في جذب عملاء يشاركونها ذات الرسالة ويبحثون عن أثر حقيقي لاستثماراتهم.


الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على موقع Unsplash بواسطة سيغموند .

ساهم نيفيس في كتابة هذا المورد في إطار زمالته ضمن برنامج  نايت التابع للمركز الدولي للصحفيين.