في سبتمبر/أيلول، أعلنت شركة ميتا أنّها ستتيح خاصية "القنوات" على واتسآب في 150 دولة، وتوفر هذه الخاصية إرسالًا أحادي الاتجاه حيث يُمكن لمديري القنوات من خلاله مشاركة المعلومات مع متابعيهم.
وأفادت ميتا في بيانها أنّ"خاصية القنوات على واتسآب صُممت لتكون طريقة بسيطة وموثوقة وخاصة لتلقي تحديثات مهمة من الأشخاص والمنظمات ضمن نطاق واتسآب".
ويُعد واتسآب أشهر تطبيق للمراسلة في معظم الدول الإفريقية، ولسوء الحظ، تتزايد المعلومات الخاطئة والمضللة على المنصة. ومع إطلاق خاصية القنوات، يشعر الصحفيون الأفارقة بالقلق من أنّ الخاصية ستزيد من انتشار توجهات الأخبار المزيفة عبر القارة وحول العالم.
في هذا السياق، قالت لويس أوغبيدي، الباحثة في مؤسسة تدقيق المعلومات في غرب إفريقيا "دوباوا": "تُشكل حقيقة أن باستطاعة أي شخص إنشاء قناة والوصول إلى العديد من الأشخاص في لمح البصر تهديدًا كبيرًا سيُسيء المستخدمون استخدامه".
تأثير المؤثرين
ويشعر بعض الصحفيين الأفارقة بالقلق من أنّ القنوات التي يُديرها المؤثرون المشهورون ستكون أكبر مصادر المعلومات الخاطئة والمضللة، إذ إنّه في الغالب قد لا يُدقق العديد منهم المحتوى الذي يشاركونه.
وقالت مُدققة المعلومات في Africa Check، سيميلور أديلولا: "يحظى المؤثرون بمتابعة كبيرة، ومن الممكن أن تنتشر منشوراتهم بسرعة". وأضافت: "حظي بعضهم بثقة كبيرة من قبل متابعيهم، وتُعتبر أي معلومات يشاركونها موضع ثقة سواء كانت صحيحة أو خاطئة. وكلما اتسعت (قاعدة معجبيهم)، زاد انتشار المعلومات المزيفة التي يشاركونها، ولا يعرف أحد من سيعاني من خطرها".
على سبيل المثال، قاوم النيجيريون تلقي اللقاحات أثناء جائحة كوفيد-19 بسبب المعلومات المزيفة التي شاركتها حسابات منصات التواصل الاجتماعي الشهيرة. وفي 2021، زعم دينو ميلاي – الذي كان عضوًا في مجلس الشيوخ في ذلك الوقت - على تويتر أنّ لقاح أسترازينكا الذي اشترته الحكومة النيجيرية كان "أقل اللقاحات المعترف بها هناك"، و"فعاليته ضعيفة". وبعد فترة وجيزة، شارك المؤثر على "انستجرام" توندي إدنوت، هذا الادعاء.
ودققت أوغبيدي هذه المعلومة، وكشفت أنّ الادعاءات المتعلقة بالآثار الجانبية السلبية لأسترازينكا كانت مزيفة، وعندما اكتشفت أنّ إدنوت أنشأ قناة على واتسآب وحازت على أكثر من 238,000 متابع خلال أسبوعين، شعرت بالقلق من أن تكون وسيلة أخرى للمؤثر لينشر المعلومات الخاطئة.
وأكدت أوغبيدي أنّ "تدقيق المعلومات التي يشاركها المؤثرون على منصات التواصل الاجتماعي ليس أمرًا صعبًا، بناءً على نوع المعلومات"، موضحة "تكمن الصعوبة في إقناع الجمهور بتقبل دحض المعلومة كحقيقة والتعامل بناء على ذلك".
تحديات تدقيق المعلومات على "القنوات"
وترى أديلولا أنّ تدقيق المعلومات التي يشاركها مؤثرو منصات التواصل الاجتماعي قد يُشكل تحديًا، موضحة "يولي بعض المؤثرين أولوية لسمعتهم ويدققون محتواهم للتأكد من صحته، بينما يضع آخرون معدلات التفاعل قبل الدقة وفي المقابل يمنحون أولوية للمعلومات التي ستجعل منصاتهم تحصد المشاهدات".
وقد يضع المؤثرون الذين لا يلتزمون بالدقة ضغطًا على مدققي المعلومات، وقالت أديلولا: "يحدد التزام المؤثرين بالدقة مدى صعوبة تدقيق محتواهم".
كما يُعد استخدام "القنوات" لشن الهجمات على الآخرين مصدر قلق، وشاركت أديلولا واقعة تتضمن استخدام "قناة" على واتسآب تديرها المؤثرة مريم أوياكيلومي، التي شاركت معلومات التواصل لأحد الأشخاص، زاعمة أنّ هذا الشخص انتقد ملابسها في منشور على فيسبوك في وقت سابق. وطلبت أوياكيلومي من متابعيها الذين يزيد عددهم عن 1.1 مليون متابع مضايقته بالمكالمات الهاتفية والرسائل.
غياب التنظيم
ويخشى كاليب إيجيوما، المدير التنفيذي لمؤسسة تدقيق المعلومات التي يديرها الشباب في نيجيريا، RoundCheck، من أن يؤدي انعدام وجود تنظيم حول خاصية "القنوات" إلى زيادة انتشار المعلومات الخاطئة على المنصة.
وقال إيجيوما: "يُنشئ بعض هؤلاء المؤثرين قنوات على واتسآب لمشاركة آرائهم، وتعزيز الأجندات، والتأثير على النقاش العام. وهناك احتمالية كبيرة أن تنتشر السرديات الخاطئة أكثر على واتسآب لأنّ باستطاعة المستخدمين الآن رؤية المعلومات مباشرة من هؤلاء المؤثرين".
وعلى الرغم من أنّ مؤسسات تدقيق المعلومات الموجودة في إفريقيا، مثل Dubawa، وAfrica Check، وThe Cable، والمركز الدولي للصحافة الاستقصائية، لديها قنوات على واتسآب لتقديم المعلومات المُدققة للمتابعين، إلا أنّ أعداد القنوات المُروجة للمعلومات المضللة كبيرة جدًا.
وقال خبير المعلومات المضللة والأمن السيبراني في CybAfriqué، أولاتونجي أولايجبي، إنّ "تتبع المعلومات المضللة على واتسآب هو الأصعب وهناك فرصة كبيرة للوصول إلى الأشخاص منخفضي ومتوسطي الدراية الإعلامية"، مضيفًا "الأمر أكبر بكثير من مجرد تعريضهم للمعلومات المضللة، فهو يفتح عالم المعلومات المضللة أكثر مما كان عليه".
التوصيات
إنّ خاصية "القنوات" واستخداماتها المحتملة ليست سلبية بالكامل، فعلى النقيض من مجموعات واتسآب التي لا يُمكن دخولها سوى من قبل أعضاء المجموعات وحيث بإمكان التشفير الشامل منع الخبراء من تحديد مصادر المعلومات المضللة المتداولة فيها، يُمكن رؤية المعلومات – ومن يشاركها – على قناة واتسآب سواء كان الشخص عضوًا أم لا. وأوضح أولايجبي أنّ هذا قد يساعد الخبراء على إيجاد المعلومات المضللة على واتسآب وتتبعها ودراستها أكثر من السابق.
ولفت أولايجبي إلى أنّ وجود نظام للمراجعة والتقييم مشابه لما هو متاح على فيسبوك، سيُعد خطوة إيجابية لتقليل المعلومات المضللة على "القنوات"، وذلك للسماح لمدققي المعلومات بتسليط الضوء على ادعاء إذا كان مضللًا أو مزيفًا.
ويرى إيجيوما أنّه ينبغي على مستخدمي واتسآب أن يكونوا مدركين للمعلومات المزيفة التي قد تنتشر بسهولة، والإبلاغ عن القنوات التي تنشر المعلومات المضللة، مضيفًا أنّه بإمكان الصحفيين المساعدة في رفع الوعي بشأن احتمالية انتشار المعلومات الخاطئة على القنوات.
وأوضح إيجيوما: "لم تُقدم الكثير من المنظمات التقارير عن الجانب السلبي لخاصية القنوات على واتسآب، ويتحتم عليها النظر في هذا الجانب السلبي والحديث عنه بوضوح".
من جهتها، قالت مسؤولة برنامج في مؤسسة دوباوا، تيميلاد أونيليدي، إنّ المؤسسة أنشأت مؤخرًا مجموعة على واتسآب للمساعدة في تحديد المعلومات المضللة على "القنوات".
وشرحت أونيليدي: "باستطاعة أي شخص يرى أخبارًا مزيفة على واتسآب مشاركتها معنا عبر المجموعة وسيتحقق منها مدققون"، مختتمة "وهذا يعني أنّنا لم نعد البطل الوحيد لتدقيق المعلومات لأنّ جمهورنا مثقف بما فيه الكفاية أيضًا لتحديد المزاعم المزيفة والترويج لمعلوماتنا المُدققة داخل شبكاته".
الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة ديكشا باهريا.