لأي شخص يشكك في أهمية حرية الصحافة، توجّه الصحفية التايلاندية شيرانوش بريمشايبورن رسالة واضحة : "عندما نتحدث عن حرية الصحافة، نعني بذلك حرية الشعب".
بريمشايبورن، هي المديرة التنفيذية لصحيفة على الانترنت اسمها : Prachatai، وهي تواجه عدة دعاوى قضائية تصل عقوبتها الى عشرات السنين بالسجن، بموجب قانون البلاد المتعلق بعدم إهانة الملكية والقانون الصادر في العام 2007 المتعلّق بجرائم الكمبيوتر (CCA). إذ يسمح هذا القانون للحكومة بحجب المواقع، وملاحقة منتجي المحتوى على ما ينشر، بما في ذلك تعليقات المتصفحين.
منذ انقلاب 2006 في تايلاند، أحكمت السلطات التايلاندية سيطرتها على وسائل الاعلام المتوفرة على الانترنت. ووفق تقرير صدر مؤخراً عن "فريدوم هاوس" صنفت تايلاند من البلدان التي يعتبر فيها الإنترنت "غير حرّ".
رغم أن الدستور التايلاندي يكفل حرية التعبير، ويحظر الرقابة من جهة؛ غير أنه من جهة ثانية، يكرس تبجيل الملك في البلاد، ويعلن بأنه "لا يجوز لأي شخص التعرض للملك وتوجيه أي نوع من الاتهامات اليه، أو القيام بأي اجراء بحقه".
وفي شهر آذار/ مارس 2009 وفي أيلول/سبتمبر 2010، اعتقلت الشرطة بريمشايبورن. وفي كلا الاعتقالين زعموا، أن بريمشايبورن تدعم الآراء المثيرة للجدل، من خلال تركها تعليقات المستخدمين الإنتقادية للملكية فى منتدى موقع Prachatai.
وعند اعتقال بريمشايبورن في آذار/مارس 2009، أقيمت محكمتها في شباط/فبراير 2011 واستمرت المحاكمة لمدة خمسة أيام، ثم تمّ تأجيل إعلان الحكم لغاية أيلول/سبتمبر المقبل. حالياً تنتظر بريمشايبورن، ما اذا كانت القضية التي أدت الى اعتقالها في أيلول/سبتمبر 2010 ستذهب إلى المحاكمة.
تحدثت شبكة الصحفيين الدوليين مع بريمشايبورن حول وسائل الإعلام الإلكترونية في تايلاند. وفيما يلي مقتطفات من المقابلة:
- شبكة الصحفيين الدوليين: هل أثرت الاضطرابات الأخيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقا، نوعا ما على كيفية تفاعل الصحفيين، المدونين، المواطنين، والحكومة في تايلاند مع الإنترنت؟ هل ما حدث في بلدان مثل مصر وتونس سيقود الى رقابة أقل في تايلاند وبلدان أخرى؟
تتخوف بريمشايبورن من أن أحداثاً مماثلة ستجعل الدولة أكثر احتراساً من الإنترنت. فقد قامت الحكومة مؤخراً بصياغة مسودة جديدة لقانون جرائم الكومبيوتر، ولكن هذا الاجراء علّق مؤخراً.
يصل معدل نتشار الإنترنت في تايلاند إلى نحو 27%. وقالت انها لاحظت، أنه بعد الاضطرابات السياسية الأخيرة في البلاد، بدأ الناس يستخدمون الإنترنت كمصدر بديل للمعلومات. وهذا ما يخيف الحكومة، لأنه ليس لديها سيطرة تامة على وسائل الاتصال هذه. وأملت بريمشايبورن أن تتفهم الحكومة بأن شبكة الإنترنت يجب أن تكون مساحة للنقاش المفتوح.
- شبكة الصحفيين الدوليين: كيف أثّرت وسائل الاعلام الاجتماعي على قضيتك؟
استحوذت قضايا بريمشايبورن على اهتمام عالمي ويعود الفضل في جزء كبير منه إلى وسائل الاعلام الاجتماعي، بحسب ما تذكر. وقام زملاؤها بإستخدام تويتر عند حدوث كلا الاعتقالين.
"أعتقد أن الشرطة تفاجأت، وربما صدمت"[...]"إذ لم يكونوا قد انتهوا من عملية اعتقالي، الا وكان الخبر قد انتشر". بعد اعتقالها الثاني، أخبرتها عناصر الشرطة بأنها على الأرجح ستقضي ليلتها في السجن، لأن الوقت كان متأخراً جدا لاطلاق سراحها بكفالة، كما اخبرتنا. ولكن فور تأكيد نبأ اعتقالها، تصاعدت وتيرة الضغوط على الشرطة والحكومة، وفي نهاية المطاف اطلق سراح بريمشايبورن بكفالة في الليلة عينها.
- شبكة الصحفيين الدوليين: ما هو الدور الذي تلعبه وسائل الاعلام الاجتماعي في تايلاند اليوم؟
كثير من الناس اعتقلوا بموجب قوانين إهانة الذات الملكية، ولكنهم يترددون في نشر قضاياهم خوفاً من أن ترتبط قضاياهم بموضوع معارضة للملكية، "فهذا النوع من الإدعاءات حساس جداً".
يستخدم بعض المواطنين والحكومة وسائل الاعلام الاجتماعي، لاستهداف أفراد عبر الانترنت، ما يسمى بـ"اصطياد الساحرات"، كما تقول. فعلى سبيل المثال، إذا عارض اشخاص فكرة ما، أو تحدوا أخرى، وقاموا بتحديث وضعهم على فيسبوك، يأخذ آخرون لذلك لقطة للشاشة، وينشروها عبر الانترنت، ويدينون الشخص بأنه ضدّ الملكية.
- شبكة الصحفيين الدوليين: ماذا تعني الملكية للشعب التايلندي؟
ضحكت بريمشايبورن بعصبية مؤقتة، قبل الاجابة على هذا السؤال. "أستطيع القول أننا إن كنا نتحدث عن هذه القضية ستوافق وسائل الاعلام التايلاندية بممارسة الرقابة الذاتية، لأي انتقاد أو مسألة تخص الملكية".
- شبكة الصحفيين الدوليين: ما الذي يحبطك في الوضع الحالي؟
في المجتمع التايلاندي، من السهل مهاجمة أي شخص يحاول الدفاع عن حرية التعبير بأنه معادي للنظام الملكي، كما تقول. وتضيف أن بعض الناس لا يفهمون أو لا يميزون عندما يدافع الصحفيون عن الحق في التعبير. "هذا لا يعني أننا نتفق مع كل ما يقوله الناس، أو نوافق على كل ما تعلنه حركة مناهضة النظام الملكي".
- شبكة الصحفيين الدوليين: ماذا يعني لك شخصياً اليوم العالمي لحرية الصحافة؟
"بعض الزملاء الإعلاميين، سيقولون أن الصحافة في تايلاند حرّة نسبياً". "من الواضح تماماً في تايلاند أن مفهوم حرية الصحافة غير مرتبط بحرية التعبير. ولكن ينبغي أن يكون هذا الارتباط متيناً".
تقوم منافذ الإنترنت بممارسة الرقابة الذاتية "بسبب الخوف". "اذا كان هناك أي قوة تدفع في هذا الاتجاه، فهي بالتالي ليست رقابة ذاتية. ينبغي أن ندعوها رقابة فقط". وقالت إنها تأمل التشديد على هذه النقطة، عندما ستتحدث في الجلسة العامة يوم الاثنين العامة، التي تعقد تحت عنوان :"حواجز جديدة : الرقابة في العصر الالكتروني".
يعتقد الجمهور في تايلاند في بعض الأحيان، أن حرية الصحافة ليست متصلة بما يجري لهم، كما تقول، ولكن الناس يجب أن يربطوا الموضوع بحرية الشعب. المسألة مسألة "تواصل عالمي"، كما تقول. "حرية الصحافة يجب أن تكون عالمية".
- شبكة الصحفيين الدوليين: بعد كل ما مررت به من صعوبات، لماذا تواصلين العمل كصحفية؟
"لقد تدربت على أن أكون صحفية" تجيب بريمشايبورن. "التواصل، هو الطريقة الوحيدة التي يمكنني من خلالها حل المشاكل ... لذا لا أستطيع الإقلاع عن ذلك."
تقوم منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة (الأونيسكو) بتنظيم احتفالات اليوم العالمي لحرية الصحافة، وهو يوم الاحتفال بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، لتقييمها، وللدفاع عن وسائل الإعلام من الهجمات المتكررة على استقلاليتها. وهو يوم لتكريم الصحفيين الذين فقدوا أرواحهم وهم يؤدون واجبهم. للحصول على معلومات كاملة عن اليوم العالمي لحرية في واشنطن العاصمة، قم بزيارة www.wpfd2011.org (باللغة الإنكليزية).