التحقق من المعلومات في ميتا: النهاية المتوقعة

بواسطة Ana Prieto
Feb 25, 2025 في مكافحة التضليل والمعلومات الخاطئة
صورة عن ميتا

إنّ إعلان مارك زوكربيرج الرئيس التنفيذي لشركة ميتا في السابع من يناير/كانون الثاني عن إنهاء جهود التحقق من صحة المعلومات في الولايات المتحدة، ونيته "التخلص" من مُدققي المعلومات، يُعرض الصحفيين لنفس المعاملة التي يتلقونها عادةً من مروجي المعلومات المُضللة.

وقد تجاهل مارك زوكربيرج حقيقة أن الشركة التي يديرها كانت وراء إطلاق برنامج التحقق من صحة المعلومات من قبل أطراف ثالثة لإنقاذ سمعتها بعد فضيحة كامبريدج أناليتيكا، والاتهامات بالتدخل الروسي عبر فيسبوك في الانتخابات الأميركية عام 2016، ووصف أولئك الذين عملوا على تنظيف منصاته على مدى السنوات التسع الماضية بأنهم يمارسون الرقابة، وألقى باللوم عليهم في تدمير "المزيد من الثقة بدلاً من تعزيزها".

وبالنسبة للأشخاص الذين عملوا كمدققي معلومات في إطار شراكات مع شركة ميتا، فإن هذه الخطوة ليست مفاجئة تمامًا. وفي شهر أغسطس/آب 2024، أعرب زوكربيرج عن أسفه في رسالة إلى النائب جيم جوردان، رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب الأميركي، بسبب استسلامه للضغوط التي مارستها إدارة بايدن أثناء الجائحة "لمراقبة" المحتوى الفيروسي على منصتي فيسبوك وإنستجرام. ولم يحدد المحتوى الذي كان يشير إليه، لكن بالنسبة للذين انغمسوا يوميًا في أكثر زوايا شبكات التواصل الاجتماعي يعرفون أن عمليات التحقق من المعلومات كانت تقتصر على الحد من انتشار مقاطع الفيديو التي تروج لاستخدام المبيض كعلاج لكوفيد-19، أو تحذير الناس من تلقي اللقاح بزعم أنه قد يُسبب العقم أو حدوث طفرات جينية.

وكانت هناك علامات أخرى أيضًا. فخلال الأشهر المضطربة والمليئة بالشائعات في عام 2020، لم يمثل العثور على معلومات مضللة تحديًا لمُدققي المعلومات، إذ انتشرت معلومات خادعة على نطاق واسع ومصممة للتأثير على الجمهور. وقد وفرت لنا الشركة أدوات بحث داخلية فعّالة مكنتنا من تتبع تطور المنشورات التي صُممت لتضليل الناس والتلاعب بهم. وقمنا بالتحقق من المحتوى المُختار باستخدام مصدرين على الأقل من الخبراء، والاستعانة بسلسلة من المبادئ التوجيهية التي وضعتها الشبكة الدولية لتدقيق المعلومات.

بحلول عام 2022، لم تعد هذه الأدوات سوى نسخة ضعيفة مما كانت عليه سابقًا. فما كان يساعدنا في الماضي على تعقب المعلومات المُضللة ــ التي كانت غالبًا ما تشوبها خطابات الكراهيةــ تحولت الآن إلى مجرد عروض ترويجية لمنتجات تساقط الشعر والمكملات الغذائية. وقد بدا واضحًا أن المنصة تتعمد إضعاف الأدوات التي مكنتنا من أداء خدمات التحقق من المعلومات التي كلّفتنا بها ودفعت مقابلها.

ومع ذلك، لا يزال لدينا CrowdTangle، وهي أداة مراقبة خارجية متميزة لم يستخدمها فقط مُدققو المعلومات، بل استخدمتها أيضًا الوسائل الإعلامية، والناشطون، والباحثون الذين اعتمدوا عليها كأداة لتتبع المحتوى، ورصد اتجاهات النقاش العام، ولكن موقع فيسبوك، الذي استحوذ على الأداة في عام 2016، قرر إغلاقها في أغسطس/آب 2024.

نهاية النوايا
إنّ ما وصفه زوكربيرج بـ "الرقابة" لم يكن سوى جهود شركائه في عمليات التحقق، مثل (PolitiFact، وChequeado، وAFP، وAos Fatos، وReuters، وCorrectiv، وMaldita.es، وAfrica Check، وAP، وغيرهم)، وذلك من أجل توضيح بعض الحقائق مثل وجود فيروس نقص المناعة البشرية، وأن التغير المناخي حقيقة علمية، وإثبات أن الصورة التي يظهر فيها فلاديمير بوتين راكعًا أمام شي جين بينغ قد تم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي.

لا يقوم هؤلاء الشركاء بحذف المحتوى من منصات ميتا فحسب؛ بل يضيفون تحذيرات إلى المنشورات تشير إلى أنها تحتوي على معلومات كاذبة أو مُضللة، وهو الإجراء الذي يحد على الفور من فرص انتشارها على نطاق واسع. لكن ما يحدث بعد ذلك، يعتمد على قرار شركة التكنولوجيا العملاقة: يمكنها تعليق حساب الناشر المخالف لبضعة أيام، أو حذف حسابه نهائيًا، أو عدم اتخاذ أي إجراء على الإطلاق.

إنّ برنامج التحقق من صحة المعلومات من قبل أطراف ثالثة ليس مثاليًا. فغالبًا ما يتم تبادل المعلومات الخاطئة بحسن نية، وبعضها غير ضار، ولا يستحق المعاملة نفسها التي تُخصص للمحتوى الكاذب المُصمم عمدًا لتضليل المستخدمين، والتلاعب بهم، وجذب النقرات، وجني المزيد من الأرباح. بالإضافة إلى ذلك، فإن نظام الطعون في ميتا، يسمح للمستخدمين بالاعتراض على تصنيف منشوراتهم بـ"الكاذبة" أو "المُضللة جزئيًا"، معقد وغير بديهي، مما يجعل الكثيرين الذين يرغبون في تقديم الطعون في حالة من الإحباط والشعور بالعجز.

وهناك أيضا مشكلة مع السياسيين: لا تسمح شركة ميتا بالتحقق المباشر من التصريحات التي يدلي بها السياسيون، مما يعني أن منشوراتهم على فيسبوك أو إنستجرام أو Threads - والتي تحظى غالبًا بانتشار واسع - لا يمكن أن تتلقى علامات تحذيرية، حتى لو تضمنت ادعاءات كاذبة ومثيرة للجدل، مثل "الحد الأدنى للأجور في الأرجنتين يبلغ 1,100 دولار شهريًا" (بينما هو في الواقع أقل من 300 دولار شهريًا)، أو الادعاء بأن بعض الدول "تُفرغ سجونها ومستشفياتها العقلية" في الولايات المتحدة، ناهيك عن الأذونات الأكثر وضوحًا، مثل الحرية المطلقة التي منحها موقع فيسبوك للرئيس الفلبيني السابق رودريجو دوتيرتي لتبرير حملته الدموية ضد المخدرات بسيل من الأكاذيب.

وعلى الرغم من عيوبه وحدوده، كان برنامج التحقق من المعلومات في ميتا الحاجز الوحيد أمام تفشي المعلومات المُضللة على منصاتها. وقد أظهر البرنامج، ولو جزئيًا، نية الشركة في الاعتراف بالمشكلة ومعالجتها. 

والآن، يبدو أنّ ميتا تتعامل مع المعلومات المُضللة كجزء من نموذج أعمالها، وذلك في الوقت الذي تقف فيه على عتبة إدارة أميركية ترى فيها -على ما يبدو- عنصرًا أساسيًا في استراتيجيتها السياسية، كما تتبع الشركة نهج إيلون ماسك ومنصته إكس في الترويج لآلية الملاحظات المجتمعية كأداة "للمحافظة" على حرية التعبير. وتكمل هذه الخطوة إعلانًا آخر لزوكربيرج الذي يهدف إلى استرضاء المحافظين الأكثر تشددًا، وذلك من خلال إزالة "القيود المفروضة على عدة موضوعات مثل الهجرة والنوع الاجتماعي"، وهو ما يُرجّح أن يؤدي إلى تصاعد خطاب الكراهية الذي ينتشر بالفعل على منصاتها.

وتركز الإجراءات الجديدة التي اتخذتها شركة ميتا حاليًا على عمليات التحقق من المعلومات في الولايات المتحدة، ولكن لا شك أنها ستتوسع لاحقًا. وهذا السيناريو، حيث تصبح الصحافة مُجددًا كبش فداء للاتهامات المزعومة بتقييد الحريات العامة، يمثل فرصة لمهنة التحقق من المعلومات لإعادة تقييم اعتمادها على عمالة التكنولوجيا، الذين يستخدمون خطاب حرية التعبير بشكل متزايد لخدمة مصالحهم الخاصة، ويبذلون ما في وسعهم لتعزيز نفوذهم السياسي الهائل.


الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على موقع Pexels بواسطة جوليو لوبيز.