إرشادات لتصبح محررًا استقصائيًا أفضل

بواسطة Laura Oliver
Dec 22, 2023 في الصحافة الاستقصائية
مجموعة من الأشخاص يكتبون على أجهزة الكمبيوتر المحمولة، ويرسلون رسائل نصية على هواتفهم ويكتبون في دفاتر الملاحظات.

"يحتاج الجميع إلى محرر".. هذه هي الجملة التي طلب المحرر الاستقصائي المُخضرم في وكالة الأسوشيتد برس، رون نيكسون، من الحضور ترديدها أثناء جلسة في المؤتمر العالمي للصحافة الاستقصائية (#GIJC23) حول تحرير التحقيقات الاستقصائية. لماذا؟ لأنّه كما شرح المحاضرون، يجعل المحررون الاستقصائيون القصص أقوى، ويقدمون الحماية للمراسلين ويحفزونهم، ويجعلون التحقيقات الاستقصائية أكثر فعالية.

وقال الناشر والمؤسس المشارك لمشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد، درو سوليفان، إنّ "ما يجعل الشخص مُحققًا جيدًا ليس بالضرورة ما يجعله محررًا استقصائيًا جيدًا".

وبالنسبة لسوليفان، يكمن الاختلاف في المهام التي يُكلّف المحررون فريقهم بها وفي أسلوبهم في العمل. إنّ مهمة المحرر الاستقصائي تكمن بإنجاح المراسلين، وتوجيههم بدلًا من أن يكون رئيسهم، فضلًا عن تحمل المسؤولية في حالة حدوث أي خطأ. ويرى سوليفان أنّه لا ينبغي أن يصاب المحررون الاستقصائيون بالغرور، مشددًا "يتحتم عليك التخلي عن كل الفضل".

وبداية من عرض فكرة قصة للنشر ووصولًا إلى مرحلة ما بعد النشر، نقدم إليكم إرشادات حول "كيف تصبح محررًا استقصائيًا جيدًا"، مُقدمة من سوليفان، ونيكسون وهو نائب رئيس الأخبار ورئيس التحقيقات والمؤسسات والشراكات والمنح في وكالة الأسوشيتد برس، وأليخاندرا زانيك، المحررة والمؤسسة المشاركة لـ Quinto Elemnto Lab، وهي مؤسسة غير هادفة للربح في المكسيك تنشر التحقيقات الاستقصائية وتُدرب المحررين الاستقصائيين الجدد في المكسيك والسلفادور والبرازيل، والمحرر السابق لمجلة The Caravan الهندية، فينود ك. خوسيه.

1. حدد القصة

قال سوليفان: "عندما تعمل عبر مختلف الثقافات والمشاريع التعاونية، غالبًا ما تكون هناك فكرة مختلفة إلى حد ما حول ما يجعل القصة جيدة"، مضيفًا أنّه يتحتم أن تكون القصة الاستقصائية الجيدة مُركزة، وقابلة للإنجاز، وهامة للقراء، ومن المحتمل أن تكون مؤثرة، ولا تكون باهظة التكلفة.

من جهته، أضاف نيسكون أنّه يستخدم التحرير المفاهيمي في بداية التحقيق، ويجتمع مع المراسلين ويطلب منهم إخباره بقصة، موضحًا "يبدأ الناس في سرد الحقائق، وأنا لا أريدها، بل أريد القصة"، مضيفًا "تُساعدك القصة على تصوّر مسارك. يمتلك المراسلون مجموعة من الحقائق، ولكن الأمر متروك للمحرر لاستخلاص القصة من هذه الحقائق".

2. ارسم خطة تحقيق استقصائي جيدة

ويرى سوليفان أنّه لا ينبغي البدء في العمل على التحقيق الاستقصائي قبل تحديد المعلومات الضرورية اللازمة لتأكيد القصة، مشددًا "أطلب من المراسلين إثبات المعلومات التي تُلبي الحد الأدنى من القصة". وتكمن مهمة المحرر في الاستمرار في طرح ذلك السؤال.

3. اجعل القصة مُركزة

اسأل المراسلين عن أطروحة قصتهم لمساعدتهم على التركيز. وتطلب زانيك من المرسلين كتابة هذا الأمر ووضعه على جهاز الحاسوب الخاص بهم لتذكر محور القصة، مع تقبل احتمالية التغير مع تطور القصة.

ويؤمن سوليفان أنّ التحدث مع المراسلين بانتظام وبشكل متكرر سيساعدهم على معرفة جوهر تحقيقاتهم ومسار العمل، مستكملًا: "يُفكر المراسلون من خلال التحدث، وأنت موجود للإنصات وحثهم على الأمر، ومن هنا يتعلمون ويفهمون قصتهم".

4. كن منظمًا

وأوضحت زانيك أنّه غالبًا ما يصرف المراسلون النظر عن جانب "ممل، ولكن مهم" من جوانب التحرير الاستقصائي الرائع، ألا وهو التنظيم. وأشارت زانيك إلى أهمية حث المراسلين على تنظيم موادهم أثناء جمعها ومشاركة ذلك مع المحررين، ويعني هذا أنّ المحررين "يعرفون ما يكفي من التفاصيل لطرح الأسئلة وجعل المراسلين يرون النقاط غير الواضحة".

 
 

5. أنشئ وثائق قابلة للتعديل

ونصحت زانيك بإنشاء المحررين سلسلة من الوثائق القابلة للتعديل لمساعدتهم، وينبغي أن تتضمن تسلسل التحقيق الاستقصائي، وهو الجدول الزمني للأحداث والاستفسارات التي توفر أيضًا فهرسًا لجميع الوثائق والمواد الأخرى ذات الصلة.

وبالإضافة إلى الملفات المادية أو الرقمية التي توثق الأدلة الموجودة في التحقيق الاستقصائي، يتحتم على المحررين تشجيع المراسلين على كتابة الملاحظات التي تُلخص ما عرفوه من المقابلات وأثناء التغطيات، وإضافة أي أسئلة جديدة طرأت، ممّا يُساعد المحررين على البقاء على مقربة من المراسل والقصة، وطرح الأسئلة أو تقديم اقتراحات متعلقة بالتغطيات.

في السياق نفسه، أشار نيكسون إلى أنّه ينبغي على المراسلين تذييل أي وثيقة أو مقابلة، إذ يجب أن يتمكن المحررون من رؤية أو الاستماع إلى سياق أي اقتباس أو بيان عند تحرير التحقيق الاستقصائي النهائي.

وأضافت زانيك: "تأكد من تنظيم ملاحظاتك من محادثاتك مع المراسلين"، موضحةً "يُمكن أن يتذكر المحررون الأمور التي نسيها المراسلون". كما سيحتاج المحررون لإنشاء جدول للتحقيق الاستقصائي وميزانيته وتحديثه.

6. التحرير

سواء أكان ذلك سطرًا تلو الآخر لقصة مكتوبة، أو مشاهد في مقطع فيديو، هكذا يجب أن يكون مدى تفصيل تحريرك لقصة استقصائية. وشرح نيكسون: "أنت تتابع كل حقيقة والتفاصيل الصغيرة قد تكون مفيدة". وأشار إلى أنّ الأمر يستغرق وقتًا طويلًا، ولكنه أفضل من التصحيح أو مواجهة دعوى قضائية. وباستطاعة المراسلين المساعدة في هذه العملية من خلال توثيق وتقديم أدلة لجميع الادعاءات والحقائق المستشهد بها في القصة.

7. اعرف متى تقول "توقف"

ومن الممكن أن يقضي المراسلون الكثير من الوقت متعمقين في التحقيق، ويقع على عاتق المحرر مهمة منعهم من إضاعة الوقت. وقال سوليفان إنّه يتحتم على المحررين أيضًا إنهاء العمل على تحقيق استقصائي في حالة عدم فعالية القصة، موضحًا "عليك أن تقرّر ومن المهم عدم الاستمرار في إنفاق الأموال بلا طائل، وعليك إنهاء العمل على القصة".

8. وفّر الحماية لمراسليك

على المحررين إيلاء أهمية لسلامة المراسلين أثناء العمل على التحقيق الاستقصائي، ويتحتم عليهم إدراك الخطر، والانتباه إلى الشعور بالاحتراق الوظيفي، وأي مشكلات أخرى.

وأشار سوليفان إلى أنّ "الصحفيين يتجنبون المخاوف المتعلقة بالسلامة وبالتالي لا يرغبون في التعامل معها، ومن ثم ينبغي عليك كمحرر القيام بذلك". ضع بروتوكولات لكيفية تعامل المراسل مع القصة أو المصادر، واطرح الأسئلة باستمرار لتقييم أي مخاطر قد تواجههم أثناء العمل على التحقيق الاستقصائي.

وفي النهاية، يرى سوليفان أنّه على المحررين أيضًا "تحمّل اللوم"؛ لحماية المراسلين من التهديدات القانونية أو المخاوف من إدارة غرفة الأخبار، مختتمًا "أبقِ المراسلين آمنين ومحميين حتى يتمكنوا من التركيز على ما عليهم القيام به".


هذا المقال نُشر في الأصل على الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية، وأُعيد نشره على شبكة الصحفيين الدوليين بإذن.

الصورة بواسطة cottonbro studio.