لقد أعطى العصر الرقمي الصحفيين أدوات وقنوات جديدة للعمل بها، من دراسات حالة المصادر إلى التفاعل مع القرّاء وصولاً إلى المتابعة المباشرة والترويج للعمل الجديد. ولكن مع تزايد النشاطات على الإنترنت، وتدفق المعلومات على وسائل التواصل الإجتماعي، بات من الصعب وضع حدود بين النشاط الشخصي والمهني، فالمصداقية والسمعة مهمتان، لكنّ الخصوصية والأمان على المحك أيضًا.
والجدير ذكره أنّ بعض الصحفيين يكونون سعداء بالتعليقات على الإنترنت وقدرتهم على إنشاء علاقة مقرّبة مع القرّاء، بينما ينتهي الأمر بآخرين إلى الشعور بأنهم مكشوفين بشكل مفرط وخطر.
وفي هذا السياق، أكد تقرير صدر مؤخرًا عن منظمة العفو الدولية أن النساء بشكل خاص معرضات لخطر الترهيب، التقليل من شأنهن، الإستخفاف بهن أو إسكاتهن. ووجدت دراسة سابقة صادرة عن المؤسسة الدولية لإعلام المرأة أن ما يقارب ثلث الصحفيات يفكّرن باعتزال المهنة نظرًا لاعتداءات يتعرضن لها على الإنترنت.
ويبقى أن الوجود الفعّال على الإنترنت يساعد على إعطاء صدى أكبر للتقارير، القيام باتصالات والعثور على عمل، خصوصًا بالنسبة للصحفيين المستقلين الذين لا يستطيعون الإعتماد على دعم وسيلة إعلاميّة قائمة.
وتحدثت شبكة الصحفيين الدوليين إلى صحفيات نشيطات للغاية عبر الإنترنت، آنا كودرو رادو وهي صحفية مستقلة تركز على التكنولوجيا والثقافة، ودوداي ستيوارت، حول كيفية مناقشتهما لحدودهما الشخصية.
تستخدم كودرو رادو وسائل التواصل الإجتماعي لأهداف مهنية فقط، وأطلقت نشرة إلكترونية أسبوعية حول عمل الصحفي المستقل. أمّا ستيوارت فهي محررة "مترو" في نيويورك تايمز وواحدة من المحررات المؤسسات للموقع النسائي Jezebel، وقد تمكّنت من جمع ما يقارب الـ40 ألف متابع على تويتر، حيث تخلط ما بين الشخصي والمحتوى المتعلق بالعمل.
كن حذرًا
على الجميع أن يكون حذرًا حول ماذا يفعل على الإنترنت. حتى ما يبدو معلومات شخصية بريئة قد تستخدم لأهداف خبيثة. تقول ستيوارت: "أنا لا أنشر موقعي في اللحظة التي أكون فيها بالمكان، أنشره في وقت لاحق معظم الأحيان لأنني أعلم أنه من السهل استخدامه لتتبع الأشخاص."
وقد تعرضت ستيوارت لمضايقات أكثر عندما كانت تكتب بشكل حصري عن النساء في Jezebel، لكنها لا زالت تتصرف بحذر، وتقول: "أنا سريعة في صد وإسكات الأشخاص، لدي إعداداتي حيث أنني أرى فقط الردود من الأشخاص الذين أتبعهم على تويتر، هذا مفيد للغاية".
لا تنس أفضل أدوات الصحافة
بما أنها تكتب حول الثقافة الرقمية ومستقبل العمل، تجد كودرو رادو أن وسائل التواصل الإجتماعي أداة مهمة لجمع القصص والعثور على المصادر، وتقول: "في القصة التي عملت عليها مؤخرا، أقمت كل اتصالاتي مع مصادري عبر فايسبوك وتويتر".
وتضيف: "مثل ما هناك طريقة صحيحة وأخرى خاطئة لطرق ابواب المصادر، فإن الأمر نفسه ينطبق على تواصلك مع الناس على الإنترنت، عرّف عن نفسك، عن قصتك وعن زاويتك كما تفعل في أي سياق آخر، كما لو أنك تلتقي بشخص ما بشكل مباشر للمرة الأولى".
الأمر لا يتعلّق بالتسويق فقط
كما تقول ستيوارت: "أجد تويتر ممتعًا ولديّ الكثير من المتابعين، لذا يمكن أن يكون مفيدًا جدًا بطرق مختلفة بالنسبة لي: يمكنني إجراء إستطلاع غير رسمي، أو نشر قصص تهمني أو عملت عليها. يمكنه أن يكون أداة جيدة لإظهار عملي"، ومع ذلك لا تنسى ستيوارت أن تستمتع بوقتها، مع المزيد من التحديثات الهادئة، وتقول: "التنوع في ما أنشر هو جز من الحيلة، فأنا أغير باستمرار".
وتقول كودرو رادو: "بالنسبة للصحفيين المستقلين، من المهم الحفاظ على وجود ملحوظ على الإنترنت، ولنقل الصراحة إنه جزء من طريقة تسويقك لنفسك"، مضيفةً: "مع ذلك، لدى وسائل التواصل الإجتماعي قدرة تتعدى التسويق الذاتي. يمكن استخدامها كمكان للتواصل مع الزملاء من الصحفيين المستقلين وإنشاء شبكة في ما يُعد بطريقة أخرى "خط عمل وحيد".
كما تقول: "أنا أميل للترويج لجميع قصصي التي أكتبها، لكنني لا أقوم فقط بالبث على وسائل التواصل الإجتماعي، إذ أتشارك مع الآخرين وأستخدم المنصات مبدئيًا كوسيلة للتحدث مع الناس، بما في ذلك المصادر وأعضاء مجتمع الصحفيين المستقلين".
إتخذ إجراءً ضد سوء الإستخدام
وتحذر كودرو رادو بالقول: "يجب ألا يتم التسامح مع العنف والإيذاء، ويجب عدم القبول بهما كجزء من العمل"، وتضيف: "إذا وصلك أمر مؤذٍ نتيجةً لقصة أو جزء من تقرير، عليك إعادة توجيه تلك الرسائل إلى المحرر الخاص بك".
توافق ستيوارت على أن الإبلاغ عن التهديدات والتحرش أمر بالغ الاهمية. هناك أدوات متوفرة على المواقع الإلكترونية ومنصات وسائل التواصل الإجتماعي لاستخدامها في مثل هذه الظروف.