دليل إرشادي للتغطية الصحفية لأوضاع النازحين

Автор سارة حطيط
Nov 7, 2024 в تغطية الأزمات
صورة

تتطلّب تغطية حياة النازحين، خصوصًا في ظلّ الأزمات والنزاعات، مستوى من المسؤولية والحساسية؛ فهي ليست كأي تغطية صحفية أخرى. قد يكون هذا النوع من التغطية الأول لك في مجال الأزمات الإنسانية، أو ربما تكون معتاداً على متابعة قضايا النزوح واللجوء. في الحالتين، يواجه الصحفي تحديات أخلاقية، حيث يتعين عليه تقديم رواية دقيقة وموضوعية، من دون المساس بخصوصية هؤلاء الأشخاص أو تعريضهم لمزيد من المخاطر.

كيف يمكنك كصحفي أن تنقل معاناة النازحين بدقة وتبرز قصصهم بشكل يحترم الخصوصية الفردية ولا يستغل الضعف الإنساني؟

تعريف الفرق بين النازح واللاجئ

لفهم الوضع الذي يعيشه هؤلاء الأفراد، من المهم أن نتعرف على الفرق بين اللاجئين والنازحين، حيث تختلف أوضاعهم القانونية والمعنوية، مما يؤثر على نوعية التغطية.

اللاجئ حسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، هو "شخص أُجبر على مغادرة وطنه نتيجة الخوف من الاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لجماعة معينة أو بسبب آرائه السياسية، ولا يستطيع أو لا يرغب في العودة إلى بلده بسبب هذا الخوف".

النازح الداخلي وفقاً للمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن النزوح الداخلي، هو "شخص أُجبر على الهروب أو ترك منزله داخل حدود بلده بسبب النزاع المسلح أو العنف العام أو انتهاكات حقوق الإنسان أو كوارث طبيعية، بدون أن يعبر الحدود الدولية". وبحسب منظمة أطباء بلا حدود، يعتبر النازحون من الفئات الأكثر ضعفاً في العالم، إذ إنهم لا يحصلون على الحماية التي توفرها المعاهدات الدولية، ويظلّ معظمهم في مناطق يصعب إيصال المساعدات الإنسانية إليها.

رفض التصوير أو التحدث من أصعب التحديات

من التحديات التي قد تواجهها كصحفي أثناء تغطية قضايا النزوح هو احتمال رفض النازحين الحديث أمام الكاميرا أو سرد تفاصيل حياتهم اليومية. هذا الأمر شائع، نظراً للظروف النفسية التي يعيشها النازحون؛ فقد يكونون قد فقدوا أحباءهم أو تعرضوا لفقدان منازلهم، ويعيشون في ظروف قاسية، مما يجعل التحدث عن تجاربهم أمراً صعباً. من المهم في هذه الحالة أن تتفهم مشاعرهم ولا تأخذ رفضهم بشكل شخصي، بل تتيح لهم حرية التعبير أو الصمت وفقاً لرغبتهم.

خطوات للتعامل الحساس أثناء التغطية الميدانية

إليك بعض الإرشادات العملية التي تساعدك في بناء علاقة احترام وثقة مع النازحين وضمان تغطية قصصهم بإنسانية:

١-  بناء علاقة قائمة على الاحترام والتعاطف

تذكر دائماً أنّ الأفراد الذين تتعامل معهم ليسوا مجرد أرقام أو مشاهد في تقرير صحفي، بل هم بشر لديهم تجارب ومشاعر قوية. حاول بناء علاقة معهم مبنية على الاحترام والتعاطف، وأظهر لهم أنك هنا لسماع قصتهم وإبرازها للعالم. من خلال الالتزام بالإنسانية كقاعدة أخلاقية، ستحقق تغطية مهنية تحترم كرامة النازحين وتؤكد على أنك متعاطف ومهتم بتفاصيل حياتهم ومعاناتهم.

٢- عرّف عن نفسك ودورك بوضوح

بدءاً من اللقاء الأول، عرّف عن نفسك واشرح بشكل واضح لماذا أنت هنا وما الذي تحاول تحقيقه من هذه التغطية. أخبرهم أنك صحفي، وليس مندوباً لمنظمة إنسانية أو جهة مساعدات، وتوضيح سبب وجودك يتيح لهم اتخاذ قرار بالمشاركة أو عدم المشاركة في التغطية. إنّ الصدق والوضوح في هذا الأمر يعزز الثقة ويجعل التعامل بينكم أكثر سهولة وفعالية.

٣-  تجنب تقديم الوعود أو التطمينات

من المهم أن تظل شفافاً وأميناً في تعاملاتك، فلا تقدم تطمينات حول تحسين ظروفهم أو أن تقريرك قد يغير حياتهم بشكل جذري. يجب أن تكون واضحاً في أنّ دورك هو نقل الحقائق والقصص، لا تقديم المساعدات أو الوعود.

٤- طلب الموافقة المسبقة للتغطية

قبل البدء بأي تصوير أو تسجيل، احرص على طلب موافقة النازحين بشكل واضح وصريح. اشرح لهم أين ستُنشر المادة الإعلامية، ولماذا، وما الهدف من التغطية. يُفضل أن تكون طلبات الموافقة متبوعة بشرح يتيح لهم إدراك السياق كاملاً. إذا رفضوا، حاول تفهم أسبابهم واحترم قرارهم، فقد يكون الأمر متعلقًا بالخوف من الظهور الإعلامي أو قلقاً بشأن تداعياته.

٥- مراعاة الحالة النفسية للنازحين

غالباً ما يكون النازحون في حالة نفسية معقدة، تجمع بين الصدمة والحزن والإحباط. من المهم أن تتفهم هذه الحالات النفسية وأن تتجنب طرح أسئلة مثيرة للمشاعر أو تعيد فتح جروح نفسية لم تلتئم بعد. إذا شعرت بالحاجة لذلك، يمكنك استشارة مرشد نفسي متخصص، أو حتى توظيف استراتيجيات تتيح للنازحين التعبير عن أنفسهم بطرق غير مباشرة لا تثير صدمتهم.

نصائح للتصوير الحساس

عند تصوير النازحين، تذكر أنك تتعامل مع أشخاص في وضع هش، وقد يكون إظهار وجوههم أو تفاصيل حياتهم الخاصة أمراً مؤلماً لهم أو يعرضهم للخطر. إليك بعض الإرشادات لتغطية بصرية تحترم خصوصياتهم:

١- احترام رغبتهم في عدم الظهور

في حال رفضوا الظهور، تذكر أنه يمكنك بناء تقريرك باستخدام صور عامة أو عناصر أخرى تروي القصة من دون الكشف عن وجوههم. يمكنك مثلاً التقاط لقطات تركز على أيديهم، أو ملابسهم، أو الطعام وتفاصيل أخرى تعكس قصتهم من دون كشف هويتهم.

٢-  تجنب إظهار الوجوه مباشرة

يمكنك التصوير بطرق فنية وتجنب إظهار الوجوه، كاستخدام الإضاءة الخلفية، أو تصوير الأشخاص من الخلف وبطريقة لا تظهر ملامحهم بشكل واضح. هذه الأساليب توفر لك صوراً جميلة وتضفي بُعداً فنياً من دون المساس بخصوصيتهم.

٣- احترام خصوصية المكان

يعتبر مركز الإيواء مكاناً مؤقتاً ومأوى للنازحين، ومن المهم احترام خصوصيته. يمكنك تصوير مشاهد عامة للحياة اليومية من دون التطفل على التفاصيل الشخصية والمحتويات الخاصة في الغرف. 

٤- الابتعاد عن تصوير الأطفال

تصوير الأطفال يجذب اهتمام الجمهور، لكنه يتطلب إذناً واضحاً من الأهل، وقد تكون له آثار طويلة الأمد على الأطفال. تذكر أن هذه الصور قد تبقى على الإنترنت لسنوات وتترك أثراً نفسياً يصعب محوه. من الأفضل التركيز على جوانب أخرى من حياتهم.

مراجع:

نصائح حول زاوية معالجة مواضيع اللجوء من مجلة الجزيرة

الإعلام واللجوء من شبكة الصحافة الأخلاقية

كيف يمكن تغطية قضايا الهجرة إعلاميا؟

 الصورة الرئيسية لنازحة في إحدى المدارس بعدسة سارة حطيط.