طوى عام 2023 صفحته بدفن أحلام وطموحات مئات الإعلاميين الشباب الذين قدموا حياتهم ثمنًا لإعلاء كلمة الحق وكشف الفساد وتوثيق الإنتهاكات التي كانت ذريعة لقتلهم، ولكن ستظل ذكراهم حاضرة ومُلهمة للصحفيين الشباب لاستكمال ما بدأوه.
وفي هذا المقال، نستعرض أبرز الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون وفقًا لما أشارت إليه تقارير المؤسسات الدولية، والنقابات المهنية، وأهم إرشادات السلامة الجسدية للصحفيين الذين يغطون أماكن الحروب والنزاعات.
وقد أشارت التحقيقات الأولية التي أجرتها "لجنة حماية الصحفيين" في 23 فبراير/شباط 2024، إلى مقتل ما لا يقل عن 88 صحفيًا وعاملًا في مجال الإعلام في فلسطين، وثلاثة منهم في جنوب لبنان.
الانتهاكات التي طالت الصحفيين عام 2023
كما رصد الاتحاد الدولي للصحفيين الانتهاكات التي طالت الصحفيين عام 2023، وأشار في بيانه المنشور بالموقع إلى أن الحرب في غزة تعتبر الأكثر دموية وفتكًا بالصحفيين من أي صراع آخر منذ أن بدأ الاتحاد الدولي للصحفيين إصدار تقاريره السنوية عن حوادث مقتل الصحفيين في عام 1990. ولتنزيل قائمة الصحفيين الذين قتلوا عام 2023، يمكنك الضغط هنا.
الانتهاكات التي طالت الصحفيين في اليمن عام 2023
وأشار البيان المنشور في موقع الاتحاد الدولي للصحفيين إلى الانتهاكات التي طالت الصحفيين في اليمن والتي رصدتها "نقابة الصحفيين اليمنيين" في تقريرها للحريات الإعلامية في اليمن خلال العام 2023، وذلك بـ82 حالة انتهاك، تنوعت ما بين محاكمات، وتهديدات وحملات تحريض، واستدعاءات للصحفيين، ومنع الصحفيين من ممارسة عملهم وإغلاق وسائل إعلام، وإيقاف مستحقات الصحفيين وفصلهم.
وقال أنطوني بيلانجي، أمين عام الاتحاد الدولي للصحفيين: "إننا نُدين المسؤولين عن البيئة الخطرة التي يعمل فيها الصحفيون والإعلاميون في اليمن، مما يُعرض سلامتهم وحياتهم للخطر أثناء سعيهم لتقديم الأخبار والمعلومات للمواطنين، ونكرر دعوتنا للإفراج عن جميع الزملاء المعتقلين، ونُطالب السلطات اليمنية بتنفيذ توصيات نقابة الصحفيين اليمنيين لمعالجة هذه المخاطر"، وذلك بحسب التصريح المنشور على موقع الاتحاد الدولي للصحفيين.
وقد وثقت "نقابة الصحفيين السودانيين" 249 انتهاكًا تعرض لها الصحفيون جرّاء الحرب في السودان، وذلك في تقريرها السنوي الأول عن أوضاع الحريات الصحفية في السودان خلال الفترة من 11 أيلول/سبتمبر 2022 حتى 11 أيلول/سبتمبر 2023، وقد تنوعت الانتهاكات ما بين: الاعتداء بالضرب وسرقة الممتلكات الشخصية، المداهمة والاعتقال أثناء ممارسة المهام الصحفية، والمنع من السفر، والإيقاف عن العمل، والبلاغات والاستدعاءات، والاحتجاز في أماكن العمل، وإطلاق النيران، وحوادث القتل.
ومن ناحية أخرى، فقد أشارت "رابطة الصحفيين السوريين" إلى أن نهاية عام 2023 قد شهدت تصعيدًا خطيرًا ضد الحريات الإعلامية، والعاملين في قطاع الإعلام في سوريا. ووثق المركز السوري للحريات الصحفية في الرابطة في تقريره الدوري لشهر ديسمبر/كانون الأول وقوع 10 انتهاكات ضد الإعلام، اُرتكب 8 منها داخل سوريا، وانتهاكان آخران ارتكبا ضد صحفيَين سوريين بالخارج.
الانتهاكات بحق الصحفيين الفلسطينيين في عام 2023
وقالت شيرين الخطيب القائمة بأعمال مديرة المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى" لشبكة الصحفيين الدوليين: "يعاني الصحفيون الفلسطينيون الأمرّين في ممارسة عملهم وذلك ما بين نقل الرسالة الإعلامية، وإيصال أصواتهم للعالم، وبين توفير أبسط مقومات الحياة لأسرهم، وخصوصًا في ظلّ عدم وجود الكهرباء، والإنترنت، والغذاء، ونقص معدات السلامة المهنية، كما أن إشارات الصحافة تعزز من استهدافهم، ويتنقلون من مكان إلى مكان، ومن مستشفى لآخر، ومنهم من خسرَ عددًا من أفراد أسرته، وتم قصف بيته ومكان عمله".
وأضافت شيرين بأنّ مركز "مدى" قام برصد مجموعة الانتهاكات ضد الحريات الإعلامية في الشهور الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، والتي قدرت بـ180 انتهاكًا في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2023، و98 انتهاكًا في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، و90 انتهاكًا في شهر ديسمبر/كانون الأول 2023. ويمكنكم متابعتها من خلال الضغط هنا.
كما وثقت نقابة الصحفيين الفلسطينيين في تقريرها السنوي الذي عُقد في مقر النقابة بمدينة البيرة في الضفة الغربية في 4 يناير/كانون الثاني 2024، أبرز الانتهاكات المُرتكبة بحق الصحفيين في العام الماضي، فقد لقيَ 102 صحفيًا حتفهم، وأُصيب 71 بجروح خطيرة خلال عام 2023، وأشار التقرير إلى وجود عدد كبير من الإصابات التي تعرض لها الصحفيون في قطاع غزة، وصفتها الطواقم الطبية بالخطيرة جدًا جراء إصابتهم بشظايا الصواريخ وعددهم 23 صحفيًا وصحفية، بينما دخلت أجسام الصحفيين في الضفة الغربية 48 رصاصة ما بين الرصاص الحي والمعدني والمطاطي، مما استدعى تلقيهم العلاج في المستشفيات، كما أشار التقرير لوجود عدد كبير من الصحفيين المصابين الذين يحتاجون لعلاج غير متوفر في قطاع غزة، خصوصًا بعد استهداف المستشفيات والطواقم الطبية.
إرشادات السلامة المهنية للصحفيين
بدورها، قدّمت نهى لملوم وهي صحفية ومدربة في مجال السلامة المهنية والأمان الرقمي للصحفيين بالاتحاد الدولي للصحفيين، نصائح متعددة لكيفية المحافظة على السلامة الجسدية وحساب المخاطر قبل تغطية أماكن النزاعات والحروب، قائلةً: "أنصح الصحفيين بعدم اعتمادهم على المعرفة المُسبقة بالأحداث أو المكان محل التغطية؛ فكثيراً ما تتحول بيئة التغطية إلى بيئة مُعادية بدون سابق إنذار مما يعرض سلامة الصحفي الجسدية للخطر، وبالتالي ينبغي أن يحافظ الصحفيون على سلامتهم أولاً قبل التفكير في القصة الصحفية، وذلك من خلال اتباع بعض الإرشادات مثل: استخدام الكاميرا لتوثيق الأحداث من مكان مرتفع حتى لا يتم استهداف الصحفي مباشرة أو عن طريق الخطأ، وينبغي على الصحفي العناية باختيار ملابس غير لافتة الألوان، مع الالتزام بالسترة الواقية والخوذة وارتدائهما بشكل صحيح. وقبل الخروج للمهمات، يفضل أن يكون لدى الصحفي القدرة على الحركة والجري والزحف لأنها جزءًا من سلامته وقد تنقذ حياته في بعض الأوقات، فضلاً عن تناول المياه والمأكولات التي تمنحه الطاقة لاستكمال مهمته الصحفية، وأن يكون معه ما يكفيه من طعام وشراب في حال ساءت الأحوال".
إعداد خطة تقييم المخاطر قبل الذهاب للمهام الخطرة-تعتمد خطة تقييم المخاطر على البحث الجيد وتجميع أكبر قدر ممكن من المعلومات المُحدّثة حول المكان وطبيعة الصراع، وطبيعة أطراف النزاع، وأنواع الأسلحة المستخدمة.
-أن يقوم الصحفي بوضع خطة بديلة مثل التفكير في كيفية الانسحاب من الميدان في حال تفاقم الخطر، وأن يضع خطة للتحرك على الطرق كوجود مركبة، وسائق، وتوفير خرائط لمكان التغطية وخصوصًا في حالة انقطاع شبكة الإنترنت حتى يتمكن من التنقل بسهولة.
-أن يضع الصحفي خطة للتواصل مع أعضاء فريقه أو مع غرفة الأخبار التي يعمل بها.
-أن يدرك الصحفي حدود إمكانياته في التغطية الصحفية في أماكن الصراعات والحروب، لأنّ أجواء العمل الصحفي في البيئات الخطرة قد تُصيب البعض باضطرابات نفسية جرّاء مشاهدة لأعمال العنف أو القصف.
تقليل المخاطر المتوقعة في مناطق النزاع
هناك الكثير من النصائح والإرشادات التي ينبغي على الصحفيين اتباعها لتقليل المخاطر المتوقعة في مناطق النزاع، وهي:
-أن يعمل الصحفي مع زملائه عند تغطية أماكن النزاعات والحروب، لأن العمل ضمن فريق عمل يقوم على تقسيم المهام بين الصحفيين، فيصبح لكل منهم دور محدد ووقت معين للعمل، وموعد معين لإنهاء المهمة.
-أن يتابع قائد الفريق خطة السلامة لجميع الأعضاء، ويكون قادرًا على اتخاذ قرار الانسحاب وإلغاء المهمة على الفور في حالة الخطر.
-ألا يقضي الصحفي وقتًا طويلاً في المهمة وذلك من أجل تقليل نسبة المخاطر.
-أن يكون الصحفي على علم بتاريخ الصراع، وطبيعة عادات وتقاليد السكان المحليين، واللغة واللهجات المحلية، ويفضل أن يكون معه سائق موثوق مع الحرص على عدم منح الثقة والأمان المطلق لأي أحد.
-أن يكون الصحفي على علم بأنواع وطبيعة الأسلحة المستخدمة بمنطقة النزاع، وهو تدريب هام للغاية يحرص على تقديمه الاتحاد الدولي للصحفيين ضمن برنامج السلامة المهنية، فيمكن من الصوت أن يحدد الصحفي نوع السلاح والمدى الذي يُطلق منه، مما يُسهم في تحسين خطة تقييم المخاطر؛ فإذا كانت الأسلحة صادرة من قناصة فتكنيك التحرك في وضع الزجزاج هو الأفضل مع الحرص في البعد التام عن المباني المهدمة، والفتحات والثقوب في الجدران والمباني.
-من المهم أن يحصل الصحفي على دورات تدريبية في الإسعافات الأولية؛ لأهميتها في إنقاذ حياة الصحفي أو أحد أعضاء فريقه.
وهناك الكثير من الموارد عن السلامة المهنية للصحفيين والتي يمكنك الاطلاع عليها، مثل: "دليل السلامة للصحفيين: دليل عملي للصحفيين في المناطق المعرضة للخطر" ويمكنكم تحميله من خلال الضغط هنا.
الصورة الرئيسة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة سيمون ستادلير.